آراء
عبد الامير الركابي: اسرائيل المهزومه: لماذا وكيف ومتى؟ (7)
ـ الختام اللاارضوي وزوال الغرب:
هذا ماكان مقدرا للسياقات التفاعلية التاريخانيه المجتمعية وهي سائرة نحو اللاارضوية ان تعرفه مع بدء العملية التحولية الانتقالية الكبرى،لا من الارضوية مع انتهاء امدها وصلاحيتها منذ انبثاق الالة، حيث من الحاسم التفريق بين رؤية التوهم بخصوص المجتمعات ونمطيتها الازدواجية، والمراحل الكبرى "اليدوية" الاولى الارضوية، و "الالية " اللاارضوية المتاخرة غير المدركة، بانتظار اسقاط استمرارالهيمنه الايهامية الارضوية التي تجمل المرحلتين تحت مسمى ونوعية واحده احادية، فينظر الى التحول الالي، ويتم التعامل معه باعتباره ماقبلة وصنوه ومن نوعه في الجوهر، الى ان تتحقق الانتقالة العقلية المتعدية للقصورية التكوينيه العقلية، وتحل السردية والمروية اللاارضوية المطابقة للانتقالية الالية، مكان التوهمية الكبرى كما تتمثل في الرواية الارضوية الموروثة عما مضى وما قد صار موضوعيا خارج الحياة والتاريخ.
وليس مايشار له كما واضح من طبيعته بالامر المتاح بسهولة ويسر كما يمكن ان نتوقع، فالمطلوب اليوم مجتمعيا رؤيويا يقارب، او هو من نوع الانتقال من منظور ومفهوم " الارض المسطحه" الى "الارض الكروية التي تدور حول الشمس وحول نفسها"، ولنتخيل ساعتها وبناء عليه مانحن بصدده، او نتصور الانتقال من طور"الصيد واللقاط"، الى " التجمع + انتاج الغذاء" قبل تبلور الاخير، ومايفصل بينهما من تفاعلية غير محدده ولامكتملة، يمكن نسبتها لنمطية بعينها، سوى كونها انتقال غير متبلور بين محطتين، ولنتخيل للتقريب لو ان الوعي البشري قد ظل "صيديا لقاطيا" بعد تبلور المجتمعية في ارض سومر جنوب ارض الرافدين، وهو الحاصل اليوم وبعد انبجاس الاله اوربيا، حيث عمت الرؤية اليدوية بمحركات واليات العنصر الالي المستجد والمضاعف للاليات المجتمعية. موجدا حالة من التناقضية الكبرى، بين المجتمعية بصيغتها الغالبة المطموسة تاريخيا يدويا ونوع التفاعل واجمالي التعامل معها لحين اقتراب لحظة التفارق الاقصى بين وسيلة الانتاج وصيرورتها الاعلى، ومايطابق طبيعتها وفعلها مابين الجسد والعقل.
مع اللحظة المشار اليها، وساعة بلوغها، لابد من توقع تحشد كل ممكنات التوهمية الكبرى عند لحظة تازمها الاقصى، وذهابها الانتحاري لتكريس ماقد فاته الواقع والزمن نهائيا، وهاهو الشرق الاوسط موقع اللاارضوية والمجتمعية البدئية، ومنبت رؤيتها الكونية النبوية يتحول مجددا لساحة الاختبار الاخير الدرامي الدموي، الاكثر انطواء على حزمة موضوعات الانقلابيه الكبرى التحوليةالمجتمعية، قبل انهيار الغرب، وفي المقدمه امريكا، وتحول اسرائيل الى ماساة كبرى، وشرذمه بلا اي اساس، فعلهاالوحيد القتل وازالة الاخر، والمساعدة على سحق قيم الغرب المدعاة بلا اساس، في وقت اللاكيانيه، وبحثها المستحيل عنها في غير زمنها، وسط انتفاء اي صنف من اصناف الدول غير الكونية التوحيدية البشرية، بمعنى اننا اليوم على اعتاب لحظة انهيارالتوهميه الغربيه تحت طائلة محاولة ابقائها فاعلة بلا اساس، بقوة الابادة للاخر، الامر الذي لن يلبث ان تنتفي ممكنات استمراره، مع انقلاب وسائل الارجحية الطارئة التكنولوجية الحالية، بينما تلوح في الافق اشارات الذهاب الاولى الى اللااارضوية الثانيه "العلّية"، فلا يعود الصراع احاديا يخوضه طرف واحد ضد الاخرين وضد ذاته المنتهية الصلاحية.
ليس صدفة ولا من باب الخرافه الاسطورية مرة اخرى، ان جريمه امريكا / اسرائيل الزائلة قريبا، ومعها الغرب تتواقت بذات العام مع صدور الكلمه الاولى الدالة على حضور اللاارضوية (كتاب العراق)، ايذانا بتحول المعركة للمرة الاولى الى اصطراع عالمين وجبهتين، احداهما مهووسه بما يمكن تسميته جنون اكراه التاريخ والسير عكسه، واخرى بدات تنبثق اليوم بعد الاف السنين من انتظار حضورها على مر التاريخ ... اسرائيل انتهت كطليعه انصبابية، في ارض الابراهيمه، مفبركة مرهونة لغرب صار هو بذاته منتهيا، ومايحدث هو مقدمات ماساوية كبرى انقلابيه، موافقه للحقيقة والقانون المغفل الحاكم للتطور التاريخي المجتمعي، حيث الانتقال الانقلابي الاعظم في نهاية المطاف، من المجتمعية الحاجاتيه الجسدية الارضوية الى اللاارضوية العقليه.
***
عبد الامير الركابي
.......................
(1) " هنالك احساس قوي بفرادة امريكا ونموذجيتها تعززه المشاعر الدينيه التي تثيرها عبارة " مدينة على جبل" في نفوس من يحسبون ان النص يخاطبهم كمسيحيين وكامريكيين في ان واحد. ويرى غير مؤرخ ان فكرة الوحدانية الامريكيه، التي لها تعبير علماني معاصرهو " الاستثناء الامريكي" او "الاختبار الامريكي"، ظهرت للمرة الاولى في خطاب القاه الطهراني جون وينثروب وذكر فيه عبارة "مدينة على جبل" مستنهضا الذين ابحروا معه من انكلتر نحو الارض الجديده" طارق متري/ مدينة على جيل؟ عن الدين والسياسة في امريكا/ دار النهار ـ بيروت/ صص 13 ـ 14
(2) يراجع/ اسياد العالم الجدد/ جون بلجر/ دار الكتاب العربي/ بيروت ـ لبنان
(3) (كتاب العراق) عبدالامير الركابي / دارالانتشار العربي / بيروت/ اصدار عام 2024 .
(4) الفكرة في الوجود الامريكي سابقة على التشكل والوجود المادي وهي وهي مايجعلها قائمه، مجسدة بحالة التدين الاوسع بين الامريكيين مقارنه باي شعب في العالم اليوم "وعلى امتداد الثمانينات من القرن العشرين سعى معهد دراسة الدين الامريكي لاحصائها (الديانات المبتكرة والتقليدية)، وفي تقرير له نشر عام 1988 في موسوعة الاديان الامريكيه اشار الى وجود1586 جماعه دينيه في الولايات المتحدة 700 منها "غير تقليديه"، بمعنى انه يتعذر تصنيفها مذاهب داخل الاديان العالمية التاريخيه المعروفه." طارق متر ي/ مصدر مذكور سابقا ص32.
(5) من "مابعد الامبراطورية: دراسة في تفكك النظام الامريكي" لامانويل تود: دار الساقي/ ترجمة محمد زكريا اسماعيل/ الى/ " امريكا التوتاليتاريه: الولايات المتحدة والعالم: الى اين؟" / ايضا دار الساقي ـ ترجمة خليل احمد خليل/ يتوالى البحث في منتهيات التوهمية الرساليه الامريكيه، دلالة على انقضاء ممكنات استمراريتها.
(6) الفيلسوف إيمانويل تود يتنبأ بهزيمة الغرب كما تنبأ بسقوط الاتحاد السوفياتي: يراجع الرابط: