آراء
جودت العاني: بين إستراتيجيتين.. لعبة الخلاص من الخوف.. كيف نحللها؟
الإستراتيجية الأولى تسمى (تفعيل الأذرع) المؤسسه للمنطقة. والإستراتيجية الثانية المقابله وتسمى (تفكيك الأذرع).
ماذا تعني هاتين الإستراتيجيتين (التفعيل) و(التفكيك)، وهل إنهما إستراتيجيتان واقعيتان؟ وما هي اهدافهما في في صراع المنطقة؟ وما هو دور النظم العربية وشعوبها في واقع التفعيل والتفكيك، وهل يخدمان الواقع العربي؟
إستراتيجية (تفعيل) الأذرع هي في حقيقتها معولاً للتهديم، يستخدمه الرأس بمهارة فائقة ويدير الأذرع استراتيجياً وعسكرياً (يهاجم حين تكون الفرصة سانحة، ويتراجع حين يرى الضغط يتراجع، ويستكين للهدنه حين يصبح الخطر وشيكاً).. فهي استراتيجية تقوم على المخادعة والمراوغة والكذب والنفاق السياسي.
أما إستراتيجية (تفكيك) الأذرع، فهي مشاغلة جيو- إستراتيجية، فارغة ومكشوفة تعكس حالة تناحر فارغ وصراع متفق على خطوطه العامة .. فمن الصعب التصديق بوجود (تفكيك) أذرع، بينما يظل (تفعيل) الأذرع مستمراً، ياخذ اشكالا متعددة كالرشق بالصواريخ المعينة والتفجير بالمسيرات التي لم تسفر عن قتلى ولا جرحى ولا اضرار مادية. والتراشق يأتي من ذراع الشمال ويأتي من ذراع الجنوب او اليسار، وتظل الألعاب النارية تفرقع بيافطات الحرب في ملاعب الشرق الاوسط .
استراتيجية (تفكيك) الاذرع هي استراتيجية غير مجدية ولا نفع منها طالما اعتمدت على استراتيجية سبقتها والتي سميت بـ(الإحتواء المزدوج)، وازدواجية هذه الاستراتيجية فقدت قيمتها وتحول نصفها الى أداة اقتصادية ضاغطة لا جدوى منها، طالما هناك موارد بديلة لتفعيل الاذرع، وما دام الرأس يعمل على (تفعيل) الأذرع كما يشاء، فيما تبقى استراتيجية التفكيك مشغولة بالاذرع التي لن تتفكك.
المنطق العقلي يعلن، عندما يسقط الرأس تموت الأذرع، ولكن استراتيجية (التفكيك) لا تريد ذلك لتحافظ على إلتزاماتها تجاه اداة التهديم الإستراتيجي في المنطقة ولحساب طرف آخر معني بالأمن ومعني بمخطط خاص من البحر إلى النهر.
استراتيجية التفكيك لا تسمح لإستراتيجية التفعيل بأن تأحذ مداها كما تشاء إلا بضمانات، وإن الضمانات التي تقدمها استراتيجية التفعيل غير مضمونة كليا بفعل المرامي التي (تظهر خلاف ما تبطن) حيث تسقط الثقة من التعامل.
لو كان امر (الصراع) جدياً لحسم الأمر منذ زمن بعيد، ولكن استراتيجية التفكيك بعيدة عن حسمية الصراع الوهمي المخادع، لكي تبقى المنطقة تعيش على وهم الخلاص من الخوف.!!
***
د. جودت صالح
22 / 08 / 2024