نصوص أدبية

مجيدة محمدي: نُدوب السجاد المخفيّة

الأنوالُ، ضلوعٌ مقلوبة على صبرٍ قديم،

كل خيطٍ يمتدّ من نبضٍ مهمل،

من حلمٍ لُفّ بعهن متشابك،

من صوتٍ لم يجد فمه بعد.

*

وهنّ لا يقلن شيئًا،

لكن السجادة تنطق،

بلغةٍ الوخز،

وبالانتظار الممتدِّ كشَعرٍهن الأبيض الذي تخلص من ألوانه...

*

اللون الأزرق؟

دمعةٌ وقفت على بابها ولم تطرق.

والأحمر؟

صرخةُ رحمٍ تكسّر داخله الحنين.

والأخضر؟

ظلُّ حقلٍ لم تزرعه سوى الخيبة.

*

كلّ غرزةٍ قبرٌ صغير،

دفنت فيها امرأة ضحكتها،

وكل طرفٍ، شرفة،

تطلّ منها على أحلامٍ تتكسر، كالأواني الطينية.

يا لَسِرِّ الأصابع،

كيف تخدعُ الخيط ليصبح زهرة،

تُسقطها في حاشيةٍ بلا اسم.

كيف تهندس الحزن في نمطٍ متكرر،

كأن الوجع قابِلٌ للقياس.

*

وهنّ لا ينتظرن أحدًا،

لكن العُقَد تذكّرهنّ،

أن العالم مرّ من هنا

ولم يسأل .

*

الصمت أكثر كثافة من الجدران،

تتقاطع العيون،

تغيب ملامحُهن في الزخارف،

ويصرن مجازًا لا يُفَكُّ شفْرته.

ويودِعن أسماءهنّ في نسيجٍ يتكوّر،

ولا يطالبهن أحدٌ بالتوقيع ...

*

في المساء،

حين يتثاءب الضوء من ثقوب الباب،

وتغفو الأرواح على أكتاف الغبار،

تُطوى السجادة كجسدٍ تعب،

ولا أحد يعلم

أن في طيّاتها صرخةً

لم تجد فجرا يُنصت.

*

الحائكةُ الأخيرة،

تشدّ خيطًا رماديًّا

كأنها تستخرج شيئًا من صدرها،

نَفَسًا،

أو اسمًا قديمًا نسيه النداء.

*

كل خيطٍ متعب،

سار آلاف الحكايات

دون أن يُروى.

وكل لونٍ مطحونٌ تحت أصابعها،

أراد أن يقول شيئًا

ثم سقط في الحلقِ

كحصاة.

*

في الصباح التالي،

تُعلّق السجادةُ على الحائط،

وتمرّ العيونُ عليها

كما تمرّ الريح على مقبرة.

ولا أحد يسمع النبض،

ولا أحد يشمّ الدمع المجفف بين الخيوط.

*

فقط النمل يعرف الطريق،

يزحف على الخطوط الدقيقة،

يحمل أسرار النساء

إلى عمق الأرض،

ويبتلعها ببطء،

كما تفعل الذاكرة....

***

مجيدة محمدي

في نصوص اليوم