نصوص أدبية

سعد جاسم: فيروز والثعلب

الثعلبُ الأُوروبيُّ الخبيثُ

قرَّرَ أَنْ يبدأُ وليمتَهُ الجديدة

بفنجانِ قَهوةٍ

{ربما هيَ إسبيرسو}

موهِماً نفسَهُ الماكرةْ

بإحتلالِ فيروز

أُمّنا الكونيَّةِ الصابرة؛

على قَهرِ هذا العالمِ

المهووسِ بالقتلِ والدَمِ

والحروبِ والأَوبئةْ

*

يالَها من كائنةْ

يالَها من ملاكْ

كأَنَّها قدّيسةٌ وكاهنةْ

تحرسُنا منِ الهلاكْ

بصوتِها ونورِها

تطردُ عنّا الذئابْ

والخوفَ والوحوشْ

وملوكَ العروشِ

ومن ظلامِ الأَزمنةْ ".

*

هكذا يقولُ حكيمٌ أعزلٌ

وخائفٌ وحزين

بالكادِ يَقْدرُ أَنْ يتنفّسَ

هواءَ اللهِ الشحيح

تحتَ أَنقاضِ بيروتَ

الطاعنةِ بالدمِ والفجيعةِ والخراب

والقاااااااادمُ

آآآآآآآآآآآآآآخ

طرررررررر

*

هكذا تَصرخُ إمرأَةٌ

جريحةٌ

وحزينةٌ

وغاضبةٌ

لكنَّها مازالتْ

برغمِ الطعنات

والغدرِ والخيانات

والزمنِ الملعونْ

تحتضنُ الناسَ

والبحرَ والارزَ

وشجيراتِ الزيتونْ

ومازالتْ ....

رغمَ الجرحِ الراعف

ونزيفِ الموتْ

هيَ بيروتْ

بيروتُ التي دائماً

لَنْ تَسْقُطْ

ولَنْ تُكْسَرَ

أو تُقْهَرَ

لأَنَّها عنقاءٌ أَبديةٌ

دائماً تنهضُ

من رمادِ الحرائق

والعواصفِ والحروب

وتظلُّ بيروتْ

فيروزَنا الصابرةْ

وأُمَّنا الشاعرةْ

التي لاتَفْنى أَبداً ؛

لأَنَّها: {جميلةٌ

وقويَّةٌ جداً} ونادرةْ

هذا ماقالَهُ الثعلبُ المُتَشاطر

في أَوّل ِالحكاية

فضحكتْ فيروزُ

ضحكتَها الخجولْ

وضحكتْ بيروتُ

منْ هَوْلِ الفضيحةِ والذبولْ

وضحكَ البحرُ وكلُّ كائناتهْ

وضحكَ المرفأُ والميناءْ

وضحكَ اللهُ مع الملائكِ

حتى همَتْ دموعُهم

وفاضتِ الأرضونُ والسماءْ

نهراً من الدموع والدماءْ

ولم تَكُنْ فيروزْ

أَرملةً خائفةْ

ولمْ تَعُدْ بيروتْ

وحيدةً نازفةْ

والثعلبُ المُتَشاطِرْ

مهما يَكُنْ ماكرْ

قَدْ أَصبحتْ لعبَتَهُ

واضحةً ... فاضحةً

وحظُّهُ كعقلهِ

منكسرٌ .. مندحرٌ

"منشكحٌ" ... مُنبطحٌ

مُنفعلٌ ... مُتفاعلْ

لكنَّهُ ياخيبتَهْ

يظلُّ مفعولاً بهِ

ولايكونُ يوماً فاعلْ

ولمْ يَكُنْ ذكياً

ولمْ يَكُنْ نبياً

أو عارفاً وشاعراً

أَوعاشقاً زكيّاً

وإْنَّما ...

كانَ مُجَرّدَ ثعلبٍ

وكانَ يَلعبُ لعبةً

معَ أُمّنا الصابرةْ

وفيروزِنا النافرةْ

وكانَ يحلمُ

بإنتدابٍ سافرْ

أَو بإحتلالٍ كافرْ

لكنّهُ ماكانَ بالشاطرْ

وإنَّما كانَ مُجرّدَ ثعلبٍ

غبيٍّ و فاشلٍ ومُتشاعرْ

وحظُّهُ طاحَ بوحلِ المَرْحَلَةْ

لأَنَّهُ إضحوكةٌ وواهمٌ ؛ مُتشاطرْ

يُريدُ أَنْ يَجتاحَ بيروتَنا

يُريدُ أَنْ يَحتلَّ فيروزَنا

ويُعيدَ مجدَ الإنتدابْ

ويُبيدَ فردوسَ الخيالْ

ويَسْبي سيدةَ النجومِ

والأَرزِ والغناءْ

ويُشِيدَ مُقبرةَ

ا

ل

غ

ي

ا

بْ

في هاويةِ الموتِ

و

ا

ل

ف

ن

ا

ءْ

***

سعد جاسم

في نصوص اليوم