نصوص أدبية

ليث الصندوق: ألأسئلة المتفجّرة

(إلى حسن العاني)(*)

بعد أقل من عشرة أيام على وفاته

إتصل بي هاتفياً من هناك

كان صوته شاحباً ومُثقّباً

وأنفاسه تتفتت من برودة الغربة

فقد أخذ معه حقائب ملآى بالدموع

بينما راحت أفكاره تتوهّج

محوّلة اليأسَ إلى شجرة ذات أسنان

**

سألني عن الوطن

هل ما زالت خارطته في المدارس ملوّنة؟

أم انّ العثّة استبدلت أثواب العرائس بالرماد

وهل الهواء ما زال يصلح لنقل البريد السرّي؟

أم انّ أنفاس نافثي الحجارة قد أيبسته

فصار يتفتت تحت الأقدام

سألني عن مصير موجةٍ من الغِرين

مرّت بجسر الصرافيّة

ثمّ اضطجعت

تتنسّم أبخرة الليل المشويّ على قصائد أبي نواس

لكنّ عيون الصيّادين قطّعت أزرارها

فبدتْ نهودها الألف

كأسماك موشكة على الذوبان

**

سألني أسئلة كثيرة

لكنّ نشقة الغبار الخارجة من ثقوب الهاتف

جمّدت الزمن

فلم أعد أذكر منها غير ما يصلح للبكاء

**

أعذرني صديقي،

لن أجيب على أسئلتك

فهي تتطلب حياة مضمونة

وما تبقّى لي من العمر

ليسَ أكثرَ من نفثة دخان سيكارة

ربما عثرتِ الحربُ على أرنبٍ أسمنَ مني لتأكله

لكني لم أزل أسمع من تجاويف عظامي

أصواتُ استغاثة

***

شعر / ليث الصندوق

..................

(*) حسن العاني ( 1943 – 2024 ) روائي وقاص، وواحد من أبرز الإعلاميين العراقيين

في نصوص اليوم