قضايا
شيماء هماوندي: تفعيل العلاج الفلسفي في المجتمع المعاصر
إن الإسلوب الكلاسيكي التقليدي، المعقد، الذي يتم من خلاله عرض الأفكار الفلسفية، أصبح يُشكل عائقاً أمام تفعيل العلاج الفلسفي لمشكلات الإنسان الفكرية، وقضاياه وأزماته الوجودية، لأن الباحث في الفلسفة حين يريد ان يُقدم حلولاً فلسفية واقعية لمعالجة أزمات الإنسان والمجتمع، فإن كل ذلك قد يصطدم بالموروث الفلسفي الكلاسيكي التقليدي بوصفه إرثاً فلسفياً غير قابل للتعديل، والذي يرفض مؤيدوه أي فكرة جديدة أو محاولة للإصلاح، ويقللوا من أهميتها، وفاعليتها، وقدرتها على التاثير، بل وأحياناً يهاجموها، ويعتبروها دخيلة على الفكر الفلسفي الأصيل، وتؤثر على تسامي الأفكار الفلسفية وعلوها، ولكن ذلك يضعنا امام سؤال فلسفي جوهري حول أهمية و جدوى الفلسفة إن لم تستطع معالجة مشكلات الإنسان، وتغيير واقعه للأفضل، وماهي الجدوى من الحفاظ عليها وتناقلها وإجترارها عبر الأجيال إن لم تعالج مشكلاته بشكل عملي وحقيقي، إن الفكر الفلسفي يجب أن يخدم واقع الإنسان الإجتماعي، والأخلاقي، والصحي، والمهني، ويعمل على النهوض به، وإذا كانت الفلسفة تريد حقاً أن تغير جلدها، وتتخلص من الأفكار العقيمة والغير مفيدة للمجتمع، فيجب عليها تجديد وتطوير أفكارها، وإعطاء الإهتمام والأولوية للجانب العملي منها، والعمل على تعديل الأفكار والنظريات الفلسفية القديمة وتطويرها، لتناسب واقع الإنسان والمجتمع المعاصر، وتزوده بحلول فلسفية عملية، واقعية، واخلاقية، تساعده على التخلص من مشكلاته على نحو عملي، وليس فقط نظري، ويجب أن لايقتصر دور الفلسفة على تحليل المشكلات، بل يجب ان يتم تفعيل دور الفلسفة في تشخيص المشكلات، ومعرفة أسبابها، ومن ثم علاجها، لأن الفلسفة إذا لم تفعل ذلك، فإنها تناقض نفسها قبل كل شيء، حيث إن الفكر الفلسفي في الأساس هو دعوة للشك والتحقق، ولفحص الأفكار، والعمل بشكل فعلي على مكافحة الأفكار السلبية، ودعم ونشر الأفكار الإيجابية، وإن محاولات الهجوم على تاهيل الفلسفة وتفعيلها هو في الأساس ضد حقيقة الفلسفة، بإعتبارها بحث عن الحقيقة، ودعوة الى العلم بوصفه فضيلة أخلاقية، ونهوض بقيمة الإنسان وطريق لسعادته.
***
شيماء هماوندي






