شهادات ومذكرات

أنور ساطع أصفري: المنتديات الأدبية في حلب خلال مئة عام

مدخل: لقد خلقَ الله الإنسان َ، وبثَّ فيه الروح، وزرع في فؤادهِ نزوعاً إلى التسامي والكمال، وفي نفسه رغبةً بالإنفراد وتحقيقِ الذات، وفي وجدانه حاجةَ اللقاء مع الآخر.

ومنحهُ العقل ليربط بين هذه المزروعات ويجمعها مفيداً منها في شؤون حياته ومتطلبات معاشه، وكذا عاش على التوازن بينها سوياً وحيوياً وخلاّقاً.

والإنسان السوي منذُ وُجدَ على هذا الكون يسعى لإثبات وجوده مبدعاً وحيّاً جديراً بالحياة. ومنذ واجهته الطبيعة بنواميسها، ودعته للخوض فيها، والانتصار عليها، علمَ أنه خليفة الإله على الأرض، فأراد الحصول على الأشياء، وتطويعها لصالحه ـ فأيقن بضرورة تعاونه مع نظرائه، وأدرك أنه بحاجةٍ ماسّةٍ إليه، وهكذا نما فيه حب الإجتماع، واعترف بنقصه فراحَ يكمله، ومن الإعتراف وُلدت المعرفة،، فالحقائق ليست ملكاً لفردٍ واحدٍ، والتجمّع يُولّد التفكير عبر الحوار، ويُنتج المعارف التي يُجمع عليها المجتمعون مُغمّسةً بالتجربةِ الجماعية، والممارسات الفردية، بعد الغوص في معانيها، والخلوص منها إلى فوائد، واستنتاج العبر والحكم فيها، فتتشكّل المعرفةُ الإنسانية.

التجمّعات الأم

وإذا كانت المعرفة نتاج التجارب الحياتية، وخلاصات المعاشِ الإنساني، فإن الثقافة هي بالتالي جُماعُ هذه التجارب وتلك الخُلاصات.

وما دامت المعرفة قد وصلت إلى الإنسان، وعاشت في حياته تأثّراً وتأثيراً، فلا بدّ له من نقل معرفته وتجربتهِ إلى الآخرين، سواءٌ أكان القصدُ من هذا النقل إفادة الآخرين ومساعدتهم على فهم الحياة، أم بحثاً عن خلوده وخلود تجاربه ومعارفه، وبخاصّةٍ حينما مُنيَ بالموت، فكان سبيله إلى ذلك كامناً في التوجّه إلى الآخر.

ولعل أول تجمّع معرفي \ ثقافي للإّنسان القديم كان في الكهف القديم، حيثُ يتحلّقُ سكّان الكهف متحدثين، وتمتزج المعارف وتتلاقح التجارب معروضةً أمام الجميع، فيبدي الكبار آراءهم، ويفيد الصغار في تنمية معارفهم وتقويم تجاربهم.

ولا جَرَمَ في أن يكون الكهف أول تجمّعٍ ثقافي، ولا نظنّ أحداً يُخالفنا في هذا القول، وإنْ وُجِدَ فإنّا نَزيدُهُ ونقول: بل إن الكهف هو أول صالةِ عرضٍ فنّية للمنحوتات والرسومات، وما دام صالة عرضٍ فني، فهو صالونُ إجتماعٍ ثقافيٍ وعرفي.

ومع تقدّم الأيام، وتطوّر الحياة، وبناء الحضارة، كان لا بدَّ للإجتماعات الإنسانية الثقافية أن تتطوّر، وهذا ما نلاحظه في إجتماعات العرّافين والكهّان والمعلمين والفلاسفة على مر العصور، وشيئاً فشيئاً بدأت تتضح وتأخذ ملامحها الميّزة، فيما يُسمّى: جمعية أو نادياً أوصالوناً أدبياً.

الجمعية والنادي والصالون في معاجم اللغة

ونُعرّجُ على معاجم اللغة لنفيد من الكشف عن معاني هذه التسميات، فلقد جاء في لسان العرب (جمعَ الشيء عن تفرقةٍ، يجمعه جمعا، وجمّعه وأجمعه فاجتمع واجد مع، وكذلك تجمّع واستجمع، والمجموع الذي جُمع من ههنا وههنا، وتجمّع القوم أي اجتمعوا أيضاً من ههنا وههنا، والجمعُ هو إسمٌ لجماعة الناس. والجمع أي المجتمعون، وجمعه جموع. والجماعة والجميع والمجمع كالجمع، وقومٌ جميعٌ مجتمعون، والجمع يكون إسماً للناس وللموضع الذي يجتمعون فيه، وأمرٌ جامع يجمع الناس، والمجْمَعَةُ: مجلسُ الاجتماع، قال زهير:

وتُوقَد نارُكم شرراً ويُرفع

لكم في كُلِّ مَجمعَةٍ لِواءُ.

والمسجدُ الجامع: الذي يجمع أهله، نعتٌ له لأنه علامةٌ للاجتماع.

والجُمّاعُ: أخلاط الناس، وفَلاةٌ مُجمِعَةٌ ومجمِعّةٌ: يجتمع فيها القوم، والجمْعّةُ والجُمعُةُ والجَمعَةُ وهو يوم العَروبةِ، سُميّ بذلك لاجتماع الناس فيه، وقال ثُعلُبْ: إنما سُميّ يومَ الجمعة لأن قريشاً كانت تجتمع إلى قصي بن كلاب في دار الندوة).

وأمّا كلمة النادي فقد جاء في لسان العرب (ندا القوم ُ نَدْوَاً وانتدوا وتنادوا: اجتمعوا. والندوة: الجماعة، ونادى الرجلَ: جالسه في النادي، وناديته جالسته، والندّي: المجلس ماداموا مجتمعين فيه. فإذا تفرقوا عنه فليس بنديّ. وقيل النديّ: مجلسُ القومِ نهاراً، والنادي كالنديّ، ولا يُسمّى نادياً حتّى يكون َ فيه أهلَه.والجمع: الأندية، والنادي مجتمع، وأهل المجلس، فيقع على المجلسِ وأهلهِ. يُقال: ندوتُ القومَ أندوهم إذا جمعتهم في النادي، وبه سُمّيت دار الندوة بمكة التي بناها قصي.

الجوهري: النديُّ، على فعيل: مجلسُ القوم ومتحدّثهم، وكذلك الندوة والنادي والمنتدى والمتندى).

أمّا كلمة الصالون فقد ورد في معجم اللغة الفرنسية أنه البهو أو الردهة الكبيرة ومكان التجمع والاجتماع. وفيما يتعلق بالصالونات الأدبية نقرأ للأديب الشاعر عبد الله يوركي حلاق في مجلته الضاد: إن الصالونات الأدبية نشأت في فرنسا، وأول من أسسها كانت كاترين دوفيفون، وفي سنة 1608 جذب صالونها طبقةً مختارة ممن كانوا يرتادون البلاط الملكي، وجمهرة من رجالات الفكر والأدب والشعر والفن.

ثُمّ يُعدد الصالونات الأدبية في القرن الثامن عشر والتي كانت مراكز للحياة الأدبية والفكرية فيذكر:

صالون الدوقة ديمين – صالون المركيزة دي لابير – صالون السيدة دي تونسان.

العرب والصالونات الأدبية

نتساءل: هل عرفت العرب الصالونات الأدبية ؟.

نجيب ونؤكّد إن العرب سبقوا فرنسا في هذا المجال بعدة قرون، فلقد كان

للشريفات المترفات من سيدات قريش منتديات يسودها الأدب والطرب. ونذكر صالون ولادة بنت المستكفي بالله في الأندلس، ومجلس الأميرة نازلي فاضل في القاهرة، وصالون مي زيادة في القاهرة أيضاً.

وهكذا نرى أن كلمات (جمعية – نادي – صالون) إنما المقصود منها هي تلك التجمعات التي تُعقدُ بشكلٍ خاص للثقافة والأدب، تشدُّ أزر العلم والعلماء، وتأخذ بيد المثقفين والأدباء، وهي حقاً ثمرةً من ثمار الحضارة والمعرفة، ودليل على الحريات الشخصية، وحقوق الأفراد والجماعات في المجتمع، وإننا نؤكّد مساهمة أجدادنا في مجال التجمعات الأدبية.

فكلنا يعلم أن الأسواق العربية في الجاهلية والإسلام كعكاظ والمربد كانت تعقد فيها حلقات أدبية كخيمة النابغة، وكتعليق المعلقات على جدار الكعبة، وفي صدر الإسلام كان ثمّة مجالسُ تُعقدُ في مجالس الكبراء للمساجلة والمناشدة، وبعضها كان يعقد في مجلس إمرأةٍ أدبيةٍ كما فعلت سُكينة بنت الحسين، وعائشة بنت طلحة، والجارية العباسية الشاعرة والمغنية دنانير.

ولا ننسى حلقات المناظرة في المساجد أو قصور الخلفاء والأمراء، وكذلك جلسات العلماء من المتكلمين والمتصوّفة وإخوان الصفا وغيرهم.

التجمعات الأدبية والهدف

لا ننسى أن تجمعات المستمعين حول الحكواتي في مقاهينا، وتحلّق الصغار حول الجدّات في ليالي الشتاء، يسمعون القصص والأشعار، أفلا يدخل كل ذلك في إطار الاجتماعات الثقافية والمعرفية ؟.

إذاً لا بدّ من التخصيص ههنا، فنقول إن التجمعات التي نقصدها هي تلك التجمعات الأدبية التي تعقد للثقافة شعراً وقصةً نقداً ودراسةً، في مكانٍ وزمانٍ محددين، مادتها الأدب، والمجتمعون أدباء، أو مهتمون، يدور فيها حوارٌ ويكونُ لها فعالية في الحاضرين، بل في المشهد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البلد الذي تُعقد فيه.

لقد كانت حالة الأمّة العربية خِلالَ المائةِ سنة المنصرمة صعبةً رازخةً تحتَ وطأةِ الحكم العثماني الذي خلّفَ في جسدها كثيراً من الأمراض، من خلال الظلم والإضطهاد والاستبداد، عانى منها شعبنا إلى أن وصلت إليه فكرة القومية العربية من الغرب، فبدأ يعمل في سبيل تحرره وتحقيق قوميته الخالصة، وكان لسورية الدور الطليعي في تحقيق رسالة القومية منذ منتصف القرن الماضي. ومع أن فكرة القومية ضاربةُ الجذور في التاريخ العربي، إلاّ أنها حركةً قومية لم تتوضّح إلاّ في العصر الحديث، وبدأت تنمو في إطار الجمعيات التي أسسها بعض الأدباء والمفكرين. ومن هذه الجمعيات جمعية الآداب والعلوم سنة 1847 في بيروت، والجمعية العلمية السورية سنة 1857، اللتان ضمّتا صفوةً من رجال الفكر والأدب.

العهد العثماني والحركة القومية

لقد تنبّهت السلطنة العثمانية في عهد عبد الحميد إلى خطورة الحركة القومية، فلوّحت بالجامعةِ الاسلامية، وعلى الرغم من إيمان العرب المسلمين بقيمة هذه الجامعة، لكنهم تمسّكوا بحقوقهم العربية قوماً وحضارةً وتراثاً.

وكان الأدباء والمفكرون العرب هم الذين بذروا القومية ورعوا نبتها وسقوها بدموعهم وبدمائهم، وما زالت هذه الدعوة تشتد إلى أن أخذ الطابع السياسي دورهُ، فالتقى الأدبُ مع السياسة وشُكّلت الجمعيات خفيةً في بلاد الشام في جوٍ مرعبٍ من الإرهاب الحميدي، وعلناً في مصرَ وباريس والمهاجر الأمريكية.

بعد الحرب العالمية الأولى ارتطمت سورية بمؤامراتِ الدولِ الكبرى وانطوت على نفسها تبني ذاتها من جديد، فأنشأت النوادي والجمعيات لبثّ روح القومية عبرَ أدبٍ يُعنَى بقضايا الأمة ومصيرها.

ونؤكّد أنه من أشهر الصالونات الأدبية في أواخر القرن التاسع وأوائل القرن العشرين، صالون الأميرة الكسندرا أفرينوا في الاسكندرية، وصالون الأميرة نازلي فاضل، وصالون مي زيادة في القاهرة، وصالون مريانا مرّاش في حلب، وصالون ماري عجمي في دمشق.

وفي النصف الثاني من القرن العشرين قامت صالونات أدبية مثل: صالون شريفة فتحي في القاهرة، وصالون زكريا الحافظ في دمشق، وصالون ضياء قصبجي في حلب، وصالون أنور أصفري في حلب، ولكن هذه الصالونات تلاشت لأن مبررات وجودها تلاشت أيضاً لأسباب عديدة ومختلفة.

أهمية الصالونات الأدبية الحلبية

لا غرو أن تناولنا للجمعيات والنوادي والصالونات الأدبية في حلب خلال مائة عام إنما يعود إلى كونِ حلب الشهباء ثالث عاصمة عربية ثقافية في الوطن العربي بعدَ القاهرة وبيروت، وسنتناول هذه التجمعات الأدبية بحسبِ تسلسلها الزمني، مستعرضين المعلومات التي وصلنا إليها، ولا بأس أن نبدأ قبل العام 1896، وإن كان جرجي زيدان ينفي نشوء جمعيات أدبية قبل عام 1908، فلقد وجدنا بعض هذه التكتلات الأدبية في حلب قبل هذا التاريخ.

صالون عبد الله الدلاّل 1830:

يمكن القول أن أول صالون أدبي بحلب يعود تاريخه إلى عام 1830 على وجه التقريب، وهو صالون الأديب عبد الله الدلال، وهو ما يؤكّده الدكتور سامي الكيالي في كتابيه الأدب العربي المعاصر في سورية – الحركة الأدبية في حلب 1850-1950.

إذ كان بيت عبد الله الدلال ملتقى رجالات الفكر والأدب يتدارسون الدواوين ويقرأون المقامات، وينظمون شعر المناسبات، ويعرضون لشؤون الدولةِ بالهمسِ وبالتلميح.

جمعية الماسون – أول جمعية 1848:

وأمّا أول جمعية في حلب فيعود تاريخها إلى عام 1848، وهي نواة للجمعية الماسونية، وقد ذكر الشيخ كامل الغزي في تاريخه، أن أحد الثقاة أخبره أنه رأى ختماً مكتوباً عليه " هذا ختم جمعية الماسون في حلب "، ويؤكّد الغزي أن وجود هذه الجمعية في حلب وبشكلٍ علني كان سنة 1885.

صالون مريانا مرّاش، أول صالون أدبي حديث:

مريانا مرّاش -1849-1919، تنتمي إلى أسرة اشتهرت بالأدب والعلم والفضل، وهي أول أديبة سورية برزت في مجال الأدب والشعر والصحافة في عصرنا الحديث، وظهر لها ديوان شعر عام 1893، ومنذ صباها بدأت تكتب في مجلة " الجنان " اللبنانية، ثم مجلة " لسان الحال " اللبنانية، والمقتطف، وكانت مريانا تجمع بين الثقافتين العربية والفرنسية. وكانت هي السبّاقة إلى إحياء تقليد المجالس الأدبية في أوائل القرن المنصرم، ولقد ضمّت الحلقة الأدبية التي أنشأتها في بيتها صفوة المؤرخين والمفكرين، وكان لأسرتها المرموقة أثرٌ في ظهور هذه الحلقة مع استهلال الوعي الفكري فيما بعد.

وكان صالون مريانا مراش بمثابة أول صالون أدبي في حلب على نمط الصالونات الفرنسية، وآل المرّاش على ما يبدو كانوا أصحاب صالونات أدبية، كما ذكر زيدان من أن بعضهم كان عضواً في جمعية زهرة الآداب اللبنانية التي تأسست في بيروت سنة 1873، ولقد ذكر الأديب أنطوان شعراوي أن مريانا مراش تكاد تكون المرأة الوحيدة في عصرنا التي تعاطت الشعر والأدب والفنون، على غرار بعض الأديبات الفرنجيات الراقيات، فلقد جعلت بيتها نادياً أدبياً لأهل العلم والفضل، تجول عليهم في مضامير العلم والأدب، فتطول السهرات، وتثور المناقشات، وتكثر المواجيد والمطارحات.

جمعيات أوائل القرن العشرين:

ومن الجمعيات التي نشأت قبل إعلان الدستور، جمعية النشأة التهذيبية سنة 1907، وظلّت مستترة حتى أعلن الدستور في السنة التالية،فأعلنت وعقدت الاجتماعات لتحرّض الناشئة الحلبية على إنشاء الجمعيات، فكان لكلامها وقعٌ، ولكن أيامها لم تطل فأُقفلت بعد عام.

وفي الشهر العاشر من عام 1908 تأسست في الآستانة من أبناء العرب القاطنين هناك جمعية الإخاء العربي الإسلامي وأُنتخبَت لجنة إدارية وكان مفوضها شفيق المؤيد الذي أُعدمَ في 6 آيار 1916، وفي العام نفسه افتتح في خان قورت بيك منتدى لجمعية الإتحاد والترقي.

وفي عام 1909 أنشأ القس توما أيوب نادي الأدب ليصرف الشبيبة الحلبية عن اللهو والمقاهي ويملأ فراغهم بالمطالعة والتعليم. وفي العام نفسه أُنشىء نادي الجهاد الأدبي الذي لم يدم طويلاً كسابقه. وقد أسفرت إنتخابات نادي الأخوة عن إنتخاب أحمد سامح أفندي عينتابي رئيساً أولاً، وطوروس أفندي شادرفيان رئيساً ثانياً، وملازم مختار بيك رئيس مكتبة وغيرهم.

واجتمع جماعةٌ من أدباء حلب سنة 1910 فأنشأوا نادي حلب وجعلوه تحت رئآسة فخري باشا والي حلب آنذاك، فلاقى إقبالاً كبيراً، لكنه أُقفل بعد مدة.

وكذلك وفي العام 1910 دُشّنَ نادي التعاضد المسيحي الذي كانت غايته مساعدة الأيتام والعمال وتعليم الجهّال والاهتمام بالفنون الجميلة والرياضة، ومن أعضائه المؤسسين إسكندر أخرس، واسكندر أسود، كميل حنا شمبير، يورغاكي سالم، وقبلَ الوالي فخري باشا أن يكون رئيساً فخرياً للنادي.

وفي العام نفسه أيضاً تأسست الجمعية الخيرية العمومية الأرمنية وكان لها فروع في دمشق – القامشلي – اللاذقية – كسب – اليعقوبية – وأول رئيس لهذه الجمعية أومنيك مظلوميان، وهو جَدُّ كوكو مظلوميان صاحب أوتيل بارون، ومن الضروري أن نذكّر أن هذه الجمعية قد تأسست قبل ذلك في القاهرة عام 1906.

وتقوم الجمعية بإصدار مجلات ونشرات وكتب بالأرمنية والعربية، ولها نشاطات أدبية متنوعة بالتعاون مع الجمعيات الأرمنية الأخرى والمركز الثقافي العربي، ومن أهم محاضراتها، محاضرة الأرمن في جبل موسى لنديم شمسين، ومحاضرات أخرى للعديد من الأدباء منهم: عبد الله يوركي حلاق، وليد إخلاصي، دريد لحام، جورج سالم، جورج غوستانيان، نزار خليلي، عمر الدقاق، وغيرهم.

ويتبع لهذه الجمعية نادي الشبيبة الأرمني الذي يرأسه آكوب ميخائيليان، ويتميّز هذا النادي بمسرح أتاميان، وكورال سنتريان، وقام بنشاطات عديدة في المحافظات السورية والقطر اللبناني.

ويتبع لها أيضاً المعهد الموسيقي للشبيبة الأرمنية الذي تأسس عام 1993ويرأسه رئيس نادي الشبيبة نفسه.

وكذلك يتبع للجمعية مرسم صاريان الأكاديمي الذي تأسس عام 1954، وهو أول مرسم أكاديمي في سورية أسسه الدكتور روبرت جابجيان وزاريه كابلان.

وفي عام 1911 أُفتتح نادي الإخاء وإتخذَ له محلاً خاصاً في جادة الخندق، وكان مبدأه: الإتحاد، نشر الفضائل، معاونة الحكومة في نشر المعارف والأخلاق والوعي من خلال الكتابة والخطابة، وكان أحمد أفندي كتخدا رئيساً لمجلس الإدارة، وطلب عفوَهُ من هذا المنصب فيما بعد.

وفي عام 1913 أُنشئَت جمعية تثقيف الفقير التي استمرت مدةً، وكذلك تشكّلت جمعية المقاصد الخيرية على غرار جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، وقد أنشأها بعضُ أدباء حلب تحت شعار " لا حياةَ إلاّ بالعلم " وكذلك أُنشِئَت الجمعية الإسلامية الشرقية، وكان هدفها السعي في ترقية العلم ونشره بمالٍ يُجمع بالاشتراك من أفرادِ الأمّة.

وفي عام 1914 تشكلت جمعية المعارف الأهلية الإسلامية وذلك نظراً لما شوهد من إنحطاط العلوم والمعارف وفساد التربية والأخلاق وغياب المدارس في حاضرة الشهباء، حيث إجتمع فريقٌ من ذوي الغيرة في زاوية آل الكيّال وقرروا تأسيسها، واتخذوا مقراً لها في المدرسة الحلوية، وترأسها رضا أفندي الرفاعي، ونائبه الشيخ محمد أفندي طلس، والكاتب الأول الشيخ راغب أفندي الطباخ، والكاتب الثاني عبد الوهاب أفندي ميسّر، وغيرهم.

وفي التاسع عشر من تشرين الأول عام 1918 تحزّبَ حزبٌ من الشبيبة العربية وأتوا مكان جمعية الإتحاد والترقي المعروف بإسم " قلوب " ووضعوا أيديهم عليه وعلى ما فيه من كتب والأساس وسمّوه نادي العرب وأصدروا صحيفة يومية أسموها " العرب ". وفي عام 1919 تشكّلت جمعية النهضة العلمية وكانت برئاسة السيد طاهر كيالي، هدفها إحياء العلوم ونشر المعارف، وتأسيس المدارس، وكانت مؤلفة من أربع هيئات هي: الهيئة العمومية، هيئة الإدارة، هيئة الرقابة وهيئة العمدة العلمية.

وفي عام 1920 أُسست الجمعية الديمقراطية الوطنية، وهي جمعية علمية وإجتماعية وسياسية، هدفها توحيد الموقف وكلمة الأمة، وغايتها الدفاع عن حقوق الشعب والوطن، مركزها في حلب، ولها فروع في المحافظات الأخرى، وكان لها جريدة هي لسان حالها. ففي عصر يوم الجمعة التاسع من كانون الثاني 1920 أُفتتح نادي الجمعية بالقرب من أوتيل بارون بجانب خان الصندل، ومن أعضائها شاكر نعمت شعباني رئيساً، عبد الغني ملاح، وصفي الروح، جميل إبراهيم باشا، طاهر كيالي، صبحي قناعة، عبد العزيز ملاح، أعضاء.

وفي العام نفسه تأسست جمعية خريجي كيليكيا، والتي عُرفت فيما بعد 1956 باسم جمعية الجيل الجديد الثقافية، وفي عام 1965 تم تأسيس جمعية كيليكيا الثقافية تابعةً لجمعية الجيل، وتمتد جذور هذه الجمعية منذ أن إستوطن الشعب الأرمني المهاجر من تركيا في حلب، وقد شاركت الجمعية بالنهضة الثقافية وبخاصة من خلال مسرحها المعروف بإسم " انترانيك " الذي ترك أثراً جميلاً في ذاكرة الشعب الحلبي.

ويُعدّ عام 1956 فترة تأسيس رسمي لجمعية الجيل، حيث كان مؤسسها وأول رئيس لها مارديروس مارديروسيان، ومن أهم نشاطاتها محاضرات وأمسيات لعدد من الأدباء منهم " خليل هنداوي، خير الدين الأسدي، الشاعرة سيلفا كابوديكيان، والشاعر فيروز خنراويان الذي تحمل مكتبة الجمعية إسمه.

أمّا فيما يتعلق بجمعية كيليكيا فقد تأسست كما أسلفنا عام 1965 وكان من المساهمين في تأسيسها غيونت قاولاقيان، روبين ديراريان، سيراتوس قسيس وغيرهم، ولعل الهدف الرئيس لتأسيسها هو المحافظة على بقاء مدرسة كيليكيا لتأمين احتياجاتها المادية والمعنوية. وتولّى رئاستها الدكتور طوروس توخمانيان، والغاية الأساسية لكلتا الجمعيتين المساهمة في النهضة الثقافية.

وفي الثاني من آب 1924 تأسست جمعية أصدقاء القلعة والمتحف، فكانت بذلك أول جمعية آثارية تاريخية في سورية، ورائدة على مستوى الوطن العربي، وقد ساهم في تأليفها لفيفٌ من الأعلام والعلماء من أبرزهم الشيخ كامل الغزي، الشيخ راغب الطباخ، والأب جبرائيل رباط، والمهندس صبحي مظلوم، والشيخ عبد الوهاب طلس، والأستاذ أسعد عنتابي، والسيد بلوا دورو ترو مفتش آثار المنطقة الشمالية آنذاك، والأب جورجس منّش، وكان سبب تأسيسها الشعور الوطني نحو تراث الأمة وحمايته أمام إجراءات الضباط الفرنسيين الذين اتجهت أنظارهم مع بداية الانتداب على سورية إلى قلعة حلب، وما زالت الجمعية تنادي بحماية الآثار وإنشاء متحفٍ وطني في حلب حتّى تمكّنت من إنشائه بموجب القرار 136 لعام 1926، ورافقه صدور نشرة آثارية عن المكتشفات في شمالي سورية، وبعد مضي ست سنوات إقترح الشيخ كامل الغزي تغيير إسمها إلى العاديّات وذلك عام 1930، وقد أصدرت الجمعية منذ آيار 1931 مجلة العاديّات، وهي أقدم المجلات الآثارية في الوطن العربي. وقد ترأس الجمعية كامل الغزي مدة ثلاث سنوات، حيث كان مركزها المؤقت في غرفة المجمع العلمي بخان الجمرك، وبعد ذلك رأسها الأب جبرائيل رباط 1933- 1934، الشيخ راغب الطباخ 1934- 1939، وتوقّفت الجمعية في الحرب العالمية الثانية وتوقف إصدار المجلة أيضاً، واستعادت الجمعية نشاطها مع بداية عام 1950، وترأسها الدكتور عبد الرحمن كيالي 1950 – 1969، والدكتور أدولف بوخه 1969 – 1973، ومن عام 1973 – 1988 ترأسها سعد زغلول الكواكبي، ومن 1988 – 1994 عبد الهادي نصري، ومن ثمّ تم تقديم مبنى جميل جداً للجمعية، عام 1988، وفي عام 1994 – 1996 ترأسها محمد وفا بطيخ، ومن ثم ترأسها عدة مرات الأستاذ محمد قجّه.

أمّا مجلة العاديات فلقد أعيد إصدارها بالتعاون مع جامعة حلب، بإسم مجلة عاديّات حلب، وللجمعية أفعال كثيرة نذكر منها، أنها في عام 1983 كان لها شرف توجيه الدعوة لعقد الندوة العالمية الأولى لحماية حلب بالتعاون مع الجامعة ونقابة المهندسين، وساهمت أيضاً بتأسيس معهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب، وشاركت في جميع الندوات العالمية بتاريخ العلوم عند العرب، وفي العديد من المؤتمرات الدولية، والجمعية ذات نشاطات متنوعة كما تدل على ذلك لجانها في مجلس إدارتها، وهي تقيم محاضراتها الثقافية مساء كل أربعاء، ومن محاضرات الجمعية الكثيرة، ندوة عن المؤرخ الحلبي الكبير كمال الدين بن العديم، شارك فيها الدكتور شاكر الفحام، الدكتور شاكر مصطفى، الدكتور سهيل ذكار، وذلك في فبراير 1991.

ندوة حوار بين المعاصرة والتراث بالتعاون مع جمعية أصدقاء دمشق، شارك فيها، الأستاذ نجاة قصّاب حسن، الدكتورة ناديا خوست، الدكتور إحسان الشيط، عام 1992.

وندوة المراكز الثقافية في بلاد ما بين النهرين في القرنين السادس والسابع الميلاديين، للمطران يوحنا إبراهيم.

وأمسية شعرية حلبية شارك فيها أحمد ديبة، قدري مايو، محمد عيان الخطيب، محمد كمال، رياض حلاق.

ندوة أبو حيان التوحيدي في ذكراه الألفية شارك فيها الدكتور مصطفى جطل، الأستاذ محمود فاخوري، الدكتور حسين الصديق.

ندوة جورج سالم أديب حلب الراحل، شارك فيها الدكتور عبد السلام العجيلي، الأستاذ أنطوان مقدسي، الدكتور غسان السيد.

وفي عام 1926 تأسس نادي الشبيبة السوري الثقافي، وإتخذ له مقراً في محلة التلل، وكان المؤسسون: أوهانيس مليكسيثيان رئيساً، كيورك دونويان، هاكوب كسباريان، آكوب إسرائيليان، كريكور اولبكيان، ويتابع النادي نشاطه بشكلٍ منتظم.

رئيسه السابق كان موسيس فاقجيان، وغاية النادي هي المساعدة في تهذيب وتثقيف الأفكار لدى الشبيبة وتقدمها ثقافياً، وذلك عن طريق إلقاء المحاضرات وإقامة الندوات والعروض المسرحية، والتعرف على التراث، والنادي يمتلك مكتبة فخمة وقاعات واسعة للمطالعة، وهو يدعو إلى التعاون الثقافي العربي – الأرمني، وله كتب مطبوعة، ومن نشاطاته مسابقة أدبية بالتعاون مع فرع اتحاد الكتاب العرب.ولقد جمعت الأعمال الفائزة وطبعت تحت عنوان " رحيل اللقالق ".

وإقامة حفل تكريم الأديب إبراهيم الخليل، وإقامة محاضرات وامسيات للعديد من الأدباء العرب، منهم: وليد إخلاصي، عبد السلام العجيلي، إحسان الشيط، زكي حنوش.

وفي عام 1931 تأسس نادي " واص بروكان " وهو يضم أرمن مرعش الذين قدموا من تركيا، أسسه " ستراك خراكيان " وكان للنادي نشاط ثقافي، لكن هذا النشاط إستقل فيما بعد بنادٍ خاص هو نادي الشبيبة المثقفة وذلك في عام 1971، وترأسه الدكتور زاوين روبيان، ومن ثم الدكتور باركيف انضونيان، ثم الآنسة جاكلين قصابيان، ومن ثم الدكتور كريكور طراقجيان.

ويقوم النادي بنشاط المحاضرات والرحلات السياحية والعروض المسرحية من فرقته الخاصة، ويقدم النادي محاضرات أدبية بالإشتراك مع النوادي والجمعيات الأخرى، ومع جامعة حلب وبخاصّة في معرض الكتاب الأرمني العربي بشكلٍ سنوي.

وفي عام 1937 تأسست الفرقة القومية، وأعضاؤها هم تلامذة المدرسة الشرقية وممثلوها، التي كانت قائمة في حي الفرافرة، وكان يرأسها فاتح غضنفر.

وفي عام 1958 تم التوقيع على ميثاق إتحاد الأندية: الفرقة القومية، الفرقة العربية والنادي الفني، وتقرر تسميتها الأندية الفنية المتحدة، ثم حلّت وأُلغيت تسمية الفرقة القومية للتمثيل ليحلّ محلها " نادي التمثيل العربي للآداب والفنون الذي تأسس عام 1958، ورأسه ظريف صباغ، وحين انتقل مقر النادي عام 1970 إلى محطة إنطلاق الباصات الغربي بعد أن كان في حي الإسماعيلية جانب مشفى فريشو، تابع عروضه المسرحية. وفي عام 1989 أُصيب ظريف صباغ بمرضٍ عُضال أقعده، فكرّم ومنح وسام الشرف، وبعد وفاته تمت دعوة أدباء ومبدعي الشهباء لإنتخاب مجلس إدارة جديد، وتم إنتخاب الأستاذ محمود فاخوري رئيساً للنادي. وللنادي نشاطات أدبية وثقافية مساء كل يوم سبت.

وفي عام 1954 تأسست ندوة الشعلة الثقافية للسريان الأرذوكس وترأسها المطران جرجس برنان، وتقوم الندوة بنشاطات ثقافية وأدبية، رأسها أخيراً جان وانيس، ومن نشاطاتها محاضرة للمحامي هائل اليوسفي، وأمسية شعرية لعمر الفرا، وأمسية للدكتور الشاعر الياس هدايا، وامسية للدكتور عبد السلام العجيلي، ومحاضرة للمطران يوحنا إبراهيم. ومستمرة في عطائها وتنسيقها مع الجمعيات والنوادي الأخرى.

وفي عام 1955 تأسس فرع جمعية المعري – تكيان الثقافية بحلب، عن الجمعية الأساسية التي تأسست في لبنان عام 1947، والتي لها فروع في مختلف أنحاء العالم، ويُعدّ آكوب ديكرمنجيان من أوائل رؤسائها، أمّا تسميتها المعري – تكيان، فتعود الى الربط بين الشاعر العربي أبو العلاء المعري، والشاعر الأرمني إبراهام تكيان الذي ترجم شعر المعري إلى الأرمنية وتأثّر بفلسفته وشاعريته، فكان أميراً لشعراء الأرمن. ومن محاضرات الجمعية، محاضرة عن المذابح الأرمنية للدكتور سمير رفعت، ومحاضرة القاسم المشترك بين الشعبين الأرمني والعربي للدكتور نعيم اليافي، إضافةً إلى نشاطات ومحاضرات وأشياء كثيرة.

وفي عام 1956 كتب الأديب بدر الدين الحاضري مقالة في مجلة الكاتب بعنوان " أزمة الأدب في حلب " فتسببت في لقاء عتاب وودي حولها بين خليل هنداوي وكاتبها، تمخضت عنه فكرة تأسيس رابطة الأصدقاء برئاسة خليل الهنداوي وعضوية بدر الدين الحاضري وفاضل السباعي وعلي بدور وعلي الزيبق، مظفر سلطان، جورج سالم، فاضل ضياء، لوريس سالم وجان سالم، يجتمعون كل شهر في منزل أحدهم فتتلى النصوص الأدبية وتُناقش، ولعل أهم أهداف الرابطة إحياء الحركة الأدبية بحلب، وإنفضّت الرابطة بعد قيام الإنفصال بين مصر وسورية بسبب غياب وانشغال بعض أعضائها، وكانت الرابطة تنشر نتاجها الأدبي في مجلات الأديب والآداب اللبنانيتين والثقافة السورية.

وفي عام 1957 تأسس نادي شباب العروبة للآداب والفنون، ومن مؤسسيه، الدكتور زهير أمير براق، أحمد حداد، غسان براقي، محمد نور قوجه، سميح يحيى، ويهتم النادي بالنشاط الثقافي والأدبي والفني، ومن الذين لهم نشاطات في هذا النادي الأدباء، محمد جمال باروت، الشاعر عصام ترشحاني، الشاعر يوسف طافش، الدكتور فيصل أصفري، الدكتور محمد علي هاشم، الدكتور بشير الكاتب، الأديب وليد إخلاصي، الشاعر محمد أبو معتوق، الدكتورة سحر روحي الفيصل، وغيرهم كثير.

وفي عام 1957 تأسست جمعية النهضة الثقافية بجهود بعض الأدباء المهاجرين من مدينة أورفة التركية إلى حلب، وتقوم الجمعية بنشاطات ثقافية وأدبية وتساهم في معارض الكتب والمعارض الفنية، وتسعى جاهدة لتكريس التعامل الثقافي بين الأرمن والعرب.

وفي عام 1959 تأسست جمعية الشهباء ترأسها أولاً مصطفى السيد، ثم منير برمدا، ومن ثم عبد الرحمن الكواكبي، وحصلت على إذنٍ خاص لإلقاء المحاضرات، فأصبحت قناة حضارية ثقافية متميّزة. وقدمت العديد من النشاطات الأدبية بالإشتراك مع جامعة حلب وجمعية العاديات ونادي شباب العروبة.

وفي عام 1959 أيضاً تأسست الجمعية العربية للآداب والفنون من تسعة شبان مصريين وسوريين هم، أحمد نهاد الفرا، ناهد صقر، وداد الفرا، علي بدور، محمد صبحي كردي، دُرية رنة، محمد العيان، مصطفى عبد الدايم، سعيد أحمد الناضوري، محمد العبد منصور. إتخذت مقراً لها في بناية محمود سليمان جانب المتحف، ثم انتقلت إلى مقرها في مركز إنطلاق الباصات الغربي، ترأسها منذ البداية أحمد نهاد الفرا حتى وفاته عام 1994 فخلفه محمد رياض الفرا، وكانت أهداف الجمعية تنمية ميول الشباب في القطرين المصري والسوري فنياً وأدبياً.

قدمت الجمعية الكثير من المسرحيات، وأسست أكثر من فرقة موسيقية، كما كانت تقدم العديد من المحاضرات الأدبية بالتعاون مع المركز الثقافي العربي ونقابة المعلمين وجامعة حلب، والجامعة العربية الأوروبية في باريس، ومن نشاطاتها محاضرة بعنوان رقص السماح، أُلقيت في جامعة مروة في إستانبول بالتعاون مع الجامعة العربية الأوروبية، مُنح خلالها المحاضر أحمد نهاد الفرا لقب دكتور فخري، كما إستضافت الجمعية عدداً من الأدباء منهم: عبد الله يوركي حلاق، محمود فاخوري، أحمد وهبي السمان، هند هارون، وجيه البارودي، عمر الدقاق وغيرهم.

وفي عام 1965 تأسس النادي العربي الفلسطيني برئاسة حفظي عبد الحميد، ويقوم النادي بتفعيل الحركة الثقافية بحلب من خلال إقامة الندوات والملتقيات الأدبية، وأصدر مجلة المقاومة، من أهم نشاطاته أمسية للشاعر محمود درويش بالإشتراك مع جامعة حلب، كما إستضاف النادي العديد من الأدباء منهم: الدكتور نعيم اليافي، الشاعر ممدوح عدوان، الشاعر محمد علي شمس الدين، الأديب نبيه سليمان ويوسف سامي اليوسف.

وفي عام 1970 أُنشىء صالون بإسم الشاعر والفيلسوف الأرمني باردير سيفاك، ترأسته الأديبة لوسي سلاحيان، ومن الأدباء الأرمن الذين ارتادوه: أونيك سركيسيان، فاهه فاهيان، كيفورك تميزيان، طوروس طورانيان، كما زاره الأديب العالمي وليم صارويان قادماً من الولايات المتحدة.

ومن الأدباء العرب الذين ارتادوا هذا الصالون: جورج سالم، خليل الهنداوي، وليد إخلاصي، فاضل السباعي، علي بدور، جورجيت مطر، هيام نويلاتي، محمود حريتاني وغيرهم كثير. وكان من إهتمامات الصالون تعريف الأدباء الأرمن بالأدباء العرب.

وفي عام 1971 تأسس نادي السينما، وكان المؤسسون لهذا النادي: جورج طرابيشي، هنريت عبودي، بكري الناصر، صفوان عكي، وليد إخلاصي، محمد نبيه قطاية، سلمان قطاية، جورج سالم، ميشيل ديمرجيان، ورأسه صادق العبسي، قدم النادي نشاطات سينمائية متعددة أبرزها عروض أفلام ذات الموضوعات الاجتماعية والسياسية والروائية العالمية.

وفي عام 1975 أُنشئت الجمعية السورية لتاريخ العلوم، ترأسها الدكتور أحمد يوسف الحسن، وتضم المهتمين بتاريخ العلوم عند العرب.

ومن محاضراتها: الهندسة في مساجد حلب الحديثة بين التجديد والتقليد للمهندسة نجوى عثمان.

علم المخطوطات العربية وتحقيقها للأستاذ محمود فاخوري.

الأرقام عبر التاريخ للدكتور خالد الماغوط.

ولا بد لنا إلاّ أن ننوّه إلى أنه منذ عام 1983 وفيما بعد ظهرت محاولات أدبية عديدة لتشكيل ما يُسمى بالمنتدى أو الصالون، ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل ولم تستمر سوى أشهر قليلة، ومن باب التأريخ نعرّج على ذكرها:

ففي عام 1983 شُكل المنتدى الأدبي الحديث من الأدباء محمد زكريا حيدر، مصطفى الشب، معن حوكان، محمد علي الشريف، خالد أعرج، عبد الرحمن حلاق، عبد السلام حلوم، إبراهيم كسار، لكنه توقّف بعد أربعة أشهر وأُعيد تشكيله بعد عامين بإسم المنتدى الأدبي بعضوية: مصطفى الشب، محمد علي الشريف، محمد علاء الدين، مصطفى الحاج حسين، محمد زكريا حيدر، أبراهيم كسار، وكان هدفهم تحقيق الفعالية الأدبية في المنابر الثقافية لكنه توقّف أيضاً بعد تسعة أشهر.

وفي عام 1989 دعا الفنان التشكيلي إسكندر حداد لإقامة منتداه الأدبي في منزله لكنه أيضاً لم يستمر سوى أقل من عام، وكان من رواده، الشاعر عصام ترشحاني، مسلم الزيبق، ذكرى الحاج حسين، حسين درويش، لينا الدسوقي.

وفي عام 1990 أقامت سميرة العايش صالوناً في منزلها ارتاده، عصام ترشحاني، محمد أبو معتوق، يوسف طافش، نظيم أبو حسان، راضية إسماعيل، غالية خوجة، فائز العراقي، أديل برشيني، ذكرى الحاج حسين، راضية إسماعيل تانيا أسعد، لكنه لم يستمر سوى عام واحد.

في عام 1991 دعت الشاعرة إديل برشيني لإقامة منتدى أدبي في منزلها تحت إسم منتدى هديل الأدبي، وارتاد هذا المنتدى تانيا أسعد، عبود كنجو،أمينة أبو شربو، عصام ترشحاني، نضال الصالح. ومن ثم توقف.

في عام 1994 دعا المحامي عبد الوهاب مرعشلي لإقامة منتدى في مكتبه تحت إسم منتدى حلب الثقافي، وكان من رواده محمد جمال طحان، عامر الدبك، ابراهيم كسار، محمد كرزون، أنور أصفري، مصطفى الحاج حسين، وإستضاف المنتدى الدكتور عبد الرزاق عيد – محمد جمال باروت في ندوة حول النظام العالمي الجديد، الشرق أوسطي. وسرعان ما توقّف هذا المنتدى أيضاً.

في عام 1995 أسس الكاتب أنور أصفري صالوناً أدبياً أسماه " الأدباء الجوالون " وتميّز بأنه يستقبل الجميع ويشركهم في الحوار والنقاش المُدار، حيث كانت تقرأ بعض الأعمال ويتولى الحاضرون نقد هذه الأعمال من وجهة نظر المتحدث، وكان الصالون يستعرض واقع الحركة الثقافية والأدبية، مما يجعل الحضور على دراية بمستجداتها، إضافةً إلى تداول أخبار الأدب والثقافة، وكل هذه اللقاءات كانت تتم في منزل أنور أصفري، ولكن هذا الصالون عُرف عنه بأنه يتناول الأمور من خلال منظار يغلب عليه الطابع السياسي المنصهر بالأدب والثقافة. حيث جمع تأسيس " الأدباء الجوالون " المؤسس الأديب أنور أصفري، الشاعرة ليلى مقدسي، الشاعر إبراهيم كسار، الشاعر عامر الدبك. وأخذت هذه المجموعة تطوف المدن السورية وتقدم أمسياتها القصصية والشعرية التي تغني للأرضِ وللإنسان، وقدمت هذه المجموعة أعمالاً ناجحة في منبج – السلمية – حماة – حمص – الرقة – ادلب – حلب – معرة النعمان – جبلة، ولكن لم يُكتب لهذه المجموعة الإستمرار أيضاً، حيث تلاشت بعد غياب مؤسسها عن أرض الوطن.

إضافة إلى محاولات أخرى مثل محاولة جورجيت حنوش، ومحاولة الأديب نهاد سيريس، الذي جمع نخبة معينة من الأدباء كانوا يتزاورون والأدب وحده هو هاجسهم الوحيد.

كل ما ذُكر مؤخراً كان يجسّد محاولات أدبية ولكنها تلاشت بسرعة وإن كان العنوان الطاغي عليها هو الأدب.

ومما لاشك فيه أن حلب الشهباء التي كانت تحتل موقعاً ثقافياُ فعالاً خلال قرنٍ كاملٍ على مستوى الوطن العربي، حيث كانت كما ذكرنا سابقاً،أنها ثالث عاصمة ثقافية في العالم العربي بعد القاهرة وبيروت.

ولا بد من مناشدة المسؤولين والمثقفين والأدباء أن يتفهموا واقع التجمعات الأدبية من حيث أهميتها، وضرورة دعمها وبخاصة من الناحيتين المعنوية والمادية، حيث أن كل الجمعيات والتجمعات الأدبية والثقافية تعتمد على نفسها في تمويل ذاتها، وهذا مما يعيق استمرار الفعاليات الثقافية.

إن ظهور التجمعات بأنواعها الأدبية والثقافية إنما هو دليل صحة وعافية، حيث أنها الرئة التي يتنفّس من خلالها الأدباء والمثقفون لينهضوا بمجتمعهم ويرتقوا به نحو سلم الحضارة والإنسانية والمحبة.

***

بقلم الكاتب الإعلامي: د. أنور ساطع أصفري

 

في المثقف اليوم