نصوص أدبية

محمّد جواد سُنْبَه: أَنا وحِماري والبِطاقَةُ التَمّوينيَّةُ!

جَلَسّتُ فجراً في يومٍ مِنْ أَيّامِ الشِّتاءْ.

حيثُ لا أَصواتٌ مزعجاتٌ ولا ضَوضَاءْ.

لأَلتَقِطَ لنَفْسي بهاتِفي النَقَّالِ صورةً بَلهاءْ.

حتّى أُحَدِّثَ بطاقَةَ التموينِ؛ بطاقَةَ الشَقاءْ.

فأُلبّي قَرراتِ وزارةِ التجارَةِ العَصّماءْ.

تَنَحْنَحْتُ وعَدَّلْتُ جَلسَتي اعتدالَ خَشَبَةٍ صَمّاءْ.

ضَغَطّْتُ زرَّ الالتقاطِ؛ فَظهرَتْ لي رسالَةٌ دَهمَاءْ.

تَقولُ لي:

وجْهُكَ كالحٌ مُظلِمٌ أَغْبَرٌ مَا بهِ نُورٌ ولا ضِيَاءْ.

إِجلسْ في الشَمّْسِ وضَعْ عَينَيكَ في كَبَدِ السَّماءْ.

ثُمَّ التَقِطّْ لنَفْسِكَ صُوَرةً؛ حتّى يقبلَها بَرنامَجُ الذَّكاءْ.

استَعذّْتُ مِنَ الشَيْطانِ، فأَمْرُ الحكومَةِ لا يَردُّهُ إِلاّ الدُّعَاءْ.

وَ أَنا أُغيّرُ في جَلسَتي، دَخَلَ عليَّ حِمَاري (أَبو الحَيْرانِ) باستِحياءْ.

وَ قَالَ ليّ:

أَسْعَدَ اللهُ صَبَاحَكَ يا (ابنَ سُنْبَه)، يا ابنَ الأَوصِياءْ.

قُلتُ:

صَباحُكَ خيرٌ يا (أَبا الحَيرانِ)، يا دَابَّةَ الأَتقِيَاءْ.

قال (أَبو الحَيْرانِ):

أَراكَ مَهموماً مَغموماً يا ابنَ عِراقِ الخيّْرِ والعَطاءْ.

قُلْتُ:

لِمَ لا... ووزارةُ التِّجارَةِ تُنغِّصُ عَيشَنا كأنّنا لها أَعداءْ.

وَ كأَنّنا لسّْنا مِنْ أَهلِ العِراقِ... وكأَنّنا غُرباءْ.

تُعطينا كُلَّ شَهرينِ؛

كفَّينِ عَدَساً، وحَفّنةَ رُزٍّ، وقنّينةَ زيّْتٍ كأَنَّها دَواءْ.

قال (أَبو الحَيرانِ):

و اللهِ ما حُصَتُكُمْ هذهِ إِلاّ غُثاءْ.

لَو قُدِّمَتْ للحَميرِ؛ لأَقامَتْ على الحُكومَةِ عَزاءْ.

و لو طَلَبَتْ مِنّا الحُكومَةُ، ما تَطلِبُ مِنْكُم لكُنّا مِنها بَراءْ.

و لأَعلَنّْا عَليّها شِواظَ حَربٍ شَعّْواءْ.

يا أَهلَ العراقِ.... يا أَهلَ السَّخاءْ:

لِمَ تَرضَونَ بالظُلمِ رِضَا الجُبَناءْ؟.

و لا تُعلنُوها على الظَّالمينَ حَرباً شَعّْواءْ.

فَوَ اللهِ ما ذلَّ قومٌ إِلاّ ارتَضُوا السُكوتَ والرِّياءْ.

قُلتُ:

لقَدّ افحَمتَني يَا حِمارُنا العَزيزِ فَروحي لَكَ فِداءْ.

وَ قُلّْتُ في نَفْسي:

إِذا كانَتْ تِلكَ شِيَمُ حَميرِنا؛ فكيّْفَ تَكونُ شِيمُ النُجَبَاءْ؟.

***

محمّد جواد سُنْبَه

كاتب و اعلامي عراقي

في نصوص اليوم