نصوص أدبية
جودت العاني: البائع الصغير..
وضع سلته في جانبه الأيسر واخرج من جيب دشداشته البالية حزمة من أكياس النايلون افترش الأرض بقطعة منها، ثم افرغ محتويات سلته في سطل مملوء بالماء تعلوه ورود جميلة اقتطفها من الحدائق العام وقام بتنسيقها ورصفها في باقة وعرضها بما يعتقد ستجلب له موردا جيدا.
جلس الصغير ينتظر.. فتح عينية على ظل يخيم عليه..
ماذا تفعل هنا؟ وقبل ان يجيب الصغير
صرخ في وجهه مأمور البلدية..
ألم اقل لك ماذا تفعل هنا؟
قال له وهو يرتجف من الخوف ودموعه تكاد تتفجر من عينيه الجميلتين:
ابيع الورد..
ومن أين جئت بهذا الورد؟ هل سرقته؟
لا، أنا لم اسرقه، إنه في كل مكان،
ولماذا تبيعه، ألم يكن ذلك سرقة؟
الجميع يقطف الورد..
يقطفون واحدة كي شمونها او يقدمونها لمن يحبون.. ولكنهم لا يبيعونه.
ليس لدينا ما نبيعه، وليس لدينا مورد نعتاش عليه.. ولا احد يشغل الصغار، فكيف نعيش؟
هذه الورود ليست للبيع.. ثم إنك تعرقل سير المارة، قم من هنا...
وهو يلمل سلته ويعيد اكياس النايلون الى جيبه.. مرت سيدة وسمعت اطراف الحوار ووقفت تتأمل الصغير وهو يمسح دموعه بكبرياء وثقة وقالت:
بكم كل هذا الورد يا صغيري؟
لم يجب على سؤالها، أمسك بباقة الورد وسلمها إلى مأمور البلدية وافرغ ماء السطل.. وقال للمأمور:
خذ، يمكنك الآن أن تبيع الورد بدلا مني.. وغادر الرصيف..!!
***
د. جودت صالح
1 / 1 / 2025