نصوص أدبية

جورج عازار: شَغفٌ في فِنجانِ قَهوةٍ

بارداً صارَ فِنجانُ قَهوتِها

تَلاشَتْ رَغوتُهُ

غابتْ في تَفاصيلِ العَتمَةِ

لكنَّ الجَوَى طَفقَ

في فضاءاتِ الخَواءِ يَجولُ

وئيداً كانَ الزَّمنُ يَجري

يحملُ على كَاهلِهِ

أثقالَ عمرٍ

وعُهوداً من الخيباتِ

تَسلَّلَ منِّي الشَّجَى

يبحثُ عن بقايا ملامِحِها

قالت من غير أن تَنطَقَ

وحضرتْ من غيرِ أنْ تأتي

فصارَ الغيابُ حُضوراً

وأصبحَ الصَّمتُ

أبلغَ من الكَلامِ

حكايةُ فِنجان قَهوةٍ

من غَيرِ سُكَّرٍ

إن ترتشفْ مِنهُ

فعلى ثناياهُ أنهارٌ من العَسلِ

تَفيضُ

آثارُ شفاهٍ على الحَوَافِ

تَارةً يَرسِمُها شَغفٌ

وتارةً تُبعثرُها الأوهامُ

أيقظني صَقيعُ الفُراقِ ذاتَ صَباحٍ

فأدفأتْني مَلامِحُ ذِكرى

حين جاءَ المساءُ

*

كُلَّما إنطفأ الوَهْجُ

في فِنجانِ قَهوتِها

أشعلَ الوَجدُ في حَناياهُ

جذوةً أبداً لا تَخمَدُ

مرَّاً أتجرعُه حيناً

وحيناً منِّي الآهاتِ يَغترفُ

يُتقنُ كُلَّ الأسرارِ

والبوحُ من غيرِ حروفٍ

على الأطرافِ يَرتَسمُ

فنجانُ قهوةٍ على سَطحهِ

حِكاياتٌ شَتَّى

وصورٌ رتَّبتهَا أقدارُ المَرايا

وفي أعماقِه أمواجٌ ولَظَى

وفي الغورِ بقايا ثُمالَة

مَأتمٌ من أحزانٍ

وتأوهاتٍ وأنينٍ

رفيقُ الدَّربِ في الأفرَاحِ يَغتَبِطُ

وفي الأتراحِ وجومٌ وابتئاسٌ

قالوا تَنسى

إن تعشقْ أخرى

فكيفَ أنسَى وهي

في كُلِّ وجوهِ نِساءِ الدُّنيا؟

ضَوءٌ خافتٌ في الرُّكنِ يَخبو

وشبحُ كَهلٍ يَتراءى

وعلى الطَاولةِ العَتيقةِ

وردةٌ يتيمَةٌ ذابِلةٌ

وفِنجانُ قهوةٍ

فارقَته منذُ دُهورٍ

ارتعاشاتُ الرَّغوةِ

***

بقلمي: جورج عازار

في نصوص اليوم