قضايا
قاسم حسين صالح: مع الدين.. ضد الدين (7): الإمام جعفر الصادق
يعد الإمام جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (80 – 148 هجرية).. من كبار علماء المدينة المنورة. وكانت حلقته الفقهية في المدينة المنورة تجتذب علماء المسلمين من كافة المذاهب، ودرس فيها الإمام أبو حنيفة النعمان، والإمام مالك بن أنس. واسهمت المناظرات فيها بتأسيس المذاهب الإسلامية التي نعرفها اليوم، حيث اتسمت بالمناقشة العلمية ومقارعة الحجة بالحجة. وتميزت حلقات الدرس في تلك الفترة بأنها كانت تشهد نشاطات في علوم الدنيا ايضا، دليل ذلك ان العالم الكيميائي الكبير.. جابر بن حيان كان من العلماء العظام الذين التحقوا بمجلس جعفر الصادق.
وللإمام جعفر الصادق مكانة عالية بين ائمة أهل السنّة، وتجد الاعتراف بإمامته في كتب الفقهاء والمؤرخين، فقد وصفه الذهبي في السير بأنه شيخ المدينة، ونقل عن أبي حنيفة أنه قال فيه: ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد.
ويحسب للأمام الصادق انه عاش في مرحلة سياسية حرجة شهدت سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية.. واستطاع ان يحافظ على مسافة كافية تفصله عن الحاكم رغم سعي الحكام في العهدين الأموي والعباسي الى التقرّب منه لكنه ظل بعيدا عنهم خوفا على ان يستغلوا الدين في خدمة سلطانهم.. وبها استطاع ان يضفي على شخصية الفقيه الهيبة والوقار والفاعلية؛ ليصبح باعتراف كبار المؤرخين رجل الدين القوي الحجة وأنموذج لسلطة الفقهاء على مَرّ التاريخ.
***
د. قاسم حسين صالح