آراء
عبد الأمير الركابي: اللا ارضوية بدل الشيوعيه.. نداء اممي (3)

في الطريق الانتقالي الموصل مابين اليدوية وصيغتها المجتمعية، و الالية بصيغتها المتقدمه التكنولوجية اللاحقة على الالية المصنعية، لاتغيب المحركات النابعه من اللحظة والياتها، ولاالدفع الذاهب الى مابعدها مما صار راهنا بحكم طبيعة الساعه والمعاش ديناميا، وحيثما تكون الارضوية هي المحور والموضع الذي فيه تجري العملية الانتقالية بصيغتها الافتتاحية الاوربية، فان اجمالي الحاصل وقتها، ومنه بالطبع الجموح الى مابعد الارضوية، يظل محكوما للسقف الارضوي، وهو مايسري على اعلى اشكاله، وبالذات منها ذلك الذي يعتمد الاصطراع الطبقي محورا انتقاليا نهائيا، حيث تكمن التوهمية بصيغتها الاعلى، لتعدي الواقع واللحظة ممكنات العقل ساعتها، مقابل مابمقدوره ادراكه، طبقيا كاعلى احتمال، مع انه الادنى من تلك المجتمعية غير الناطقة بعد، الناظمه والمحركة الفعليه للانقلاب الحاصل.
ولو ان ماركس كان قادرا اوممتلكا القدرة على النظر في اشتراطات لحظته مجتمعيا، لما كان وقع في وهم الاعتقاد الطبقي وصلاحيتة، واجمالي الفعالية الطبقية وقانونها في غير وقتها، تماما في اللحظة التي صارت هي فيها خارج الفعل، مع بدء انتهاء وجودها، وهو ماقد عجز عن تبينه، فلم يدرك بان الاله تنهي التشكل البنيوي المجتمعي الاسبق بصيغته اليدوية، تلك التي هي نتاج التفاعلية البيئية /البشرية المنتهية، قبل ان يحضر عنصر ثالت من خارج نوع وطبيعة العنصرين الاولين التاسيسيين، لنصبح من حينه امام اعادة تشكل مجتمعي، هو حكما غير ذلك الذي عرفناه مع بدء مايعرف ب (التجمع + انتاج الغذاء)، وصار يعزز دور وفعالية "الفكرة" المدعمه بقوة الاله وفعلها الاستثنائي الفاصل بالنسبه للمعتاد، حتى بصيغتها الاولى المصنعية، كما حصل في روسيا من قبل تجمع من "الانتلجنسيا" الحزبيه، مع "ماالعمل" والمزج اللينيني للاستبدادية الشرقية والروسية القيصيرية بالنظرية الطبقية الاوربية، وصولا الى بدء انتهاء الطور المصنعي، ومايرافقه من نوع انتاجية، عند بدء الطور الانتاجي التكنولوجي الامريكي، ماكان من شانه تفكيك البنيه البيروقراطية الروسية، وطريقتها الاحادية المتكلسه مجتمعيا، ومع تجميد الصراع الطبقي، ذهنيا كشرط للانتاجية.
ويصعب الى حدود غير مالوفة ولا سابق لها، الخوض في مناحي التوهمية الانتقالية الالية وضخامتها وتشعب حضورها، ليصبح هذا المظهر من اهم لوازم وموجبات الانقلابيه الاليه قبل، وكشرط لتحققها، وخروجها من ربقة متبقيات الطور اليدوي، الساريه مفاعيله الى اليوم، مايوجب اعادة قراءة عسيرة ومضنية الى اقصى الحدود، املا في اعادة رسم المروية الحداثية والانقلابيه التاريخيه الاليه والمجتمعية، وتواليها، مابين الاولى الارضوية الجسدية اليدوية، واللاارضوية العقلية الموافقة لاشتراطات الانقلاب الانتاجي، من اليد الى العقل.
فنحن هنا واليوم بصدد تبدل في الطبيعة البشرية وماظل غالبا عليها ابان الطور الانتقالي الطويل "الانسايواني"، قبل التحول لعالم "الانسان" خارج الجسدية، مع مايواكب ذلك من انقلابيه كلية في المعاني والدلالات والمقاصد والمعتقد، بين مامعتبر هو الحقيقة التي لاغيرها، ومايترتب عليها من احادية نهائية، اذا ذهبت كحتمية ختامية، وامكان بحسب ماركس وبالحدود القصوى، الى الشيوعية، فان المقترح يكون حينها قتلا للديناميات المحركة، وللاليات المجتمعية التصارعيه الموجوده من ضمن الكينونه المجتمعية وحقيقتها الجوهر، الذاهبه الى مابعدها، والى العبور عنها الى عالم آخر مباين ليست غرضيته ومحور انشغاله، ولن تظل "انتاج الغذاء "، بل انهاء الانتاجية عن طريق قتل الحاجاتيه في الكائن البشري عقليا، عدا عن التحكم باجمالي التفاعليات البيولوجيه الجسدية، وماتنطوي عليه من ممكنات متعدية للوجود المادي، ولعملية الموت الجسدي، بالاخص في جانبها الاستبدادي الجسدي الذي فرض على العقل ماليس من طبيعته، وحقيقته الوجودية الخلودية.
يعني ماتقدم ان العالم والوجود البشري اليوم على مشارف الثورة العقلية الحداثية التحولية العظمى، المتعدية كليا لمتبقيات الارضوية، التركيز الاساس والمحور فيها، هو عملية ايقاظ الخلايا العقلية النائمه، اي الجزء الاعظم غير الفاعل من العقل البشري بسبب الاشتراطات اليدوية الجسدية وغلبتها، وهو ماقد غدت ممكناته واردة بحكم التبدل الحاصل في العنصر الالي في طوره التكنولوجي الانتاجي الراهن، وافاقة العقلية التي هي مهمه كبرى ارادية وجهادية غير مسبوقه، ولم يعرف مثلها، او مايمكن ان يشابهها، من افعال الكائن البشري المكرره على مدى تاريخ فعاليته الدنيا الماضية.
لقد صار الحاكم للكائن الحي اليوم هو الذهاب الى العوالم او الكون الاخر غير المرئي، وقد شارفت صلاحية وضرورة الكوكب الارضي كممر على الانتهاء، ومعها المجتمعية الانتقالية التحولية السارية الى الان بانتظار الساعه. حيث سيكون من الحتمي ان يمر الكائن البشري من هنا فصاعدا باضطرابية عظمى، هي الاخرى غير مشهودة، لم يسبق تخيلها، مايجعلنا بصدد التفكير والبحث عن بارقة او احتمالية بدئية انقلابيه فردية، او من قبل مجموع من البشر يمكن ان يكونوا مهيأين اكثر من سواهم، كنواة بدء الانقلابيه العظمي الحالة على الكوكب الارضي، وفي هذا الاطار، قد يكون من الوجيه النظر الى متبقيات الشيوعية الماركسية التوهمية وقد دخلت منذ بضعة عقود تازمها الاخير، وصارت خارج الزمن والحقيقة، بينما الانهيارات شرقا كما قد وقعت في الاتحاد السوفياتي، وغربا كما هو متوقع من هنا فصاعدا، مع المنتظر من الاضطرابيه الشاملة ل" المجتمع المفقس خارج الرحم التاريخي" والذي من دون تاريخ بيئي ولا طبقات، الامريكي، مامن شانه لفت الانتباه للحقيقة التحولية العظمى، مابعد الطبقية المنتهية الصلاحية، على امل اعتماد المنحى التحولي المجتمعي، بدل الطبقي العارض، واللاارضوي، محل الجسدي اليدوي الارضوي.
لاشك ان ارجاء المعمورة سوف تهتز يوم يعلن عن بداية وانطلاق اول اجتماع تداولي لاارضوي، يقرر بموجبه الشيوعيون الامميون من العالم اجمع، تبني التحولية الكونية العظمى اللاارضوية العقلية، بغية وضع الاسس والموجبات والاسباب الضرورية والممكنه، مع الواجبة الابتداع والكشف، بناء على الظروف والاشتراطات الناشئة، بالضد من كل ماله علاقة بالمنظومات العقليه والتنظيميه الارضوية، دولا وقوميات وكيانات، و انتاجية ارضوية، وكل هذا ولاشك سوف يستوجب عملا من نوع فريد وغير مالوف، لاينبغي التوقف دونه، او قبول العزوف عنه، او عدم المسارعه لجعله مهمه المهام الكبرى.
وفي العراق حيث تتزايد الدلائل والاسباب القائلة بانتهاء المجتمعية الارضوية، مع الافتقاد الكلي لاي مرتكز كياني او تنظيمي وطني، فضلا عن الاساس التصوري، فان الانبعاثية اللاارضوية هنا تاخذ مدى مختلفا، موصولا بالتجربة الحية المعاشة الراهنه المقترنه بالمقدمات الالية الانتقالية، وحضور الغرب المباشر الى هذا الجزء من العالم، وماتسبب به من صعودها قبل انتكاسها،مابين الثلاثينات والستينات، وصولا الى اللحظة الحالية، حيث الاستحالة الكيانيه المجتمعية تاخذ بالحلول على مستوى المعمورة، وممكنات واحتمالات الانقلابيه العظمى، تتحول الى حقيقة موضوعية راهنه ومخرج.
ـ يتبع الحلقة الاخيرة ـ
***
عبد الأمير الركابي