نصوص أدبية
نسيم عاطف الأسديّ: اِجمَعْ جُموعَكَ وَانتَفِضْ يا عَنتَرَةْ
معارضة قصيدة الشّاعر مصطفى الجزّار
اِجمعْ جُموعَكَ وانتَفِضْ يا عَنتَرَةْ
فالسّيفُ مَجدُكَ وَالقصيدةُ جَوهَرةْ
***
اِدفعْ بِسيفٍ في يَمينِكَ غاشما
وَامنعْ بِتُرسٍ في يَسارِكَ مَجزَرَةْ
*
هانتْ عَلى الأعرابِ أعراضُ الثّرى
فَاستَعجَلَ الطُّغيانُ يُرسِلُ عَسكَرَةْ
*
وَاستَفْرَسَتْ فينا المَنايا والرَّدى
أطماعُهُ بَينَ الوَرى مُتفَجِّرَةْ
*
شيطانُ غاصِبِنا يَسُنُّ سِنانَهُ
وَعَراؤُنا جَهلًا يُحَدِّدُ خِنجَرَهْ
*
ما يَصنعُ الأعرابُ في أسيادِهِم
أمسَوا بِهذا العصرِ رَمزَ المسخَرَةْ
*
ما يَصنعُ الأعرابُ في أوطانِهِم
وَهُمُ العَبيدُ وَقَدْرُهُم ما أحقَرَهْ؟
*
ما يَصنعُ الأعرابُ في أسيادِهِم
مَرهونَةٌ أفكارُهُم مُستعمَرَةْ؟
*
فَالحاكمُ المَسؤولُ تُسبى أرضُهُ
وَيَدُقُّ أقداحَ الشّرابِ المُسكِرَةْ؟
*
وَتُراقُ أعراضُ النِّسا مِن يَعْرُبٍ
وَخُيولُهُ في أرضِها مُتمَسمِرَةْ
*
وَالحاكمُ المسؤولُ حَثَّ سِياطَهُ
تَبقى عَلى ظَهر الشّعوبِ مُسَيطِرَةْ
*
وَالحاكمُ المَسؤولُ ذي قُبُلاتُهُ
فَوقَ النِّعالِ الأجنَبِيَّةِ مُمطِرَةْ
*
كم أثقلَتْنا في المدامع غَصَّةٌ
مِن غيرِ ذَنبٍ حينَ نَرجو المعذِرَةْ
*
يا أُمّةً غَدُها يَموتُ مُدرَّجًّا
بِدموعِها تَبكي الأَسى مُتحَسِّرَةْ
*
يا أُمّةً تَبكي لِتاريخٍ مَضى
وَاليومَ تسألُ: أينَ تلكَ المَقدِرَةْ؟
*
قولوا لِعَبلةَ إنّ فارسَها هُنا
سَيَجيءُ بَطشًا كان ربي قَدَّرةْ
*
هلّا سألتِ الخَيلَ يا ابنةَ مالِكٍ
كيفَ الرّماحُ تُذِلُّ كُلَّ مُجنزرَةْ؟
*
وعنِ القتالِ سَلي نُسورًا أُشبِعَتْ
وَسَلي العِدى عَن سَيفِنا ما أقدَرَهْ
*
أسْرِجْ حِصانَكَ يا ابنَ عَبسٍ وارتَحِلْ
رُوحًا لِشَعبٍ مَيّتٍ في المَقبَرَةْ
*
لمّا رأيتَ العِلْجَ أقبلَ جمعُهُم
وسِلاحُهُم في أرضِنِا ما أكثَرَهْ
*
كُنتَ المَنونِ بأيِّ أرضٍ نِلتهُم
والرّعبَ يَفتِكُ في العَدوِّ فَيَقهَرَهْ
*
أسْرِجْ حِصانَكَ يا ابنَ عَبسٍ وانتَقِلْ
طوفانَ نورٍ في لَيالٍ مُقمِرَةْ
*
أسْرجْ رِياحَ العَزمِ وَارفعْ رايَةً
"للصَّحوِ يا أرضَ العُروبَةِ مُجبَرَةْ"
*
أسْرِجْ فَتيلَ العَقلِ يُشعِلْ دَربَنا
وَلْيَنتَهي عَصرُ اللّيالي المُقفِرَةْ
*
أسْرِجْ ظُهورَ المَجدِ تَحتَلُّ المَدى
فَسُيوفُنا مَسلولَةٌ مُستَنفَرَةْ
***
للشّاعر د. نسيم عاطف الأسديّ
..........................
مصطفى الجزّار: "كفكف دموعك وانسحب يا عنترة"
فعيونُ عبلةَ أصبحَتْ مُستعمَرَة
كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة
***
سقطَت من العِقدِ الثّمينِ الجوهرة
لا ترجُ بسمةَ ثغرِها يومًا، فقدْ
*
واخفِضْ جَنَاحَ الخِزْيِ وارجُ المعذرة
قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ.. ليصفَحوا
*
فالشِّعرُ في عصرِ القنابلِ.. ثرثرة
ولْتبتلع أبياتَ فخرِكَ صامتًا
*
فقدَ الهُويّةَ والقُوى والسّيطرة
والسّيفُ في وجهِ البنادقِ عاجزٌ
*
واجعلْ لها مِن قاعِ صدرِكَ مقبرة
فاجمعْ مَفاخِرَكَ القديمةَ كلَّها
*
وابعثْ لها في القدسِ قبلَ الغرغرة
وابعثْ لعبلةَ في العراقِ تأسُّفًا!
*
تحتَ الظّلالِ، وفي اللّيالي المقمرة
اكتبْ لها ما كنتَ تكتبُه لها
*
هل أصبحَتْ جنّاتُ بابلَ مُقفِرَة؟
يا دارَ عبلةَ بالعراقِ تكلّمي
*
وكلابُ أمريكا تُدنِّس كوثرَه؟
هل نَهْرُ عبلةَ تُستباحُ مِياهُهُ
*
عبدًا ذليلًا أسودًا ما أحقرَه
يا فارسَ البيداءِ.. صِرتَ فريسةً
*
نسبوا لكَ الإرهابَ.. صِرتَ مُعسكَرَه
مُتطرِّفًا.. مُتخلِّفًا.. ومُخالِفًا!
*
حُمُرٌ لَعمرُكَ.. كلُّها مستنفِرَة
عَبْسٌ تخلّت عنكَ.. هذا دأبُهم
*
أن تهزِمَ الجيشَ العظيمَ وتأسِرَه
في الجاهليّةِ...كنتَ وحدكَ قادرًا
*
فالزّحفُ موجٌ.. والقنابلُ ممطرة
لن تستطيعَ الآنَ وحدكَ قهرَهُ
*
بينَ الدّويِّ.. وبينَ صرخةِ مُجبرَة
وحصانُكَ العَرَبيُّ ضاعَ صهيلُهُ
*
كيفَ الصّمودُ؟ وأينَ أينَ المقدرة!
هلاّ سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مالكٍ
*
متأهِّباتٍ.. والقذائفَ مُشهَرَة
هذا الحصانُ يرى المَدافعَ حولَهُ
*
ولَصاحَ في وجهِ القطيعِ وحذَّرَه
لو كانَ يدري ما المحاورةُ اشتكى
*
مفتاحَ خيمَتِهم، ومَدُّوا القنطرة
يا ويحَ عبسٍ.. أسلَمُوا أعداءَهم
*
ونفاقِهم، وأقام فيهم منبرَه
فأتى العدوُّ مُسلَّحًا، بشقاقِهم
*
فالعيشُ مُرٌّ.. والهزائمُ مُنكَرَة
ذاقوا وَبَالَ ركوعِهم وخُنوعِهم
*
مَن يقترفْ في حقّها شرًّا.. يَرَه
هذِي يدُ الأوطانِ تجزي أهلَها
*
لم يبقَ شيءٌ بَعدَها كي نخسرَه
ضاعت عُبَيلةُ.. والنّياقُ.. ودارُها
*
في قبرِهِ.. وادْعوا لهُ.. بالمغفرة
فدَعوا ضميرَ العُربِ يرقدُ ساكنًا
*
لم تُبقِ دمعًا أو دمًا في المحبرة
عَجَزَ الكلامُ عن الكلامِ.. وريشتي
*
تترقَّبُ الجِسْرَ البعيدَ.. لِتَعبُرَه
وعيونُ عبلةَ لا تزالُ دموعُها
***
للشّاعر مصطفى الجزّار