نصوص أدبية
مصطفى علي: حكايتي مع القافية الوحيدة

قصيدة قديمة
نوارِسٌ قَبْلَها طاروا بأجْنِحةٍ
وَخَلّفوني جَريحَ القلبِ والرِئةِ
*
نصبْتُ قلبي لهم بل مهجتي شَرَكاً
فرّوا وقد سرقوا ريشي وأجنحتي
*
حَطّوا على سِدْرَةِ الفِرْدوسِ وانتبذوا
خَفّاقَ ناطورهم في جَمْرِ موقِدَةِ
*
شدّوا شراعَ النوى للغيبِ إذ تركوا
سفائني بعدهم من دونِ أشرعةِ
*
رُويْدَكُمْ قالها دمعي مُناشَدةً
فقد بنيتُ لكم عُشّاً بموْجدتي
*
لكنهم غادروا الناطورَ وارتحلوا
كأنهم بِرُبى الأخرى على صِلَةِ
*
مهْلاً رسولَ الردى واعتقْ نوارِسَنا
عَلّي أرى نورساً يرسو على ضفتي
*
ياكاسرينَ مَرايا الروحِ لا تَسَلوا
وخْزَ الشضايا بها من أيّما جِهَةِ ؟
*
ودّعْتموني مجازاً قَبْلَ رؤيتكم
وطيفُ أمّي أتى فجراً لِتعزيتي
*
وَ بُرْعُمٌ بعدها لاحتْ ملامحُهُ
فأعلنتْ صَوْمها للهِ مُؤْنِستي
*
قالت : عَصاكَ التي ترجو مَآرِبَها
لكنَّ حادي الردى أودى بِمِنْسَأتي
*
فاحْتجَّ قلبي على المنّانِ مُعترضاً
وَشَكَّ في حِكْمَةٍ ضيزى وفلسفةِ
*
لولا بَقايا يَقينٍ راسِخٍ بِدَمي
لارْتابَ عقلي بهِ واستنْفَدتْ ثقتي
*
رَبّاهُ عَفواً إذا ما إشتطَّ بي وَجَعي
وَرُحْتُ أرمي كما المكلوم أسئلتي
*
أنتَ الكريمُ الذي أهْديتَني هِبَةً
مِنْ بَعْدِ لأْيٍ فلا تَمْنُنْ على هِبَةِ
*
هل ذا سؤالٌ الى باريكَ أم عَتَبٌ؟
صاحتْ جروحي وشلَّ الرَيْبُ معرفتي
*
يا مُسْتَرِدّاً بِلا إذْنٍ أمانَتَهُ
وَمُستعيداً ذُرى جودٍ ومَكْرُمَةِ
*
سامحْ جريحاً أصابَ الفقْدُ مُهْجَتَهُ
لكنّهُ طامِعٌ في بعضِ مغفرةِ
*
أكرمْ فؤادي الذي يصبو إلى حُلُمٍ
يقتاتُ من دمعتي الحَرّى وأوردتي
*
لا تجزعي من قضاء الله سيدتي
قومي وَلَبّي على رَحْبٍ على سِعَةِ
*
صُبّي دموعاً على المدفونِ في كَبِدي
عَلّي أرى طيْفَهُ في النومِ والسِنَةِ
*
هبّتْ نُلَبّي بِلا سُخْطٍ مَشيئَتَهُ
وأثلجت صدرها في دمعِ تَلْبِيَةِ
***
د. مصطفى علي