نصوص أدبية
إسماعيل مكارم: أشجار التين والزيتون
نصان عن غزة الجريحة المُحاصرة
النص الأول: أشجار التين والزيتون
أشجار التين والزيتون والصّبارْ
ترودُ شواطِئ غزة
الأرضُ مبقورة ٌ بالقذائفِ والفوسفور الأبيضْ
قوسُ السّماءِ مُكسرٌ مُتصدعْ
لا مكان بلا ضحايا
البيوتُ مُدمّرة تشخَصُ بحُطامِها
نحو البحرْ،
لا مكانَ هنا للابتسامهْ
رسمَ الرّصاصُ صُورا
على الجدرانِ المتبقية
مثلَ خناجرِ قاتلي الأنبياء.
الجَرحُ يحكي قصّة الحياة
صورة ً بعدَ صورة
المَطرُ يحكي قصة البعث
ربيعاً بعدَ ربيع،
أشجار الزيتون التي تنمو على السفح
تروي بهاءَ الطبيعة،
ملحُ البحرِ يحكي آلامَ النسوة
اللائي ملأن بدموعهن هذا اليم.
رش هذا الخبز اليابس
كي تطعم الجياع،
تطاردُ كَ السّماءُ أنّى ذهبت
نجمة ُ المَساء ترميكَ بغبارها الأبيض
وتدرجُ اسمكَ ضمنَ الأهدافْ،
فتخرجُ من جيبكَ مُصحفكَ القديم،
وتنطِقُ بالشهادتين.
هذهِ الكرومُ تنتظرُ عودة َ البابونج
ومواسمَ الزيتون.
زَمنا طويلاً وهم خلفَ الخيام
يمضغونَ لُقمة َ أيوب
ذنبُهم أنهم فلسطينيون
في السمة واللسانْ،
جباههم سمراءْ
والكوفية ُ تشامخُ مثلَ خيمةٍ
في مهب الريح ِ
في ليلةٍ مثلجة.
اليدُ مجدولة بالبندقية
والبندقية امتدادٌ للقامةِ الفلسطينية.
زَمناً طويلاً وهم يجوعونَ
ويُستشهدونْ
مُحاصرين من برٍ ومن بحرْ،
أحرَقتِ الشمسُ حقولهم،
داهمَ الجفاف أراضَيهم،
اقتلَعتِ الريحُ الصفراءُ أبوابَهمْ
يدخلُ الموتُ إلى بيوتهم.
نفذَ العيشُ، كما نفذ الماء
وفي الجوّ ثعابينُ داوود تبُث ُ سمومَها،
لم يبقَ لهم سوى الإيمان
وهذا القلب ينبضُ بالأملِ.
زَمناً طويلاً وهم مُحاصرونْ
من برٍ ومن بحرْ
يجوعونَ، يتساقطونْ، ويُستشهدونْ
... ولكن ما من واحدٍ يتراجعْ
أو يترُكُ سيفَهُ.. ويمشي...
**
النص الثاني: غزة الحرة
غزّة ُ.. هي لكمْ
غزة ُ.. هي لنا
هديلُ يَمامهْ
دموعُ الثكالى
وَحزنُ اليتامى
دفترُ طفلٍ
وغُصنُ زيتونْ
**
غزّة ُ هي لكم... غزّة ُ هي لنا
ملحُ الأرضِ هيَ.
وهي الطريقُ... نحوَ السّلامْ.
***
بقلم إسماعيل مكارم