نصوص أدبية
سليمى السرايري: مَا تَسَرَّبَ مِنْ شَطْآنِهَا

هَلْ قُلْتُ أُحِبُّكَ مِلْءَ الْاِشْتِهَاءِ؟؟
لَا تَلُمْنِي إِذَنْ لَوْ صَارَ جَسَدِي فَاكِهَةَ نَبِيذٍ
لَا تَلُمْنِي، لَوِ اعْتَصَرَنِي الشَّوْقُ عِنَبًا
وَتَمَدَّدْتُ فِي عُرْيِ التَّكْوِينِ شَهْقَةً
لَنْ أَسْدِلَ السَّتَائِرَ لِحُضُورِكَ
وَلَنْ أَقِيمَ دَاخِلَ قَوَانِينِ الْقَبِيلَةِ.
*
أَنَا هُنَا وَطَنٌ مُشَرِّعٌ عَلَى غَابَاتِكَ
لَا حُدُودَ لِعَيْنَيْكَ حَتَّى الْأَسْرِ وَالذَّوَبَانِ.
مُتَنَاسِقَانِ تَمَامًا دَاخِلَ الْجُنُونِ
رَغْبَةٌ عَمْيَاءُ تَقْفِزُ دُونَ تَعَثُّرٍ
تُدْرِكُ طَرِيقَهَا إِلَى دَائِرَةِ الْاِحْتِرَاقِ
هَا أَنْتَ كَبِيرٌ جِدًّا فِيَّ
مُسْتَمِرٌّ فِي الطُّوفَانِ
وَأَنَا زَنْبَقَةٌ غَرِيبَةٌ تَحْمِلُ مِيَاهَ بَحْرِكَ
وَتَتَدَفَّقُ بِالْيَنَابِيعِ كُلَّمَا تَوَغَّلَتَ
كَأَنِّي آخِرُ الْمَوَاسِمِ
آخِرُ خَصْرٍ يُنْبِتُ الْقَرَنْفُلَ
أَرِيجُهُ يَعْبُرُ أَسْوَارَكَ...
*
تَسْأَلُنِي نِصْفَ مُغْمَضٍ
عَنْ طُقُوسِ الْأَمَازِيغِيَّاتِ اللَّوَاتِي
غَسَلْنَ أُنُوثَتَهُنَّ فِي تَجَاعِيدِ النَّهْرِ
وَمَشَّطْنَ شُعُورَهُنَّ بِأَسْنَانِ اللَّيْلِ
تَسْأَلُنِي عَنْ نَبِيذِ النَّخِيلِ الْمُصَفَّى
كَيْفَ أَصْبَحَ أَكْثَرَ حَلَاوَةً
يُسْكِرُكَ كُلَّمَا دَنَوْتَ أَكْثَرَ
تُفْرِغُ كُؤُوسَكَ حَدَّ الثُّمَالَةِ
تَرْفَعُ رَايَةَ الْعَاشِقِينَ
وَتُسْنِدُ عَيْنَيْكَ عَلَى غَرَقِي وَارْتِبَاكِي
*
كَأَنَّكَ تُدْرِكُ أَنَّنِي لَا أُجِيدُ الْكَلَامَ
حِينَ تَنْعَطِفُ بِنَشْوَتِي
وَتَرْفَعُنِي فِي سُكُونٍ مُذْهِلٍ
كَطَائِرَةٍ وَرَقِيَّةٍ
أَتَجَدَّدُ فِي سَمَاكَ
أَغَنِّي…
أَرْقُصُ حَافِيَةَ الْوَجَعِ
فَنَمْضِيَ مَعًا رِعْشَةً وَاحْتِرَاقًا…
***
الشاعرة والفنانة التشكيلية سليمى السرايري
تونس