نصوص أدبية

محمد جواد سُنْبَه: أَنا وحِمَاري والفَاسِدُونْ (مَقَامَةُ)

في حَرِّ يومٍ قائِظٍ يَشوي الجَسَدْ.

جَلَسَ حِماريَ العَزيزِ (أبو الحَيرانِ) جَلسَةَ الأسَدْ.

قَالَ لي:-

يا (ابنَ سُنْبَه)، أَيُّها السَيّدَ السَنَدْ.

إِنَّ العِراقَ اليَوْمَ يَعيشُ بضيقٍ ونَكَدْ.

و إِنّي أَرى أعمارَنا تفنى وتَضيعُ بَدَدْ.

فَلا مُستقبَلَ لأَبناءِ العِراقِ ولا رَشَدْ.

أَربابُ السياسَةِ أَضاعوا منّا البلَدْ.

دَبَّ الخَرابُ في بلادِنا وكلُّ شيءٍ فَسَدْ.

فصارَتْ بلادُ الرافدينِ خَيمَةً بلا عَمَدْ.

كَسَفيْنَةٍ بلا رُبَّانٍ ولا شِراعٍ ولا وَتَدْ.

يَا أَهلَ العراقِ يا أَهْلَ النَخْوَةِ والجَلَدْ.

يَا أَهلَ العراقِ يا أَهْلَ العُدَّةِ والعَدَدْ.

فمَا أَنتُمّْ صَانِعونَ بِحَقِّ الفَردِ الصَمَدْ ؟.

قُلْتُ:-

يَا حَبيْبي وقُرَّةَ عَيْني يَا (أَبَا الحَيرانِ) يَا فَهَدْ.

مَا عَسَانا أَنْ نَفْعَلَ غيرَ الصَّبْرِ والجَلَدْ.

قِيَمٌ ضَاعَتْ في بِلادِنَا وكَذَا ثَرواتُ تَلَدْ.  (تَلَدَتْ ماشِيَتُهُ: تَوالَدَتْ).

حَالُ العراقِ صارَ فاشِلاً وخائِبَاً بِلا حَسَدْ.

بَلَدٌ يُهَرَّبُ مِنْهُ النَفْطَ كأَنَّهُ مَاءً مِنْ ثَمَدْ.  (ثمد الماءَ: استنبطهُ من الأرض).

كُنّا في العراقِ نَقُولُ: مَنْ جَدَّ وَجَدْ.

وَ مَنْ رَامَ العُلا كَمَنْ زَرَعَ فَحَصَدْ.

وَ اليَومُ لايَنالُ الدُنْيَا؛ إِلّا مَنْ بالوسَاطَةِ صَعَدْ.

ارتَشى بمالِ السُحْتِ كُلُّ زَنيْمٍ للمَالِ عَبَدْ.

تَسَلَّقَ المناصِبَ وعلى الفُقَراءِ تَنَمْرَدْ.

قُلْتُ:-

يَا (أَبا الحَيْرانِ)، يَا حِمَاريَ الحَبيْبِ إِهْدَأْ وَلا تَتَوَقَّدْ.

إِهْدَأْ قَليْلاً ؛ فَلِكُلِّ حَالٍ وَقْتٌ يَفْنَى ويَنّْفَدْ.

لَعَلَّ بَعّْضَ السياسيينَ يُصلِحوا مَا قَدّْ فَسَدْ.

وَ عَسَى أَنْ يَعودَ العِرَاقُ زاهِراً كَسَالِفِ العَهَدْ.

انْتَفَضَ شَقيْقُ رُوحِي (أَبو الحَيْرانِ) انْتِفاضَةِ الأَسَدْ.

وَ قَالَ:-

مُعَنِّفاً لي بِنَبْرَةٍ كَلِسَانِ نارٍ مُتَّقِدْ.

هَلّْ تَرجُو خَيّْراً مِمَنْ بَاعَ الضميرَ وللمَالِ صَلّى وسَجَدْ ؟.

قُلْتُ:-

فَدَيْتُكَ رُوْحِيْ يَا (أَبَا الحَيْرانِ)؛ هَوِّنْ عَلَيْكَ رُبَمَا... قَدّْ... وقَدْ !!.

فَقَدّْ قَطَّعْتَ نِيَاطَ قَلبي ومَزَّقْتَ الكَبَدْ.

فَمَا العَمَلْ فَقَدّْ أَصْبَحْنَا كَقَطِيْعِ مَاعِزٍ بِلا رَشَدْ ؟؟.

يَسُوسُنَا مَنْ بالعَمَالَةِ والفَسَادِ اشْتَمَلَ والتَحَدْ !.

شَعّبُنَا يَقْتُلُهُ الفَقّْرُ والجَهْلُ والمرَضُ الكَمَدْ. (يَعِيشُ فِي كَمَدٍ وَغَمٍّ: في حُزْنٍ شَدِيدٍ).

مَدَارِسُنَا تَدَاعَتْ وصَارَتْ هَبَاءً وفَنَدْ.

دَمَّروا التَعليْمَ والأَخْلاقَ وضَيَّعُوا ثَرَواتَ الحَفيْدِ والوَلَدْ.

تَاجَروا بالتَعّْلِيْمِ فَضَاعَ حَقُّ مَنْ جَدَّ واجْتَهَدْ.

بَعّْدَ التَّخَرُجِ مِنَ الجَامِعَاتِ صَارَ شَبَابُنَا هَدَدْ.

مُهَنْدِسُونَ وفَنّْيونَ وصُنَاعِ عُدَدْ.

وَ كَفَاءآتٌ سَقَاها الفَقْرُ جُرُعَاتِهِ وعَلَى صُدُرِهِمْ سَجَدْ.

حَمَدْتُ اللهَ سَاجِداً ؛ أَنَّ حَمِيْرَ العِرَاقِ بالحِكمَةِ لها سَدَدْ !!. (لَهُ رَأْيٌ سَدَدٌ: سَديدٌ، صَائِبٌ).

أَنَّ حَمِيْرَ العِرَاقِ بالحِكمَةِ لها سَدَدْ !!.

***

محمد جواد سُنْبَه - كاتب واعلامي عراقي

في نصوص اليوم