قراءات نقدية

كريم عبد الله: قراءة نقدية أسلوبية في قصيدة "خطوات منمشة بكدمات الجوع: لسلوى علي

الأسلوب والصورة الشعرية: القصيدة تتميز بأسلوب سردي تأملي مليء بالصور الشعرية المركبة والمعقدة، حيث تتحول اللغة إلى وسيلة للتعبير عن التوتر الداخلي والافتقار العاطفي. تعبيرات مثل (كدمات الجوع) و(أغصان معطوبة) تعكس حالة من الألم والفقدان، وتوحي بالصراع بين الذات والعالم المحيط بها. هناك أيضًا تداخل بين الصور الطبيعية مثل (غيمة كثيفة قرنفلية) وأحاسيس داخلية عميقة، مما يخلق تناغمًا بين الطبيعة والمشاعر الشخصية.

الرمزية والتشبيه:

الرمزية في القصيدة حاضرة بقوة، مثل (أغصان معطوبة) و(شبح البعد المزركش بالألتياع)، حيث يتم تصوير الألم والبعد عن الأمل من خلال صور محورية مستوحاة من الطبيعة. استخدام (كصخرة بريرية) و(جسدي المحنط) يعكس حالة الجمود والتصلب الداخلي الذي يعاني منه الشاعر، وهو ما يُغذي شعور الانكسار النفسي. كما أن صور الموت والتجاعيد والغربة تضع القارئ في مواجهة مع الحزن الدائم والاشتياق المستمر.

التكرار والدلالات العاطفية:

التكرار في العبارات مثل (أترى أناقة القصيدة؟) و(وحشتي) يعزز من حالة الصراع الداخلي والشعور بالضياع. هذا التكرار يوحي بالتمزق العاطفي والبحث المستمر عن الهوية أو الوضوح في خضم الانفصال عن الذات أو العالم. كما أن تكرار الكلمات المرتبطة بالفراغ مثل (الطيف البعيد) و(الغياب) يعكس الهجر الداخلي والمعاناة الوجودية.

اللغة والمفردات:

اللغة في القصيدة تفيض بالتشابيه المعقدة مثل (سيرها أسراب عصافيري) و(حكاياتي المبللة)، مما يخلق تدفقًا شعريًا مكثفًا ويعكس الأبعاد العاطفية المرهقة والمزدوجة. المفردات مثل (وحشتي) و(الضجر) و(الغرام) تميز النص بتوتره العاطفي، بينما تشير مفردات مثل (الجوى) و(المزركش) إلى التداخل بين الجمال والحزن، وتساهم في بناء مناخ شعري مليء بالحيرة والانتظار.

البنية والإيقاع:

القصيدة لا تتبع بنية تقليدية، بل تشكل سيلًا من الأفكار والمشاعر المتدفقة بشكل متسارع وغير مرتب. هذا الإيقاع المتسارع يعكس تشتت الأفكار والشعور المستمر بالضياع والحيرة. الفقرات غير المتوازنة والجمل الطويلة تمنح النص إيقاعًا متقطعًا، حيث تبرز الانفعالات والمشاعر بطريقة غير متسقة، تعبيرًا عن حالة نفسية مشوشة.

الخلاصة:

قصيدة (خطوات منمشة بكدمات الجوع) لسلوى علي تُعبّر عن تجربة شعرية مكثفة، حيث تلتقي الصور الطبيعية بالداخل العاطفي بطريقة تكشف عن الألم المستمر والبحث عن الذات. اللغة الغنية بالصور المركبة والتكرار المدروس يُكسب القصيدة طابعًا تجريبيًا، ويُعزز من الإحساس بالتيه والضياع. النص يمزج بين الأمل والخيبة، وبين الجمال والعذاب، ليُعبر عن معاناة الذات في عالم غير مستقر.

***

بقلم: كريم عبد الله - العراق

....................

خطوات منمشة بكدمات الجوع

يا وحشتي المحدقة، لامتداد عقيق أسارير الأحلام يكتنز خيال كأبتي عطره المتجرجر بين همهمات الشهوات الخجولة ومواقد الخطوات المنمشة بكدمات الجوع.

اريج براعم الدفء تطيب تلك الأغصان المعطوبة في تقاويم جسدي المحنط كصخرة بربرية منذ سنين في أعماق ابتسامة التجاعيد الغامضة بين صخب وقع خطا بدواخل غيمة كثيفة قرنفلية التيجان وعطرها الغائم فوق شبح البعد المزركش بالإلتياع.

أترى أناقة القصيدة..؟ مهدورة الرجفة، يهجعها الليل المبلل بشوق رجيم، كقطوف تدلت بين بابه المغلق وشواطئ القانية المهدورة دمائها بين عقارب الضجر  الموشومة بسمرة النخيل، بقامته، بسياط لهفته الثملى، وصوره المتناثرة انتصبت في مدائن بكائي الملحي ودهاليز محيطاتي المصلوبة بين الفواصل والنقاط، وصدى عباراته الممسوقة كصعلوك ليل يثقب أحلامي النحيلة بدفعة واحدة، لأفتح خزائن ذاكرتي بحبور وشهقات الغرام.

أراها تستشهد فوق لحافي المزركش باكتواء الجوى، تنزلق منها رياح عاتية، تدغدغ سيرها اسراب عصافيري وحكاياتي المبللة واغانيها الراعفة بحدود الحب، كلما هيأت خربشاتي الجائعة فوق حيزي لوحة تداعب الشمس في صومعة الأمنيات، حين تلاطم أمواج الروح المرهقة، وعطشي المتطاير توخز دفاتري بحجم رعشته.

واااااا ويلتاه لازلت لا أجد سبيلا، أشرع بها وحشتي التي تئن وجعا من رائحة طيف بعيد لأرخبيلات الحلم المحتقنة بخيالات الزبد الطافي حين تجرجرني الفكرة.

***

سلوى علي/السليمانية – العراق

 

في المثقف اليوم