قضايا

غريب دوحي: الجانب الأسطوري في قصص أنبياء وملوك الشرق

انتشرت قصص ميلاد الأنبياء والملوك والزعماء في شرق الأرض وغربها وهي تحمل جوانب عديدة منها الجوانب الحقيقية التي تعكس كون هؤلاء هم بشر يولدون ويموتون مثل بقية البشر وجانب اسطوري اضفى عليهم هاله من التقديس وجعل منهم شخصيات (كارزمية) تستحق التقديس والعبادة لان لهم صفات خارقة فهم يختلفون عن بقية البشر وقد نجح كتاب سير (بوذا)و(زرادشيت)و(كورش)و(هرقل)و(شمشون) في ابراز مميزات هذه الشخصيات وجعلوا منهم اساطير تتغنى بها شعوبهم عبر الاف من السنين الى يومنا هذا

قصة خلق ادم

عندما أراد الله ان يخلق ادم قال (وإذ قال ربك للملائكة اني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم اجمعون الا ابليس ابى ان يكون من الساجدين) الحجر (28-41)

وجاء في تفسير الطبري (ان الله عندما أراد ان يخلق ادم بعث جبريل ثم ميخائيل ثم بعث ملك الموت فاخذ من وجه الأرض وخلط ولم يأخذ من مكان واحد واخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء فلذالك خرج بني ادم مختلفين

قصة ميلاد سرجون الاكدي

اعترف سرجون الاكدي (2361-2279) قبل الميلاد وهو مؤسس الإمبراطورية الاكدية قائلا (انا سرجون الاكدي الملك القوي ملك اكد كانت امي من عذارى ملك المعبد لم اعرف ابي حبلت بي امي وولدتني سرا ووضعتني في سلة وسدت فتحتاها وتركتني للتيار حيث لم اغرق وحملني التيار الى (اكي) وانتشلني (اكي) الطيب القلب من المياه ورباني وكانني ابنه وصرت بستانيا مال قلب (عشتار) الي فاصبحت ملكا وحكمت طوال 45 عاما)

فرويد موسى والتوحيد

ويقارن العالم فرويد بين اسطورة ميلاد سرجون الاكدي وبين قصة النبي موسى فيرى ان هنالك تشابها واضحا مع بعض الاختلافات فموسى القي به في نهر النيل وسرجون في نهر الفرات ووضع كلاهما في سلة احكمت فتحاتها وتربى سرجون الاكدي في بيت بستاني بينما تربى موسى في بيت ملكي واصبح سرجون ملكا بينما اصبح موسى نبيا

اسطورة ميلاد زرادشيت

تروي الاساطير الفارسية قصة ميلاد زراد شيت (573-660) قبل الميلاد بالشكل التالي ان روح القدس قد حلت في جسر ام زرادشيت التي قدر لها ان تكون اما لهذا النبي فخاف عليها ابوها من السحرة فارسلها الى قرية بعيدة وهنالك تزوجت من راع يعود نسبه الى اسرة عريقة وبينما كان هذا الراعي يرعى مواشيه ظهر له شبحان نوريان وقدما اليه غصنا من نبات (الهوما) المقدس وامرأه بان يعطي هذا الغصن الى زوجته لان هذا الغصن يحمل كيان الطفل النوراني فاخذه الى زوجته ومزجه باللبن فشرب هو وزوجته فصار نطفة ثم مضغة في رحم امه وهكذا حملت بزرادشت ثم وضعته ولما ولد أحاط بالدار الذي يسكن فيه نور وهاج ثم هبط من السماء نجم عظيم وقد فرحت الأرض والسماء ولكن عالم الشياطين قد اصابهم الخوف وكان ملك الفرس يومن بالسحر وقد اخبره المنجمون ان نبيا سيظهر يتم على يده ابطال السحر فطلب احضار الطفل زرادشيت وامر بالقاءه في النار ولكنه لم يمت وانما نام وسط الرماد حتى جاءت امه واخذته وهكذا كبر هذا الوليد واصبح نبيا من انبياء فارس

اسطورة ميلاد بوذا

في اقصى شمال الهند ولد بوذا (480-560) قبل الميلاد تقول الأسطورة الهندية ان بوذا هو ابن الله وهو المخلص للبشرية من الامها وان ولادته كانت عبر طريق حلول الروح القدس على العذراء (مايا) وعند ولادته ظهر نجم كبير في السماء وان الملائكة قد فرحت ورتلت الأناشيد وانه تكلم الى امه في اليوم الذي ولد فيه كما رافق ولادته معجزات مثل استعادة العميان نظرهم والبكم سمعهم وتحرر السجناء من سجونهم ومشى الاعرج وصدحت الموسيقى السماوية وفرحت الملائكة وشفي المرضى من مرضهم وخمدت النيران في كل جحيم وصهلت الخيول وطبلت الفيلة وعزفت الآلات الموسيقية بدون عازف انغاما سماوية واصبح ماء المحيطات عذبا

وتستطرد الأسطورة في وصفها فتقول ان بوذا الطفل وجه انظاره الى الشرق واستعرض الكون كله ثم خطا سبع خطوات واعلن عن نفسه في صوت نبيل (انه اله الخلق) وتذكر لنا الكتب البوذية المقدسة علما بانه في نفس الذي ولد فيه بوذا جاءت الى الوجود شجرة التين التي كان عليها ان تقوم بدور هام جدا في حياة بوذا

ويعتقد البوذيون ان بوذا عندما مات صعد بجسده الى السماء بعد ان اكمل مهماته على الأرض.

***

غريب دوحي

 

في المثقف اليوم