نصوص أدبية

رسول عدنان: تركتُكَ تقولي كلَّ شئ

تركتُكَ تقولي كلَّ شئ

وذهبتُ أجلسُ في العراءْ

(الى امرأة لا تتحّقق)

***

هذه هي القصيدةُ التي أستحي منها ولا تستحي مني، أفصّلها ثوباً لا يرتديه أحدْ

أرسمُها قبلات لم تخطرْ على شفاه؛ تخيّلتُها مدناً مهجورةً فيها وقع أقدام كثيرة، وأحاديثُ لا تنتهي

قلنسواتٌ تتساقطُ على أرصفةِ لم يمرّ بها أحد

و أنهارٌ أسمعُ خريرَ مياهِها على خارطةِ الحائط

طالما سخرتْ منّي هذه النهاراتُ الحزينة؛ وأنا أرسم ُحبيبةً ملوّنةً في لوحة الحيرة ثمّ اقبّلُها في العراءْ

لم تكوني وحدَكِ في اللوحةِ بل كان الصمتُ الذي يهذي كثيراً يحيطُ بكِ

و كنتُ أنا ذلك السمّاقُ الذي يزيّنُ شفتيّك؛ وكنتِ ذلك العشقُ الذي يستغلنُي

***

أّيّتها الأنا التي تحيطُ بي؛ تركتُكِ تقولي كلَّ شئ وذهبتُ أجلسُ في العراء

أيّتها الفراشاتُ التي أطلقُها كالطائراتِ الورقيّة - - علّك تصلي اليها؟

يا أغصانَ التين التي تسحرُ المآرةَ؛ أيّها الكرزُ الذي يعدنُي بأشياء لم ينفذّها قطْ

وانت يا امرأةً ترممُ أسمَها بأستغلالي تبني مدناً بعظامِ عشقي وتهدّها

دعي صوتَك يمرُّ بي ويطلق ُ العصافير في الغبشْ

لماذا كنتِ لافتةً لا تدلُّ على شئ؟ لوحة بلا ألوان وطريقا لا ينفذّ الى مبتغى؟

لازلتِ لؤما يتدحرجُ من أعلى أنايْ، عشقتُكِ حتى نبت العشب على يدي

حتى تدحرجَ عشقي وأرتطم بنهدك وهو يعبث بأصابعي الناعسة

تبّا للساقية التي أوصلتني اليكِ لذلك العناد الذي بصقَ بوجهي

و أنا أقطفُ التينَ الذي يتساقطُ من أنوثتكِ وهي تسخرُ منّي

و أنا أشيّدُ المدنَ التي لا أسكنُها

***

المتاهةُ وانتِ ضدّان لا يلتيقان بخاطري يا ناقدتي التي يخذلُها الكلام

دعيني أجوسُ أزقّةَ صدركِ المكسوِّ بالكنافة؛ دعيني أرمّمُ الأناقةَ في أنوثتكِ

أسألُ عنك الحروفَ الأبجديّة واللا أبجديّة

علّي أحدّثُ عنك الكرزَ في العراء؛ او طائرَ السنونو حين يحطّ ُعلى نافذتي؛

او حتى أسألُ عنك الأشياءَ التي أحببتُها في شبابي؛ علَّها تقودنُي الى أسمكِ الذي صار

غوايتي وألعابَ الصغارْ

فمن يقودنُي الى ضياعِك الذي لم أجده؟ الى بساتينِك التي هاجمني نحلُها الذي يغار مني

الى الأوراق التي كتبتها لك وتناثرتْ في العراءْ، وأنتِ عذابي الذي لا أشفقُ منه

وأنتِ خيبتي التي كانت أمامي وألمحها في الظلام، يا بقايا عظام أحلامٍ أتى عليها الندمْ

يا بقايا أماني نسيتها على الحائط فأكلتَها الآرضة؛ يا فاكهتي المحرّمة ونكهتني التي لا تطاق؛

عشقتُكِ حتى نبتَ العشبُّ على يدي؛ حتى رهنتُ خاتمي لديك بلا ثمنْ؛ يا نخلتي التي تشهقُ بأنفاسي يا أرضي التي أستباحها سواي؛ مَن لي بمهمازك يجرُّني اليكِ؟ كيف أجرّك من شعرِكِ؟ وأنتِ الغبشُ كلُّه والشمس التي تنأى خلف أوهامي! كيف أرسمُك مستطيلا منْ عشقْ وانا دائرةٌ من ضياع؟ يا أوراق الدفلى التي تكسّرت بين أصابعِ الصغار؛ يا ثيابَ الملكاتِ القديمةِ ورائحةَ الوصائفِ في القصور؛ يا بقايا أماني نسيتها على الحائطِ فأكلتها الآرضة

***

د. رسول عدنان - شاعر وناقد عراقي

 

في نصوص اليوم