قضايا

نزار حنا الديراني: الثقافة كما يفهمها علماء الانثروبولوجيا

وكما تستعملها الاوساط الاخرى

قبل الخوض في تعريف الثقافة culture نقول: ان معظم المحاولات التي بذلت لتفسير النمط الثقافي العام بدأت بما يسمى بالوحدة النفسية لبني البشر[2]، أي ان جميع الشعوب المعاصرة تتشابه في الجوانب الاساسية من تركيبها وتجهيزها النفسيين فضلا عن وجود اوجه شبه كثيرة بين ثقافاتها كامتلاك كل ثقافة لغة ومراسيم الجنازات والزواج و...، وذلك بصرف النظر عن الفروق الجسمية والجغرافية القائمة بينها  .

وهناك عدة عوامل لعبت دورا مهما في تشابه هذه الثقافات منها انتقال الثقافات عن طريق الهجرة وكذلك عن طريق الاحتكاك والاقتباس.

اما الفروق الثقافية بينها فتعود[3] إلى ان الكائنات البشرية رغم التشابه الاساسي بينها، فإنها تستجيب للمنبهات او الظروف المختلفة بطرق متفاوتة. كما يجب ان لا ننسى ان جميع الثقافات تتشابه لان هناك مجموعة من الدوافع الفطرية المتماثلة والتي تحفز الناس في كل مكان على العمل وتوجه سلوكهم في خطوط متوازية.

ان فكرة الثقافة لدى علماء الانثروبولوجيا والاوساط العلمية الاخرى (كما الحال عند رجال الاعمال والاطباء والادباء والفلاسفة و...) تحمل في طياتها فكرة التدخل الانساني، أي اضافة شئ إلى حالة من الحالات الطبيعية او ادخال تعديل عليها.. وهناك عدة مدارس تناولت موضوع التغير الثقافي[4] منها:

1- المدرسة الانجليزية التي نادى مؤسسوها (اليوت، سمث، وبري) بمبدأ الانتشار الثقافي أي انتقال معالم الحضارة من مكان ما إلى بقية انحاء العالم.

2- المدرسة الالمانية النمساوية المسماة بالمدرسة الثقافية التاريخية التي تستند إلى فرضيات وضعها العالمان فرتز جرايبنر وزميله فوي وطورها من بعدهما الاب شمدت والتي لا تفترض وجود مصدر اصلي واحد للحضارات المختلفة انما يقترحون وجود سلسلة من الحلقات الثقافية.

وتشدد هاتان المدرستان على الصفة التاريخية للثقافة مما ادى إلى ولادة مدرسة ثالثة مناقضة للمدرستين، أي لا تلتزم وجهة النظر التاريخية بل تعني بظاهرة الاستقرار الثقافي فتتخذها اساسا لابحاثها.

في نقاش جرى بين علماء الانثروبولوجيا ومجموعة اخرى من علماء العلوم الاخرى[5] وقف احد الانثروبولوجيين وقال: (ايها السادة ان قدر الطبخ يمثل نتاجا ثقافيا يستوي في الاهمية مع اية قطعة موسيقية من تلحين بتهوفن او موزارت...)، ما قاله الانثروبولجي يذكرني بمقابلة أجرتها احدى المجلات العربية مع زوجة الرئيس اللبناني ألياس هراوي حين قالت: (المرأة اللبنانية تفضل دائما ان يدعو زوجها اصدقاءه إلى وليمة غداء أو عشاء في بيته بدلا من خارجه كي تظهر مهارتها من خلال المقبلات ووجبة الاكل.. اي بمعنى آخر المرأة اللبنانية تريد ان تكشف عن ثقافتها من خلال مهارتها في اعداد قدر الطبخ ومقبلاته.

الا ان احد رجال الاعمال المشاركين في الحوار قال: (اما انا فزوجتي تعتقد ان الشخص لا يكون مثقفا الا اذا استطاع التحدث عن اليوت وبيكاسو و...).

من هنا لا بد ان يتبادر إلى الذهن تساؤل هو: (هل ثمة فرق بين الحضارة Civilization (مجموعة ما ابدعه الفكر من منجزات مادية ومعنوية مثل العلوم والفنون والاداب والاثار) والثقافة Culture (التي هي مجموعة الافكار والعادات التي يتعلمها الناس وينقلونها من جيل لآخر) .

وللاجابة على سؤال كهذا لا بد لنا ان نفهم ما يعنيه علماء الانثروبولوجيا في مفهوم الحضارة.. فلو طلبت من عالم انثروبولوجي أن يعرف لك الحضارة لما تردد بالقول: (الحضارة هي ثقافة اهل المدن الذين اتجهوا دائما الى تطوير نمط معقد نسبيا من الحياة.. انهم نجحوا في تطوير لغة مكتوبة) الا ان علماء الاجتماع Sociology يميزون بين الحضارة بوصفها المجموع الاجمالي للوسائل البشرية وبين الثقافة باعتبارها المجموع الاجمالي للغايات البشرية..

وأثناء الحوار تساءل أحد الاقتصاديين الذي حضر الندوة بالقول هل يريدون علماء الانثروبولوجيا من خلال كتاباتهم أن يقولوا لنا (الثقافة والمجتمع مصطلحان مرادفتان؟ )

الا ان الحقيقة ليست كذلك لان علماء الانثروبولوجيا يعرفون المجتمع بانه (جماعة من الناس تعلم اعضاءها ان يعملوا معا) اما مصطلح الثقافة فيدل (على النمط المميز للحياة التي تعيشها هذه الجماعة) .

الا ان تعريفاً كهذا غير مقبول لدى الفلاسفة، لانهم يفهمون الثقافة (بانها ضرب من التجريد) اما المجتمع فلا يدل على مفهوم مجرد، أي بمعنى اخر بامكانك رؤية الافراد الذين يتألف منهم المجتمع ولكنك لا تستطيع ان ترى الثقافة او تلمسها.. وبالحقيقة مفهوم كهذا مقبول إلى حد ما، الا ان علماء الانثروبولوجيا يردون على ذلك بقولهم (صحيح انك ترى الكائنات البشرية التي يتألف منها المجتمع الا انك لا تستطيع رؤية الثقافة مثلما لا تستطيع رؤية الجاذبية والتطور. ومثلما لا تستطيع التخلي عن الجاذبية والتطور لا تستطيع التخلي عن الثقافة ايضا، ولكنك وبنفس الوقت ترى الأشياء التي صنعها اعضاء المجتمع وبامكانك ملاحظة التغيرات التي ادخلوها على بيئتهم الطبيعية، تلك التغيرات الناتجة عن التجديدات التي تتسرب إلى الثقافة من الداخل (على شكل اختراعات او اكتشافات) او من الخارج (عملية اقتباس).

وكلا الحالتين تعتمدان على ما اذا كان المجتمع يتقبل العنصر الجديد او يرفضه. أي بمعنى آخر ان الثقافة ليست ضرباً من التجريد كما يفهمها الفلاسفة. ان عالم الانثروبولوجيا ينظر إلى الثقافة والمجتمع كما لو كانا موادَ خام، يحاول العالم الانثروبولوجي القاء الضوء على الاشياء التي يشاهدها فعلا ويهمل الجوانب التي لا تستأثر باهتمامه، أي انه يصور كل من المجتمع والثقافة كما يتوصل اليه.

ان كان العالم الانثروبولوجي يفهم الثقافة:

(كونها تدل على النمط المميز للحياة التي تعيشها الجماعة وتشترك فيها وتنقلها من جيل لآخر)

فإن علماء النفس يفهمون الثقافة بانها:

(مجموعة من العادات الاجتماعية).

لذا علينا الآن ان نتساءل مع علماء النفس psychology ماذا يعني مصطلح العادة؟

العادة في نظر علماء النفس عملية انتقال الثقافة، من الاب إلى الابن، ومن مجتمع لآخر، وقد تضاف اليها عادات جديدة موازية للقديمة، وعادات مقتبسة موازية للاصلية، وان هذه العادات تتصارع وتتنافس حتى تنتصر العادات الاصلح فيكتب لها البقاء..

وبناءَ على هذه النظرية[6] هناك عملية انتقائية تلعب دورها في الثقافات وهي مماثلة لعملية الانتقاء الطبيعي على الصعيد البيولوجي، كما انها مسؤولة عن نشوء حالات التكيف واستمرارها في الثقافات.

الا ان عملية الانتقال في نظر علماء النفس مرتبطة كليا بمفهوم التعليم والتعلم وذلك لان الثقافة ليست غريزية، وانما هي امر لا يكتسب الا بالتعلم[7]. وعلى هذا الاساس يعلل العالم الانثروبولوجي سبب اختلاف الثقافة من مجتمع لآخر استنادا إلى:

1- المواد الثقافية التي تعلم   2- الاوساط التي تعلمها  3- الفترات التي تجري فيها تعلم مهارات معينة

الا ان موضوع التعليم في نظر العالم الانثروبولوجي لا يقتصر على التدريس الواعي او على المفهوم الدارج لهذا المصطلح، فالافراد يتعلمون جانبا كبيرا من ثقافتهم من الايماءات والحركات التعبيرية، ففي التربية تنشأ دوافع مكتسبة لدعم عملية التعليم، والشعور بالاعتزاز والرغبة في تحقيق الشخصية والظفر باحترام المجتمع، اما الاطفال فانهم يتلقون عن طريق التربية تدريبا اجتماعيا ويكتسبون مهارات جديدة وبذلك تزداد قدرتهم على التجاوب والتعاون. اذن الثقافة هي مجموعة من الاساليب التي يكتسبها الفرد بوصفه عضوا في المجتمع، والتي تساعده على التكيف على البيئة الخارجية وعلى العمل مع زملائه.

الا ان علماء الامراض العقلية يميلون في تعريفهم للثقافة إلى القول: (ان الثقافة هي وسيلة لكبت طبيعة الانسان الفطرية او عاملا يؤدي إلى اضطرابات عصبية بسبب ما يتطلب من متطلبات ومعاكسات خلال عملية تكييف الافراد على أنماط لا تتلائم في الاصل مع أمزجتهم الفطرية. تعريف كهذا دفع احد علماء الاقتصاد بالتساؤل. هل بامكاننا ان نعرف الثقافة بالوراثة الاجتماعية؟ فرد عليه أحد الانثروبولوجيين (من الحاضرين) نعم ان الكائنات البشرية تملك ارثا إجتماعيا مثلما تملك إرثا بيولوجيا، ان الانسان يكتسب ثقافته مثلما يكتسب جيناته دون ان يبذل أي جهد في التكيف عليها او في مقاومتها. لان الانسان كما وصفه دولارد مجرد ناقل سلبي للتقاليد الثقافية، الا ان سيمونس ينبهنا الى ان دور الانسان لا يقتصر على نقل الثقافة او توفير الوقود لها وانما خلقِها وممارستها. وخلاصة القول ان تعريف الوراثة الاجتماعية Social genetics يشدد على استقرار الثقافة وعلى اثر التقاليد الموروثة فيها.. الا ان تعريفا كهذا يكون ناقصا في نظر علماء الامراض العقلية، فمن وجهة نظر السيكلوجيا الفردية كل تعريف للثقافة يكون ناقصا ما لم يبين لنا ان للفرد دورا فعالا بالنسبة لثقافته، لان ما يلفت الانتباه في الكائن البشري هو انه يسعى إلى فهم نفسه وفهم سلوكه .

واستنادا إلى العوامل الاندفاعية المشتركة في السلوك لجميع بني البشر توصل مجموعة من العلماء إلى ان جميع الثقافات تتشابه لان هناك مجموعة من الدوافع الفطرية المتماثلة التي تحفز الناس في كل مكان على العمل وتوجه سلوكهم في خطوط متوازية. كما علينا ان لا ننسى ان الاجزاء الفعلية التي تتالف منها كل ثقافة هي العناصر السلوكية (الحركية والكلامية والضمنية) وان اية وحدة محددة من وحدات السلوك الاعتيادي يمكن ايجادها في مجتمع معين او في عدد من المجتمعات التي تربط بينها صلات تكفي لانتشار التبادل الثقافي بينها[8].

وخلاصة القول نقول ان الثقافة في نظر علماء الانثروبولوجيا تتمثل بمفهومين[9]:

اولا:المفهوم الايضاحي: نجد ان رواد هذه المدرسة يقصدون بالثقافة (عمليات انتقائية تاريخية المنشأ توجه ردود فعل الناس تجاه المنبهات الداخلية والخارجية) هذا التعريف جاء نتيجة للتخلص من عبارة (يكتسبها الانسان بوصفه عضوا في المجتمع) لان هذه العبارة توحي بان الثقافة لا تشير الا إلى ابعاد سلوك الافراد الناجم عن انتسابهم إلى عضوية مجتمع معين اما بالولادة واما نتيجة انضمامهم إلى المجتمع في وقت لاحق.. اذن موضوع الثقافة يفيدنا في تحليل اعمال الافراد (سواء درسناها على اساس جماعي او فردي. وفي توضيح التوزيع الجغرافي للاشغال اليدوية وفي القاء الضوء على التتابع التاريخي. وعلى هذا الاساس يمكن صياغة التعريف على الشكل الاتي[10]:

(نقصد بالثقافة منبهات تاريخية المنشأ للوضع الذي ينزع الافراد إلى اكتسابه بسبب انضمامهم إلى جماعات معينة او احتكاكهم بفئات معينة تجمعها انماط من الحياة تتصف في بعض نواحيها بخصائص مميزة...) الا ان هذا التعريف يقودنا إلى التساؤل لماذا الاشارة إلى المنبهات التاريخية؟ يجيب احد علماء الانثروبولوجيا من المشاركين في الحوار: (ان عملية الاكل عند الانسان مثلا هي ردة فعل او استجابة لدافع داخلي كالانقباضات المتصلة بالجوع، فضلا عن ثقافة ذلك المجتمع، هذا يعني ان عالم الانثروبولوجي يستعمل عبارة - رد الفعل- بدلا من المصطلح المباشر -الفعل- وذلك لان عبارة رد الفعل يقرب إلى فهمنا الشعور الذي يقترن بالتخطيط الانتقائي الذي نرسمه لحياتنا... وعلى ضوء ذلك يتساءل العالم البايولوجي (هل تعني ان الثقافة تتالف من الطرق المتبعة في مواجهة الاوضاع المتصلة برغبة الانسان في البقاء على قيد الحياة؟) فيجيب العالم الانثروبولوجي نعم من الممكن اعتبار الثقافة كما لو انها شئ يضاف إلى طاقات الانسان البيولوجية الفطرية فهي التي تعلمنا بان البشرية سوف لا تخسر ما يتعلمه الفرد بمجرد موته.. لذا نقول لا يقتصر دور الثقافة على التكيف او على الاسهام في مساعدة الانسان على البقاء على قيد الحياة والواقع انها تلعب احيانا دورا معاكسا تماما لهذا الدور. وعلى هذا الاساس يتوجب علينا ان نستعين بمفهوم الانسجام او الملائمة بالاضافة إلى مفهوم التكيف.هناك جوانب من الثقافة كانت فيما مضى تتصل اتصالا مباشرا بفكرة البقاء، هذا يعني واستنادا إلى علم النفس ان الكائنات البشرية تستطيع ان تتعلم بعضها من البعض الآخر، فلو افترضنا (استنادا إلى علم الاقتصاد) ان مجموعة من اليابانيين اقصوا من بلادهم إلى أمريكا وحل محلهم مستوطنون من الامريكيين البيض، فان الامريكيين قد يطورون بعد عدد من الاجيال مفاهيم اجتماعية متصلة بوضعهم الجديد، قد لا يكون من الصعب تمييزها عن مفاهيم الخاصة باليابانيين اليوم، لانهم سيكيفون انفسهم على الحياة الجديدة بأربعة دوافع قوىة حددها العالمان سمنر وكلمر وهما:

الجوع – الخوف – الحب - الغرور.

وكذا الحال مع اليابانيين المستوطنين في امريكا.

بعد كل هذا تأتي الفلسفة لتتسال: اين المحل الهندسي للثقافة، هل هو في المجتمع ام في الفرد؟ هل يمكن باي حال من الاحوال وصف الثقافة بانها سبب أي شئ؟

بالنسبة للسؤال الاول فيه مغالطة منطقية لان الثقافة ليست شكلاً ملموسا قابلاً للمشاهدة، بل هي وصف مجرد لمنازع الفئات البشرية نحو الاتساق في الكلام والافعال والاشغال اليدوية.. اما فيما يخص بالسؤال الثاني نقول ان مصطلح السبب يوحي بوجود قوة مندفعة في اتجاه واحد.. وهذا حسب رأي الانثروبولوجي غير صحيح. نعم ان الثقافة تنتقل من خلال الافراد والاشغال اليدوية، فعلى سبيل المثال لنفترض ان رجلا اصيب بمرض وبائي ناتج عن احد الفيروسات وانه دخل مدينة ما ونقل اليها المرض.. فاذا تسائلنا عن سبب الوباء الذي سينتشر هل هو الفرد ام الفيروس؟ ان كلا الجوابين صحيح لذا نستطيع ان نقول:

ان الافراد يمكن ان يصبحوا مضيفين لها، ومن الخطأ ان نقول بان الثقافة هي السبب، لان الثقافة ليست وراثة اجتماعية.. وليست ببكتريا تكتسب في جميع الحالات بالاحتكاك او الملامسة على نحو عرضي خارج عن وعي الافراد واراداتهم.. فعبارة الوراثة الاجتماعية قد تكون غير صحيحة لان الجينات تتخذ شكلا ثابتا لا تتغير منذ اكتسابها للمرة الاولى والاخيرة عند الميلاد بينما تعتبر البكتريا تبعا لناقليها.

ثانيا: المفهوم الوصفي: تسائل احد علماء الامراض العقلية المشاركين في الحوار قائلا:

(هل نستطيع القول بان الثقافة باعتبارها مفهوما تعني بوجه عام ما يجمع من تراث الابداع الانساني على مر الاجيال: الكتب واللوحات الفنية والمباني... الخ، ومعرفتنا بطرق التكيف على البيئة الطبيعية والاجتماعية واللغة والعادات واداب السلوك والاخلاق... فاجاب عليه احد الانثروبولوجيين قائلا: ان وصف الثقافة على انها ابداع انساني قد يستهوي خيالنا ويحظى بموافقتنا جميعا.. فكثير من مظاهر الثقافة لا يعبر عنها بالكلام أي انها ضمنية.. فرد عليه الطبيب المتسائل: من الخطأ ان نقول ان الثقافة تتكون من افكار لاننا نعرف من خلال دراستنا المقارنة في طب الامراض العقلية ان هناك اعتبارات خارجة عن نطاق المنطق والاستدلال العقلي. وبهذا يقسم العالم الانثروبولوجي مظاهر الثقافة إلى عقلي (منطقي) وغير عقلي (لامنطقي)، وبهذا يكون التعريف على الشكل الاتي [11]:

نقصد بالثقافة جميع التصاميم التاريخية المنشأ التي خططت للحياة، بما في ذلك التصاميم الضمنية والصريحة والعقلية واللاعقلية، وهذه توجد في وقت لو كانت تمتلك قدرة كامنة على توجيه سلوك الناس وارشادهم.

من هنا تساءل احد الحاضرين قائلا: لماذا كان من الضروري ان نضمن التعريف العبارة (في أي وقت معين؟ فأجابه احد زملائه:

لان الثقافة تكون عرضة لان تخلق او تفقد، ولا يجوز القول بان الثقافة ساكتة او مستقرة كليا.

وخلاصة القول نقول من خلال ما سبق نجد ان الثقافة تعني عند البعض بأعمال الفرد باعتبارها منطلقا لكل ما نصدره من احكام وعند البعض الآخر كانت تنطلق من تجديدات منسوبة إلى الجماعات.. فعلينا ان نهتم كثيرا بالتمييز بين التعاريف الوصفية والتعاريف الايضاحية. ومن خلال ما سبق نجد ان المدرسة الاولى (الايضاحية) تهتم باعمال الفرد باعتبارها منطلقا لكل ما نصدره من احكام اما المدرسة الثانية (الوصفية) فنجدها تنطلق من تجديدات منسوبة إلى الجماعات.

***

نزار حنا الديراني

..................

[1]   نقصد بالانثروبولوجيا علم الانسان واعماله ويقسم هذا العلم إلى: (1) الانثروبولوجيا الطبيعية (علم الانسان) وتقسم إلى:  أ- الحفريات البشرية (الباليونتولوجيا) ب- علم الاجسام البشرية (السوماتولوجيا). (2) الانثروبولوجيا الثقافية او الحضارية (تتناول أعمال الانسان) وتقسم إلى: أ- علم الآثار القديمة (الارخلوجيا) ب- علم السلالات البشرية ج- علم اللغويات. وسنتاول في مقالنا هذا مفهوم الثقافة عند العلماء الارخلوجيا (الذين يبحثون في الاصول الاولى للثقافة وفي الثقافات او الاطوار الثقافية المنقرضة) والعلماء الاثنلوجيا (الذين يبحثون في الثقافات الحالية لمختلف الاجناس البشرية)

[2]  جورج بيتر مردوك، المقام المشترك للثقافات، الانثروبولوجيا وازمة العالم الحديث ص221.

[3]   جورج بيتر مردوك، نفس المصدر.

[4]   ملفيل هيرسكوفتر، عمليات التغير الثقافي، الانثروبولوجيا وازمة العالم الحديث ص253.

5  كما دونها كل من كلايد كلكهوهن ووليم هـ. كلي وأعتمدت عليه في درج آراء المتحاورين الواردة في المقال.

[6]   المقام المشترك للثقافات، جورج بيتر مردوك ص221 الانثروبولوجيا.

[7]  جورج بيتر مردوك، المقام المشترك للثقافات.

[8]   جورج بيتر، المقام المشترك للثقافات.

[9]   كلايد كلكهوفن، وليم كلي، مفهوم الثقافة ص141 الانثروبولوجيا وازمة العالم الحديث.

[10]  كلايد كلكهوفن، نفس المصدر.

[11] كلكهوفن، نفس المصدر.

 

في المثقف اليوم