آراء
علي الرئيسي: ماذا يعني فوز زهران ممداني؟
انتصار زهران ممداني يعكس بصورة كبيرة ما تمثله مدينة نيويورك وخاصة لمن قضى بعض الوقت فيها كطالب او كمقيم أو كزائر. فالمدينة هي فسيفساء من الوجوه واللغات واللكنات، والاحياء، والثقافات، والمجتمعات. كل منها يشكل جزء لا يتجزء من النسيج الاجتماعي.. حتى ان هناك نكتة متداولة بان بعض احيائها لا يتكلمون الإنكليزية.
لاقت رسالة السيد ممداني صدى واسعا. إذا تحدث عن أعباء الحياة اليومية للمواطن البسيط: الايجار الذي يلتهم الدخل، وأسعار المشتريات التي لا تتوقف عن الارتفاع، والشعور بان العدالة قد طواها النسيان. يميل الأمريكيون بصفة عامة على التحفظ على كلمة اشتراكية، ولكنهم في حالتة تم استثناؤّه. لذلك قام بالتصويت له امواج من الققراء في احياءً البرونكس والكويينز وغيرها. كان يمثل لهم استعادة بعض الامل بعد ان سرقت أحلامهم في الانتخابات الماضية التي توجت ترامب رئيس للجمهورية وسيطرة أليمين على الكونجرس ومجلس الشيوخ بدعم من اوليغارشية التكنولوجيا.
كثير من الشباب الأمريكي الذي صوت لممداني لأنه كان يمثل لهم روح وتحدي الشباب أمام غطرسة النخب الحاكمة والمتنفذة. كما ارتبطت هوية السيد ممداني كمهاجر مسلم بالعديد من سكان نيويورك وراي الكثير من المهاجرين بانه واحد منهم وأنهم بحاجة لشخص يناضل من اجل مصالحهم وليس مصالح الشركات الكبرى. ان انتخاب ممداني أصاب أنصار ترامب (ماجا) واليمين الأمريكي بصذمة لأنه التحدي الأبرز لهم منذ ان اكتسحوا الحزب الديمقراطي في نوفمبر الماضي.
وحسب نيويورك تايمز، ان فوز ممداني، يعود ايضاً بالقدر نفسه إلى الحملة الانتخابية السرية التي سبقت ذلك. ففي مكاتب الإدارة العليا في وسط المدينة وفي مكالمات هاتفية حميمة، نجح حسب تعبير التايمز هذا الشعبوي اليساري، الذي بنى سمعته على فرض الضرائب على الأغنياء، في استمالة بعض من أقوى الشخصيات في أمريكا، وسحرهم ونزع سلاحهم بمهارة حسب تعبير الصحيفة نفسها.
فوز زهران ممداني طبعا صفعة في وجه ترامب الذي شن هجوما شرسا على ممداني، واصفا إياه بآلشيوعي. والصدمة أصابت معظم النخب اليمنية في أمريكا، حيث شنت حملة تحريض ضده، معللة بان التصويت للممداني سيحرم نيويورك من كثير من الضرائب التي تحصل عليها من وجود الشركات الكبرى في المدينة. وان بفوز ممداني الاشتراكي ستقرر هذه الشركات نقل مكاتبها إلى مناطق أخرى مما سيسبب أزمة تمويل لمشروعات وخدمات المدينة.
السيد ممداني حاول في خطابه بعد الفوز، ان يخاطب جميع النيوريكيين بصرف النظر عن انتمائتهم السياسية، ولكنه أعرب بصورة واضحة، انه عازم على تحقيق إلى مايصبو اليه أولئك الذين كانوا يطالبون بالتغيير الهيكلي. لذلك ذكر بان ليس بالضرورة انه سيرفع الضرائب على الأغنياء لتمويل بعض المشاريع التي تهم الفثراء وانما ذكر بانه منفتح على مقترحات لتمويل هذه المشروعات. هل سينجح ممداني في تنفيذ برنامجه التقدمي امام هيمنة راس المال في مدينة المال. طبعا تنفيذ برنامجه الانتخابي الطموح لن يكون بسهولة، فكثير من السياسين في نيويورك يعارضون زيادة الضرائب. كما ان لدى نيويورك تجربة سيئة في السابق حول موضوع تجميد الإيجارات، وكذلك جعل حافلات النقل سريعة ومجانية، وتوفير رعاية لجميع الأطفال في نيويورك، وذلك لابد يتطلب فع للضرائب، والذي يتردد المشرعون الموافقة على ذلك وخاصة ان معظمهم مقبلون على انتخابات في السنة القادمة. غير أنا المراقبين يذكرون بان إصرار السيد ممداني والتفويض القوي الذي حصل عليه من المنتخبين قد يكونان حافزا للمشرعين للنظر بشكل أكثر جدية في زيادة الضرائب على الأغنياء.
الآن في سن الرابعة والثلاثين، سيكون أصغر زعيم لمدينة نيويورك منذ أكثر من قرن، وسط سلسلة من الإنجازات التاريخية: اول عمدة مسلم، وأول جنوب اسيوي، وأول عمدة مناصر للقضية الفلسطينية، وربما أكثر الاشتراكيين الديمقراطيين نفوذا في البلاد.
ان فوز ممداني رغم أهميته في مدينة تعتبر أحد اهم معاقل الصهيونية العالمية، هو فوز بالغ الأهمية لأنه كسر لقواعد اللعبة التقليدية في الانتخابات الأمريكية. ولكن يجب ان يوضع هذا لانتخاب في إطاره الصحيح، انه انتصار لشاب مسلم تقدمي من أصول هندية في انتخابات محلية. ورغم اختلاف اليئات والظروف، المفيد لنا من كل ذلك، بان على شبابنا الا يهجرو قضاياهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وان يكونوا أداة للتغيير والتقدم رغم الظروف الصعبة التي تواجههم، لأنهم في الأخير هم مستقبل أي بلد. وان الارداة لابد لها ان تنتصر رغم كل العقبات والصعوبات. ولابد من تبني اجندة نقدية تقدمية واقعية.
***
علي الرئيسي






