دراسات وبحوث

عبد الأمير كاظم زاهد: البيعة في الفكر السياسي الإسلامي

البيعة في لغة العرب: الصفقه على ايجاب البيع، وصفق يده بالبيع والبيعة، وعلى يده صفقا: ضرب بيده على يده عند وجوب البيع، وتصافقوا: تبايعوا، اما البيعة كمصطلح إسلامي:فتعني صفق اليد على اليد، فهي كما أصبحت في لغة العرب علامة على وجوب البيع، فقد اصبحت في الاسلام علامة على معاهدة المبايع للمبايع له ان يبذل له الطاعة في ما تقرر بينهما، ويقال: بايعه عليه مبايعة: اي عاهده عليه.

وورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: (ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله، يد الله فوق ايديهم، فمن نكث فانما ينكث على نفسه، ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرا عظيما).

ولاحظ ان الاية نددت بالنكث –عدم الوفاء بمضمون البيعة واردفته بالوفاء الذي هو سبب للاجر العظيم ويلاحظ انها عهد غير قابل للنكول والتزام على المحكوم ولا توجد إشارة لالتزام الحاكم.ونذكر من سنة الرسول (صلى الله عليه وآله): ثلاث مرات أخذ الرسول (صلى الله عليه وآله) فيها البيعة من المسلمين:

البيعة الاولى أول بيعة جرت في الاسلام هي بيعة العقبة الاولى، فقد اخبر عنها عبادة بن الصامت وقال: وافى موسم الحج من الانصار اثنا عشر رجلا ممن اسلم منهم في المدينة وقال عبادة: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة النساء وذلك قبل أن يفرض علينا الحرب، على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل اولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين ايدينا وارجلنا، ولا نعصيه في معروف، فان وفيتم فلكم الجنة، وان غشيتم من ذلك شيئا فأخذتم بحده في الدنيا فهو كفارة له، وان سترتم عليه إلى يوم القيامة فأمركم إلى الله عزوجل: ان شاء عذب، وان شاء غفر، وسميت هذه البيعة ببيعة العقبة الاولى. وتلاحظ فيها التزامات المبايع دون ذكر المبايع له

البيعة الثانية الكبرى بالعقبة روى كعب بن مالك وقال: خرجنا من المدينة للحج وتواعدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة أواسط ايام التشريق، وخرجنا بعد مضي ثلث الليل متسللين مستخفين حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن ثلاث وسبعون رجلا وامرأتان، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغب في الاسلام ثم قال: (ابايعكم على ان تمنعوني مما تمنعون به نساءكم وابناءكم) فاخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع به أزرنا، فبايعنا يا رسول الله فنحن والله اهل الحروب....

فقال أبو الهيثم بن التيهان: يا رسول الله ان بيننا وبين الرجال حبالا، وانا قاطعوها يعني اليهود فهل عسيت ان نحن فعلنا ذلك ثم اظهرك الله ان ترجع إلى قومك وتدعنا فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: (بل الدم الدم والهدم الهدم...) اي: ذمتي ذمتكم وحرمتي حرمتكم

وهنا نستفيد من قوله ودعا الى الله وتلا شيئا من القران انه عرض مشروعه السياسي او الحضاري كما نلاحظ اشتراط واحد ممن بايعوا شرطت وافقه عليه وهنا تبدو الالتزامات متقابلة وان كانت وافرة في المبايع اكثر من تفصيلات التزامات المبايع له

بيعة الرضوان، أو بيعة الشجرة في سنة سبع من الهجرة، استنفر رسول الله صلى الله عليه وآله اصحابه للعمرة فخرج معه الف وثلاثمائة، أو الف وستمائة، ومعه سبعون بدنة، وقال لست احمل السلاح، انما خرجت معتمرا واحرموا من ذي الحليفة، وساروا حتى دنوا من الحديبية على تسعة اميال من مكة، فبلغ الخبر اهل مكة فراعهم، واستنفروا من أطاعهم من القبائل حولهم وقدموا مائتي فارس عليهم خالد بن الوليد أو عكرمة بن ابي جهل، فاستعد لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: إنَّ الله امرني بالبيعة، فاقبل الناس يبايعونه على ألا يفروا، وقيل بايعهم على الموت، وأرسلت قريش وفدا للمفاوضة فلما رأوا ذلك تهيبوا وصالحوا رسول الله صلى الله عليه وآله...هذه ثلاثة أنواع من البيعة على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وهي:

أ- البيعة على الإسلام وهي التزام المسلم بشريعة الإسلام كاملة وهذه ليست بيعة سياسية للحاكم

ب- البيعة على اقامة الدولة الإسلامية وهي التزام المسلم إزاء المشروع السياسي

ج- البيعة على القتال. وهي التزام المسلم بالمشاركة بالدفاع عن الإسلام

وعن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " البعة معناها انه على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، الا أن يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة "وهنا تبدو الالتزامات متقابلة بيد ان ما ينقض البيعة معاصي المبايع له اذا ظهرت ولم يراعها الفقهاء ويذكروا تفصيلاتها

وعن ابن مسعود قال: قال: " سيلي أموركم بعدي رجال يطفئون السنة ويعملون بالبدعة، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها " فقلت: يا رسول الله! ان ادركتهم كيف أفعل؟ قال: " تسألني يا ابن أم عبد كيف تفعل؟ فانه لا طاعة لمن عصى الله ".

وعن عبادة بن الصامت في حديث طويل آخره: " فلا طاعة لمن عصى الله تبارك وتعالى فلا تعتلوا بربكم ". وفي رواية: " لا تضلوا بربكم"..

ويتضح لنا ان للبيعة اركان

أ- المبايع وهو المتعهد بالطاعة

ب-المبايع له.وهو من له حق الطاعة من العباد

ج- مضمون البيعة المعاهدة على الطاعة او القيام بعمل ما.

ويلاحظ ان شروط تحقق البيعة المشروعة في الاسلام غير واضحة في الفقه الساسي

ولكن الفكر التنويري نظمها فركز انها تنعقد إذا توفرت فيها الشروط الثلاثة التالية:

أ- ان يكون المبايع ممن تصح منه البيعة، ويبايع اختياريا.

ب- ان يكون المبايع له ممن تصح مبايعته. وهنا لم يشترط الفكر الإسلامي ان يكون لديه برنامج عمل واضح ومعلوم عند المبايع انما اجمله بالقول ان تكون البيعة لامر يصح القيام به.

فلا تنعقد بيعة المكره، كذلك البيعة لا تنعقد بأخذها بالجبر وفي ظل السيف. ولا تصح البيعة للمتجاهر بالمعصية، ولا تصح البيعة للقيام بمعصية الله، وما حصل في دول الخلافة كلها عكس ما ورد في اعلاه

إذن فالبيعة مصطلح إسلامي، لها أحكامها في الشرع الإسلامي. فاذا توفرت شروطها فيرد فيها الحديث الشريف: (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)

زلكن الفقه السياسي اطلقه بلا قيد فهي قطعا صحيحة في حق من لا يأمر بمعصية ولا يأمر بخلاف ما أمر الله، كما أنه لا بيعة لمن يعصي الله، لما ورد عن رسول الله (ص): (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) (صحيح البخاري، كتاب الأحكام،

وهذا الفرض لا يتحقق يقينا إلا في المعصوم، لأن غير المعصوم تصدر عنه المعصية، ولذلك لا سمع ولا طاعة للحكام الطغاة المتغلبين، ولا بيعة صحيحة في حقّهم

.. ويلاحظ في البيعه امر مهم وهو على رغم ان للنبي والامام عند الشيعة نص بحق ولاية الامر والحكومة وبتشريع من الله تعالى الا انه تعالى لم يرضخهم ويجبرهم لكون ان لهم حق الحكومة فقد تقرر ان يصل المعصوم الى السلطة بالطرق الاعتيادية وبغير طرق الاعجاز وذلك يتطلب وجود ناصرين له من البشر، فكان اخذ البيعة منهم لاجل التأكد من وجود ثلة كافية من الناس تعهدوا بنصرة المعصوم والعمل معه في جهاده وسائر اموره ولولاهم لعجز المعصوم بحسب القوة البشرية ومن دون الاعجاز عن تحقيق السلطة

وعلى هذا فقد رفض الشيعة جعل البيعة مؤسسة للحق السياسي وشرعية الخلافة لانه قد يبايع من لا تصح معه شرعاً، وقد كشف التأريخ عن صدق ذلك، فكم تولى منصب الخلافة، بأسم البيعة وقد تبين بعدها أنه لا يصلح لها بل افسد المفهوم وعاث في الأرض فسادا فالمبايعة إنما تعني الطاعة والامتثال لأوامره من كان مخلصا عالما حكيما نزيها عارفا بمصالح الناس

لقد كانت للبيعة في زمن الرسول دلالات وأهداف محددة:

- فعن عبادة بن الصامت رض أن رسول الله ـ ص: قال (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفَّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله، فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه) قال عبادة: فبايعناه على ذلك.

- ويلاحظ هنا الالتزامات على المبايع لان مضمون البيعة: عهد والتزام بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم والالتزام بأوامره ونواهيه، ونصرة الإسلام والمسلمين، والسمع والطاعة في كل الأحوال، والقتال في سبيل الله، وقول الحق وعدم الخوف في الله لومة لائم. وهذا لايستقيم مع غير المعصوم او ثبتت عدالته مطلقا.

لقد عرف فقهاء القانون الدولي البيعة بأنها التزام بالطاعة والإخلاص يرتبط به شخص تجاه الأمة أو العاهل الذي يكون المبايع من رعاياه. فروابط البيعة التزامات قانونية طبقا للعرف والمبادئ القانونية العامة، التي طبقت في النظام القانوني الإسلامي والتي تعطي السلطان حق الرئاسة في أمور الدنيا والدين على من يرتبطون به، وهي تشمل حق التشريع والقضاء والتنفيذ والإمامة، فذلك هو المضمون الحقوقي للبيعة وهو مضمون سيادي. وقد استعملت لفظة البيعة في محكمة العدل الدولية في مقابل كلمة "الالتزام التي هي في عرف القانون الصياغة القانونية لذلك فالالتزام بين البيعة في الإسلام والفكر الغربي:

إذا أردنا أن نعقد مقارنة بين الفكر السياسي الإسلامي والفكر الغربي بخصوص البيعة، نجد أنهما لا يتشابهان فانتخاب الحاكم هو تعاقد قائم بين طرفين لهما معا أهلية التعاقد على قبول برنامج الحاكم وطاعته والتعاقد السياسي لا يخرج عن مضمون هذا الفهم والفكر السياسي الإسلامي قد سبق الفكر الديمقراطي الغربي بالصياغة القانونية للالتزام

لكن الفكر الإسلامي يركز على التزامات المحكوم ولا يعطيه صراحة حق فسخ البيعة، بينما يقرر الفكر الغربي مبدأ العقد بين الأمة والحاكم بأن تتعهد الأمة أو الجماعة المبايعة له بالطاعة في كل ما يصدر منه في حدود برنامج البيعة التي اطلعت عليه ووثقت انه صادق في تنفيذه، وفقا لمبادئ حقوقية ودستور مكتوب، بينما في الفقه السياسي الإسلامي أورد بان تبايعه على كتاب الله وسنة رسوله، على ان يعاهد الإمام الأمة بأن يحكم بكتاب الله وسنة رسوله، وأن يقيم العدل بين الناس، ويأخذ لنفسه السمع والطاعة ممن أعطاهم هذا العقد، وفي ذلك اجمال بحاجة الى تفاصيل لان الاجماع يمكن ان يكون بصالح الحاكم

فعقد البيعة المطلوب حاليا هو "عقد حقيقي" أي مستوف للشروط القانونية ووضوح تفاصيل ما يبايع عليه وما هي واجبات الحاكم وأنه مبني على الرضا، وأن الغاية من هذا العقد أن يكون هو المصدر الذي يصحح سلطة الحاكم فالبيعة عقد، طرفاه: الأمة الرشيدة المطلعة على برنامج الحاكم والحاكم الصادق العفيف

مما تقدم يظهر

1- ان المراد والمقصد من ان البيعة في زمن المعصوم مضمونة النتائج ومحصنة من تسرب الاستبداد بالعصمة الثابتة للمعصوم بالنقل او الممارسة فالامة تعرفه جيدا وتعرف برنامجه واراءه في إدارة الشأن العام وتثق به وتامل منه تحقيق مصالها

2- ان البيعة في زمنه ص كانت بالأساس للالتزام بالإسلام عقيدة وشريعة واخلاقا فالبرنامج واضح والقبول به عن بينة والبيعة هنا ليست للشخص انما للبرنامج الذي تدار به الدولة والمجتمع فقياس البيعة بعد عصر المعصوم على عصره ومضمونها قياس مع الفارق لان حكام ما بعد عصر النبوة اخذوا البيعة لشخوصهم وبلا برنامج

3- ظهر ان البيعة ممارسة مجتمعية كانت قبل الإسلام لاظهار الولاء والطاعة لشيخ القبيلة او ملوك الفرس او الروم وهي ملزمة للمبايع ويحصل على الجوائز مقابل الإقرار الملزم بالطاعة ولب المناقشة ان البيعة تقليد سابق اخذته عصور السلطة بعد النبوة من تطبيقات سابقة ونظًر له الفقهاء مع قلة التعمق بالمفهوم القراني له ومقاصد ذلك المفهوم واظن ان ذلك يعد من التحولات المفاهيمية التي افضت الى تأسيس الاستبداد في تجربة تاريخنا الإسلامي على الأقل من عصر معاوية

4- لذلك علينا ان نفرق بين بيعة الرسول وبيعة الامام علي ع والبيعة التي حكاها لنا فقهاء السلطان لعدم تطابق الممارسة مع حقائق المضمون وهنا أحيل القارىء ان يطلع على طلب الامام علي ممن أراد بيعته ان تكون البيعة علنية شاملة بلا وسطاء (ك اهل الحل والعقد) واختيارية وفي مكان عام وبعد ان يستمعوا للبرنامج السياسي فقال لهم في المسجد، ان بيعتي لا تكون خفيا ولا تكون الا عن رضا المسلمين"، فقالوا: نبايعك.

5-  ولم يلاحق علي ع من امتنع عن البيعة مثل سعد بن ابي وقاص وعبد الله بن عمر الذي بايع يزيد في استباحة المدينة المنورة بعد واقعة الحرة على انه له عبد قن ليزيد

6- المثير للانتباه ان التنظيرات الفقهية تطبق اجماعا على انها اقرار بالطاعة والاذعان والانقياد ولا يذكر شرط الرضا الطوعي الا نادرا جدا حتى ان ابن خلدون يجعل مضمون البيعة تخويل الحاكم النظر في أمور المبايع نفسه وجميع أمور المسلمين

7- سؤال أخير يوجه للفقه السلطاني وهو في حالة عهد الحاكم السابق للاحق ما قيمة البيعة سوى القبول الاذعاني الذي يفضي لحاكمية الاستبداد

8- ذهب قائلون ان بيعة علي ع بعد مقتل عثمان انه قتل ولم يستخلف لذلك باتت البيعة ضرورية فبان ان الاصل هو توصية السابق كشرط للشرعية وليست البيعة سوى اعلان الطاعة للحاكم الجديد اما علي فلم يدع الناس الى نفسه ولم يجبرهم على بيعته بسيفه ولم يغلبهم باصحابه انما وضع برنامجه وخيًر الناس في بيعته

وقد اعلن برنامجه قال (ع): أيها الناس أعينوني على أنفسكم وأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه، ولأقودن الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق وإن كان كارها. وطبق ذلك عمليا في اول يوم أصبح فيه أميرا للمؤمنين (ع) بعد البيعة انه دخل بيت المال ودعى بمال كان قد اجتمع فقسمه ثلاثة دنانير بين من حضر من الناس كلهم فقام سهل بن حنيف فقال: يا أمير المؤمنين قد أعتقت هذا الغلام، فأعطاه (ع) ثلاثة دنانير مثل ما أعطى سهل بن حنيف.

ثم قال ع ألا لا يقولن رجال منكم غدًا، قد غمرتم الدنيا، فاتخذوا العقار، وفجروا الأنهار، وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عارا وشنارا إن لم يغفر لهم الغفار اذا منعوا مما كانوا به، وصيروا إلى حقوقهم التي يعلمون لا يقولون: حرمنا ابن أبي طالب، وظلمنا حقوقنا، ونستعين بالله ونستغفره.

وأما من كان له فضل وسابقة منكم، فإنما أجره فيه عند االله، فمن استجاب لله ورسوله، ودخل في ديننا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده.

فأنتم أيها الناس عباد الله المسلمون، والمال مال الله، يقسم بينكم بالسوية، وليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى، وللمتقين عند الله خير الجزاء، وأفضل الثواب لم يجعل الله الدنيا للمتقين جزاءًا، وما عند الله خير للأبرار. وبذلك منع الامتيازات على أساس القدم بالدخول للاسلام او للجهاد من اجل كلمته فذلك كله مقايضة مع الله وليس على حساب حقوق الناس

قال: «وَاعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ» أي ان لديه برنامجه الخاص ويعزز ذلك انه رفض شرط العمل بسيرة الشيخين

وقال ايها الناس انكم بايعتموني علي ما بويع عليه من كان قبلي وانما الخيار للناس قبل ان يبايعوا، فاذا بايعوا فلا خيار لهم، وان على الامام الاستقامة وعلى الرعية التسليم، وهذه بيعة عامة ولم تكن بيعتكم اياي‏ فلتة، وليس امري وامركم واحد، واني اريدكم لله، وانتم تريدونني لانفسكم، وايم الله لانصحن للخصم، ولانصفن المظلوم

9- اللافت ان عليا ع لم يذكر انه منصوص عليه ومبايع من يوم الغدير ولم يستعن بالنصوص انما تعامل كاي انسان غير مميز وبالعقلانية والحق والاستقامة الشخصية

10- لقد حصلت البيعة في ظرف فراغ دستوري كان يمكنه بسببها اعلان حالة طواريء والاحكام العرفية لكنه دعا في برنامجه الى الشورى والعمل بالحق والعدل والمساواة ورفض الامتيازات التي منحها عثمان لعدد من الصحابة رغم ان الظرف كانت فيه تلك البيعة بلا قوة دوله ساندة لارادة الامة تفرض بها ارادتها

***

ا. د. عبد الأمير كاظم زاهد

....................

المصادر

1- الطبري ج 3

2- ابن الاثير الكامل في التاريخ ج3-4

3- ابن كثير البداية والنهاية ج 7

4- ابن عبد ربه العقد الفريد

5- نهج البلاغة شرح ابن ابي الحديد

6- ابن قتيبة الامامة والسياسة

7- عبد العزيز الدوري مقتل عثمان

 

في المثقف اليوم