ترجمات أدبية

في الطريق إلى المنزل / ترجمة: محمد غنيم

بقلم: شاستا جرانت

ترجمة: د. محمد عبد الحليم غنيم

***

على متن حافلة في الصين، أخبرني رجل ذات مرة أن ابني ليس ابني حقًا. ابني أسود وأنا بيضاء. لم نمر دون أن يلاحظنا أحد في الصين، حيث عشنا لمدة عامين. كان الناس يلتقطون صورًا لنا دون أن يطلبوا إذنًا، كانوا يضعون أيديهم على شعر ابني المجعد. لم يكن يحب أن يلمسه الغرباء.

كنت أتعلم اللغة الصينية من جارتي في الطابق العلوي، وعلى الرغم من أنني كنت سيئة فيها، إلا أنني تمكنت من تعلم بعض العبارات ونقلتها إلى ابني الذي كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات. علمته أن يقول "بو ياو" عندما يلمس شخص ما شعره. كان هذا الرجل على الحافلة مع مجموعة من الطلاب يرتدون بدلات رياضية بيضاء موحدة؛ وكان هو مدربهم.

كنت أنا وابني في طريقنا إلى المنزل من متجر البقالة، وكانت أكياس التسوق عند قدمي. سألني، بإنجليزية معقولة، إذا كان الولد الجالس في حجري هو ابني. قلت نعم، هو كذلك. ثم قلتها مرة أخرى بالصينية: "تاشي وودي هايزي".

سألني الرجل إن كنت من جنوب إفريقيا. أخبرته أنني أمريكية. ترجم ذلك للأطفال الذين كانوا يرتدون البذلات الرياضية. امتلأت وجوههم بالسعادة وهم يهتفون: "أمريكا!" سألني إن كان زوجي من جنوب إفريقيا. قلت إنه أمريكي مثلي. سألني إن كان زوجي أسود، فأومأت برأسي نفيًا.

قطب الرجل حاجبيه. نظر إلي وإلى ابني مرة أخرى. قلد بحركة يديه بطنًا حاملًا وسألني مرة أخرى إذا كان الصبي هو ابني. أخبرته أن ابني متبنى. أخبرته أن ابني من إفريقيا. أخبرته أن ابني يتيم، على الرغم من أن هذه ليست كلمة نستخدمها في عائلتنا. أردت أن أتوقف عن الحديث معه. أردت أن أبتعد عنه وعن أسئلته المتطفلة.

لماذا لم يستطع أن يرى أنني وابني ننتمي لبعضنا؟

في أول يوم لنا معًا، عندما أصبحنا أسرة مكونة من ثلاثة أفراد، لم يكن ابني يقبل أن أضعه على الأرض. كان عمره أربعة عشر شهرًا وحملته طوال ذلك اليوم، خلال وقت الغداء والعشاء، أثناء القيلولة، وفي نزهاتنا على طول الطريق الترابي حيث أقامنا في دار ضيافة لمدة أسبوع، في انتظار موعدنا في السفارة. لم نكن نعرف إذا كان يستطيع المشي بعد. فكرت في الأطفال في بالي، الذين لا تلامس أقدامهم الأرض خلال الأشهر الستة الأولى. لكن لم يكن لدينا سوى يوم واحد فقط. في اليوم الثاني لنا معًا، كان يخطو بخطوات غير ثابتة بين الأعشاب، ووقفته واسعة وساقاه على شكل قوس. كان بالفعل ينفصل، يعلن استقلاله كما يفعل الأطفال الصغار.

عندما فهم هذا الرجل أخيرًا كيف أصبحت عائلتي عائلة، أومأ برأسه في إشارة إلى الفهم. قال:

- لا أظن أنه ابنك

قلت بإصرار:

- هو كذلك! هو ابني.

قلد حركات تنطيط كرة سلة ثم رمى الكرة الخيالية نحو السلة الخيالية. قال شيئًا بالصينية للأولاد. فصرخوا: "كوبي براينت". أشار الرجل إلى ابني وسأل إذا كان يعرف كوبي براينت .

في وقت لاحق، لماذا كلفت نفسي عناء التحدث مع هذا الرجل . لا أعرف لماذا؛ ربما كنت أعتقد أنه إذا تحدثت بما فيه الكفاية، قد يفهم ويصدق أن ابني هو ابني حقًا. كنت أحتاج إلى اعترافه بذلك. بعد أن تمت الموافقة على أوراقنا من قبل السفارة الأمريكية في إثيوبيا، عدنا إلى وطننا. دخل ابني أمريكا بجواز سفر إثيوبي، والذي تم استبداله لاحقًا بجواز أمريكي. في أمريكا، يعرف الناس قصتنا دون الحاجة للشرح. لكن في الصين، كان الناس يحدقون، يحاولون فهم علاقتنا. نحن معًا. يي تشي

ابني الآن في الصف الأول، وقد أصبحنا نقضى أيامنا بعيدًا عن بعضنا البعض. لم نعد نركب الحافلة معًا في منتصف اليوم. أصبح لديه صداقات وأحاديث، وأيام كاملة، لا أعرف عنها شيئًا. بعد المدرسة، نمشي معًا عائدين إلى شقتنا، وأسالُه عن يومه فيجيب عادةً "جيد" وقليلًا من الكلام غير ذلك. أحيانًا، إذا ابتعد عني قليلاً أو تخلف عني أثناء سيرنا على الرصيف، أخشى ألا يعرف الناس أنه ابني، وأنني أمه. إذا كانت هناك مسافة كبيرة بيننا، أخشى ألا يعرف الناس أننا ننتمي لبعضنا.

في ذلك اليوم على الحافلة في الصين، كانت هناك محطتان يمكننا النزول فيهما للعودة إلى المنزل. الأولى كانت تأخذنا في نزهة حول بحيرة اصطناعية؛ أما الثانية فكانت أقرب إلى شقتنا. عندما توقفت الحافلة عند المحطة الأولى، دفعت نفسي بين المدرب والأطفال الذين كانوا يرتدون بذلات رياضية بيضاء متطابقة. لم أعد أرغب في الإجابة على أي من أسئلته. على الرصيف، انحنيت لأتطلع إلى ابني. أخبرته أن ما قاله ذلك الرجل لم يكن صحيحًا. كررت ما قلته لذلك الرجل. أنت ابني. ابتسم لي، مظهرًا أسنانه الصغيرة الناصعة. حملت أكياس التسوق بيد واحدة ويد ابني الناعمة بيدي الأخرى. وعند منتصف الطريق حول البحيرة، حاول أن يبتعد عني. ترددت، أرغب في إبقائه قريبًا، ثم تركت يده وشاهدته يركض.

(تمت)

***

.....................

الكاتبة: شاستا جرانت/ Shasta Grant كاتبة ومحررة أمريكية  حاصلة على ماجستير في الفنون الجميلة من كلية سارة لورانس. نشأت في نيو هامبشاير وتقسم وقتها حاليًا بين سنغافورة وإنديانابوليس. انتقلت إلى آسيا في عام 2010 وتحب العيش هناك.

 

في نصوص اليوم