قراءات نقدية

رمضان بن رمضان: قراءة في مسرحية 'نسمة راشمون'..

تفكيك الإطلاقيات ونسبية الحقيقة

في الذكرى الثامنة لرحيل المخرج منصف السويسي

1 ـ الخرافة: الاقتباس والتملك الادبي للاصل:

كيوتو، القرن 11م، تحت رواق معبد راشمون القديم، ثلاثة رجال يحتمون بالبوابة من المطر، كانت الحروب والمجاعات قد أبادت عددا كبيرا من الناس. في البداية يلتقي رجل دين شاب مع حطاب شيخ وقد هالهما ما سمعاه وهما يحضران المحاكمة ــ كانا مربكين إلى الحد الذي جعلهما يجبران أحد المارة على الاستماع إلى قصة هذه المحاكمة محاكمة قاطع طريق متهم باغتصاب سيدة شابة وقتل زوجها الساموراي (1). لقد وقعت الجريمة في أطراف الغابة المحاذية لرواق راشمون، القصة بسيطة.

من قتل الزوج الساموراي؟ قاطع الطريق تاجومارو أم الزوجة أم الحطاب الذي كان مارا من هناك ساعة وقوع الحادثة أم أن الزوج إنتحر؟ في المحكمة تتناقض إفادات الشهود وتختلف الروايات وتتضارب في كل مرة حول حقيقة ما حدث. فبينما كان الساموراي يتنزه صحبة عروسه في إحدى الغابات اليابانية يلحظهما قاطع الطريق "تاجومارو" الذي يقرر افتكاك المرأة من زوجها... بعد المعركة التي تنتهي بموت الساموراي وفوز قاطع الطريق بالمرأة يقبض عليه. نص المسرحية يعود في الأصل إلى الكاتب الياباني أكوتاقوا وقد تعاملالمنصف السويسي مع هذا النص لأول مرة عند إشرافه على إدارة فرقة الكاف ما بين سنة 1967 وسنة 1976 فأنتج مسرحية نسمة راشمون سنة 1968. وهي ثاني عمل له مع فقرة الكاف بعد مسرحية " الهاني بودربالة" المقتبسة عن نص من نصوص موليير وقد انتهج السويسي في هذه المسرحية خطا إبداعيا.

حاول فيه تعديل الأشكال الجمالية التي تأثر بها خلال تربصاته بفرنسا بما يتماشى والأرضية الاجتماعية لمدينة الكاف التي أسست فيها الفرقة(2). لكن السويسي في "راشمون" يغير البوصلة مائة وثمانين درجة فيشتغل على نص من أقاسي آاسيا، لكن كان يرغب في إحداث قطيعة مع المسرح الغربي مسرح شكسبير وموليير وبرشت.

لكن الملفت للنظر ان هذا النص سيظل حاضرا في مسرح السويسي على امتداد ما يزيد على الثلاثة عقود، فقد أعيد تقديم المسرحية في افتتاح مهرجان الحمامات الدولي سنة 1998 ثم بمناسبة الاحتفال بتونس عاصمة للثقافة العربية.

إن نص السويسي، حافظ على أحداث المسرحية الأصلية وعلى تطور خطها الدرامي، ولكنه أعاد كتابتها وصياغة حوارها من جديد بما يعطي للنص أبعادا جديدة فلسفية وفكرية وفنية قد تضاهي النص الأصلي وقد تفوقه وهذا هو جوهر الاقتباس. لقد أكدت التجربة أن هذه العملية التي تحافظ على المرجعية الثقافية للخرافة سرعان ما تتحول إلى إعادة كتابة لنص صيغ في لغة أخرى تتضمن تعديلات عديدة تجعلها تتناسب مع أذواق العصر... النص الجديد يتحول إلى عملية تملك ثقافي لنص حامل لمرجعية ثقافية سابقة(3). في الغلب، يتكتم أصحاب النصوص التي تمت مسرحتها ونقلها إلى الخشبة عن النصوص الأصلية وهو ما لم يفعله السويسي، الذي حافظ في مسرحية "نسمة راشمون" على سينوغرافيا وعلى إشارات ركحية كالأزياء والموسيقى أشرت على الجذور الأصلية للنص المسرحي.

أن يعود المخرج للتعامل مع نص مسرحي، كان قد عالجه لإعادة تقديمه من جديد في فترات زمنية متباعدة نسبيا فذلك يعني أن النص مازال قادرا على أن يعطي معنى جديدا كلما استنطقه القارئ/المخرج. إن السويسي قد وجد نفسه أمام تساؤلات عديدة واختيارات عدة، ظفحت على خط التواصل بين المبدع والمتقبل، ستسمح بإعادة صياغة المسرحية بوسائل وآليات ونظرة جديدة يمليها أساسا تجدد الحياة واستمرارها.

11 ــ البناء الفني للمسرحية:

انبنت المسرحية على بني توليدية، بحيث أن اللوحات المعروضة للمشاهد وعددها ربعة متولدة عن الحوار الثلاثي الأطراف الذي يدور بين الكاهن والحطاب وصانع الشعر المستعار، هؤلاء الثلاثة تجمعوا عند بوابة المدينة بسبب سوء الحوال الجوية وتهاطل المطار، لقد احتلت البوابة ركنا صغيرا من الفضاء الركحي، في حين تم توظيف بقية الفضاء مداولة بين المحكمة حيث يدلي كل من تاجومارو والمرأة وشبح الساموراي بشهادتهم وبين الغاب الإطار المكاني لحدثي الإغتصاب وقتل الساموراي. كانت الأحداث المسرحية تنتقل من البوابة إلى المحكمة ومن المحكمة إلى الغبة. هكذا كان البناء الدرامي للمسرحية توليديا فكل مكان يفضي بالمشاهدإلى مكان ثان والمكان الثاني يفضي به إلى مكان ثالث ليعود به من جديد إلى مكان الانطلاق. انه بناء توليدي دائري، باستثناء المشهد الرابع حيث ننتقل من البوابة إلى الغابة ويصبح الرابط بين المكانين سارد الأحداث الحطاب الشاهد الوحيد على ما وقع.

يوم المحاكمة، يتراجع القاتل تاجومارو في أقواله، وينفي عن نفسه تهمة القتل، ولكن المرأة تؤكد أنها هي التي قتلت زوجها، بينما شاهد العيان/الحطاب يصرح أمام المحكمة أنه حضر مبارزة بين رجلين ولكنه لم يتبين كيف جرت الأحداث.

إزاء هذا المأزق تستدعي المحكمة "روح الساموراي" لتستمتع إلى إفادته. ورغم ذلك تعجز المحكمة عن إصدار حكم مما حدا بالمخرج إلى قحام الجمهور في لعبة البحث عن الحقيقة ليجعل منه هيئة محلفين قادرة على البت في المسألة(4).

أما تقنيات العمل المسرحي الموظفة في مسرحية "نسمة راشمون" فقد تنوعت بحيث تضافرت مع الملفوظ القولي لتنسج الرؤية الفنية المراد إبلاغها. لقد جرى العرف أن تصاحب الموسيقى بعض المشاهد المسرحية وتسمى بالموسيقى التصويرية وتعتمد غالبا على الآلات الموسيقية لا على الأصوات البشرية، وقد كانت الموسيقى في "نسمة راشمون" إما ممهدة للحدث/المشهد المسرحي أو تعقبه ومن وظائفها تأصيل العمل المسرحي في بيته، والتأثير في نفسية المشاهد باستنفار رغب التقبل لديه، لقد جعل السويسي من الموسيقى في عمله مقوما من مقومات تماسك العمل المسرحي، أما الأزياء وهي أزياء تاريخية فقد فرضت على الممثلين ضرورة التقيد بأنواع من السلوك وطرائق في التحدث تتطابق مع العصور التاريخية التي تحيل عليها تلك ضمن معادلة تقوم على الترابط بين مظهر الممثل ودوره، لأن أي إخلال بالمعادلة من شأنه أن يدمر مصداقية العرض ويشوه جماليته الفنية.

لفكرة الضوء صورها الشعرية في المسرحية، وهي تمثل في حد ذاتها وفي تجلياتها المتنوعة أحد المصادر الرئيسية الهامة للصور والاستعارات المسرحية. فالضوء أشبه ما يكون بمنطقة تماس واتصال والتقاء بين الذهن البشري وبين عالم المحسوسات. "في نسمة راشمون" كانت الإضاءة تتراوح بين الانحسار في المحكمة حيث يقع التركيز على سارد الأحداث وبين الاتساع حيث فضاء الأحداث متسع حين تحتضنه الغابة، فالإضاءة موظفة في شد انتباه المشاهد واستفزاز ملكاته الذهنية لمتابعة مسار الأحداث وحركات الممثلين وأقوالهم. إن تقنيات العمل المسرحي المعتمدة في هذا العمل تضعنا أمام حضارتين مختلفتين، لكنهما منفتحتين بحكم التاريخ والجغرافيا وما تقتضيه العولمة اليوم من انفتاح على الآخر المختلف.

لكن تظلّ لغة الحوار قادرة على !خراج النص - نص المسرحية - من خصوصيته ليعانق افاقا حضاريّة جديدة . فاللغة العربيّة الفصحى المطعمّة بألفاظ قريبة من العاميّة والتي أجاد الممثّلون استخدامها، أصبحت القناة الأولى التي تربط المبدع ـ المخرج بالمتقبّل ـ المشاهد وهذه القناة هي التي ستمكّن المنصف السويسي من أن يطرح من خلالها المسائل التي تشغله والتي تتحكّم برؤيته الفنيّة للنصّ المسرحي.

إنّ البوّابة ـ الرواق حيث التقى الكاهن والحطاب وصانع الشعر المستعار هي الفاصل والفاصل بين داخل المدينة وخارجها، فمنها ندخل المدينة حيث المحكمة ومنها نخرج حيث الغابة . وشخصيّة الكاهن تجسّد بدقّة هذا الفصل والوصل في ما تشيعه البوابة من معاني حافة des connotations فهي مزيج من عالم الناسوت حيث الأجساد تتصارع وتتقاتل وعالم الملكوت حيث الأرواح تبحث عن الطّهر والبراءة .فالناسوت تجسّده المدينة بكلّ الشّرور التي تحملها والملكوت تجسّده الغابة التي ترمز إلى براءة الإنسان قبل أن تفسده المدينة والاجتماع البشري .أما المحكمة فلا نعثر فيها إلاّ على شخصيات:تاجومارو، المرأة، أمّها وشبح السّاموراي جميعهم محاطون بحرس موزّعين في جوانب القاعة.تغيب هيئة المحكمة بقضاتها ومساعديها وتجد الشخصيات نفسها في مواجهة مباشرة مع الجمهور المشاهد وتحاول كلّ منها إقناعه بصحّة روايتها للأحداث .هكذا يقحم السويسي الجمهور في الفعل المسرحي ويحوّله من مُتقبِل سلبيّ للعمل إلى فاعل إيجابيّ، فيتقمّص دور القاضي الذي يعمل جاهدا على غربلة الروايات المتضاربة وتمحيصها حتّى يميز الحقّ من الباطل.

111ـ في دلالات المسرحية وأبعادها:

في شهادته ضمن الندوة الثانية من ندوات معرض تپنس الدولي للكتاب في دورته 27 ما بين 24 أفريل و3 ماي 2009 والتي كان محورها "الفن المسرحي بين النص والركح" قال المنصف السويسي متحدثا عن تجربته في كتابة وإخراج "راشمون": هناك عمق أفقي وعمودي وأخرجتها بثلاث رؤى مختلفة، في سنة 1968بالكاف كانت القراءة تميل إلى التطاحن الطبقي، وعندما افتتحت بها مهرجان الحمامات الدولي سنة 1998، كانت خلفية الكتابة المسرحية فلسفية تحاول إبراز نسبية الحقيقة، أما بمناسبة الاحتفال بتونس كعاصمة للثقافة العربية اهتممت بإبراز تفاصيل العلاقات النفسية"(5).

هذه الشهادة تفسر الأسباب التي شرعت للسويسي العودة مجددا إلى نص مسرحي والاشتغال عليه في فترات زمانية متباعدة، وكان في كل مرة محكوما برؤية مخصوصة. إن نواة الخرافة محملة بدلالات غنية، سمحت للمخرج بأن يحولها من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل ضمن سياقات اجتماعية وفكرية وحضارية لعبت دورا مهما في صياغة رؤى السويسي الفنية.

من القضايا التي ارتأى ضرورة طرحها، تلك التي أحس أنها تقع على خط التواصل بينه وبين المتلقي من ذلك مسألة الصراع الخفي أحيانا والظاهر أحيانا أخرى بين طبقة الفقراء المعدمين وطبقة الأغنياء النبلاء مجسدة كليهما في شخصيتي الحطاب والساموراي.

هذا الصراع طرح مسألة الهامشيين الذين "تنتجهم" بنية اجتماعية ذات ملامح مخصوصة قائمة على الاستغلال والرغبة في الثراء الفاحش والسريع. وسيلتها في ذلك امتصاص جهد الآخرين بغير وجه حق امتصاصا يبلغ حد الاستعباد.

فهؤلاء الذين يقتلون ليعيشوا، وأولئك الذين يرتزقون من جثث الموتى، لفظتهم نواميس المجتمع فصنعوا لأنفسهم قناعات ومبادئ يحيون من أجلها وأحلاما يعملون على تجسيدها بكل الوسائل المتاحةو إن إقتضى الأمر خرق الأعراف الاجتماعية والقيم الأخلاقية.

فالكاهن البوذي صار عاجزا على مواجهة الشر الذي استفحل، وكان على وشك مغادرة المدينة، متخليا على دوره في استثمار رأسماله الرمزي في التصدي للفساد ونشر قيم الخير والعدل والفضيلة.

لقد صوّرت المسرحيّة اِستحالة التعايش بين كائنين من طبقتين مختلفتين وهذا ما كشفه الحوار الذي دار بين الساموراي وزوجته، اِبنة الخادمة .هذه الاِستحالة سببها اِضمحلال القيم التي اِنبنت عليها طبقة النبلاء التي يمثّلها السّاموراي قيم الشجاعة والشهامة والدفاع عن الشرف .فإذا بالساموراي ذي التاريخ العريق جبان، عاجز عن الدّفاع عن زوجته متعلّلا بأعذار واهية.كما صوّره المخرج فريسة سهلة لقاطع الطريق.لو حاولنا اِستقراء الظروف الاجتماعية والتاريخيّة التي حفّت باُشتغال السويسي على نصّ راشمون ً سنة 1968 لأدركنا أنّ حركة الاقتباس آنذاك كانت قائمة على معادلة قوامها الربط بين الرِبرتوار le répertoire العالمي وبين مقتضيات الفعل المسرحي في علاقته بالمحيط الاجتماعي المحلّي. فسنة 1968 شهدت بداية احتضار تجربة التعاضد.و استقبلت تونس السبعينات وهي في حالة إنهاك جرّاء ذاك الاختيار الاقتصادي الخاطئ .فقد تسبّبت خيبة التعاضد في تشقّق جدار الإجماع حول مجموعة من المفاهيم مثل التضحية والجهاد الأكبر والوحدة الوطنيّة والبناء والتي مثّلت شروطا ضروريّة لتحقيق التقدّم وتكريس التسيير الذاتي والاستقلال الفعلي للبلاد. (6) لقد أدرك السويسي أنّ في ً راشمون ً ما يشي بإرهاصات تحوّل في الأوضاع الاجتماعيّة والسياسيّة.إنّ تفكّك طبقة النبلاء ذات العمق التاريخي ودورها في تأبيد نمط معيّن من الحكم بفضل ما تتوفر عليه من قوّة ماديّة يوازيه في قراءة سوسيولوجية مقارنة بالواقع التونسي اِنهيار التصوّرات الكبرى وتحلّلها فقد عصفت بها تحوّلات اجتماعيّة واقتصادية أجبرت السياسي على أن يأخذها بعين الاعتبار في بناء رؤيته المستقبليّة لتونس الغد. لقد ارتقت تجربة التعاضد وما آلت إليه من نتائج كارثية إلى مرتبة الجريمة المرتكبة بحقّ أبرياء وهي تشبه ما ارتكبه تاجومارو في راشمون . يظلّ البحث عن الفاعل أي عن حقيقة ما جرى وعمّن تقع مسؤوليّة ما حدث مصدر خلاف وتعدّد في وُجُهات النظر ويبقى في نظر السويسي أن الجمهور أي الشّعب هو الوحيد القادر على تحديد المسؤول ومحاسبته لذلك يقول المخرج:‹‹ لقد جعلت من الجمهور الحكم الوحيد...››.ربّما يصبح الاقتباس عن نصّ ياباني قناعا التجأ إليه السويسي لمخاتلة الرقيب حتّى يتسنّى له نقد الواقع التونسي في تلك الفترة ففكرة القناع قد تجد مُسوغاتها إذا علمنا أنّ نصّ مسرحية نسمة راشمون لم تقع تونسته على غرار مسرحيات أُخرى لعلي بن عيّاد مثلا وغيره ممّن تعاملوا مع نصوص أجنبيّة . grasset 1972

لقد حافظت راشمون على أصولها اليابانيّة .إنّ الفكرة التي تبدو هامة في نظري والتي طرحتها المسرحية هي تنسيب الحقيقة واِختلافها من شخص إلى آخر وو من ظرف إلى آخر، حسب زاوية النظر التي تقدم من خلالها الحقيقة. هذه الفكرة من شأنها أن تُخلّص المسرحيّة من شُحنتها الإديولوجية التي طُبِعت بها جرّاء الظرف الذي آقتبست فيه، لتطرح مسائل معاصرة كالنسبيّة وحق الاختلاف وتعدّد الآراء وتفكّك الإطلاقيات. وتكمن خطورة الفكر الإطلاقي في كونه يُمثِّل قطب الرحى ضمن المثلّث الانتروبولوجي: المقدس، العنف والحقيقة وهو بفضل ما يختزنه من نزعة إطلاقيّة قادر على التحوّل إلى حقيقة لا تعترف بغيرها وتعتبر نفسها هي الوحيدة الممثّلة للحقّ وينبغي بالتالي اتّباعها فتكتسب شيئا فشيئا صفة القداسة، وتحاط بسياج دوغمائي يمنع طرح الأسئلة حولها، فيتعزّز مجال اللامفكّر فيه وتستحيل مقدّسا محضا لا يتوانى عن ممارسة العنف لإثبات نفسه وفرضها ولإقصاءالآخرين المخالفين(7). وتجدر الإشارة إلى أنّ الأديان ليست هي وحدها المسؤولة عن العنف المرتبط بالفكر الإطلاقي والتعصُّب فقد نعثر داخل الفكر العقلاني اللائكي والسياسي على عنف زخرت به مختلف الإديولوجيات الحديثة كالنازيّة والفاشية والاِشتراكية وحتى الليبرالية في جلّ وجوهها.إنّ عودة المنصف السويسي إلى نصّ سبق أن تعامل معه، كما فعل الفاضل الجزيري مع مسرحية التحقيق وكما فعل عبدالعزيز المحرزي مع الماريشال، من شأنه أن يدفعنا إلى التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء ذلك. فهل يعني ذلك اِنسداد آفاق التجريب أم أنّ المسألة لا تعدو كونها أزمة نصوص؟

***

رمضان بن رمضان

...........................

المصادر والمراجع:

1ـ ساموراي: أعضاء في الطبقة الأرستقراطية يسمّون ـ المحاربون ـ زمن اليابان الإقطاعية كانوا تابعين لطبقة الدايميو Daimyo عند الخروج إلى القتال والدايميو اسم يطلق على كبار أشراف اليابان وكانوا يملكون ضياعا شاسعة معفاة من الضرائب، فقد بدؤوا في اِمتلاك هذه الأراضي منذ القرن الثامن ميلاديا وكانوا في القرن 13 يتمتّعون بنفوذ أقوى من حكومة الإمبراطور. لقد مُنح الساموراي حق حمل سيفين وكان لهم الحق في قتل كلّ من يُسيء إليهم من الشعب . أُلغيت طبقة الساموراي بعد إعادة السلطة لميجي ـ والميجي هو الاسم الذي اتخذه الإمبراطور موتسوهيتو حينما اعتلى العرش سنة1867فقد حدث في أوائل حكمه انقلاب أطاح بحكم الجوشن وبدأت اليابان تدخل عصرا جديدا سنة1868 فأُلغي الإقطاع وأُمّمت الأراضي وسارت الييابان بخطى حثيثة نحو التصنيع واقتباس الحضارة الغربية وهذا لم يمنع الساموراي من أن يكونوا من بُناة اليابان الحديثة.

2ـ فوزية المزّي، ثلاثون سنة من المسرح التونسي (مقاربة اجتماعية) ً، مجلة الحياة الثقافية، عدد64 ـ 65,سنة 1992 ص 167.

3ـ حافظ الجديدي، في معالجة النصّ الدرامي التونسي، مجلة الحياة الثقافية، عدد خاص الفن المسرحي مقاربات وقراءات، عدد188ـ تونس، ديسمبر 2007، ص43.

voir hechmi ghachem، figures du théatre tunisien، (tunis، S D

ailleurs j avais fait du public le seul jury p.151souissidit ً le tribunal ne put trancherd

5ـ اُنظر جريدة الصحافة، بتاريخ 1ماي 2009 ص 8.

6ـ فوزيّة المزي، ثلاثون سنة من المسرح التونسي...ص169 وص 170.

7ـ حول هذه النقطة اُنظر René Girard le sacré et la violence Paris

في المثقف اليوم