نصوص أدبية
جميل حسين الساعدي: في ذكرى التي اختفت فجأة
ولمّـــا احتوانــا الطريــقُ الطويــــل ُ
وغابَ المطــارُ مـــــع َ الطــــائــره ْ
*
غفـــتْ فوق َ صدري كطفـل ٍ وضمّتْ
يـــــديَّ كعصفـــورة ٍ حائــــــــــره ْ
*
أحبّـــــك َ ــ قالــــــت ْ ــ وأنفاسُـــــها
تطــوّق ُ أنفاســـــي َ النافــــــــــــره ْ
*
لأجلك َ أعشــق ُ نخْـل َ العـــــــراق ِ
وأعشــــــق ُ أهــــــــواره ُ الساحره ْ
*
وأعشـــق ُ مصْر َ لأنّــــك َ فيـــــها
تمجّـــــد ُ آثـــارهـــــا النـــــــــادره ْ
*
صمــتُّ وحــرْت ُ بماذا أجيــــــب ُ
تذكّــــرْت ُ أيّامــــــــي َ الجائــــره ْ
*
تمنيّت ُ أنّـــي نســـــــيت ُ الوجـــود َ
ونفســــي وعشــت ُ بلا ذاكـــــــــره ْ
*
فقلْــت ُ وإنّــي أحبّـــــــك ِ جـــــــدا ً
بكُثْـــــــــر ِ نجـــــوم ِ السما الزاهره ْ
*
مكـــــانك ِ في القلْب ِ يا حلوتــــــي
وليس َ ببغـــــــداد َ والقاهـــــــــــره ْ
*
وخيّــم َ حزْن ٌ علــــــى وجههـــــا
بلوْن ِ غيــــــــوم ِ السمــــا الماطره ْ
*
وقالت حبيبي إذا غبت ُ يـــــــوما ً
فلا تحْسـَــــبنْ أنّـنــــــــي غــادره ْ
*
ولا تحـــزننْ سوف َ آتـــــي إليك َ
وتشعــــر ُ بي اننــــــــي حاضــره ْ
*
سيحملنـي الفـــــلُّ والياسميــن ُ
إليــــك َ بأنفاســـــــه ِ العاطــــــره ْ
*
وســـالت ْ علــى خدّهـــا دمعة ٌ
فضقْـــــت ُ بأفكـــــــاري َ الحائـره ْ
*
نظـرت ُ إليها أريــد ُ الجـواب َ
فردّت ببسمـتهــــا الســــــاخــــره ْ
*
قصــــدْت ُ المزاح َ فلا تقلقَـنْ
خيــــــالات ُ عابثــــة ٍ شاعــــــره ْ
*
أجبت ُ هو َ البحـر منتظــــــر ٌ
يريـــــــد ُ لقاءك ِ يا ساحـــــــــره ْ
*
هنالك ّ في المـــوج ِ نرمــي الهموم َ
وأوهـــام َ أزمنـــــــة ٍ غابـــــــره ْ
*
نخـــطُّ علـــى الرمْل ِ أسماءنـــــا
كطفليْــــن ِ في دهْشـــــة ٍ غامـره ْ
*
ونرشــف ُ في الليل ِ كأسَ الهوى
تســـامرُنــــا نجمــــــة ٌ ساهــره ْ
*
ويوقظنا البحر ُ عنْـــد َ الصباح
فنصغـــــي لأمـــــواجه ِ الهادره ْ
*
ومـــرّتْ على البحْـــر ِ أيّــامنا
ســـراعا ً وعادت بنـــــا الطائره ْ
*
فقـــدْ كان َ هــــذا اللقاء الأخير
فقــدْ رحلـــــتْ جنّتـي الناضــــرهْ
*
وليس سوى الجرْح يحيـــــا معي
كوقْـع ِ السكاكين ِ فــي الخاصره ْ
***
جميل حسين الساعدي
.......................
* بعد عودتنا من مصر، اختفت الحبيبة فجأة، وبعد أسبوعين أو ثلاثة أخبرتني صديقتها أنها ذهبت الى بلادها سويسرا، لتموت هناك فقد كانت تعاني من مرض عضال، أخفته عني طيلة الوقت، خوفا من وقع الصدمة عليّ، فقد كانت تعرف مدى حبي لها. لكن كتمان أمرمرضها لم يغيّر من الأمرِ شيئا، فقد كانت صدمتي كبيرة حين علمت بسبب اختفائها. هذه القصيدة تصور آخر لقاء لنا في مصر.