قراءات نقدية

كريم عبد الله: قراءة نقدية أسلوبية مختصرة في قصيدة "معطف ديسمبر" لسمر الديك

الأسلوب السردي والتعبيري:

القصيدة تتسم بأسلوب سردي تأملي يعتمد على التعبير عن الأحاسيس والمشاعر الداخلية عبر صور شعرية غنية بالرمزية. يتم استخدام /المعطف/ كرمزية للحماية والأمان، ويمثل صورة ذات دلالة عاطفية تحمل في طياتها دفء الذكريات وأمل المستقبل. الأسلوب السردي يعتمد على تأملات في الزمن والمكان والروح، مما يخلق تواصلًا عاطفيًا عميقًا مع القارئ.

الرمزية واستخدام الصور:

صور القصيدة مفعمة بالرمزية، مثل /أمواج البحر في سماء الليل/ و/أوراق الأمل على أنغام الصبر/، التي تعكس التباين بين الأمل والمشاعر المتأججة. /المعطف/ يمثل الرابط الذي يجمع الشخصيات والعوالم الداخلية في القصيدة، ويعزز المعاني المرتبطة بالدفء، الحماية، والحنين. تُستخدم صور مثل /الأشجار العارية/ و/زهرة تتفتح وسط العتمة/ لتعكس تطورًا داخليًا، وتواصلاً مع ما هو أبدي وجميل.

التقنيات اللغوية:

اللغة الشعرية في القصيدة غنية بالأوصاف المتعددة والمجازات. تتنقل الصور بين الفضاءات النفسية والعاطفية، من /دهاليز النفس/ إلى /أشعة أفكارنا/، مما يعطي إحساسًا بالحركة والانتقال بين الأزمنة والأماكن. الفعل /نُحلق/ و/تتفتح/ يعطي انطباعًا بالحرية والانطلاق، مما يساهم في تعزيز التيمة المترابطة بين الفرح والأمل.

التوتر والتناغم بين الأضداد:

القصيدة تُظهر التوتر بين الليل والنهار، البرد والدفء، الأمل والقلق. التباين بين /أمواج البحر/ و/سماء الليل/ وبين /الثلج/ و/الشموع/ يعكس الصراع بين العواطف المتضاربة، ويؤدي إلى خلق مشهد شعري غني يعبّر عن حالة من السكينة والانتظار. هذا التوتر المتوازن يبرز المشاعر الإنسانية الحقيقية.

اللغة والمفردات:

اللغة في القصيدة تميزت بالخيال الشعري، حيث تتداخل العواطف والمشاهد الحسية في مزيج قوي. /أوراق الأمل/، /الثلج الذي يغمر الأرض/، /أضواء القمر الباردة/ تساهم في خلق أجواء شاعرية تشحذ المشاعر وتدعو القارئ للتفاعل العاطفي مع النص.

الختام والتوجه العاطفي:

الختام بـ /ما زلت أيها المعطف أمنَنا لتكن جناحاً لأرواحنا/ يؤكد على استمرار الأمل والحماية التي يوفرها المعطف في مواجهة قسوة الحياة. هناك إشارات إلى المستقبل المشرق والأحلام التي لم تكتمل بعد، مما يعزز من شعور بالتفاؤل والتطلع.

الخلاصة:

قصيدة /معطف ديسمبر/ لسمر الديك تعكس مزيجًا من التأملات العميقة في الحياة والأمل. الأسلوب السردي والتعبيري يستخدم صورًا رمزية غنية تدور حول الحماية، الأمان، والحلم. اللغة الشعرية المليئة بالمجازات والمفردات الحساسة تخلق جوًا شاعريًا يلامس الوجدان، وتطرح فكرة الأمل والمستقبل المشرق رغم التحديات والظروف القاسية.

***

بقلم: كريم عبد الله - العراق

....................

معطف ديسمبر

فيك انتهتْ حقبةٌ من الزّمن كرحلة محمّلة بالذكريات، وجدنا أنفسَنا في مساحةٍ فريدةٍ تُحاكي الأوهامَ والأماني، تُخلقُ العوالم من أشعة أفكارنا، تتماوجُ الأحاسيسُ كأمواجِ البحر في سماء الليل، كمْ شعرنا بدفئكَ في رحلتنا بدهاليز النفس، نُحلقُ فوقَ السّحاب بلغة البراءة، تتفتحُ أوراقُ الأمل على أنغامِ الصّبر. بكَ ومعك أيُّها المعطف نسجنا قصصَنا بخيوط الأمل والرجاء في لوحةٍ لانهائية من الجمال. تدثرنا بك مع المساءات الطويلة حيثُ تُضاء المدافئ بألسنة النار الحامية وتجتمعُ الأرواح حولَ نورِ الشّموع الخافت مع ضحكات العشّاق التي تَملأ أجواء الليالي المظلمة يُنيرها الثلج الذي يغمرُ الأرضَ كغطاءٍ من الحنين وتتجلّى الرّوحُ في أبهى حلّتها تبحثُ عن خباياها كزهرةٍ تَتفتحُ بتلاتها وسط العتمة تتنفسُ النسيمَ البارد كنسيم الأبديّة تنتظر الأشجارُ العارية لمسة الرّبيع لكنها تجدُ الجمال بولادة أحلامنا بعد مخاض عسير تحت أضواء القمر الباردة مُعلنةً قدوم قصيدةٍ لم تكتملْ بعد ترقصُ على نغمات الأبدية

وما زلتَ أيُّها المعطف أمنَنا لتكنْ جناحاً لأرواحنا يَحملُنا نحو الغد المشرق

***

سمر الديك - فرنسا - سوريا

 

في المثقف اليوم