شهادات ومذكرات

توفيق التونچي: الشاعر السويدي ڤرنر أسبنستروم

(1918-1997)

إنا سياسي

 لدي أرائي

حول كيف تدور أحجار الرحى في بلدي

 أرى بان السلام اكبر همنا

***

إن ما يذكره الشاعر السويدي ڤرنر أسبنستروم في هذه الأبيات يترجم روح الشعب السويدي الداعي والتواق الى السلام في عالم مضطرب ومخيف. ولد الشاعر في توربو Turrbo. توفي والده اثر إصابته بمرض الأنفلونزا الإسبانية الذي كان قد انتشر في القارة الأوربية بدا انتشار المرض في البدا في فرنسا ثم انتر في القارة الأوربية.و بذلك ترك والدته وحيدة لتربي ثلاثة أيتام. بدا بالكتابة مبكرا حيث عبر ألشاعر عن فترة طفولته في كتاب Bäcken (1958) حيث وصف إحداث اليومية وتجاربه الشخصية الرائعة في القصيدة Bergslag i Hundarna، واصفا ربوع الطفولة والصبا في Torrbo. وعلى الرغم من أن المدينة كانت مكان ولادته، إلا أن بيئة المدن بصورة عامة بقت تلازمه وظهرت في العديد من قصائده الاخرى.

نراه يستهل في قصيدة (الحب والموت) ويقول:

ستحدث

الغابة تسمح بذلك

تصفر الأوراق وتتساقط

إنها كذلك

كدوامة بعيدًه.

ندور بعيدا.

إنها كذلك.

لا أتمكن تغيير ذلك.

بين اعوام 1936-1938 درس في مدرسة Sigtuna folk högskolan في أطراف العاصمة ستوكهولم وتلك المدارس الشعبية العالية لهؤلاء ممن لم يحالفهم الحظ والظروف للدراسة في المدارس الحكومية الرسمية وكنت قد درست في احدى تلك المدارس اللغة السويدية قبل أربعة عقود خلت في مدينة يفلا Gävle شمال العاصمة ولا زال لي أصدقاء أحبهم واعزهم من تلك الفترة. وحين انتقل الشاعر لاحقا إلى العاصمة رشح لدراسة الدكتوراه في الفلسفة عام 1945.

خلال العمل الصيفي في Kymmendö وهي اكبر جزيرة تقع في أرخبيل العاصمة في الشمال الشرقي وعلى بعد حوالي ٧ كيلومترات. ترك لديه عمله انطباعًا حول حياته وكتاباته حيث التقى ها هنا مع زوجة المستقبل، الفنانة Signe Lund. وتزوجا عام 1946 ورُزقا بطفلين. ابنتهم آنا ولدت عام 1951 وابنهم بونتوس من مواليد 1961.

نشر ألشاعر لأول مرة في عام 1943 ايام الحرب مجموعة من القصائد التي نأى بنفسه عنها فيما بعد. اتصل في العاصمة ستوكهولم بمجلة ألأربعينيات وأصبح عضوًا في هيئة تحريرها. كتب مجموعة من القصائد Skriket och tystnaden (1946)، كان يُنظر إلى الشاعر كأول أربعين أديب إلى جانب أدباء امثال Erik Lindegren وKarl Vennberg وStig Dagerman. في الكتاب، ظهر الشاعر في نفس الوقت كأديب نموذجي في الأربعينيات مغردا خارج السرب مختلفا عن المعتاد في ذلك الوقت. بالإضافة إلى البصيرة المميزة المليئة بالقلق حول تفكك القيم في المجتمع التي جاءت مع واثناء سنوات الحرب العالمية الثانية، تحتوي المجموعة أيضًا على العديد من القصائد التي تشير إلى الشعر الطبيعي والملاحظات اليومية الحياة اليومية وهي على شكل إشارات حول هموم واهتمامات الشاعر اليومية وأحاسيسه وفيما بعد عام (1949) حقق الشاعر إنجازًا كبيرًا. متجها إلى البساطة والى كتابة صورا أكثر واقعية. كما هي في مجموعة من القصائد امثال Litania (1952) وHundarna (1954)، والتي تشكل مع Snölegend ثلاثية. من المؤكد بانه ترك العدوانية المرتبطة بالماضي وبالأسئلة الكبيرة حول البقاء والخلود. أخذت الطبيعة أيضًا مكانة بارزا في اشعاره وبشكل متزايد في شعره المتاخر، كما في قصائد تحت الأشجار (1956). في مجموعات قصائد Inre (1969) وUndertiden (1972)، هناك بعض الاعتبارات السياسية النموذجية، ولكن في مجموعات القصائد اللاحقة، يسود الواقعية الملموسة، ولكن أيضًا عناصر الغموض. يصور الشاعر التقرب من المخلوقات في العالم، وحياة الأحلام كمسار سحري للبصيرة، وتأملات فكرية في مجرى الحياة والزمن، ويعبر عن أغاني المديح للوجود والتصوف والعبادة التأملية.

حصل الشاعر على الدكتوراه للفلسفة في عام 1976. وفي عام 1981، تم انتخابه على مضض كعضو في الأكاديمية السويدية حيث جلس على كرسي رقم 12 ومن المعروف ان عدد كراسي الأكاديمية ١٨ كرسيا حيث يبقى الشخص المنتخب عضوا في الأكاديمية لمدى الحياة، الجدير بالذكر ان هذه الأكاديمية أسسها ملك السويد غوستاف الثالث سنة 1786 على غرار أكاديمية اللغة الفرنسية حيث تختار وتمنح الأكاديمية اليوم كل عام احد الأدباء لمنحه جائزة نوبل للآداب ومنذ عام 1901. لكن في سبتمبر 1989 أعلن رغبته في ترك الأكاديمية وكما ذكر أتذاك "لأسباب شخصية". وذلك على خلفية النقاشات التي كانت دائرة أتذاك حول الكاتب البريطاني سلمان رشدي وكتابه " الآيات الشيطانية"، لكن السبب الحقيقي وراء القرار، كما جاء في دافع الانسحاب، ربنا كان أبعد من ذلك. لم يعد ألشاعر إلى الأكاديمية بعد خريف عام 1989. كما ترك عمله في جميع النقابات والجمعيات الأخرى التي كان ينتمي إليها، بما في ذلك اتحاد الكتاب السويديين ونادي PEN ) ( القلم) السويدي.

دفن الشاعر في مقبرة ماريا في ستوكهولم سنة ١٩٩٧.

***

إعداد: د. توفيق رفيق التونچي

الأندلس ٢٠٢٤

 

في المثقف اليوم