قراءات نقدية
محمد رزيق مبارك: سفر إلى بلاد المقامة

يتّجه المرء إلى الماضي ليكتبَ يحاكيه في الحاضر، وهذا يُلقي بظِلال سؤالٍ مفاده: ما الغاية من تلك العودة إلى الماضي والكتابة عنه ومنه؟ يزيد في استشكال الموضوع حين يتَقصّد الكاتب نوعاً معيناً من التأليف الضارب بجذوره في التراث لكنه حديثُ المضمون والمحتوى. ثم، إنّ الحديث عن الكتابة يتطلب منا الوقوف على أنواعها وأساليبها، مما يجرّنا إلى إماطة اللثام عن الأصل الذي يجمع ويلمُّ كل أصناف الكتابة، ونعني بذلك الإنتاج الأدبي.
لم يكن مفهوم الأدب يخرج عن التربية والرعاية وقد يعني حُسن الضيافة والوفادة عند العرب الأوائل حيث يقول الشاعر طرفة بن العبد:
نحن في المشتاة ندعو الجفلى
فلا ترى الآدِب فينا ينتقــــــــر.
استقرّ مفهوم الأدب، مع ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، على كل شكل من أشكال التعبير الإنساني؛ وذلك بما استطاع الإنسان أن يُنتِجه بأسلوب بليغ يصل تأثيره إلى المتلقي ويتفاعل معه. وإذا كان مفهوم الأدب قد شمل كل الفنون الشعرية والنثرية التي أنتجها العرب من قصائد وسِير، أو قصص وحكايات، أو خطب ومقامات... فإن مفهومه اليوم، في الوطن العربي، لا يخرج عن المعنى الذي تسلّل إلى أوطاننا من الغرب: مع المدّ الاستعماري، أو انفتاح الشعوب على بعضها فيما يعرف بالمثاقفة ومع انمحاء الحدود بفضل الشبكة العنكبوتية. كان من نتيجة ذلك أن توارى الأدب في معناه القديم أو اختفت بعض أصنافه، لتفسح الطريق أمام المعنى الحديث وأصنافه الجديدة من قبيل القصة والرواية والمسرحية...ألخ.
ليس من المبالغة في شيء القول إن الحديث عن الماضي هو، في الآن ذاته، حديث عن الحاضر. وليس جميلاً أن يعود الكاتب الى التراث فحسب، بل إن عودتَه تُعدُّ أشهى موردٍ يمكن أن يُحفّزه على الإبداع. يحضر التراث فينا شئنا هذا أم أبَيْنا؛ والحداثة لا يوقِفها حاجز. فإن كانت نوافذنا مفتوحة وتسمح بهبوب الرياح علينا من كل حدب وصوب، فلا ينبغي أن نسمح لها باقتلاعنا من جذورنا كما جاء في الحكمة الهندية*. يقول عيسى علي العاكوب عن دافع الرجوع إلى التراث[1]: «إن التراث الثقافي لأية أمّة يظل معيناً ثرّاً يرفد دائماً عقول الأجيال الجديدة المبدعة من أبناء هذه الأمة بزادٍ أصيل يُسهم في تقوية الطاقات الجديدة، ويضاعف مصالحةَ منتَجها الثقافي مع جمهورها المتلقي، ويحصِّن فرادَتها وتميزها وخصوصيتها». ومن جهة ثانية، يؤكد جلبير دوران في دراسة أفردَها للبنى الأنثروبولوجية للخيال، أنّ للأسطورة حوضاً دلالياً يتشكل من ست مراحل منها الانسيالات (حوض التجميع). تشير مرحلة الانسيالات «إلى جملة التيارات داخل وسط ثقافي: فهي قد تكون إما انبعاثات من الحوض الدلالي ذاته الذي كان فاعلاً في الماضي، وإما اختمارات جديدة ناجمة عن أحداث تاريخية، كالحروب أو ظواهر ذات أهمية كبرى على المستوى التاريخي ـ السياسي»[2]. فالتراث يظل ماثلاً بآليات وطرائق متباينة وليس من السهل التخلّص من نُسغه، فهو يشكّل النموذج الأصلي الذي يؤطر فكر المبدع وذهنية المجتمع الذي نشأ فيه هذا المبدع أو ذاك.
***
يتجاوب مع هذه التوطئة نص أنيق في شكله، باذخ في لغته، طريف في موضوعه، خاطه صاحبه كمن يخيط كعب كتاب وهو يسفّره. النص للمفكر والمبدع المغربي عبد الاله بلقزيز تحت عنوان "الماضون الى الماضي"؛ وقد عُرض خلال الدورة السادسة والعشرين للمعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، عن منتدى المعارف اللبناني. النصّ وصفه صاحبه بالسردية، على عادته في الكتابات السابقة، يذيل عناوينها بالصفة التي يرتضيها له من قبيل: نص، رواية، سردية...
يخرج هذا النص، "الماضون الى الماضي"، شكلاً ومضموناً عن النصوص الإبداعية التي صدرت للمؤلف: ثلاثة منها** غازلت اللغة العربية في جوهرها وجاءت «نصوصاً مفتوحةً تتحرّك بين تخوم الشعر والنثر الفنّي، وتنْتَحل بعضَ التأمل الفلسفي والشطح الصوفي»[3]. والحقيقة، أنّك تجدها أشهى وأمتع النصوص عبارةً وتركيباً، تسافر بك رفقة جهابذة اللغة إلى العصر الذهبي للحضارة العربية الإسلامية. إلى جانب هذه النصوص الثلاثة، تأتي مجموعة الروايات*، وهي أعمال تخييلية نثرية تصور شخصيات وأحداث تشغل بال الرأي العام وتعالج قضايا المجتمع المغربي خاصة والمجتمع العربي والإنساني عامة. تتناول هذه الروايات قضايا الفقر والهشاشة، الهجرة الداخلية والخارجية، التطرف والإرهاب، التكسب بالدين وبالسياسة، تدنّي القيم الأخلاقية والمهنية، وأشياء أخرى ساهمت في احتقان الوضع، ودفعت المجتمع الى حراك تَّم قمعُه في أغلب الأحيان. ينضم الى هذيْن الصنفين، نوع ثالث** يتناول فيه حالةً عاشها الكاتب ورسخت ذكراها في مخيلته، وقد استلّها من مذكراته اليومية زمن حصاره وحصار بيروت من طرف المحتل الصهيوني الإسرائيلي. وأمّا النص الذي نحن بصدد معالجته، فهو سردية من صنف المقامة. يحتفي الكاتب فيه باللسان العربي المبين وآدابه - وفي ذلك تلميح منه إلى ما آلَ إليه وضع اللغة العربية من تهميش وتفقير لفظي وشظف دلالي وإملاق جمالي، ومن هذه الآداب العربية البديعة، المقامةُ بوصفها شكلاً من أشكال الإبداع الأدبي الأصيل- بغية ابتعاثه من المتاحف ونفض ما عليه من الغبار. وكم هو جميل هذا الاحتفاء حين يُعنوِنُ مقاماته التسع بأسماء حِرف وصنائع اندرست معالمها واضمحلّت، لكنها تشهد على حياة الهامش في مرحلة تاريخية عقبت الاستعمار الفرنسي. يقول في الاستهلال: «في الاحتفاء هذا فعلُ اعترافٍ بجميل ما صنعت هذه الحِرَف لمجتمعاتها وأهل تلك المجتمعات، وما يسّرتْه للنّاس من سُبُل العيش ومن وسائل لمجالدة ما تصعَّبَ من ظروف».[4]
***
كان من أظهر أنواع الأقاصيص في القرن الرابع الهجري «فن المقامات، وهي القصص القصيرة التي يودعها الكاتب ما يشاء من فكرة أدبية، أو فلسفية، أو خطرة وجدانية، أو لمحة من لمحات الدعابة والمجون».[5] فهي نوع أدبي جديد في ذلك الزمان تأسس على الحكايات والنوادر والمُطايبات التي كانت رائجة ساعتئذٍ؛ وإن عدّها البعض مجرد أكاذيب كما جاء عند ابن خلكان فيما يحكى عن الحريري «إنّ هذا قد وضع شيئاً من الأكاذيب وهو يمليه على الناس»[6]. ذكر أبو القاسم الحريري (446هـ/516هـ)، في مطلع مقاماته، أن بديع الزمان الهمذاني (358هـ/398هـ) هو صاحب فن المقامات وأنّه «سبّاق غايات، وصاحب آيات، وأنّ المتصدّي بعده لإنشاء مقامة، ولو أُوتي بلاغة قُدامة، لا يغترف إلاّ من فضالته، ولا يسري ذلك المسرى إلاّ بدلالته»[7]. يذهب فريق من النقاد الأوائل أنّ الهمذاني استلهم فنّ المقامة من «أحاديث ابن دريد» كابن عبد ربه وابن قتيبة، وبمثل هذا قال بعض المتأخّرين كجرجي زيدان وزكي مبارك. لكن هناك مائز بين النوعين؛ إذ تعتمد «أحاديث ابن دريد» على تعدد الرواة والأبطال في حين أن المقامة لها راوية واحد وبطل واحد. هذا ما يؤكده عبد الله إبراهيم في موسوعته التي خصّصها للسردية العربية «أن مقامات الهمذاني وقَفَ على مُناقلتِها راوٍ وبطلٌ، ولا تتضمن أحاديث ابن دريد شيئاً من ذلك، فما هي سوى أخبار مسندة»[8]. على العموم، فهي حكاية فنية راقية عربية المنشأ والأصل. يشعر القارئ العربي المعاصر، حين يدرس المقامة، «بمشاعر متباينة، فهو، من جهة، يتعامل مع شكل "عربي" خالص، ورغم أنه لا يتبين منشأه بدقة، فهو متأكّد أنه متولّد عن أصالة أرض الآباء، وأن سماته لا تحمل أي علامة تدل على تأثير أجنبي»[9]
***
يتبادر إلى الذهن سؤال ما جدوى العودة إلى المقامة؟ أو ماذا نصنع بالأدب القديم جملة وتفصيلاً؟ يأتي الجواب من وجهين: الوجه الأول، تدفع به الأسئلة الجديدة التي تطرحها العلوم الإنسانية إلى ضرورة إعادة كتابة ودراسة النصوص القديمة، فهي تمكّننا من فهم ذاتنا وكيف تشكّلت الذهنية التي تتحكم فينا. وأما الوجه الثاني، فاقتداءً بما فعلته الشعوب الأخرى التي أعادت كتابة الأوديسا والإلياذة وجلجامش أو غيرها من الأساطير والخرافات مما أثرى مكتباتهم وأنعش خيالهم. ذكرتُ أن المقامة تتأسّس على الحكايات والنوادر كالتي تحكيها الجدّات للصغار؛ سوى أن حكايات الجدّات تنحو نحو الخرافة التي لا يُعرف لها مؤلِّف، هذه واحدة. وأما الثانية؛ فجمهور المقامة لا علاقة له بجمهور الحكاية الشفهية؛ ذلك أن جمهور المقامة هو من الخاصّة ويتطلّب حدّاً معيَّناً وقدراً من المعرفة باللسان العربي. وقد ميّزها عبد الفتاح كيليطو عن الخرافة قائلاً: «ليست المقامة حكاية خرافية. فليس للحكاية الخرافية مؤلِّف، ومن العبث الوصول إلى نسختها الأصليّة، وما يمكن هو مساءلة الراوي الذي استقاها من رواة تضيع لائحة أسمائهم من ماض يتزايد بعداً»[10]. أكثر من ذلك، أن المؤلف يُخفي «صوته بنقله إلى شخصياته التي تكتسب، بهذه الخديعة، استقلالاً وحضوراً لا يختلفان عن استقلال وحضور الأشخاص الحقيقيين»[11].
***
يعرّف بطرس البستاني المقامات بأنّها[12] «أقاصيص خيالية مختلفة الأغراض والموضوعات، فمنها الأدبية، ومنها العلمية، ومنها الدينية، ومنها الاجتماعية أو الخلقية، ومنها المجونية. وفيها سُخر شديد، ونقد لاذع. وفيها ضُروب من التخابُث والاحتيال، للتكسُّب والتعيُّش. وفيها صور متلوِّنة لطبائع المجتمع وعاداته». كما تستند المقامة، فيما حدّده نقاد الأدب العربي، على ركنيْن مهمّيْن: «أولهما: راوٍ ينهض بمهمة إخبارية محدّدة، وثانيهما: بطل ينجز مهمة واضحة، ومن خلاصة تفاعل الراوي والبطل، يتكوّن متن حكائي قوامه الرواية والحكاية، والعلاقة التي تربطهما»[13]. وإذا كانت المقامةُ سرديةً تجمع بين الشعر والنثر القائميْن على الصنعة، فإنّها تندرج في دائرة التعدد والمزج بين أساليب وموضوعات النظم والنثر. تدور «المقامات على بطل متبدل الألوان، كثير الاحتيال، فيه شرّ كبير، وفيه خير كبير؛ فهو ديِّن منافق، صادق كاذب، متزهد ماجن، واعظ مخادع، كل شيء وضده. وهو إلى ذلك واسع العلم والأدب، شاعر خطيب، متكلم راوية، تجده في كل مقامة، وقلما خلت مقامة منه، ويتولى الحديث عنه راوية خيالي مثله، يفاجئه في كل مقامة، ويفضح أسراره، وينقل أخباره»[14].
والفن القصصي ضعيف في المقامات لقصرها؛ ثم لأن القصة ليست غاية فيها بل واسطة لإظهار شخصية بطلها في مختلف أحواله. ولقد تمر مقامات غثة باردة لا قيمة فيها للقصة البتة. لكنّها تتميّز بلغة رفيعة باذخة؛ «وتمتاز المقامات في جمال لغتها، وكثرة غريبها، واعتمادها على المجاز أكثر من الحقيقة، واصطباغها بالصنعة أكثر من الطبع، فهي ملتزمة السجعات، أنيقة العبارات، حافلة بالمحسِّنات المعنوية واللفظية. فيها الأمثال والأشعار، والآيات والأحاديث، فكل مقامة قطعة أدبية، لغتها لغة الشعر على الأكثر لا لغة النثر»[15].
***
استهلّ عبد الإله بلقزيز نصّه، الماضون إلى الماضي، بالحديث عن جنس هذا المؤلَّف الجديد، وقد صنّفه ضمن «سرديات من زمن تصرّم». يروم من وراء هذا الاستهلال وضع اليد على دواعي العودة إلى هذا الفن الأدبي بالضبط. سبق أن ذكرت أن صاحبه يعدّه احتفاءً باللغة وبالتراث، كما هو احتفاء بفترة تكاد تُطوى آثارها من تاريخ المجتمع المغربي القريب، تاريخ الهامش؛ وهكذا يتحول النص إلى وثيقة تاريخية توثِّق لصنائع هذه المرحلة وتشير للتغيرات التي طرأت. وعليه، أحصر تناولي لهذا المؤلَّف من أربع زوايا:
الحرف والصنائع.
الفن المعماري.
العادات والتقاليد.
اللغة التي عالج بها الكاتب هذه السردية.
الحرف والصنائع: اجترح الكاتب لمقاماته التسع عناوين تحمل أسماء حرف وصنائع بعضها اندرس والآخر يحتضر. جاءت العناوين على الشكل التالي متتابعة: نواقيس وقِراب للزينة، "البرّاح"، "الدلّال"، "النفّار"، "طالب معاشو"، "الحلايقي"، "الكسال"، فقيه "الحضار"، ثم "الخطابة". حِرف وصنائع يتميّز بها البشر عن سائر المخلوقات إلى جانب العلوم، حسب عبد الرحمن ابن خلدون؛ وهي مما تُنتجه ملكة العقل المميزة للإنسان، والتي تدفعه إلى «السعي في المعاش والاعتمال في تحصيله من وجوهه، واكتسابه لما جعل الله فيه من الافتقار إلى الغذاء في حياته وبقائه، وهداه إلى التماسه وطلبه»[16].
إن الحرف والصنائع لا تخرج من الأرض كالفطر؛ لكنّها ضرورة مُلحة تفرضها حاجة البشر، ثم لا يلبث بعضها أن يختفي مع انتفاء الغرض منها أو تعوض بغيرها. وأكثر ما ساهم في اندثار الحرف والصنائع التقليدية زحف التحديث على المغرب ودخوله إلى زمن الآلات العصرية وظهور نمط حديث جاء مقترناً بانتشار التقدم التقني والعلمي. والسردية تؤرِّخ لما يَعتوِر بعض الحرف أو العادات من تراجع وضمور. يصف حال "الدلّال"، وهو شخص يرتزق مما يفيء عليه من دراهم بعد عرض أمتعة الناس للبيع بالمزاد العلني في ساحة السوق؛ «وقلّما كنت واجداً من يتخلّص من قنيةٍ قديمة ابتغاء ابتياع جديدة؛ فالأكثرون حِراص على قديمهم، ولهم من تبرير ذلك مذاهب: من القول إنه ميراث الآباء والأجداد، إلى القول إن محتِد القديم شريف أين منه رذالة الجديد وخسّته، إلى القول إن البيع يزري بقيمة المباع ولا يرعى لصاحبه حقّاً، إلى التأميل من مزيد محافظةٍ عليه في ارتفاع سعره أكثر»[17]. حرفة "الدلّال" كان لها شأن كبير وقد كانت مورد رزق في السابق؛ بله، تُمكن من درجة غِنى استطاع جدُّ والده أن يعيشَ وأسرتَه في رفاه وسعة بفضلها: «ألم يبنِ بها والد جدي على نساء أربع، واقتنى رياضاً رحباً استوطنته العوائل جميعاً، وأنجب ما يزيد على دزينة من الولد، وأجرى النفقة على الجميع»[18]. رفاهٌ يُترجم في الذهنية المغربية آنذاك بتعدد الزوجات والولد الكثير والسكن الفسيح.
إذا كان عبد الإله بلقزيز يأتي على ذكر أسباب انتعاش حرفة "الدلّال"، فهو يؤرخ بذلك لمرحلة تاريخية مهمة، كما سبق القول، عرفها المغرب بعد الاستقلال. تميّزت هذه المرحلة بهجرتين قويتين: الأولى، تتمثل في رجوع الفرنسيين إلى بلادهم بعد الاستقلال، وبالتالي عليهم التخلص مما يؤثث مساكنهم؛ «كان أكثر زبنائه، حينها، من الفرنسيين الأجانب الذين بدأوا يشدون رحالهم إلى بلادهم بعد الاستقلال»[19]. وأما الثانية، فترتبط بنكبة فلسطين، إذ بقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين، شجعت اليهود على الهجرة إلى أرض الميعاد. فكان أن تحرك اليهود المغاربة وهجروا ملّاحاتهم (الملاح حي يسكنه اليهود بالمغرب)، وليس لهم من خيار سوى التخلص من متاعهم؛ «كان اليهود، حينها، قد احتلوا القدس وما بقي من فلسطين، والجو مكفهِرٌّ في البلاد، والناس غاضبون»[20]. وما إن نضبت ينابيع مغادرة الأجانب حتى تراجعت مداخيل حرفة "الدلال" واتجهت نحو البوار.
تقاس على هذا باقي الحرف، منها التي توارت مع اجتياح وسائل تواصل جديدة. عوّض المذياعُ والتلفازُ والهاتفُ والأنترنيتُ "البراح" و"النفار"، كما عوّضت المدرسةُ الحديثة والمدرّس الفقيه "الحضار"، وحلّت مواقع التواصل الاجتماعي بفضل الهواتف الخلوية دور "الدلّال" أو دور "الخطابة". نفس الكلام، يقال في حقّ "الكسال" الذي فسح المجال للحمّامات المنزلية أو الحمامات التركية أو قاعات التدليك الطبّي. وتراجع دور "الحلايقي" وأضحى قطعة سينوغرافية فولكلورية تؤثث بعض الفضاءات تطييباً وجلباً للسياح.
***
الفن المعماري: لئن كان مسقط رأس صاحب السردية هو مدينة النخيل، وجوار زاوية أبي العباس السبتي؛ فليس غريباً أن تجري أحداث هذه المقامات في مراكش؛ المدينة التي تنازعت الزعامة على سيادة المغرب، مع سابقتها فاس، والتي كانت لها على عهد المرابطين المؤسسين ثم الموحدين والسعديين. ليس غريباً ألاّ يستدمج النص بعض معالمها الحضارية: الأسوار والأبواب، الأزقة والحومات، الأسواق والحمامات، الزوايا والمدارس، البيوتات والرياض، البساتين والساحات...
ما إن جفّت ينابيع مداخيل حرفة "الدلال" وبدأ يكتنفها البوار؛ حتى تعس حظه وزاد كدّه في البحث عن قوته وقوت أولاده. يذرع خلف سيدة، في طريق طويل ومُلتوٍ، حتى وصلت رياضاً من رياضات المدينة؛ يقول: «ألفيت نفسي في رياض بديع يتوسّطه حوض مشجَّر مزهر تتوسّطه فسقية من رخام تقع نافورة في قلبها يدّفق منها الماء، وجدرانه مرصعة بأصناف مختلفة من الزليج الفاسي والأندلسي، وأرضيته مبلطة بالرخام. وقفت مدهوشاً من وقع جمال المكان»[21]. في هذه الفقرة، بالقدر الذي يسجل فيه الكاتب معاناة "الدلال" وهو يكدّ في الحصول على ميرة يعول بها النفس والأهل كما حدّث على لسانه؛ «أرسل قدمي في الآفاق بحثاً عمّا لا أعرف، وأطحن الهواء في الأرجاء، عساني أُلْفي في المدن جواب نفسٍ عليلةٍ وفؤاد من الغمّ تفطّر: كيف أمتار الميرة لأفواه ثلاثة وأكسو عُريَ من ينظِر كسوتي، وأنا عن بلوغ المرام بمنأى؟»[22]. بالقدر الذي يقف فيه مشدوهاً أمام بهاء وجمال الرياض الذي انتهى إليه. وقفة لها أكثر من دلالة ومعنى، خصوصاً وصفه لهذه المَعلَمة الشاهدة على ثراء أهلها وتألق الصانع المغربي. فأنت في هذا الفضاء، تستفز كل حواسك؛ تشنّف سمعك برقرقة ماء النافورة أو شقشقة العصافير، وتلتقط خياشيمك روائح الحوض المزهر بالريحان والخزامى أو أشجار الليمون وشجيرات الورد الدمشقي، أما العين فتسرح بين جدران المكان المرصعة بالزليج الفاسي والأندلسي والمبلط برخام يبعث في النفس رطوبة تجدها وانت تمرر حاسة لمسك على صفحتها...لهذا وقف مدهوشاً من جمال المكان. جمال ذوق ينقلك إلى زمن صرنا نفتقده اليوم في هندسة أحيائنا ومدننا ودورنا.
***
العادات والتقاليد: يعمّ الرخاء بلدة ما، فيميل أهلها إلى الدّعة والسكينة، وإلى الكماليات من الحياة؛ الأمر الذي يكون له تأثير على الذهنية كما على الأبدان. يُصاب القوم في صحتهم من أثر ذلك الرخاء، مما يضطرهم إلى اتباع حميات ووصفات تتطاير من الأفواه إلى الآذان. ويكون، لهذا، وقع على أسعار بعض المواد، كما حال بعض الأعشاب والأغراس عندنا اليوم. إن شدة الطلب عليها يزيد في سعرها؛ وهذا ما يسجله كاتبنا في حديثه عن سعر بعض المواد: «وأكثر عجبي غلاء سعر المنخول وتقتر المشترين في الطلب. سألته السبب فأجابني أن النخالة، اليوم، أغلى من الدقيق، وهي إلى صحة البدن اليوم مصروفة، مذ صارت منافعها عند الأطباء معروفة، فهي – قال لي – في جملة المنصوح به في الحمية والتنحيف، وللمرضى بالسكري والإمساك غذاء خفيف»[23]. ولست أرى اليوم مواقعَ التواصل الاجتماعي إلاّ ساحة "جامع الفنا" بمراكش أو ساحة "الهديم" بمكناس أو ساحة "باب بوجلود" بفاس، أو محلات العطارين في كل المدن والقرى المغربية وهي تعرض هذه السلع للتنحيف أو تغليظ الأرداف أو زيادة منسوب الفحولة وهلُمَّ جرّاً من العقاقير التي جادت بصناعتها قريحة العشابين.
لا يمكن بأية حال أن تأتي على ذكر بعض الحرف: "البراح" و"النفار" و"الكسال" ثم "الخطابة"، ولا تأتي على ذكر الأعراس والطقوس المحيطة بها. إذ يعتبر عرس الزواج محطة تتجلى فيها مجموعة من العادات والتقاليد؛ وكان "للخطابة" دورٌ كبيرٌ في الجمع بين الأزواج. يتودّد إليها الشباب من الذكور ويطرقون لها السمع وهي تسرد تفاصيل جسد فتاة؛ كما تتسارع الفتيات لكسب ودّها ويتملّقنها في أن تدلّ شاباً صالحاً ليطلب أيديهن. إذا ما تمّ المراد، أُقيم العرس تحت صخب ولعب وغناء ورقص. يصف الكاتب مجريات الأحداث في مقصورة العروس حيث تتولاها "النكافة" بالعناية اللازمة؛ يحكي على لسانها: «وبعد أن نفرغ من اللغط والمداعبة، نعمد إلى تمشيط شعرها وترويق الوجه بكُحل طبيعي من المرود، ثم نُقفّي ذلك بوضع الأصباغ المناسبة: على الجفنيْن والشفتيْن والوجنتيْن والجيد لإسفار الجسم عن المفاتن الجاذبة»[24]. طقس لا يخلو منه عرس زفاف. حتى هذه الساعة، كل شيء يؤشّر على الاحتفال والابتهاج بالمناسبة؛ لكن ساعة زفّ العروس لعريسها تتوقف الأنفاس وتنبري أسئلة الشرف والحظ، أو السعد والنحس. وقد صورت مقامة "الخطابة" المشهد أفضل تصوير: «وحين تُزَفّ إلى العريس – على عادتنا في ذلك الزمن – فيعثر سؤالُه عنها على الجواب. وبعد التهاني والأماني بدوام العشرة والبنين، يحين الحين للإعراس الكبير في الخَلوة، فترى النساء متأهّبات للجيم والسين، وأهل العروسيْن على رؤوسهم الطير إلى أن تُفلح الفحولة، فتوقِّع على سروال العروس بصم الرجولة. وقد يُعرس العريس ويطيل الاختلاء فلا يُدمي ويُحبِط النُّظّار، فتكون علامة شؤمٍ عليه أو دليلَ حظه في مَن ليست من الأبكار»[25].
اللغة والأسلوب: لم يألُ عبد الإله بلقزيز، وهو يحتفي باللغة العربية، جهداً في التلذذ بعباراتها وتراكيبها؛ ينتقي الجميل منها للمواقف الجميلة، ويستدعي القبيح في معناه لمواقف القُبح. من بداية النص حتى متمِّه، عليك أن تستأنس بالقاموس. قال عنه الناقد المغربي نجيب العوفي في ندوة فكرية*: «لا يرسل الكلام على عواهنه ولا يقبل بسهله ومبتذله، بل ينتقي لغته وكلماته بأناقة ورهافة، وينضدها في جمل وعبارات كما تنضد العقود والأحجار الكريمة». تحضر العبارة أمامك فتطرح السؤال: أصحيح أنها فصيحة وأنت تردّدها عامّية دارجة على لسان العامة؟ فعلاً، هو نفض للغبار على ما اندرس من اللسان العربي وتوارى أمام اللسان الأجنبي المتحكم. إذا كانت المقامة تُزاوج بين الشعري والنثري، وتستدعي الصنعة في ذلك؛ وكاتب المقامة ليس له من سبيل إلّا السير على هذا النهج والطريق؛ فذلك ما حدا بعبد الإله بلقزيز أن يؤثث نصه بقدر كبير من المحسنات البديعية، فلا تحسّ أنه يتصنع ذلك، أو أن النص يعجُّ بما لا يطيق منها. رتق النصّ رتقاً محكماً ووشّاهُ بالمحسنات البديعية دون إطناب أو إسفاف. تجده يسجع في القول في جمل قصيرة تتقارب فيها العبارات المسموعة استواءً واستقامةً. يذكر ابن جنّي أنّ السجع سُمّيَ سجعاً لاشتباه أواخره وتناسب فواصله. وهو كلام مقفّى يزيد النص رشاقة وخفة يستلذّ بها القارئ النهم؛ يقول[26]: «قضيت طفولتي مسطولاً بالكلام، ووجدت فيه الضالة والجمام». أو مثلاً، «لكنّي سبأت بالكسل وبهأت، لأنّي بقراءة الكتب والأسعار جهلت»[27]. وكذلك قوله[28]: «أصبحت، مع كرور الأيام، بالحلقة أكلف، وبتّ أطايب مائدتها أعلف. فكنت أبز أقراني بفصح لساني لأني بخوافيها ومحاشيها أعرف». ثم يُطابِق، في مواضع أخرى، في الجملة بين الكلمتين البسيطتين فيحدث بذلك جرساً يجده صاحب الذائقة: «فكان كلما أمر أو نهى خَذِيت له في غير وجلٍ أو ذلة»[29]. أو قوله[30]: «يأخذ مني جهدي القُلّ والكُثر حين الصعود إلى مصاد العقبة أو المرتفع». ناهيك عن المفاعيل المطلقة التي تُحدث إيقاعاً موسيقياً يصاحبك وأنت تتنقل بين أحداث المقامة؛ «قبل أن يفلّ عودهما حين أصبحت الأرض فِلّاً، ومن الخير فَلاًّ ومبعث سأم»[31]. وقوله[32]«مَن دلَهَه حب الحرفة تدليهاً». أو قوله: «يتحدث إلينا بعربية تشقق تشقيقاً، لا شقشقة فيها ولا فيها نقيقاً». وليس من توظيفٍ لهذه المحسنات وأثرٍ، سوى رغبة الكاتب في إظهار أفكاره وأهدافه؛ ثم التأثير على العاطفة من جهة، وعلى الموسيقا الداخلية من جهة ثانية.
كم هو دقيق وصفه لأساتذته بالمدرسة الثانوية، وأخصّ بالذكر أستاذ اللغة العربية الذي «يتحدّث "إليهم" بعربية تُشقّقُ تشقيقاً، لا شقشقة فيها ولا فيها نقيقاً... ينتقي من الألفاظ مأنوقها، ويفهمك في غير مشقة أو عناء، ويتميز النصوص مأصولها ومسروقها، ويريك سُبل بيان الصدق من الرياء»[33]. وبالمقابل، يتحدث عن والده، "الدلّال"، الذي لم يكن يحسن الكلام على النحو التالي: «كان والدي فأفاءً؛ حصراً عند الكلام مع شَيْن في النطق من فرط إسهال الفاء على اللسان، وتلك عند جدّي مثلبة في الحرفة ومنقصة، ومبعثة على معايرات ذوي المهنة من شرّ الخلق وأسقاطهم»[34].
انتقى لمشاهد أخرى تعابيرها حسب طبيعة الحالة؛ فالمُكْدِي ليس أمامه إلّا المدافعة والضرب في الأرض لتوفير لقمة عيشه وعيش من يكفل. يجب أن يُثبت جدارته في القدرة على الصمود بين أقرانه في الحرفة. أدرك البطل "الدلّال" وهو مقبل على امتهان حرفة الأجداد فيما يرويه عنه «من حينها، أدركت أن ليس لي من خِيَرةٍ غير العوم وحدي واجتراح مكاني بين الأقران، بعد ردح من العزازة بظلّ جدي؛ وأنا لا سبيل لديّ إلى أن أكون ما كان وإن شغلتُ عوضَه المكان؛ فليس من ضهيٍّ لجدي ولا ضريب بين الرجال الصِّيد، ولا من أفوهٍ مثله بين أقرانه الصناديد»[35].
تناولت المقامة مشهداً آخر يندرج في موضوعات المقامات، ضمن ما تعالجه من قضايا المجتمع المسكوت عنها، وهو ارتياد دور الدعارة وأصناف المومسات وكيف يُنظر إليهن؛ «عاشرت أصناف المومسات جميعا، وكنت أتقلّب بينهنّ كل ليلة وما أتخيّر؛ فالمرأة عندي، مثل الطعام، لا تُعاف ولا أُميز فيهن بين من تهدّل صدرها ومن نهدها يناف؛ لقد تكون الواحدة حسناء كاعباً، لكنك تلفي خاطرك منها هارباً، وقد يكون من حظك الضهياء، لكنّها تنفث فيك المتعة الهوجاء»[36].
في باب السباب وكيْل الشتائم والتنقيص من البشر، إمّا لسلوكهم أو مظاهرهم أو مواقفهم، فقد كان اختيار العبارة في منتهى الدقة، كأن كاتبنا نذر نفسه لرصد مثالب ومناقب الخلق في هذه الأمور. تتطيّر أم "طالب معاشو" منه ساعة ولادته، وتحطّ من قدره وهو يترعرع بين يديها، ويلتقط من فيها توصيف الظروف التي رافقت ولادته؛ يقول[37]: «قُذفتُ في رحمها في ليلة نحساء طالبَت فيها والدي بالطلاق فعاقبها بأن ركبها عَنوةً. وحين بعرتْني -كما كانت تسمي ولادتي – أطلقتُ بكائي عويلاً ممتداً بلغ حدّ الصراخ حتى تطيرت منّي ودعت إلى حسن العاقبة من هذا الجرو المنحوس الذي لفظته أحشاؤها». ويقابل ذلك، بالوصف الحسن حين يتعرّض، مثلاً، للحاج عمر بوسلهام الذي تدخّل له عند الوالد ليرافق الحاج إبراهيم "النفار" بالقول[38]: «من أدمث خلق الله وأشدهم رِعةً ونُسكاً، وأنه يتنفّل في الصدقات نظير نوافله في الصلوات، ويحسب الإعطاء الحسن مدفَعَةً للنوائب. لذلك كان سيد الرأي والنصيحة في الحي ومقصِد السائلين رأيَه».
***
على سبيل الختم:
تأتي سردية "الماضون إلى الماضي"، ضمن الإنتاج الأدبي لعبد الإله بلقزيز في الوسط؛ يجسُر بها المسافة الإستتيقية بين نصوصه الأدبية التي رابضت على التخوم بين النثري والشعري؛ والأعمال الروائية التي تتناول الواقع المغربي والعربي. ثم إنّ السردية تُفصح عن إلمام كبير بالفنون الإبداعية قديمها وحديثها لدى كاتبها، وكأنّه «يجادل ويتنوّق الحكي فيُنزله من المسامع المنازلَ»[39]، لعل المهتمين بالشأن الثقافي في المغرب والوطن العربي يلتفتون إلى لغتهم وتراثهم. وما إخاله إلا أنّه يتظاهَرُ وينتفضُ من خلال هذا النص، ليزعج السلطة الثقافية بكلّ أشكالها. وفي ذات الوقت، يحتفي باللسان والتراث العربيَيْن ويساهم بوضع وثيقة تاريخية، أمام الباحثين، تؤرِّخ للمرحلة التي طالتها أحداث هذه المقامات.
***
محمد رزيق مبارك
الدار البيضاء: 12/05/2025
..............................
* وجدت نسبتها إلى الزعيم الهندي المهاتما غاندي (1869م/1948م)، وإلى الشاعر روبندرونات طاغور (1861م/1941م).
[1] حسن علي المخلف، التراث والسرد. (الدوحة: وزارة الثقافة والتراث، قطر. إدارة البحوث والدراسات الثقافية، 2010)، ص9.
[2] فالنتينا غراسي، مدخل إلى علم اجتماع المخيال نحو فهم الحياة اليومية. ترجمة محمد عبد النور وسعود المولى. (قطر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2018)، ص41.
** رائحة المكان، ليليات ثم على صهوة الكلام.
[3] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي. (بيروت: منتدى المعارف، 2020)، ص15
* صيف جليدي، سراديب النهايات، يوميات موت حي، الحركة..
** حالة حصار.
[4] ن م. ص11.
[5] زكي مبارك، النثر الفني في القرن الرابع الهجري. (القاهرة: مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، 2012)، ص199-200.
[6] نقلاً عن عبد الفتاح كيليطو، المقامات: السرد والأنساق الثقافية. ص209. ابن خلكان الجزء 4، ص 396.
[7] أبو القاسم الحريري، مقامات الحريري. (بيروت: دار بيروت للطباعة والنشر، 1978)، ص13.
[8] عبد الله إبراهيم، السردية العربية. (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 1992)، ص184.
[9] عبد الفتاح كيليطو، المقامات: السرد والأنساق الثقافية. ص175.
[10] عبد الفتاح كيليطو، المقامات: السرد والأنساق الثقافية، ص5.
[11] عبد الفتاح كيليطو، المقامات: السرد والأنساق الثقافية، ص 204.
[12] بطرس البستاني، أدباء العرب في الأعصر العباسية: حياتهم، آثارهم، نقد آثارهم. (القاهرة: مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، 2014)، ص 303.
[13] عبد الله إبراهيم، موسوعة السرد العربي. (دبي: المجلس الوطني للإعلام، 2016)، ج 2، ص 242.
[14] بطرس البستاني، أدباء العرب في الأعصر العباسية، ص 303.
[15] بطرس البستاني، أدباء العرب في الأعصر العباسية، ص 303.
[16] عبد الرحمن بن خلدون، مقدمة ابن خلدون. تحقيق عبد الله محمد الدرويش. (دمشق: دار يعرب، 2004)، الجزء 1، ص 132.
[17] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي. ص 62.
[18] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص63.
[19] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 63.
[20] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 63.
[21] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 66.
[22] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص74.
[23] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص50.
[24] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 189.
[25] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 190.
* في ما بين الفلسفة والأدب من الاتصال. ندوة فكرية عقدتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك احتفاءً بالأعمال الأدبية لعبد الإله بلقزيز.
[26] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 187.
[27] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 134.
[28] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 116.
[29] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 57.
[30] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 96.
[31] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 140.
[32] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 55.
[33] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 170.
[34] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 55.
[35] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 61.
[36] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 108.
[37] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 97.
[38] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص 81.
[39] عبد الإله بلقزيز، الماضون إلى الماضي، ص116.