نصوص أدبية

جاسم الخالدي: أفول حلم ناضر

لملمتُ صبري حين أطفأكِ القدرْ

وسرى الحدادُ، وكادَ ينفطر الحجرْ

*

ما كنتُ أرجو أن أراكِ فقيدةً

فالحزنُ – حين يمر ذكرك – يستعر

*

يا من زرعتِ الطهرَ في خطواتِنا

وسقيتِنا خلقًا كما يُسقى الزهرْ

*

أعطيتِنا نور الوفاء وإن مضت

أيامكِ كالعطر داهمها القدر

*

لا لن أصدق أن يومك قد أتى

فالصمت يذهلني وحزني كالمطر

*

يا زهرةً مرّتْ كطيفٍ ناعمٍ

وغفتْ وظل وراءها الذكر العطر

*

إياكَ يوما أن تنادي صغيرَنا

تأبى جراحُ القلبَ أن تُبدي الضجرْ

*

واليوم تبكيكِ القلوب بصمتها

في حضرة الوجدان إن حضر الخبرْ

*

وعمود بيتك في الملمّة صابرٌ

لكنه في النفس جرحٌ يستمرْ

*

يبدو عليه الصبر دون تذمرٍ

وعلى المحيا لوعة لا تنحسرْ

*

رحلتِ وذكراها تبقّت روضةً

ما مات من جعل المحبة تنتشرْ

*

قدرٌ وما أقساه جاءك غفلةً

قدرٌ وإن صاحبته بك قد غدرْ

*

خطفتكِ لحظة غربةٍ لم تمهلي

حتى وداع العابرين على الأثرْ

*

باتت مودةُ والبراءةُ حولها

تبكي، فلو حجرٌ رآها لانكسرْ

*

وتطل من عيني حسين دموعه

دمع كأيام التباعد ينحدرْ

*

حسن إذا ناديته، لم يستجب

إلا بكاء الصمت في قلبٍ فطرْ

*

قد كنتِ نبع الحب فاض حنانه

فعجبت من نبع تباعد وانحسرْ

*

كم من طموح كنت تبنين الرؤى

فيه، ويزهر كل فجرٍ إن ظهرْ

*

لكن ما اختار الإله لنا قدر

نرضى به والعين بالدمع انحدرْ

*

كانت تعد فصول حلم ناضر

فإذا به حلم يباغته القدرْ

*

وتعد عدتها ليوم قد أتى

كالعيد لكن لا هلال ولا قمرْ

*

سحقًا لعهد قد تقضى مسرعًا

هذي هي الأيام تركض كالسفرْ

*

لبت نداء الغيب قبل سؤاله

شوقًا إلى رب كريم قد غفرْ

*

فارحم إلهي من أرادت رفعة

في العلم لكن كان باغتها القدرْ

*

واجعل جنان الخلد مسكنها فقد

زرعت ثمار الخير زرعًا فأزهرْ

*

واجعل لزوجٍ عاش يحفظ ودها

صبرًا، وفي أبنائها كل الظفرْ

*

واحفظ "مودة" من شتات بعدها

واجعل "حسينًا" جابرًا ما قد كسرْ

*

وامدد إلى "حسن" عناية خالقٍ

إن سار يومًا أو أقام أو استقرْ

***

د. جاسم الخالدي

في نصوص اليوم