قراءات نقدية
علاء حمد: الوظائف التكوينية في الانسجام النصّي
الوظائف التكوينية في الانسجام النصّي.. خشخشات تنقر النافذة للشاعرة السورية: رماح بوبو
ننساق وراء الوظائف وتكوينها، ومنها الوظائف السياقية التي تؤدي إلى وظائف حركية لتكوين استقراء النصّ؛ وهو ضمن حركة الخلق من خلال الأدوات الفنّية وحركة الأفعال، ومنها حركة أفعال الكلام المعتمدة في النصّ المنفرد؛ ومنها أيضاً الأفعال الانتقالية والتموضعية، أي أنّها الأفعال التي تنسجم مع الحدث الشعري وليست تلك التي تخبرنا عنه، حيث أنّ النصّ يعتبر ذلك حدثاً منفصلاً عن الأحداث العامة التي تمرّ بنا، فاليومي غير الخيالي، والواقعي غير التصوّري، وفي الوقت نفسه أنّ النصّ الشعري وانسجامه مع الحدث، يعتبر النصّ الخلاق، حيث يتداخل من خلاله الخيالي والواقعي والتصوّري، أي أنّه سيعيش حالة فكرية وتفكّرية مع الشاعر.
يتعلّق النصّ الشعري بجديده وليس بموروثه أو تكرار ما أبدعه الآخرون، لذلك لكلّ نصّ جديد، ذات جديدة، ومتعلّقات غير مطروقة، فليس هناك انسجام نصّي يخرج من النصّية إلى النصّ، بدون تأثيرات انسجامية، فالحدث الشعري يعيش مع الشاعر وإن كان لقطة لحظوية، فهذه اللقطة أو اللحظة ستكبر عندما يغذّيها الشاعر بما يلائم حركة الدال في النصّ المنظور.
طالما أنّنا في الوسط الوظيفي والمتعلقات النصّية من خلال وظائف النصّ التكوينية وانسجاماتها، إذن نحن في منطقة المقاربات التداولية والتي يبدو من خلالها الصراع بين الـ " أنا " والآخر، وكذلك بين الأشياء، فليست جميع الأشياء منسجمة مع بعضها، فبعضها يتعلّق بفعل تنافري، وبعضها بفعل تناقضي، وبعضها ينحاز إلى الفعل المختلف، وهو الدالّة المختلفة التي نسعى إلى توضيحها من خلال نصوص الشاعرة السورية رماح بوبو.
يعتبر النظام التداولي ذا تنظيم داخلي للنصّ، ولكن في الوقت نفسه نلاحظ تشعّباته وعدم استقراره في نقطة معيّنة، فإذا أخذنا القول اللغوي للنصّ الشعري، نجده ضمن المتعلقات النصّية، فالنصّ لغة قبل كلّ شيء، لغة ليست بدائية وليست مطروقة بشكلها اليومي، بقدر ما تسعفنا هذه اللغة في التناقضات والاختلافات النصّية، وتشكل المشهد النصّي المنظور، وذلك بين سياق التواصل وسياق التفاعل؛ ويكون للنصّ الشعري خصوصيته الجمالية ضمن المنظور الاستطيقي، حيث تعتبر الجمالية العنصر الفعل مع كلّ نصّ نموذجي يمنحنا الرمزية من جهة أو ماوراء الواقع من جهة أخرى.
ترتبط القدرة بوسائل وعلاقات ذاتية أو عقلية، لذلك عندما نطرق باب الأحلام، فهي ضمن قدرة الشاعر وترجمته الشعرية لهذه الخصوصية؛ ومن هنا، يبدأ بالتنقية النصّية، وهي تنقية الصورة التكوينية وكيفية اندماجها ضمن الفعل التلقائي، حيث أن الكتابة لدى الشاعرة السورية رماح بوبوـ تعتمد التلقائية من جهة والولوج إلى التفكّر الآني من جهة أخرى.
الانسجام النصّي التداولي
من خلال أدوات النصّ والعلاقات العميقة بين الجمل الشعرية وبين النصّية، تصل إلى اندماجات تواصلية في المنظور النصّي، وهي الآلية التي نرغب الوصول إليها من خلال نصوص الشاعرة السورية رماح بوبو.
يؤدّي الانسجام النصّي إلى التماسك الفعلي للنصّ، وتظهر من خلاله الصور الشعرية وفعل الإثارة، حيث أنّ تبديل المفردات الشعرية يؤدّي إلى رمزيتها أو الإشارة إليها من خلال تقريبها من النصّ واندماجها بالجمل التركيبية، ويكون لأنواعية الأفعال الصدارة أيضاً في إيجاد الدلالات التي يعتمدها النصّ الشعري؛ والنصّ لدى الشاعرة السورية رماح بوبو، يحوي وسائل لغوية مختلفة، فتارة تقودنا عبر الرمزية وتارة أخرى إلى لغة ماوراء الواقع، بالإضافة إلى رومانسية الحدث الشعري الذي تعتمده في بعض النصوص، وهو التعبير اللغوي المخاتل والذي يعتمد على الإيحاء والتنبيه والاستعارة.
تائهةٌ
كوعلٍ على شرفة نهدة!
كأنّي في بال المغيب
دفء صباحٍ
وفي بال الصّباح
غفوة ناي بعيد!
وحزينة
كبنفسجة قصيرة السّاق
لم تستطع أن
تلبّي توق الإناء !
وكأنّني محض عشبةٍ كلّما
همّت ذبولاً
رشّها جنون الفصول برشّة ماء فلم
تجد ماتقول!
من قصيدة: مزراب القمر – ص 9 – خشخشات تنقر النافذة
دلالات اللغة كثيرة، ولكن وقوفنا ليس فقط في هذه المنطقة، بقدر وقوفنا بمناطق أخرى من خلال النسيج النصّي أوّلاً، والانسجام النصّي ثانياً، وهما فعلان للتداول النصّي، ويعتبران من مهام النصّ الشعري وتشكيلاته الفنّية والعلاقات التي تربط الجمل ببعضها.
أما من ناحية العلاقات الدلالية في الانسجام النصّي، فهي تقودنا إلى السببية والعمومية والخصوصية والتفصيل والأضداد، ولا يكاد نصّ من النصوص أن يخلو من المتعلقات السببية التي تعوم حول الذات الحقيقية، ومن هنا نستطيع أن نكون ولو بجزء حتمي مع تفكيك لبعض الجمل الشعرية وتواصلها من خلال الوظيفة التفاعلية والإخبارية.
تائهةٌ + كوعلٍ على شرفة نهدة! + كأنّي في بال المغيب + دفء صباحٍ + وفي بال الصّباح + غفوة ناي بعيد! + وحزينة + كبنفسجة قصيرة السّاق + لم تستطع أن + تلبّي توق الإناء ! + وكأنّني محض عشبةٍ كلّما + همّت ذبولاً + رشّها جنون الفصول برشّة ماء فلم + تجد ماتقول!
تفتتح الشاعرة السورية رماح بوبو مجموعتها الشعرية (خشخشات تنقر النافذة) بنصّ تحت عنوان؛ مزراب القمر، وهي تقود الآخر إلى جدل التيه؛ أي أنّ الثابت منها غير متحوّل طالما قد سخّرت مشاعرها في مسلك التيه؛ وذلك من خلال المعنى المنظور للنصّ، وكأنّ الشاعرة تطلب من المتلقي أن يندمج مع شطور المأساة التي أشارت إليها بالاختيار، فعندما يتغزّل الشاعر بالمرآة، فالمرآة عاكسة للمادة، والذي يختفي خلف المرآة لايظهر بشكل معكوس، ومن هنا، فقد أرادت الشاعرة أن يكون المتلقي واقفاً خلف المرآة لكي يلاحظ ماخفي خلفها، وكذلك الذين يأتون ويؤدون دورهم أمام المرآة، وما نظرية التشبيه إلا كونها عملية اشتغال؛ سخّرتها الشاعرة رماح بوبو كي تكون العنصر المتفاعل في نصّها. وهي تؤدي واجبها في التصوير المنظور، فقد بدا الاختلاف اللغوي وتكوين الصورة الشعرية من خلال هذه النظرية والتي تعد جزءاً من الكيان النصّي المعتمد.
إنّ بعض عمليات التشبيه التي اعتمدتها الشاعرة رماح تتوضّح من خلال حرف " الكاف " وبعضها اندمج من خلال الجملة المتواصلة، مثلاً : تائهةٌ + كوعلٍ على شرفة نهدة!
وفي بال الصّباح + غفوة ناي بعيد!
الأولى كانت واضحة من خلال حرف الكاف، أما الثانية فقد تجاوزت التوضيح، ولتوضيحها أكثر كأنّها قالت لنا : وفي بال الصّباح = كغفوة ناي بعيد!..... إلا أنّها تجاوزت هذا الحرف واعتمدت على الجملة كي تكون منسجمة تماماً وجزءاً من كيان الجملة الشعرية، وذلك لكي تعطي الشاعرة بعداً إثارياً للمتلقي.
ونستطيع أن نطلق على مثل هذا التشبيه بالتشبيه الضمني وهو يأتي ضمن سياق تركيب الجملة الشعرية، وهناك الكثير من الأمثلة واعتماد الشعراء على التشبيه الضمني في فنّ حياكة النصّ الشعري الحديث؛ ومن الممكن أيضا أي يوحي الشاعر ببعض أفكاره ضمن التشبيه الضمني، وليس هناك شاعر لايحمل فكراً أو مبدأ من المبادئ الحياتية أو نظرية من نظريات الفلاسفة.
عندما بدأت الشاعرة بمفردة (تائهة) لاحظنا أنّ القول والقول الشعري يستمدّ بهجته من السكوت، أي أنّ الصمت قد أوحت به الشاعرة رماح بوبو: وكأنّني محض عشبةٍ كلّما + همّت ذبولاً + رشّها جنون الفصول برشّة ماء فلم + تجد ما تقول!...
أردتّ يوماً أن أكون عريفة الصفّ
لكنّي
كتبت أسماء رفاقي الساكتين
ففوجئتُ
أنّ معلّمتي تحبّ السكوت
وتكره خطّي المائل!
أردتّ أن أكون سيّدة أنيقة
لكنّهم
نظروا إلى خدوش ركبتيّ
وصاحوا.. هذه ماعز!
شرّدوني للتلال
أوّل التلّ دفلى
آخر التلّ.. يباب!
وصعدتّ
كلّما عوى بوجهي خبرٌ عاجل
عويتُ
كلّما هدهدتني إقحوانةٌ مهاجرة
بكيتُ
من قصيدة: مزراب القمر – ص 9 – خشخشات تنقر النافذة
هل تكون المعرفة أوّلا، أم اللغة، فالذي يقودنا إلى المعارف هي اللغة، وذلك في الحالة المشروعة وكيفية توصيل الرسالة النصّية، ولكن، في الوقت نفسه، إنّ اللغة هي النصّ ولا نعتبرها وسيلة (مقامية) في الجانب النصّي. بما أنّ البنية النصّية وليدة عدة سياقات وانعكاسات تفكّرية ومرجعيات مختلفة تجمّعت في الذات الحقيقية ربّما لفترة طويلة، وتظهر من خلال علاقات خاصة في النصّ المكتوب بينها وبين المعاني المحمولة والتي ترافق جزئيات النصّ والتي في الوقت نفسه تتحوّل إلى مواضيع في النصّ المنظور؛ (ليس النصّ الأدبي هو الذي بين أيدينا، بل هو مملكة بناء تحمل مخاضات بناء سابقة في البنية الشعورية والفكرية، فلابدّ من تجلية النقاب عنها، وبث مكنوناتها وانعكاساتها على النصّ – إبداعيات النصّ الأدبي – ص 8 – الدكتورة سعاد جبر سعيد).
أردتّ يوماً أن أكون عريفة الصفّ + لكنّي + كتبت أسماء رفاقي الساكتين + ففوجئتُ + أنّ معلّمتي تحبّ السكوت + وتكره خطّي المائل!
أردتّ أن أكون سيّدة أنيقة + لكنّهم + نظروا إلى خدوش ركبتيّ + وصاحوا.. هذه ماعز! + شرّدوني للتلال + أوّل التلّ دفلى + آخر التلّ.. يباب! + وصعدتّ + كلّما عوى بوجهي خبرٌ عاجل + عويتُ + كلّما هدهدتني إقحوانةٌ مهاجرة + بكيتُ
ننظر إلى النصّ حسب المعاني التي يحضنها ويبثها للمتلقي، وإذا نظرنا في قصيدة (مزراب القمر) فسوف نلاحظ أنّ القصيدة تمّت حياكتها على صيغة مقاطع منسجمة مع بعضها، واستطعت الآن أن اعتمد التقطيع حسب المعاني التي رسمتها الشاعرة السورية رماح بوبو.
إنّ تناسق الجمل وانسجامها، لاتستدعي ضيافة التضاد، فالجملة التواصلية التي تحتفظ بالمعنى والتأويل لا تضاف إلى جملة إضافية متنافرة معها، ففي هذه الحالة فلن يستقيم المعنى، وكذلك لايكون الطرف الآخر مضاداً للأوّل، فحالة الاندماج قائمة؛ مثلاً:
أردتّ أن أكون سيّدة أنيقة = الشاعرة رماح لديها رغبة، من الفعل أراد (أردتّ أن أكون) واندماج الفعل مع فعل آخر (أكون) إذاً هناك تحوّل، أي ستصبح، فماذا ستصبح من خلال رغبتها؟ (عريفة الصفّ) ومن خلال مراقبتها للطلبة، تكتشف بما هو في حوزة المعلمة؛ الموضوع الذي بثته الشاعرة ليس كما ورد بمباشرته، وإنما هناك تأويلاً وقصدية مختلفة، وقد أختارت شخصياتها باعتبارها من الأشياء الحركية، فقد كان رفاقها في المدرسة، وكانت المعلّمة، هذه المسمّيات ضمن وظيفة الكلام الذي رسمته بمعاني.
أمّا في المقطع الثاني، نلاحظ الاختلاف الوارد، فاتصال المعنى اتصل بقوّة بالسياق، وقد كوّنت الشاعرة رماح مقطعها تحت خيمة الأثر الذي يتركه القول والقول الشعري:
كلّما عوى بوجهي خبرٌ عاجل = عويتُ
هل نستطيع أن نعتبر هذه المرحلة من المراحل المتناهية؟
نشر الأخبار العاجلة والكاذبة أيضاً، لا حدود لها، وهي ضمن اللامتناهي، ليس على مستوى النصّ الشعري لكي يُضاف إلى التأويل، بل على مستوى التفكّر الذهني والمنظور التصوّري الذي يرافق الشاعرة في حالة الكتابة أوّلاً وفي حالة المتعلق من المعنى ثانياً.
من خلال فنّ القول والقول المتقدم، تتغيّر اتجاهات النصّ كلما تغيّرت الحالات الفنّية؛ ومن الطبيعي أن تكون الحالة الفنّية والعلاقات بين الجمل غير ثابتة في مجموعة من النصوص، وإذا كانت كذلك فسوف يكون للملل مساحة لابأس بها من جهة، وتكون للتشابه وجوه عديدة من جهة أخرى، ونركّز على القدرة والقدرة الذاتية في تحرّكات الذات، وفي تحرّكات اتجاهات النصّ، حيث الثبات ليس من شيمته، ومن خلال هذا المنظور، أستطيع أن أضع بعض الوظائف التي تخصّ نصوص الشاعرة السورية رماح بوبو.
الوظائف التكوينية
المنظور التكويني للنسق الدال
وظيفة التعلق النصّي
وظيفة التعلق الذاتي
نتّجه نحو نوعية الوظيفة، فالوظائف التي تظهر في النصّ الشعري عديدة، ولكن الذي يجعلنا أن نتجه إلى النصّ ككتلة نصّية هو عامل الاختلاف اللغوي، حيث أن بناء الصورة الشعرية لايكفيها الخيال فقط، وإنما هناك عوامل لغوية مختلفة من جهة وعدم محدودية التركيب اللغوي من جهة ثانية، ومن هنا، تنبت لدى الشاعر بعض العلاقات بين الذات الحقيقية والمفردة والتركيب اللغوي.
الوظائف التكوينية
تنسجم الوظائف التي يختارها الشاعر في المنظور النصّي بداية من النصّ المقروء والذي يكون عادة قابلاً للتبدّلات وإضافة بعض المسمّيات العلائقية بين الجمل لتواصلها من خلال اللغة أولاً ومن خلال المعنى ثانياً؛ وأوّل وحدة لغوية تعتبر المطلع اللغوي الأوّل لافتتاح النصّ الشعري مابعد العنونة، والتي تشكّل رأس الهرم والعتبة الدلالية الأولى، حيث أنّ دالة العنونة تعتبر المفتتح التوظيفي للنصّ، وهوَ الباب الشرعي الذي من خلاله من الممكن أن يقودنا إلى النصّ المرافق لها.
ولكي ندخل إلى المنظور النصّي من الممكن أن نكون في انسجام مع البناءين العلوي والسفلي للنصّ، حيث أنّ القاعدة النصّية تخبرنا بأنّ المكوّنات الجزئية للنصّ الشعري، تعتبر منظورها الوظيفي في تكوين النصّ الشعري، ومن الممكن جداً أن يكون للجزء تصويره أو حجته التي تشكّل موضوعاً من معنى تام، والذي يظهر أمام المتلقي إما على صيغة صورة شعرية غير مطروقة، أو لغة مختلفة تحمل منظورها الفلسفي؛ وهي في طريقها لتكوينات وظيفية من خلال قدرة الشاعر على التصوّرات وحركة فعل المتخيّل في المنظور النصّي.
من خلال المكوّنات الذاتية نتخذ من الوظيفة الذاتية العنصر الرئيسي في المنظور النصّي، وذلك لأنّ الذات الحقيقية تخفي خلف عملها الكثير من العوالم المحمّلة بالمعاني، وعندما يتجه الشاعر نحو الرمزية أو نحو عالم ماوراء الواقع، فهو ليس هارباً من الواقع المنظور أو الواقع المهتز الذي يجلب الويلات له وللذين من حوله، بل هذه تكون اختيارات تلقائية تدخل في مؤسّسة النصّ الجمالية، ومنها نصوغ شبكة من الأستطيقا في المنظور النصّي.
فيروسات تتزحلقُ على درابزين الشّعر
لو شئتَ
اسرعْ
اختبئ في قبوكَ
وإلا
لامحالةَ
ستصابُ
كشبحٍ أبيض
بعدوى
الحياة !
من قصيدة: فيروس 1 – خشخشات تنقر النافذة – ص 13
نستطيع أن نكون مع الذات التكوينية في حالة تأسيس القدرة الموضوعية والتي تنتج عن قدرة في المعاني والتأويل؛ لذلك عندما ينطلق الجزء، نلاحظه لايتوقف، فهو متآخ مع الأجزاء الأخرى لخلق مسار تسلسلي خارج اللغة المألوفة، كأنّ الشاعر يتخذ من هذا التآخي زمرة الفردي (الحالة الفردية) مع معرفة غير متناهية، وذلك لأنّ النصّ الشعري يعتمد اللامحدود عند الخلق.
فيروسات تتزحلقُ على درابزين الشّعر + لو شئتَ + اسرعْ + اختبئ في قبوكَ + وإلا + لامحالةَ + ستصابُ + كشبحٍ أبيض + بعدوى + الحياة !
النصّ لدى الشاعرة السورية رماح بوبو عبارة عن صورة شعرية منظورة، وهي ذات علاقة بين الذات الحقيقية والمعنى، المعنى الذي يتحوّل إلى موضوع، فتصبح المعادلة:
كلّ موضوع = معنى واحد، والمعنى على علاقة مع الذات الحقيقية. فنقول:
العلاقة المطلقة = الذات + الموضوع / العالم... باعتبار أنّ العالم هو أحد عوالم المعاني التي انتمت إليها الذات الحقيقية؛ ومن هنا، فقد استطاعت الشاعرة رماح أن تجني الحياة (الحركة طبعاً) من خلال الهروب إليها، والمرء لاوسيلة لديه سوى الهروب ثانية إلى بيت الحياة.
أعرف شاعراً لم يزلْ
يفتُّ الغزَل بالحليب
يشدو وهو
يجدل كلّ صباحٍ
ضفائر البلاد المصابة بالتوحّد
يرسمُ شجيرةً على زجاج الـ " بيك آب " المغبرَ
ويدعو أن
تراها العصافير التي ارتحلت...
من قصيدة: شجيرتي في غبارٍ أحمر – خشخشات تنقر النافذة – ص 23
من الممكن جداً أن يكتب الشاعر بما فكّرت به بفترة آنية، وتنسب فعل القول إلى شاعر أو شخص آخر، وهي الإحالة التي يرغب أن يُدخلها من بوّابة الفعل التأثيري، فالمفاهيم والقصدية والترادف والتصوّرات (الاعتقاد) والتحقق والتواصل؛ كلّها مقاربات وبنى حتمية ترافق النصّ، فالمعاني التي تشكّلها هذه الاتجاهات، هي معاني دلالية يرافقها فعل الحركة بفروعه المتعدّدة، مثلاً؛ الانتقالية، والتموضعية، والمقامية، والرأسية.. الخ فالممكن من الأفعال يصبح ضمن اللامحدود، أي أنّ المحدود يفتح ذراعيه لكي تنطلق تلك الأفعال بمعانيها ودلالاتها الزمنية والفعلية.
أعرف شاعراً لم يزلْ + يفتُّ الغزَل بالحليب + يشدو وهو + يجدل كلّ صباحٍ + ضفائر البلاد المصابة بالتوحّد + يرسمُ شجيرةً على زجاج الـ " بيك آب " المغبرَ + ويدعو أن + تراها العصافير التي ارتحلت...
من خلال التماسك النصّي، هناك السمة النصّية والتي تستمد علاقتها من التماسك النصّي، ولكي نترجم هذه السمة النصّية وما طرقته الشاعرة السورية رماح بوبو، نرى أنّها أوجدت عنصر التشبيه من خلال هذا التماسك، وعنصر التشبيه لايخرج من كونها شاعرة، لذلك أحالت المعنى لشاعر آخر (لم تتطرق إلى سمة أخرى مثلا؛ لم تقل أعرف طبيباً، أو معلماً) بل مازالت في المدار الشعري، فهي:
أعرف شاعراً لم يزلْ + يفتُّ الغزَل بالحليب... ومن خلال معرفتها بهذا الشاعر، فقد كان سمة دلالية، وهي التي منحته اللقب من خلال المسمّى الدلالي للأسماء؛ ومن هنا، يكون التفسير الإجرائي، بعلاقة الجملة الجزئية مع علاقة الأجزاء الأخرى لكي يكون للمعنى سمته الدلالية أوّلا، وتماسكه التكميلي ثانياً.
المنظور التكويني للنسق الدال
من أهم الأنساق الدالة في النصّ هما النسقين اللغوي والدلالي، حيث تتشكّل العلاقة بينهما في مكوّنات النصّ وخلقه من جديد، باعتبار أن النصّ المكتوب كان مقروءاً في المساحة الذهنية قبل أن يكون نصّاً تجريبياً والاعتماد على تدقيقه وسمات انتمائه للنوع قبل كلّ شيء.
يعتبر النصّ المقروء من الأنساق الدالة المغلقة، فهو مخصّص للذهنية قبل الكتابة، ومخصّص للتفكّر الحتمي قبيل الظهور؛ لذلك يكون النصّ ضمن نسقه الدال ذا استقلالية أوّلا، وهو مغلق يشتغل لذاته عند استقلالية اللغة الشعرية التي ترافقه وتظهره للكتابة، فإذا كان الدال (كنسق دال) مادياً، فإنّه يتعامل مع المنظور المادي، فتكون الأشياء المادية أمامه، وأمّا المدلول فسوف يشكّل العنصر اللامادي أمامه، وأن القسم المفهوم للدليل هو قسم (المعنى) لذلك يكون التشكيل الدلالي من السمات الدلالية.
رجلٌ
كلّما آوته برتقالةٌ
صار حطباً
*
امرأةٌ
كلّما ناولوها دمعة
صارت ذئبةٌ وكسرت النوافذ
*
صديقٌ
كلّما لوّحت له بأغنية
انكسرت بنا رقبة الطريق !
وحبيبان
لم يصدّقا رنين ضحكتهما
فانتحرا قبل
هبوب الرصاصة!
من قصيدة : مخالب زنبقة – خشخشات تنقر النافذة – ص 43
يتناول النسق حياة النصّ، والعلاقات التي انسجمت بين أدواته، مثلاً : النسق اللغوي من أهم العناصر الدالة في حياة النصّ، حيث أنّ النصّ الشعري فيعمل على إيجاد المعاني والتأويلات ويساعد على انسجامها، وهو المساعد للبث (الباث) المرسِل الذي بواسطته يكون القول والقول المتقدم، باعتبار أنّ النصّ الشعري يعتمد القول كرسالة موجهة، ومن الضروري لهذه الرسالة هناك المرسِل (الباث) الذي أكدنا على تواجده في كتاباتنا المتعدّدة.
رجلٌ = كلّما آوته برتقالةٌ + صار حطباً
امرأةٌ = كلّما ناولوها دمعة + صارت ذئبةٌ وكسرت النوافذ
صديقٌ = كلّما لوّحت له بأغنية + انكسرت بنا رقبة الطريق ! + وحبيبان + لم يصدّقا رنين ضحكتهما + فانتحرا قبل + هبوب الرصاصة!
المكتوب أمامنا ليست تعاريف منطلقة انطلقت منها الشاعرة رماح بوبو، بقدر ماهي مقاطع تراوحت بين الطول والقصر، ومكثت بين شطورها الصور الشعرية، فكلّ مقطع يصوّر للمتلقي حالة، فلحالة الرجل الذي رسمته دون الـ " التعريف " خصوصيته عامة وليس منسوباً لأحد، وكذلك المرأة والصديق. هذه الاستعارات التي اشتغلت عليها الشاعرة نلاحظ أنّ هناك الدليل = الدال + المدلول، وهذا ماجاء به " دي سوسير) وتصوّره للعلامة.
تعتمد الشاعرة عادة في تركيب نصوصها على الشيفرات، وهي تنطلق من البنية الدليلية التركيبية والتي تكون فيها الرمزية العامل المنظور في تركيب النصّ من جهة، والانزياح اللغوي الذي يعطي للنصّ نكهة وأسلوباً خاصاً من جهة أخرى؛ فالرجل = يقابله البرتقالة، وهو يحترق، بينما خصّصت المرأة بالدمعة وذلك لعاطفتها الانسيابية، ولا تستبعدها عن الشراسة والتي مثلتها كشراسة الذئب.
إنّ الدائرة التي جمعت هذه الخصوصيات وكّلتها الشاعرة للصديق، هكذا كانت نظرة الشاعرة رماح بوبو وهي تقودنا عبر علاقات تربط محاورها الدلالات، ويخضع النصّ لنظام داخلي.
الموت ليس موجعاً أبداً
هو نهايةٌ جميلةٌ
ابتسامة مجفّفة وكفى!
مايوجع
ألا تحبّ ابنتي فساتينها الزرق
ولا توسّد ورد – الله.. الله ! في كتابها
مايوجع أن يفقد الشعراءُ أسنانهم الأمامية
أن تصير الشاعرات أكثر سمنة
فيتخففن من حرف الـ " وااو ! "
أين ستلتحف الدهشة حينها؟
وكم ستعجّ البلاد بـ (طنابر)
الهراء المهرّب؟!
من قصيدة: ابتسامة مجفّفة - خشخشات تنقر النافذة – ص 47
إنّ النشاط النصّي يبدأ من أوّل وحدة لغوية مختلفة، ومن هنا، يكون للنصّ الشعري مطالع متتالية بحكم العلاقات التي بين عناصر النصّ من جهة، وبين الجمل الشعرية من جهة أخرى، ويكون للعلاقات، علاقات نصّية حيث أنّها تشكّل البؤرة الرئيسية لحركة النصّ، ويكون لحركة الأفعال (التي تشكل جزءاً من المستويات النحوية) خصوبة دلالية؛ تتشابك فيما بينها من خلال جدلية العلاقات المتواجدة، للحصول على حركة دلالية ناضجة تؤدي غرضها في التفاعل النصّي.
الموت ليس موجعاً أبداً + هو نهايةٌ جميلةٌ + ابتسامة مجفّفة وكفى! + مايوجع + ألا تحبّ ابنتي فساتينها الزرق + ولا توسّد ورد – الله.. الله ! في كتابها + مايوجع أن يفقد الشعراءُ أسنانهم الأمامية + أن تصير الشاعرات أكثر سمنة + فيتخففن من حرف الـ " وااو ! " + أين ستلتحف الدهشة حينها؟ + وكم ستعجّ البلاد بـ (طنابر) + الهراء المهرّب؟!
إن التدقيق في بنية الجملة من خلال مفهومها وتأويلها، يقودنا إلى أنّ الشاعرة رماح بوبو نشّطت مبدأ الأمل والتأمّل؛ فقد تواصلت مع الأوجاع تحت مسمّيات عديدة، ومنها ذكرت الموت، (الموت ليس موجعاً أبداً) وهي الوحدة اللغوية التي كانت مطلعاً للنصّ، إذن النسق الدال الذي ميّز مفهوم النصّ للالتقاء مع المعنى هي الصورة العقلية التي أطلقتها الشاعرة وقد كانت ضمن تعدّدية مفردة (الوجع) كمعنى متواصل مع الجمل الشعرية، فالوجع من المفاهيم غير المادية، ولكنّه من الأشياء، ومن هنا، كتبت الشاعرة قلقها عبر شيفرة الألم، الذي جعلته أحد مفاتيح المعنى في المفهوم النصّي.
وظيفة التعلّق النصّي
تعتبر وظيفة التعلق النصّي من الوظائف المهمة بعد وظيفتي اللغوية والدلالية، حيث تشكّل وظيفة التعلق، التعلق الدلالي أيضاً، وذلك لأنّ المعاني تختفي خلف الدلالات، وبما أن النصّ يبحث عن معنى وذلك من خلال التأويل، وخصوصاً عندما تكون المساحة المهيئة، مساحة رمزية.
يكون الأثر النصّي، هو أثر المقروء عندما يكون الشاعر في الحالة الكتابية، لذلك وجلّ ما يكون للنصّ ليس الأثر الباقي، بقدر ما يكون الأثر على المأثور، فالخلق النصّي هو الأثر المستجدّ، هو الخامة العليا التي تنهض من خلال نوعين من الدلالة؛ وهي الدلالة العقلية، والدلالة الطبيعية، فالأولى ابتكارية تعتمد الأثر التجميلي، أي أن يكون لفلسفة الجمال أثرها في النصّ، والثانية طبيعية، إما أن تكون محسوسة أو خارج المحسوس، وفي الحالتين يكون الأثر البصري وسقوطه الشاقولي على جمالية الحدث، له الميزة في التقارب الفنّي من جهة، وتوظيف الرابط الذهني بالمنظور الواقعي من جهة أخرى.
الموت ليس موجعاً أبداً
هوَ نهايةٌ جميلةٌ
ابتسامة مجفّفة وكفى!
مايوجعُ
أن يستقيلَ المساءُ من عمله
كنادلٍ للشهوةِ
وأن تقصر قامته
هكذا فجأة !
مايوجعُ
أن يفقد الشعراءُ أسنانهم الأمامية
أن تصير الشاعرات أكثر سمنة
فيتخففنَ من حرف الـ " وااو ! "
أين ستلتحفُ الدهشة حينها؟
وكم ستعجّ البلاد بـ (طنابر)
الهراء المهرّب ؟!
من قصيدة: ابتسامةٌ مجفّفة – ص 47 - خشخشات تنقر النافذة
إنّ الربط العلائقي الذي يوحي للشاعر، هو كيفية إيجاد المعنى، وبما أنّ المعنى من المتعلقات النصّية، فسيكون موضوعاً متحوّلاً يندمج مع الذات الحقيقية. إذن نحصل على دال بموضوع معيّن؛ فيكون الدال على المعنى التعييني في النصّ المنظور؛ والمطابقة التي تقودنا، مطابقة النصّ كخلق إيجابي على موضوع دال على معنى في وضعية حقيقية يستعيرها الشاعر من المنظور الواقعي.
الموت ليس موجعاً أبداً + هوَ نهايةٌ جميلةٌ + ابتسامة مجفّفة وكفى!
مايوجعُ + أن يستقيلَ المساءُ من عمله + كنادلٍ للشهوةِ + وأن تقصر قامته + هكذا فجأة !
مايوجعُ + أن يفقد الشعراءُ أسنانهم الأمامية + أن تصير الشاعرات أكثر سمنة + فيتخففنَ من حرف الـ " وااو ! " + أين ستلتحفُ الدهشة حينها؟ + وكم ستعجّ البلاد بـ (طنابر) + الهراء المهرّب ؟!
يعتبر نظام التخييل كواقعة تعلّقية دائمة؛ صاهر للكائنات الأخرى المرئية منها واللامرئية، لذلك فالشاعر هو المتمثل الحسّي الملموس في النظام النصّي، ومن هنا، قد تتمّ بعض التغييرات أو تتمّ بعض التنقلات من أنساق ابستيمية منتجة إلى مفاهيم صيرورة ترافق النصّ المكتوب؛ وهكذا يكون للشاعر الآلة المحرّكة لجميع أدوات النصّ، حيث أنّ العلاقات تتبلور بمنظور واحد.
مهما كانت الاتجاهات القصدية التي رافقت الشاعرة رماح بوبو، فهي تتعلق بتبلور واحد، مثلا لسان حال تفكرية مع مفردة الموت؛ لو سألنا لماذا الموت ؟ لا تعتبر الإجابة عن هذا السؤال مفهوما أبدياً للموت، فمسالك الموت عديدة، ولكن بالنهاية لايحمل غير مسمّى واحد وهو نهاية الحياة، وهكذا أرادت أن تعلن عن الأموات في بيئتها السورية.
لقد وظفت الشاعرة بعض المفردات المرافقة لمفردة الموت، ومنها مفردة الوجع، إذن الموت ليس موجعاً، ولكن طريقة الموت موجعة، فالأنين يئنّ من خلال الهروب من الذات والأوجاع التي تلاحق الجميع.
وظيفة التعلق الذاتي
إنّ التعلق الذاتي، يعني كلّ ما تعلّق بالذات بين الماضي والآني والمستقبل، وخصوصاً عندما تكون الأحلام قد طرقت باب الذات الحقيقية التي تعمل على إيجاد علاقات آنية، علاقات بين العناصر التخييلية والمنظور النصّي، حيث تواجد الصور الشعرية والتصوّرات ويكون للذات الشاعرة مهام الخلق الذاتي ومهام الخلق النصّي، ففي الأولى لاتنتمي الذات إلى ذاتها بقدر ماتجذب ذوات الآخرين وتعلن القول من خلال القول الذاتي وكأنّنا نستقبل الذات التي تواجهنا بينما هي تنوب من خلال الممارسة عن الذوات الأخرى؛ أمّا الثانية (مهام الخلق النصّي)، نستطيع أن نقول أنّ الأولى هي تهيئة ذاتية تصل إلى حدّ الغليان، ومن هنا، لاتستقرّ الذات المغلقة في منطقة واحدة، فهي متنقلة بين العناصر النصّية وبين العناصر الذاتية. ومن أولى المتعلقات في مهام الخلق النصّي، البنى الدلالية التي تشكّل حالتي الاستقطابين الداخلي والخارجي؛ ولكن الذي يدفع المتعلقات الدلالية في الذات هو فعل الإثارة، حيث يكون للتأثيرية عدة مناطق ومنها الأشياء things والأماكن places والوقائع facts.
وقال: من قاتلكم ؟
/ وكنت أحمل جسدي على كفّي كقميص
مطويّ على عجل
وكانت أسناني تصطكّ ويرميني الضباب
بدنانير من صقيع /
قلت: أحلامي
فما التفتَ !..
وقال: من قاتلكم ؟
/ وكان الشوك ينمو ليغطي كرة رأسي المرميّة أمامه
ومن جراحي تنمو نواقيس كثيرة ! /
قلت: إيماني
فما التفتَ !
وقال : من قتلكم ؟
من قصيدة : في حضرته - ص 55 - خشخشات تنقر النافذة
عندما يتمّ تحديد اتجاهات النص الشعري، هذا يعني فإنّ البث عبر القناة قد قام بتحديد الرسالة والمعنى الذي تحمله، ومن هنا، يتمتّع النصّ ويتوسّع أكثر وذلك لأنّ المعاني قد انحصرت بدلالات معيّـنة، حسب رأي النحاة، وأهمّ تلك الدلالات هي الدلالة اللغوية والتي يكون للدال حركته اللفظية ويكون للمدلول مساحة واسعة من المعاني وذلك بانتقال المتعلقات الذاتية من التذكر إلى التفكّر، ونحصل على معاني تلتقي بالمنظور الفلسفي ولغته التي تشغل العالم، من ناحية النتائج أو من ناحية الممارسة العملية على الواقع النصّي.
وقال: من قاتلكم ؟..... / وكنت أحمل جسدي على كفّي كقميص + مطويّ على عجل + وكانت أسناني تصطكّ ويرميني الضباب + بدنانير من صقيع / + قلت: أحلامي
فما التفتَ !.. ..... وقال: من قاتلكم ؟
/ وكان الشوك ينمو ليغطي كرة رأسي المرميّة أمامه + ومن جراحي تنمو نواقيس كثيرة ! /
قلت: إيماني + فما التفتَ ! ... وقال : من قتلكم ؟
عندما تطرّقت لموضوعي الخلق الذاتي والخلق النصّي؛ سنكون الآن مع الفعل الآني لكي ندمج الخلقين بخلق واحد، فقد حملت الشاعرة رماح بوبو في ذهنيتها المختفية، حملت موضوع القتل والقاتل، وفي الوقت نفسه نبحث عن الاستدلال في المنظور النصّي، فالإيحاءات التي اعتمدتها الشاعرة رماح بوبو كانت ضمن مفهوم البناء الدلالي، لذلك تأتي قوّة المعاني من قوّة الدلالة النصّية.
في المجال الدلالي الأوّل الذي انشغل بالشخص الآخر الغائب، نلاحظ أن التفكّر الذي اعتمدته الشاعرة، تفكر القتل مع بيانات حِجاجية اعتمدتها في الجمل الشعرية:
وقال: من قاتلكم ؟ = قلت أحلامي
القتال الدائر بين الشخص السائل الغائب، قتال المفاهيم التي طرحتها الشاعرة في المفهوم النصّي؛ لذلك فعملية الاستدلال المعتمد هي الحصول على مفاهيم جديدة:
نلاحظ المصاحبة اللغوية لدلالة القتل قد جاءت الكلمات ملائمة في الجمل الشعرية، وبعض هذه المفردات قد أعطت معاني ومفاهيم مختلفة من خلال عملية التركيب اللغوي.
مجيء كلمات دالة على الهروب من الواقع، وقد نشب القلق والخوف وذلك من خلال التعابير التي رسمتها الشاعرة رماح بوبو.
كأن تحصر الشاعرة رماح بعض الجمل بين خطين، أو لنقل بين قوسين لايلتقيان إلا بمشيئة اللغة، لذلك فقد استعملت الشاعرة السورية رماح بعض الدلالات العامة، وبعض الدلالات المعرفية، ففي الأولى نجد نقل الحدث الشعري والبحث عن عنوان بما كتبه الروائي.
اعتمدت الشاعرة على لغة استدلالية بين السؤال والشرح، وبين اللاشرح والأسئلة المطروحة ضمن النصّ المنظور.
***
كتابة: علاء حمد