نصوص أدبية

صالح البياتي: مملكة قابيل

هادئة ٌ جدا ً كمقبرةٍ ..

لا تسمعُ فيها

نأمةُ همسٍ

في سكرةِ موتٍ

لمحتضرٍ

تُهمسْ

**

ولا تُرى فيها

دمعةٌ في مآقٍ

في لحظةِ رعبِ

تتحجرْ

**

بينَ الأسوارِ

صليلُ سيوفٍ

صخبُ حديدٍ يتكسرْ

**

في المملكةِ - المقبرةِ

أشباحُ رجالٍ عميٌ

أمواتٌ لكنْ ينتحبون

بومٌ كسيحٌ أخرسْ

ينعبُ ليلاً ونهاراً

**

حُراسُ المقبرةِ

سُكارى نِيامٌ

والعَسسُ

على قدمٍ وساقٍ

للذبحِ  قيامٌ

**

شمسٌ تظهرُ فيها

للجَوعى في الليلِ

كقرصٍ شاحبٍ

وقمرٌ قبل بروغه

يأفلُ بطعنةِ خنجرْ

*

حدودُ المملكةِ رُسِمتْ

برمادِ ألأجسادِ

وشعارات المملكةِ خُطتْ

برشقات دم

على كفن

بحروفِ لغةِ الأجدادِ

أسرقْ أرضاً

واقتلْ شعباً

فأنتَ تُنفذُ

وصايا الربْ

**

تاريخُ مملكةِ قابيلَ

قديمٌ جداً

قِدمَ أبليس

حينَ عصى

وتكبرْ

**

حكماءُ المملكةِ

بكهفٍ سريٍ

يتوارونَ

بأساطيرِ التاريخِ

وبكتابٍ مرقومٍ

يقرأُ  آناءَ الليلِ ..

وأطرافَ النهارِ

يُرددُ ..  يُتلى

كلَّ صلاةٍ

لإلهٍ غاضبْ

يتوعدْ

**

الموتُ كأسُ زؤامٍ

يوزعُ فيها

مجاناً

**ً

أو يأتي سحباً

أشتاتاً ً

في لحظةِ نحسٍ يتلبدْ

ينزلُ ً ناراً

تنهمرُ أحياناً زخاتٌ

أو تنصبُ جحيمٌ

في كلِ الأوقاتِ

**

قرعُ طبولِ للحرب

تقيمُ الأمواتَ

ونفخٌ أكاذيبٍ

في بوقِ لا يهدأُ..

**

أترانا

في مملكةِ قابيلَ

قتلنا بأيدينا

آخرَ حلمٍ

بمدنِ اليتوبيا

يتوبيانا

التي حلمنا فيها

منذُ الفِ سنةٍ

بيضاء ..

***

صالح البياتي

...................

* ليست بمكان معين على خارطة العالم، ولكن قد تنطبق أوصافها على اي نظام سياسي، وقد تكون الدستوبيا، البديلة لليوتوبيا؛ حلم الفلاسفة الطوبائيين.

 

تعليقات (3)
This comment was minimized by the moderator on the site
قصيدة جميلة ولو أنها تنم عن اليأس والتشاؤم.
من اهم من كتب عن الدايستوبيات مارغريت أتوود.
قرأت لها مؤخرا حكاية الجارية.
رواية مرعبة عن احتراق الإنسان وعالمه.
ولكورماك مكارثي رواية الطريق. وهي عن احتراق امريكا وتحولها الى خرائب..
كأنه يكتب عن عراق 2003 وسوريا 2013..
This comment was minimized by the moderator on the site
صديقي ، أنا لست متشائما، الواقع يفرض علينا أن نخاف من الإنحدار للكارثة، ومدن الديستوبيا لم تعد خيال ، في رأس انسان يائس ، او متشائم متوحد، خلال اليومين الماضيين، وقعت حادثتين في سدني لا أظن انك لم تسمع بهما۔۔ وهما مثال على فقدان الثقة بحياة آمنة ، بين أناس عاديين، قد يضمرون شرا لا يمكن توقعه۔ نلجأ الى السلام الداخلي بالتأمل ، ولكن لا يحمينا من الحرب التي تشتعل حولنا۔۔۔
مع جزيل شكري لتعليقك على القصيدة۔
This comment was minimized by the moderator on the site
شمسٌ تظهرُ فيها

للجَوعى في الليلِ

كقرصٍ شاحبٍ

وقمرٌ قبل بروغه

يأفلُ بطعنةِ خنجرْ
***
لغة مصقلة ببلاغة شاعر كله سلم و سلوان، يرسم لنا بريشة طائر العنقاء ارقى صور شعرية تناسب مملكة المقبرة- او مملكة السفاحين، فأين يقع جغرافيا الشاعر بين تلك الخناجر؟ أن لم تكن ثورة توعوية شعرية ضد سفك دماء الابرياء فما هي هذه الكلمات الصميمية المتجددة وكانه يلعن بلغة الحال من رسم خارطة القتل والقتال على وجه المعمورة لأول مرة ومازال طريقه عامر بسلطويين و بلطجة، حط اصبعك على أي رقعة في عالمنا الحبلى بالمآسي ستجد بقع دماء طاهرة لن تجف مادام هنالك صراع مستمر بين الشر والخير ولسوء الحظ غالبا ما يقهر قابيل هابيلا.. شكرا أستاذ صالح على هذه التحفة الثمينة.
لا توجد تعليقات على هذه المقالة حالياً.
شارك بتعليقك
Posting as Guest
×
0   Characters
Suggested Locations

في نصوص اليوم