روافد أدبية

نورالدين حنيف: صمتٌ كَسِير

عجِبْتُ لهذا الصّمتِ مالَ كسِيرا

حكى عَرَباً صارتْ سِلاحاً ظَهيرا

*

توَلّتْ عدُوّاً بالسّلامِ نَهاراً

و ليْلاً تسُومُ الْأهْلَ سَوْماً جَهِيرا

*

تُحاكِي بُطولاتٍ سَدَاها خيالٌ

نَسيجٌ لِذاتٍ قارَعَتْ مُسْتَجِيرا

*

قِرَاهُمْ لِعُجْمٍ ما لَهُ مِنْ شَبِيهٍ

و لِلْأهْلِ تَجْويعٌ، قَراهُمْ نَقِيرا

*

أسودٌ على مُسْتَضْعَفٍ مِنْ ذَوِيهم

نعاماتُ خوْفٍ قدْ غدا مُسْتَطِيرا

*

لهُمْ خُطبٌ عصْماءُ جادَتْ لِساناً

تَماهَى بِحِرْباءٍ تُوارِي خَدِيرا

*

بلاغاتُهُمْ صَهْواتُ غدْرٍ و لُؤْمٍ

تَراهُمْ بُكاءً يسْتَعِيرُ نَفِيرا

*

بِبَذْخٍ بَنَوا أعْراسَهُم فاسْتَزادُوا

مُجُوناً وَعُرْياً ثمَّ سُكْراً عَقِيرا

*

كُرُوشُهُم منْفوخَةٌ مِنْ حرامٍ

حلالُهُمُ ليْلٌ تَمادَى مُثِيرا

*

فما بَالُ عُرْبٍ بالَ فِيهمْ زمانٌ

خَرَى فِيهمُ خَرْياً تناهَى جَعِيرا

*

أراهُمْ ضَفِيراً مِنْ سُلالَةِ صِفْرٍ

تَراهُمْ إذا صَاحُوا أبانُوا صَفِيرا

*

خواءٌ يَشِي خَوْفاً مَلِيئاً بِعُقْمٍ

مَحافِلُهُمْ رامتْ مقالاً نَكِيرا

*

يُحِبّونَ أرْدافاً كمالَ جُسُومٍ

تَسِيلُ لُعاباً قدْ يُسِيلُ سَعِيرا

*

يبِيعُونَ أوْطاناً إذا بَهْكناتٌ

تَهادَيْنَ بِغُنْجٍ أمالَ وَقِيرا

*

يَدِينونَ أدْياناً إزاءَ ثَراءٍ

و دِينَهُمُ ينْسَونَ نِسْياً معِيرا

*

إذا أممٌ رامتْ سِياداً تراهُمْ

يتوقُونَ ذُلّاً رامَ عيْشاً حقيرا

*

كَذا وَصَفَتْهُم حِكمةٌ في قَدِيمٍ

طعامٌ و كِسْواتٌ تَحَرّتْ مَصِيرا

*

حكاها ابْنُ أوْسٍ في معانٍ بِوَخْزٍ

جَرَتْ مَثَلاً يَهْدِي عُبُورا نَظِيرا

***

نورالدين حنيف أبوشامة

شاعر من المغرب

في نصوص اليوم