قراءات نقدية
علي محمد القيسي: لماذا التصويرة.. كلام لا بد منه
حين أسس عزرا باوند مدرسته التصويرية على أساس مشتق عن الهايكو ... كان ذكيا جدا إلا أن ضبابية الهايكو في وقتها وعدم سماح اللغة الإنكليزية اضطره أن يؤسس مذهبا جديدا في الشعرية العالمية من مرتكزات المشهد...
نحن وبعد عقد من كتابة الهايكو وتوظيفه والعمل على التنظير والنقد ليس من الممكن أن نعيد بناء النص بشكل مغاير عن تلك المرتكزات إلا أننا عملنا على الواقع العربي وكيف نوجد أرضية خصبة لهذا الوافد.
التصويرة أيضا مشتقة عن الهايكو بكل أجناسه في بلاغته المشهدية وبذات الأسلوب النقدي المتبع خارج اليابان من بنية وتقطيع وباقي الخصائص بتسميات عربية فلغتنا قادرة على تعريب كل شيء. وأكيد في كتاب الهايكو من مترو باريس إلى البيان الشعري في بغداد نشرنا تعريب لكل تقنيات الهايكو ومصطلحاته إلا أن كانت العقبة الوحيدة هي اسم النص...
أنا على يقين أن هناك من يعارض التسمية وهذا حقه إلا أننا اصطدمنا بمعنى العنوان ودلالاته في اللغة العربية... وللتجنيس لا ننظر إلى رفاهية الاسم المستورد بقدر إيجاد مرادف يحقق الغاية المرجوة من النص العربي وان أخذ مساحة عالمية.
كلمة هايكو لم ولن يعطينا أي كاتب معنى له خارج اليابان ما لم يعد إلى أصل التسمية داخل اليابان بالتالي أن أردنا العمل تحت التسمية يجب أن تكون نصوصنا ضمن خصائص تلك التسمية التي لم نصل إلى مستواها كما الشعر العمودي أمام اللغات الأخرى.
لذا؛ أن طالبنا ترجمة الشعر العمودي إلى اللغات الأخرى أيضا لن يكون بخصائص اللغة الأم بل سيكون النص ترجمة تفاعلية إن لم يكن ترجمة حرفية لذا؛ لن يقال عنه نص عامودي بالتأكيد.
التصويرة اسم بديل للهايكو
آن الأوان أن يكون للعرب تسميتهم الخاصة للهايكو ليس بعيدا عن الهايكو لكن من أصل اللغة العربية.
وقد بحثت كثيرا عن اسم يسع هذا الفن النبيل لم أجد أفضل من "التصويرة" ومن المؤكد لن نكون خارج الخصائص فنحن نعمل بها منذ سنوات.
وبما أننا نستحدث فنا جديدا على الذائقة العربية لا بد من أن نكون ضمن هذه الذائقة فنا وكتابة ولعل أبلغ ما اشتققت منه اسم التصويرة مرادفا للهايكو الذي بالتأكيد كتبناه بلغتنا بعيدا عن الكثير من أصل النص الياباني وأهمها الإيقاع والاكتفاء بالبلاغة المشهدية صار إلزاما أن نعطيه اسما يليق بإبداعنا وتراثنا من السهل ان تعرف معناه.
وقد حاول كيرواك أن يطلق عليه البوب الذي يعني الأدب الشعبي لذا سنطلق على النص اسم التصويرية الذي وجدته في تعريف للجاحظ عن الشعر حيث يقول
"فإنما الشعر صناعة وضرب من النسيج وجنس من التصوير" فالشعر عند الجاحظ هو ذلك الكلام الذي يصنع وينسج ويصور، والشاعر عنده صانع ونساج ومصور، ويعلق إحسان عباس على هذا القول قائلا: "لو تخطى الجاحظ حدود التعريف لوجد نفسه في مجال المقارنة بين فنين: الشعر والرسم."
أن التصويرة هي مشتقة من الهايكو إلا أنها تمثل العرب فقط في التعاطي مع النص واعتبر هذا انفرادا وانعطافا مهما للتقبل من الشارع الثقافي والمتلقي على حد سواء
نحن نساج المشاهد أولى بهذا الاسم فنحن نرسم بالكلمات نصا وكي نخرج من بوتقة الاتهام خصوصا أن اسم الهايكو مربك في تعريفه ضمن ثقافتنا العربية من طفل الرماد أو النص الهزلي أجد هذه الأسماء مجحفة لما نكتب فنحن أهل التصويرية وهي أساس ثقافتنا ولغتنا
وكي لا يختار لنا أحد اسم كما حدث في شعراء الطبيعة الأولى بنا أن نشتق اسما خاصا بنا فنحن لا نكتب عن الطبيعة فقط إنما في كل شيء
وهذا ما حدث مع الهايكو لذا؛ كانت التصويرة هي الحل برأي ورأي أغلب النقاد في العراق ليس أمام الهايكو فقط بل في جميع الأجناس المستوردة كالشعر الحر أو النثر والشذرة ووو.
***
علي محمد القيسي