نصوص أدبية
عبد الناصر عليوي: شِرَاعٌ بلا سَفِينَة

هُــدُوءُ الـلَّـيْـلِ يَـضْـجَـرُ مِـنْ سُـكُـونِي
تَـغُـوصُ خُـطَـايَ بِـالـدَّرْبِ الْـحَـزِيـنِ
*
وَقَـــدْ سِــرْنَـا نُـحَـدِّقُ فِــي سَــرَابٍ
يُــغَـنِّـي لِـلـعِـطَـاشِ بِـــلا مَـعِـيـنِ
*
أَنــــا والــحُــزْنُ أَنْـشَـبْـنَـا خِــيَــامًـا
عَــلـى طَــرْفِ الـحَـقِـيـقَةِ وَالـظُّـنُـونِ
*
نُـعَـانِـقُ لَـيْـلَـنَـا الْـمَـشْـحُـونَ زَيْــفًـا
تَــرَاكَــمَ مِــــنْ عَــنَــاءَاتِ الـسِّـنِـيـنِ
*
تَــوَضَّـأْتُ الْأَسَـــى فِـــي كُـــلِّ فَـــجٍّ
وَصَـلَّـيْـتُ الـتَّـوَجُّـسَ فِـــي عَـرِيـنِـي
*
فَهَلْ فِي الْأَرْضِ مَا يُرْضِي احْتِمَالِي؟
وَغَـــدْرُ الــنَّــاسِ أَصْــبَـحَ كَـالْـيَـقِـيـنِ
*
أَنــا يــا صَـمْـتَ لَـيْـلـي، كُـنْـتُ طِـفْـلًا
يُـخَـبِّـيءُ فــي الـنَّـدى شَـوْقَ الـجَـنِينِ
*
وَيَـحْـسَـبُ أَنَّ فـــي وَجْـــهِ الـمَـرَايَـا
رُجُـــوعًـــا لِـلـطُّـفُـولَـةِ وَالــحَــنِـيـنِ
*
وَلَـــكِــنْ كُـــــلُّ مِـــــرْآةٍ تَـــصَــدَّتْ
بِــكَــفِّ الــشَّــكِّ لِــلْـوَجْـهِ الأَمِــيــنِ
*
فَــأَدْرَكْــتُ الـنِّـهَـايَـةَ قَــبْــلَ بَــــدْءٍ
لِــمَــا تَـحْـوِيـهِ مِـــنْ خُــبْـثٍ دَفِــيـنِ
*
تَـعَـلَّـمْـتُ الْــــوَدَاعَ بِــكُــلِّ صَـــوْتٍ
وَصَـافَـحْـتُ الـشِّـمَـالَ مَــعَ الْـيَـمِـينِ
*
أَنَــا وَالْـحَـرْفُ نَـغْـزِلُ مِــنْ شَـظَـايَـا
رُؤًى تُـقْـصِـي الــرَّخَــاوَةَ بِـالْـعَـجِـيـنِ
*
وَنَــكْـتُـبُ فِــــي مَـلَامِـحِـنَـا حُــرُوفًــا
تَـخَـطَّـتْ فِــي الْــوَرَى حَــدَّ الْـجُـنُـونِ
*
فَـإِنْ سَـأَلُـوكِ عَـنْ وَجَـعِـي، فَـقُولِي:
شِــرَاعٌ لَــمْ يَـجِـدْ ظَـهْـرَ الـسَّـفِـيـنِ
*
أَنَـــــا أَفْــنَــيْــتُ شِــرْيَــانِـي نَــزِيــفًـا
وَصُـغْـتُ خُـطَـايَ مِــنْ نَــارٍ وَطِـيـنِ
*
أُقَـبِّـلُ فِــي الْـغِـيَـابِ ظِــلَالَ أَهْـلِـي
وَأَلْـثِـمُ فِــي الْـجِـرَاحِ مَــدَى الْـوَتِـيـنِ
*
سِـهَـامُ الْـغَـدْرِ لَــمْ تَـهْـدِمْ قِـلَاعِـي
فَــقَـدْ بَـنَـيْـتُ عَــلَـى صَــخْـرٍ مَـتِـيـنِ
*
وَلَا كَــيْــدُ الْـحَـسُـودِ يَــهُــدُّ رُوحِـــي
هِــيَ اعْـتَـادَتْ عَـلَـى صَــوْتِ الْأَنِـيـنِ
*
فَـيَـا صَـمْـتَ الـسِّـنِـينِ، أَجِـبْ نِـدَائِـي
أَأَمْــضِــي، أَمْ أُقِــيــمُ كَـمـالـرَّهِـيـنِ؟
*
أَأُكْــمِـلُ سَـيْـرِيَ الْـمَـنْـفِـيَّ وَحْــدِي؟
فتُـطْـفَـأ نَــشْـوَةُ الْأَحْــلَامِ دُونِــي؟
*
وَهَــلْ يَـكْـفِـيـكَ أَنْ تَـبْـكِـي قَـصِـيـدِي
إِذَا مَـــا مُـــتُّ وَانْـغَـلَـقَـتْ جُـفُـونِـي؟
*
أَنَـــا فِـــي فِـتْـنَـةِ الْـمَـعْـنَـى سُـــؤَالٌ
يُـحَـلِّـقُ فَـــوْقَ هَــامَــاتِ الـظُّـنُـونِ
*
أُغَــذِّي الـصَّـبْـرَ إِنْ مَــا ذَابَ صَـبْـرِي
وَلَا أُفْـشِـي لِـمَـنْ حَـوْلِـي شُـجُـونِـي
*
فـــإِنِّــي لَا أُجِـــيــدُ الْــيَــوْمَ عَــزْفًــا
سِـوَى رَسْـمِ الـسُّكُونِ عَـلَى الْـجَبِينِ
***
عبد الناصر عليوي العبيدي