آراء
محمود محمد علي: طوفان الأقصى.. كابوسا للإسرائيليين
أطلقت "حماس" فجر السبت الموفق السابع من أكتوبر 2023 في الساعة السادسة والنصف صباحا، عملية "طوفان الأقصى" العسكرية ضد إسرائيل ردا على اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته ولاسيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية.
وقد استمر التصعيد بين حركة حماس الفلسطينية والقوات الإسرائيلية بعد إطلاق حماس فجر السبت عملية "طوفان الأقصى"، وقد وردت تل أبيب بإطلاق عملية "السيوف الحديدية" متوعدة حماس بدفع ثمن هجومها، وخلفت الأعمال المسلحة حتى الآن حوالي ألف قتيل من الجانبين، بينما تستمر مساع دولية لوقف التصعيد. وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من "حرب طويلة وصعبة"، في حين صرح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية "نحن على موعد مع النصر العظيم.
نعم إسرائيل تختنق .. تحترق .. تحتضر .. ما بين انتصار مصرنا الحبيبة في عام 1973، وطوفان الأقصى في عام 2023، يبقى أكتوبر كابوسا للإسرائيليين.. يوما سيخلده التاريخ إلى الأبد .. إن السابع أكتوبر 2023، حيث أدخل الفرحة في قلوب ملايين العرب المسلمين وأذل الإسرائيليين، وذلك بعد أعلنت كتائب المقاومة بدء العملية العسكرية طوفان الأقصى من غزة واستهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية لإسرائيل، وكشفت إذاعة إسرائيل أن المقاومة الفلسطينية أسرت عشرات الإسرائيليين، والجديد هذه المرة هو القوة والجرأة الاستثنائية في عدة مشاهد موثقة بالصور ومقاطع للفيديو مذلة حقا للإسرائيليين، وأساليب في المواجهة لم يعتد العالم رؤيتها من الفلسطينيين.
ولذلك فقد تباينت واختلفت ردود الأفعال حيال عملية "طوفان الأقصى" على وسائل التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ طوفان الأقصى وغزة تنتفض وسائل التواصل الاجتماعي قابله في الجهة الأخرى هاشتاغ مغامرة غزة ومغامرة حماس.
وردا على ذلك أعلنت إسرائيل المذعورة لأول مرة منذ 1973 أنها في حالة حرب، وما أشبه الليل بالبارحة، فهل تتذكرون " جولدا مائير" عجوز إسرائيل المتعجرفة، تبدو مصدومة جدا، وتكاد تموت حسرة وهي تراقب عودة الأسرى في حرب السادس من أكتوبر، وهم يرتدون البيجامات الكستور التي فرضها عليها الرئيس المصري " محمد أنور السادات" في موقف مهين للجيش المصري الذي لا يقهر، وما لبث الإسرائيليون أن ينسوا هذا الموقف حتى ظهر الجنرال" نمرود ألوني" – قائد لواء بجيش إسرائيل، ولكن هذه المرة لم يظهر في صورته المعتادة، بل ظهر بملابسه الداخلية، وهو يتم أسره وجره في الشارع في موقف لا يصدق .
وعلى شاكلة هذه المشهد هناك مشاهد أخرى استثنائية أذلت الإسرائيليين، رأينها خلال عملية طوفان الأقصى الباسلة منذ فجر السبت الماضي في السابع من أكتوبر 2023، وقد العالم كله قد تفاجأ بهذه المشاهد التي لم يرها من قبل، إذ أسفرت عنم صدمة هائلة داخل أروقة تل أبيب وكبدتها خسائر فادحة على كل المستويات، تلك المشاهد تعد عرضا حيا للقدرات والبراعة الفلسطينية وتذكر العالم بأن الصمود والإرادة يمكن أن تحقق النصر رغم كل التحديات .
لقد اعتمدت كتائب المقاومة على تدريب المقاتلين الذين نفذوا العملية المباغتة داخل الأراضي المحتلة باستخدام المظلات، تلك العملية أسفرت عن مقتل جنود إسرائيليين وأسر آخرين، فقد أظهرت بعض اللقطات مقاتلا من المقاومة وهو يدخل المناطق المحتلة باستخدام المظلة، ما أصار الصدمة في قلب الإسرائيليين، كما تم الكشف عن تجهيز عددا من مقاتلي المقاومة في سرب "صقر" ، وهو واحد من الوحدات العسكرية التي شاركت في عملية طوفان الأقضى .
ويعد ظهور وحدة سرب " صقر" في هذه العملية هو الظهور الأول لها، حيث إن هذه اللقطات غير المسبوقة في تاريخ المواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين تُظهر الإتقان والجرأة الفائقة للمقاومة الفلسطينية.
والمشهد الثاني لا يقل إدهاشا حيث وثقت لقطات متداولة عملية الاجتياح الجريء التي نفذها المقاتلون الفلسطينيون في مستوطنات غلاف غزة حيث بلغ عددهم نحو ألف مقاتل فلسطيني اقتربوا من مستوطنات إسرائيلية مجاورة للقطاع بطريقة غير مسبوقة، ثم فجروا السياج الفاصل بين غزة والأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل في منطقة " خان يونس" .
هذا الاقتحام الجريء سمح للمقاومين الفلسطينيين بالدخول بسهولة إلى أراضيهم المحتلة حيث استخدموا دراجات نارية وسيارات في هذه العملية البطولية، بالإضافة إلى ذلك نجح المقاتلون في اقتحام العديد من المنازل داخل المستوطنات الإسرائيلية واحتجاز رهائن داخلها، وهو مشهد لم يشهده القطاع من قبل ما أظهر قوة وجرأة المقاومة الفلسطينية في هذه العملية التاريخية.
أما المشهد الثالث فقد أثار دهشة العالم بحق حيث قام عناصر من المقاومة الفلسطينية عشرات الإسرائيليين من المستوطنات الإسرائيلية نحو قطاع" غزة"، وبثت كتائب المقاومة قطع فيديو يظهر أسر مقاتليها ثلاثة رجال يرتدون ملابس مدنية قالت إنهم إسرائيليون، وظهر في مطلع فيديو العبارة التالية :" مشاهد أسر كتائب المقاومة عددا من جنود العدو ضمن معركة طوفان الأقصى ".
ويبدو من اللافت في خلفية الفيديو باللغة العبرية أن اللقطات أُخذت في الجانب الإسرائيلي، كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بلقطات تظهر فيها جثث جنود بملابسهم العسكرية، إضافة إلى جثث أشخاصا وركاب على الطريق السريع، كما ظهر مقاتلوا كتائب المقاومة وهم يسيطرون على دبابة إسرائيلية ويخرجون منها أحد الجنود الإسرائيليين قبل أن يتم اقتياده إلى قطاع غزة، وظهر عدد من جنود اسرائيل وهم محاطون بمقاتلي المقاومة الذين نفذوا بنجاح عملية " طوفان الأقصى" .
ولاشك في أن المقاومة في غزة أبهرت العالم وتل أبيب باستخدامها لطائرات المسيرة حيث رأينا قصف طائرات المقاومة لدبابة إسرائيلية شرق قطاع غزة، وكان هذا المشهد مشابها التي نشاهدها في الحروب الحديثة مثل الحرب الروسية – الأوكرانية، وكذلك أظهرت لقطات مختلفة استخدام طائرة مسيرة أخرى من قبل المقاومة لاستهداف رشاش آلي يطلق النيران بشكل آلي نحو القطاع .
وردا على هذا الوضع أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية السيوف الحديدية في قطاع غزة حيث أعلن في بيانه أن طائراته بدأت بشن غارات في عدة مناطق بالقطاع على عدة أهداف، وقد أظهرت المواجهات الدائرة في قطاع غزة والأراضي المحتلة تطورا نوعيا في القدرات العسكرية والصاروخية لفصائل المقاومة الفلسطينية، وبالأخص بعد الفشل الذي كانت تسببه القبة الحديدية التي صنعها الاحتلال لإسقاط صواريخ المقاومة .
ولذلك فقد نجحت المقاومة الفلسطينية في إطلاق آلاف الصواريخ في يوم طوفان الأقصى تجاه مدينة تل أبيب، ونجحت غالبتها في الوصول إلى أهدافها والتسبب في قتلي وإصابات وتدمير مبان، ومن أبرز تلك الصواريخ كان صاروخا يظهر للمرة الأولى أٌطلق عليه اسم " رجوم" ، وهو صاروخ قصير المدى من عيار 114 ملم وهو الصاروخ الذي مهد الضربة الافتتاحية لطوفان الأقصى، والراجمة التي تطلق هذا الصاروخ تحتوي على 15 فوهة، أي أنها يمكنها إطلاق 15 صاروخا بشكل متتال، واستخدمت المقاومة عدة راجمات متجاورة للحصول على كثافة نيرانية كبيرة لتحييد بطاريات القبة الحديدية التي تقل فاعليتها كثيرا في حال إغراقها بالصواريخ وأيضا لإبقاء الجنود في المعسكرات الملاصفة لحدود قطاع غزة داخل ثكناتهم ومخابئهم حتى وصول المقاتلين المهاجمين.
أما عن ما قامت به غزة خلال عملية طوفان الأقصى ليس فقط انتصارا لها، بل انتصارا للمنطقة العربية وكل من يؤمن بالعدالة وحقوق الإنسان، فقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في مختلف الأقطار العربية تفاعل غير مسبوق وسادت حالة من الفرحة الكبرى افتخارا بالمقاومة الفلسطينية وغملياتها البطولية التي كانت في عثر دار إسرائيل وخلفت الرعب لدى جنودهم وشعبهم، كام تظاهر الآلاف في الأردن، واليمن، والمخيمات الفلسطينية في لبنان احتفالا بعلمية طوفان الأقصى التي أسفرت عن قتل وأسر عشرات الإسرائيليين، في حين أعلنت دول عربية وأجزاب سياسية ومؤسسات دينية عن دعمها لنضال الشعب الفلسطيني حتى النصر، وشارك المئا، كما طالبوا بطرد السفير الإسرائيلي وإغلاق السفارة، فاليوم هو يوم النصر، هكذا تعالت الأصوات مطالبة بتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
وقد كشفت صحيفة «ذا صن» البريطانية أن رجال الإنقاذ في إسرائيل عثروا على 260 جثة كانوا قد تواجدوا في مهرجان موسيقي في إسرائيل خلال هجمات حماس وقال عدد من الحضور إن حماس قامت بقطع الكهرباء فتحت النار على المتواجدين خلال الحفل، ولكن ماذا حدث في هذا الحفل؟
ووصف الكثير من رواد الحفل ما حدث، وقالت أحدهم وفقًا لتقرير رصدته قناة bbc، إن صفارات الإنذار بدأت في العمل، بدأت مع بدء الهجوم وأعقبها إطلاق نار سريعا، وقالت الفتاة للقناة 12 الإسرائيلية: «لقد قطعوا الكهرباء وفجأة أطلقوا النار، وفتحوا النار في كل اتجاه" ؛ وقالت: حاول الكثير الفرار من الموقع، فركضوا عبر الرمال وصعدوا إلى سياراتهم للابتعاد، ولكن سيارات جيب كانت تنتظر في الخارج وتطلق النار على السيارات، وقال أحد رواد المهرجان، لصحيفة «هاآرتس» إطلاق النار كان بمثابة صدمة لقد اختبأنا تحت الأشجار وحاول الجميع الركض إلى مكان آخر، فيما قالت فتاة أخرى وفقًا لتقرير bbc إنها تظاهرت بالموت حتى أنقذها الجيش الإسرائيلي في النهاية، واختبأ العديد من رواد المهرجان، في الشجيرات وبساتين الفاكهة القريبة لساعات، على أمل وصول الجيش وإنقاذهم، وقال شاهد آخر للقناة 12 :"كان فيلم رعب مدته أربع وخمس ساعات... ركضنا بجنون، كان الأمر جنونيًا".. وللحديث بقية.
***
الأسٍتاذ الدكتور محمود محمد علي
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بجامعة أسيوط
..................................
المراجع:
1- قناة استيب: طوفان الأقصى" غزة تباغت إسرائيل بمشاهد لم يروها من قبل ولن ينسوها أبدًا!
2- أنظر مقال بعنوان من "طوفان الأقصى" إلى "السيوف الحديدية".. هكذا تستمر المواجهة بين إسرائيل وحماس.
3- أنظر مقال بعنوان هكذا تفاعل رواد مواقع التواصل مع عملية "طوفان الأقصى".
4- فاطمة محمد: «تظاهروا بالموت واختبأوا تحت الأشجار».. إسرائيليون يرصدون «حفلة الموت» لحظة طوفان الأقصى.. المصري اليوم .