نصوص أدبية
صبيحة شبر: جزاء سنمار
يقول لك الطبيب:
- انت متعبة وعندك التهاب بالمفاصل، لا تحملي ثقلا ولا تنحني، مهما سقطت منك حاجة ثمينة، اتركيها في مكانها، وحافظي على صحتك وامنحي نفسك بعض الراحة، لا تجعلي الاعمال المنزلية تستنزف طاقتك، اعمال المنزل يمكن ان تنتظر، وحين تشعرين بالتعب خذي راحتك بالتمشي، الوقوف يضرك، فقط المشي جيد لصحتك..
تنفذين نصائح الطبيب، فتخرجين لبعض الوقت خارج المنزل، وتزورين جارتك التي بيتها ملاصق لبيتك ـ وحين نعودين... تجدينه قد وقع على الارض وافترش المكان قرب المنزل
- ماذا جرى؟
- وقعت على الارض وجئت زحفا الى هنا !
- هل تستطيع القيام؟
- لا... مستحيل..
تهرعين الى الجارة، تطلبين من ابنها ان يستفسر عن الاطباء الموجودين في عياداتهم:
- لا احد باق، كلهم غادروا، لقد انتهى دوامهم..
- والمضمد؟
- يقول انه لا يستطيع ان يفعل شيئا، ويجب علينا ان نسرع الى المستشفى.. تأخذين معك راتبك وتنزلين معهم
حمله ابن الجارة، نزل به الدرجات، تسمعين امه:
- ولدي انتبه الى ظهرك ! يا ابني انتبه الى نفسك
ماذا يمكنك ان تفعلي؟ وانت لا تحبين ان تكلفي الناس فوق طاقتهم، كما انه لا احد معك يمكن ان يقوم بالمهمة بدلا عن ابن الجارة، فتصمتين على استحياء..
- هل تصحبني ونذهب به الى المستشفى خالتي؟
- ضروري.....كما تشائين خالتي !
يسرع ابن الجارة في استئجار سيارة اجرة تقلكم الى المستشفى:
وبعد الاشعة:
- يحتاج الى عملية، اصيب بكسر من الفخذ والقدم وبعض من الركبة، اجرة العملية ثماني ملايين من غير تكاليف العلاج، هل توافقين على اجراء العملية هنا ام تذهبين الى مستشفى حكومي؟
توافقين على البقاء في المستشفى الاهلي، وتتصلين بالمعارف والاصدقاء والاقارب، واولادك الذين تزوجوا واستقلوا في بيوتهم،علهم يساعدونك، فانت لا تملكين شيئا فوق راتبك، وكل ما تستلمينه من نقود تصرفينه على متطلبات المنزل، من ايجار ومولدة وانترنت وطعام وادوية، فانت مريضة بعدد من الامراض تحتاج الى عناية والى شراء ادوية باستمرار...يلبي الاصدقاء وابناؤك ما تطلبينه منهم وتجمعين نصف المبلغ المطلوب، ويبقى النصف الاخر، وهو مبلغ كبير، من اين لك تدبيره؟ وتخبرين جارتك التي جاءت تزورك في المستشفى بمعاناتك:
- سوف استدين ما تحتاجين من نقود.. وانا لا املك منها شيئا...
انه مريض وانت تركضين ملبية ما يطلبون منك مرة اشعة واخرى تخطيط وثالثة دواء ورابعة تحليلات، وتسمعين كلمات تدل على التعاطف معك:
- انت مريضة وتحتاجين الى من يرعاك..أليس معك من يعتني بك، نحن معك سنقوم بما يطلبون منك، فانت متعبة..
تصرفين كل ما معك من نقود على الدواء والتحليلات والاشعة، وحين تزوره ابنة عمه تطلبين منها ان تبقى مع قريبها لبعض الوقت ريثما تذهبين الى المنزل لتأتي بملابس له ليغير ملابسه القديمة ولتدبري بعض النقود فقد نفذ ما عندك من نقود، تعتذر ابنة العم لأن عندها شغل، لكنها توافق بعد الحاح منك.. وانت في سيارة الاجرة في طريقك الى المستشفى تسمعينها تتصل بك بالهاتف:
- هيا عودي، انا عندي شغل.. انت قلت دقائق واعود..
تعودين الى المستشفى، تسمعين توبيخا من المريض:
- لماذا تتركين قريبتي لوحدها، انت تعلمين انها مشغولة..
وماذا يمكنك ان تقولي وكل هذا التعب يذهب دون فائدة، تأتيك احدى النزيلات في المستشفى...
- سيدتي هل تحتاجين الى مساعدة؟ يمكنني ان اقدم لك ما تريدين؟
- شكرا لك بارك الله بك..
- انت متعبة وتعتنين بمريض، يبدو عليك انك اكثر مرضا من مريضك..من الواجب ان نساعدك.
- نحن معنا من يساعدنا، وأنت وحيدة، اي شيء تحتاجين لنقوم به بدلا عنك
وصف الطبيب ادوية جديدة،فتأتيك الممرضة
- خذي هذه الوصفة واشتريها من الصيدلية قرب المستشفى..
تذهبين وتعودين بسرعة مع حزمة من الادوية، تأتيك مرة اخرى احدى الممرضات.
- هذه ادوية يحتاجها المريض في العملية !
تسرعين للصيدلية التي قرب المستشفى، تجدين المصعد عاطلا، تذهبين الى مصعد آخر، تجدين الازدحام شديدا في الصيدلية وأنت لا تقدرين على صعود الدرجات الكثيرة لتطلبي الدواء الذي في الوصفة:
- سيدتي هاتي الوصفة وانا اطلبها لك..
- سنلبي حاجتك اولا، فانت لا تستطيعين الانتظار.
تأتيك الطبيبة وتخبرك ان مريضك سوف يدخل غرفة العمليات بعد قليل.
بعد ان دخل غرفة العمليات اتتك الممرضة:
- في غرفة العمليات يطلبون منك ان تذهبي اليهم..
- ماذا جرى؟
- لا ادري... اذهبي لتعرفي..
- المريض حالته المعنوية سيئة، ونريد ان نخبرك انه اصيب بالشلل، لا تخبريه الان، ليعلم الحقيقة بالتدريج !قولي له بعد ان يخرج: ان العملية نجحت
يخرج المريض بعد اجراء العملية:
- مبارك لك نجحت العملية.
توزعين عليهم ما تستطيعين عليه من قطع ورقية من النقود
- غدا سوف يخرج من المستشفى، لا فائدة من بقائه في المستشفى..اتفقي مع من يمكنه ان ينقله الى البيت،
تتصلين بسيارة الاسعاف، وتتفقين معهم على نقل المريض الى البيت..
تتصل بك صديقتك الدكتورة وتخبرك:
- لماذا اجريتم العملية في مستشفى اهلي، سوف اتحدث مع احد المستشفيات الحكومية التي تعرف بحسن عنايتها بالمرضى واتفق معها على نقل مريضك اليهم.. لا تخبرين صديقتك بحالة المريض الفعلية...وانه اصبح مشلولا.
تخبرين المريض بفكرة انه يمكن ان ينتقل الى مستشفى حكومي:
- فكرة حسنة، وهناك مستشفيات حكومية معروفة بحسن الرعاية.
يتصل بأبنة عمه ويخبرها انه يمكن ان ينتقل الى مستشفى حكومي.، فتثور ويعلو صوتها بالهاتف:
- لماذا؟ انا لا اوافق، ابق في المنزل وعلي زوجتك العناية بك...
يلتفت اليك المريض:
- لن أذهب الى مستشفى حكومي ولن اعطيك النقود التي تقولين انك صرفتها علي في المستشفى، فهذا واجبك.. وان كنت لا توافقين اذهبي الى بيت خالتك في الديوانية...
- وهل هذا ليس بيتي؟ حتى اخرج منه الى منزل اخر ليس لي، لن اخرج من منزلي مهما حاولت...
يسكت المريض..وانت لم تخبريه بعد بحقيقة مرضه..
***
صبيحة شبر
17 ايار 2022