نصوص أدبية

هادية السالمي: يَمَّمْتُ وجهَكَ

البحرُ يَقْرَعُ بكفَّيْهِ صدري

واللّيلُ يتخَطَّفُني.

تسري بَراغِيهِ في خاصِرَتي،

ويتسَلَّقُنِي.

يلْتَفُّ في كفّي… يسامِرُهُ…

على رصيفِهِ،

أُرصِّفُ مجازاتِ العَبَاءاتِ

وحِلْيَتَها.

أزرعُ فيه الأبجَدِيّاتِ

وماءَها،

لِأُعْرُجَ إلى ظِلِّكَ والْحُجُبِ،

يا أَبَتِي.

وأَتَشَرَّبُ وَمِيضَ الظّلُماتِ،

عَلَّنِي أُخْمِدُ جوعا

يَتَكَتَّلُ على جدران أَقْمِصَتِي.

وهذه الغيْماتُ الثِّقالُ

نيرانٌ تعتكفُ في جسَدِي.

تَسُحُّ في وجهي

سعيرَ نَفَثَاتِها

وتجْلِدُني.

ومنْ حناجرِ الحُروفِ،

تَتَفَلَّتُ الْأَقَاحي

وتُحَرِّقُنِي.

أَتُوهُ في مِحْرابِها،

وأَتَطَوَّفُ بلا وَتَدٍ.

**

إلى الطُّفُولاتِ الْبعيدَةِ،

يُطَوِّحُ بِأَنْفاسي الْغيابُ،

وإلى العنبِ.

فلا الْمَجَازَاتُ تُعَرِّشُ

على تِلالِ أَوْجاعي،

ولا الْحِلْيَةُ تُسْعِفُنِي.

ولا نُتُوءاتُ الرَّصِيفِ

بالْمجازِ تَتَجَمَّلُ،

وتَعّتِقُنِي…

طَيْفُ الْمَدَافِنِ

صَخُوبًا يَتَمَدَّدُ

على كَفِّ الْخَرَائِطِ

وأسْقُفِها.

" بْرُومِيثِيُوسُ "

تَتَهَدَّمُ مَعَابِدُ لَهُ

على ضِفافِ الْمُدُنِ الرَّخْوَةِ

في كَبِدِي.

ووَجْهُكَ النَّدِيُّ،

قدْ يَمَّمْتُهُ، يا أَبَتِي،

كَيْما يَبْعَثَنِي.

فهلْ لِوَجْهِي، في كَفِّكَ،

رذاذٌ يَتَرَقَّبُهُ!؟

***

بقلمي: هادية السالمي دجبي، تونس

في نصوص اليوم