نصوص أدبية

مصطفى علي: مقهى على سَفْحِ الجَبَل

رافِقيني يا صَبيّة

نعزفُ الوقتَ غراماً

بينَ (رُكْنِ الدينِ) آناً

ثُمّ آناً في دروبِ (الصالِحيّهْ)

**

رَدّدي بوحَ المُغنّي:

في زنازينِ الطُغاة

وصدى (الساروتِ) دَوّى

في الميادين القَصيّة

**

قَدُّكِ الميّاسُ يهفو

مثلَ روحي لِقُدودٍ حَلَبيّهْ

**

وَصباحاتُ الأغاني في المقاهي

كَفَناجينِ النَدامى تَتَشهّى

قهوةَ الشامِ الشَهيّهْ

**

إذ دِمَشقُ الشامِ تبدو

بعدَ سِتّين عِجافْ

مُهْرةً جذلى أبيّهْ

**

بَرَدى فاضَ إشْتِهاءً

بعدَ قَحْطٍ وَجَفافْ

**

وغدى أبهى عروسٍ

تزدهي حولَ الضفافْ

**

تَتَمرأى في مرايا مهجتي خلفَ الشِغافْ

**

وَأنا الضامي لِكأسٍ من نَبيذْ

عُتِّقتْ ستونَ عاماً

في العيونِ العسليّهْ

**

نادِميني يا بهيّهْ

وإشربي نَخْبَ الضحايا

وأذْكُري (حِمْصَ) العَديّهْ

**

وَلْتُعيدي بَهْوَ (وَلّادَةَ) عشقا وبهاءً سَرْمديّاً

يَعْتلي طوقَ يَمامَهْ

وَرُؤىً أسرارُها أنْدَلُسيّهْ

**

وفراشاتُ الفراديسِ بِريفِ الغُوطَتيْنْ

بعدما حَرّقها جَزّارُها المعتوهُ غَيّاً

فَرَثاها دمعُ عيني والبُطينْ

**

رَجَعتْ سَكْرى

تَعيدُ الزَهْوَ للألْوانِ في قوسِ قُزّحْ

في سمائي وفؤادي والوَتينْ.

**

تَسْكُبُ الأكوابَ للأحرارِ عَذْباً

كَفُراتِ العاشقين

**

فَتَعالي

ياشَذى الآسِ المُحَنّى بالندى والبَيْلَسانْ

وَرَذاذَ الغيمةِ العجلى كَدمْعي

يُشْعلُ الدنيا حَياءً في خُدودِ الياسمينْ

**

وَهَلُمّي:

نَتَهَجّى عَتَباتِ الدورِ أغنيةً وذكرى

بينَ حاراتِ الشآمْ

عَلّنا نعلو مقاماً

في طريقِ السالكينْ

**

لم أجِدْ في الشامِ فَرْقٌ

بينَ أهْلِ الدارِ حقاً والضيوفِ الزائرينْ

**

إنّما أرواحُ أبناءِ الشآمْ

وأهاليها الكِرامْ

مثلَ ياقوتٍ وتِبْرٍ

وحَريرٍ وعقيقْ

**

كَأريجِ الزَهْرِ والنارَنْجِ نشواناً يُحاكي

(بَحْرَةَ) البيتِ الشآميِّ العتيقْ

**

فإتْبَعيني.

خلفَ أصداءِ الأغاني وظلالِ الزيزفونْ

**

حيثُ فيضُ البُنِّ في مقهى المدينة

مثلَ خمرٍ يحتسيهِ الطيّبونْ

**

وَبِها الحَكّاءُ يروي

للورى جَمْرَ الحَكايا

خلفَ قضبان السجونْ

**

رُبَّما يبكونَ حيناً آملين

أن يَجُفَّ الدمعُ يوماً

في الحنايا والعُيونْ

**

لَيْتَهم ينسونَ ثاراتِ اليتامى

ليْتَ شِعْري يَصْفحون

**

أهْلُ داريّا وَدوما أو حَماة

ليتهم لا يذكرونْ

**

غيرَ عَزفِ النغمةِ الأبهى صَدىً

في (مَيْسَلونْ)

**

عانقيني

عندَ سَفْحٍ ماثلٍ حَذْوَ الشآمْ

بعدما فرّت ذئابُ الليلِ قسراً

وغدا حُرّاً أشَمّاً (قاسِيونْ)

**

د. مصطفى علي

في نصوص اليوم