نصوص أدبية

سعد جاسم: شاعر يشبه حياته

إلى منذر عبد الحر وغنائه السري

ميمٌ …

نونٌ …

ذالٌ …

راءْ …

" سِرّياً سيكونُ الغناءْ "

والبوحُ والنزفُ والبكاءْ

وهكذا يا صاحبي

هكذا يا " مُنذر عبد الحُرْ " .

هكذا أَبدأُ النشيدَ

وهذا النشيجَ

الذي كانَ مختزناً

في القلبِ

والنفْسِ والذاكرةْ .

هكذا أَبدأُ …

انشودتي الهادرةْ

يا شاسعَ الرؤيا

وناصعَ الروحِ

وحافظَ الأَسرارْ

والرؤيةِ الآسرةْ

*

ياطاهرَ الرحْمِ

وشاعرَ الحُلْمِ

وفاتحَ الأبواب

ومُشْرِعَ النوافذ

على فضاءِ الأملْ

كنتَ وتبقى ناصعاً

واليماماتُ الأَليفةْ

والفراشاتُ الشفيفةْ

في قلبِكَ الحنونْ

وحضنكَ الدفيء

وفوقَ رأسِكَ الفضّيِ

هيَ تهدلُ …

وهيَ تنزفُ …

وفي المدى نافرةْ .

*

ويا " مُنذرعبد الحُرِّ ".

يا مَنْ جُبِلْتَ

من ماءِ (شطِّ العربْ)

وطينِهِ (الحرّي)

وقلبِهِ النقيِّ

لا يعرفُ الكَذِبْ،

ولا المياهَ الماكرةْ .

*

ويا أَيُّها الطائرُ والشاعر

الذي لا يشبهُ إلا نفسَهُ وشِعرَهُ وحياتَهُ

التي عاشَها وتنفَّسَها ؛

حُرّاً ، أَصيلاً ، صادقاً،

وهوَ لايخلعُ صاحبَهُ ،

مثلما يفعلُ

(صعاليكُ الخارجِ)

المُلوّثو السِيرةِ

والنوايا والنصوصِ

والرؤوسِ الكافرةْ .

*

و"مُنذرُ عبد الُحر".

نهرٌ من الطفولةِ

وعُمْرٌ من الرجولةِ

وسادنُ الصحائفِ

والقصائدِ والأماسي والحكاياتِ والكؤوسِ

والطرائفِ والذكرياتِ

والأَغاني والدموعْ الطاهرةْ .

*

و ابنُ " الحُرِّ "،

طفلُ "البصرةِ "

والقلوبِ النقيَّةِ

وفتى الفكرةِ

والوجوهِ البهيَّةِ

وعاشقُ بساتينِ

" أَبي الخصيبْ "

ونخيلِ " الزبيرِ "

وسمائهِ المُتلألئةِ ؛

بنجومِ الليالي

وتواريخِ الجنوبِ

وأسرارِ الصبايا

و " الغناءِ السرّي "

والزرقةِ الساحرةْ .

*

ويا " مُنذر عبد الحُرِّ " ،

الذي قَدْ أَنجبتْكَ

أُمُّكَ " البَصْرِيَّةُ "

ذاتَ يومٍ صيفيِّ

ليسَ كمثلِ الأَيامْ

فكنتَ الحرَّ والشِعرَ

ونهرَ المحبَّةِ

وضوءَ العشقِ

وموّالَ الحزنِ

ومعزفَ " إسرافيلْ "

ومُنذرَ " كَلكَامشَ "

أَنْ لا يفقدَ عشبتَهُ

أَو إكسيرَ شبابِهِ

في رحلتِهِ الخاسرةْ

وأَنْ يُحاذرَ الوحوشَ

والسُمومَ

والأَفاعي الغادرة

*

فيا "منذر عبد الحُرْ" ،

سلاماً لكَ ،

يومَ ولِدتَ

ويومَ عشْتَ

في البلادِ الجريحةْ

والفنادقِ العجيبةْ

والباصاتِ الليليّة العتيقةْ

والغرفِ التي لا تكتمُ

اوجاعَ البكاءَ المُرْ

ولا الهواجسَ

ولا الوساوسَ

ولا الأَنينَ ولا الحنينَ

ولا أَيَّ مصيرٍ أَو سِرْ

فسلاماً يا " مُنذر عبد الحرْ"

سلاماً عليكَ

وعلى روحِكَ الجنوبيةِ الشاعرةْ

***

سعد جاسم - كندا

2024-5-15

 

في نصوص اليوم