مدارات حوارية
مدارات: جلسة على النيل مع الأديبة د. نيفين ضياء الدين
الدكتورة نيفين ضياء الدين القصبي .. النيل يسكنها ويجري في عروقها .. وُلدت في القاهرة ومازالت تتنفس نسائم ضحكتها المشرقة حيناً والدامعة العين أحياناً وتركتها تتحدث عن نفسها بنفسها في اجابة السؤال الاول ولهذا بدأت مرحبا:
الدكتورة نيفين ضياء الدين اهلا وسهلا بك في صحيفة المثقف، مدارات حوارية، ويشرفني ان اكون محاورك الذي يحدوه الامل ان يكون حوارا ذا لون وطعم ورائحة .....!!
س1: حمودي الكناني: اعتدنا ان نرى سؤالا بعينه يُفتتح به كل حوار مع اديب او اديبة وأنا هنا عجزتُ عن كسر هذه القاعدة ولهذا أجدني مضطرا لتكرار ذات السؤال:
من هي نيفين ضياء الدين قبل وبعد " الدكتورة نيفين وهل تنحدر من عائلة دينية، وما هو اختصاصها الدقيق تحديدا وأين تقيم الآن؟
ج1: د. نيفين ضياء الدين: أولاً أحبُ أن أتوجهَ بخالص الشكر والتقدير للأديب المتميز على المستويين الإنساني والفكري حمودي الكناني الذي أتاح لي فرصة المشاركة فى حوار بمدارات المثقف، تلك الجريدة التي أكنُ لها كل إحترام وتقدير شخصي لأنها كانت المنارة التي خطوت خطواتي الأولى من نافذتها هذا غير تقديري لها على المستوى المنهجي لدورها التنويري فى مجالات الأدب والسياسة والفلسفة. يصعُب على أي إنسان أن يقومَ بتعريف هويته من الناحية النفسية أو الفكرية لأن هذا الجانب لا يُمكن رسم خطوطة العريضة أو قولبة مفتاحه الرئيسي وهذا بخلاف التعريف الشخصي المُعتاد وهو الجانب البسيط والمُتعارف عليه فى بطاقة الهوية والأوراق الرسمية. سأبدأ أولاً بالتعريف الشخصي المُبسط. اسمي هو نيفين ضياء الدين حسن القصبي وقد وُلدتُ فى مدينة القاهرة وهي العاصمة المصرية ونشأتُ فيها وفى أحيائها. والدي هو ضابط مُتقـــــاعد وقد ترعرعتُ فى محيط أسرة مسلمة ومتدينة بطبيعتها فوالدتي وهي بروفيسيرة ودكتورة جامعية متخصصة فى أداب الرواية الإنجليزية تحفظ أجزاء من القرآن الكريم وجدتي رحمها الله وقد عملت كمديرة مدرسة ومُعلمة متخصصة فى لغتنا العربية، كانت حافظة للقرآن الكريم ودأبت فى سنوات طفولتي الأولى وقبل إلتحاقي بالمدرسة على تحفيظي العديد من صِغار أيات القرآن هذا غير إهتمامها بثقافتي الدينية فقد كانت تهتمُ بسرد قصص الأنبياء على مسامعي بطريقة سلسة ومبسطة تتناسب مع عقلية طفلة يتراوحُ عُمرها بين الرابعة والخامسة كما أنها كانت إماماً لي فى صلواتي الأولى من عُمري.لا تعرفُ أيها الأديب صاحب القلم المشرق كيف أشتاقُ إليها وأتمنى أن تسعدَ روحها الطاهرة بحديثي هذا عنها ويكفي أنها كانت أمي الثانية التي أحبتني فى كافة أحوالي ولم تكن تقوى على فُراقي ولو لبضعة ساعات وشاركتني هي ووالدتي رحلة الحياة ومافيها من خير وشر. لم تتغير نيفين تلك الطفلة الإجتماعية المتفتحة للحياة التي مازلتُ أراها وهي راكضة على كوبري قصر النيل وقلادة الفُل أو القدّاح، كما تقولون باللهجة العراقية، تتدلى على صدرها قبل أو بعد الدكتوراة. والمُتأمل يُلاحظ جوانب كثيرة تتسمُ بها هويتي حتى هذه اللحظة منذ أيام الطفولة وسأضربُ مثلاً على ذلك وهو إهتمامي بتصوير الورود بأنواعها كالياسمين وبنت القُنصل وعباد الشمس والحمائم والطيور وحياتها ونسج القصص عنها بل واللعب معها وتشخيص تلك المخلوقات كأفراد وبشر ينطقون ويسمعون ويفهمون حديثنا هذا غير أفراس النهر التي تنتمي لفصيلة الفراشات وتنتشر بكثرة على ضفاف نهر النيل. مازالت تلك النواحي الطفولية البريئة هي مُفتاح هويتي وقلبي فنيفين الدكتورة هي تلك الطفلة ولا خلاف بينهما. وأما عن مجال التخصص فقد تخصصت فى الشعر الإنجليزي والكندي وفى دراسة تعددية الثقافات والعِرقيات ولاسيما فيما يتعلقُ بأمور الأقليات العِرقية التي تعيشُ فى البلاد الغربية وبالتحديد السود الأفارقة وأعمل بمجال التدريس . وعن محل إقامتي الحالي فهو فى مدينة القاهرة التي وُلدت فيها ومازلت أتنفسُ نسائم ضحكتها المشرقة حيناً والدامعة العين أحياناً.
س2: حمودي الكناني: عندما أقرأ لك نصاً أجدك تحومين حول شيء كبير، كبير جدا، هذا الشيء مفقود لكنك تمرين عليه وكأنك تتحسرين على افوله او ضياعه وتحاولين الوقوف على اثره فما هو هذا الشيء المفقود، هل هو حب لم يتحقق؟
ج2: د. نيفين ضياء الدين: نعم أتفقُ معك تماماً حول وجود منحى روحي حزين تتسمُ به مُعظم أعمالي الأدبية ويعودُ بصورة أولية إلى كوني طفلة وحيدة ودائماً نجد الطفل الذي ينشأ فى أسرة متعددة الأخوة والأخوات يكونُ إجتماعياً بطبيعته فى معظم الأحيان.أما السبب الرئيسي لذلك فهو يتمركزُ حول ضياع مفهوم الحُب فى حياتنا كما أراهُ وأرسمهُ. الحُب ذلك المفهوم الذي يمتزجُ شرياناً مع مجرى نهر النيل من حيث التمدد والإتساع بل وحتى اللون !. وهنا أنا أعني ما أقولُ فالحب عندي ينسجمُ تماماً مع ألوان النيل الذي أهواهُ منذ طفولتي الباكرة. وإذا تأملنا معاً نهر النيل: فضة الصباح ورماد الظهيرة والعصر وسواد الليل سنجد لوحة متكاملة الأطراف لمفهوم الحُب. فالفضة هي ميلاد الحُب ذلك الشعور الذي أنسجهُ لوناً للحياة وغذاءً للروحِ . نعم الفضة هي باكورة رواية الحُب كما تبدأ وتنشأ بين المُحبين ثم تتطور العلاقة لتتخذَ إطار اللون الرمادي الذي يعكسُ قضايا متعددة ومنها الفتور بين المحبين أو الخلافات التي تبدأ فى الظهور بينهما دون أن يُحاول كل طرف فهم الطرف الآخر أو التضحية من أجل من يُحب حتى وإن كان الحبيب هو شريان الحياة عند حبيبه وأخيراً قد يعكس هذا اللون رمادية الغروب وهنا أعني أموراً كثيرة ومنها أفول الحُب أو غياب الحبيب وهو شعور مؤلم لا تُطيقه النفس أو الفراق التام بينهما وربما تباعد أرواح المحبين حتى وإن كانوا متقاربين ظاهرياً إلا أن البُعد الروحي قد ينشأ نتيجة رحيل مفهوم العطاء أو لبُعد الحبيب عن الإنصهار القلبي فى روح حبيبته وهكذا ينتهي الحُب ليدخلَ فى دائرة اللون الثالث وهو سواد النيل ودمعتة الحزينة التي تنسابُ حرارتها فى جوف الليل وتلك هي القضية التي أهتم بتصويرها فى أعمالي الأدبية. وذلك ليقيني التام بأن مفهوم الحُب الذي أراهُ وهو التقارب والعطاء والتغيُر بمعنى أن يتغيرَ الحبيب من أجل من يُحب والتغيير الذي يرنو إلى إعادة تشكيل الهوية بعد تجربة الحُب الحقيقي والإنصهار الكُلي بين الحبيب والحبيبة لا وجود له فى عالمنا هذا رغم عدم خوضي لتجربة الحُب على المستوى الشخصي.
س3: حمودي الكناني: وجدتُ نزعةً صوفيه في معظم النصوص التي قرأتها لك في المثقف ماذا تقولين في وجهة النظر هذه؟
ج3: د. نيفين ضياء الدين: أتفقُ معك إلى حدٍ ما حول وجود نزعة صوفية غير عميقة المنحى فى بعض أعمالي وهنا أنا لا أقصد أني لا أميلُ بطبعي لصوفية العِشق الألهي، وفى مصر نجدُ الكثير من المذاهب الصوفية وأشهرها طريقة الحامدية الشاذلية، ولكني أقصد أن كينونة المذاهب الصوفية تتعددُ شِعابها الروحية والفلسفية ويعجزُ القلم الأدبي على توصيل تلك التجربة الروحية بكامل صورتها مهما حاول الأديب. فالصوفية كما أراها تقومُ على إنفصال الروح عن الجسد دونما الموت الحسي الملموس وغيابها فى طرائق عشق الحبيب وهنا الحبيب هو الذات الإلهية . وتتجلى هذه التجربة التي لمستها بنفسي أثناء تأدية الصلوات المُختلفة وقراءة القرآن،وهذه هي أبسط نماذج هذة التجربة الصوفية التي تلتحمُ فيها الروح بعشق الخالق وممالك الغيب والكون، لتنعكسَ شِعابها فى رضى وهدوء قلب الحبيب الذي لا تسكن نفسه ولا تستقر إلا برضى المحبوب وبديمومة العِشق الروحي الذي لا ينقطع . وقد ساهمت نشأتي خاصةً وأني قد أمضيتُ جزءاً من طفولتي فى مكة المكرمة إلى أخذي بروح المذهب الصوفي من حيثُ تصوير تجربة الحب المتبادل بين المعبود وخالقه،الذي إذا أحبهُ أفاض على وجههِ نوراً ووضع له القبول فى الأرض بين البشر، وقمتُ بنسجها كما أراها على أنها رحلة غيبية من غياب الروح ورحيلها عن الجسد لتحلّ فى روح وفكر الحبيب بمعنى أن قلب المُحب يغيبُ عن جسدهِ ليحلَ فى جسد حبيبه فِكراً وحضوراً ومن هنا تنشأ العلاقات الروحية. ولذلك نجدُ الحبيب يشعرُ بالطرف الأخر إذا كان مريضاً أو فى ظرف سئ قبل أن يُخبرهُ حبيبه بما وقع له ولا تستقر روح الحبيب إذا كان حبيبه بعيداً عنه أو إذا شبَ بينهما خِلاف ولا يعرفُ السكينة إلا بنيل رضى المحبوب وهذا هو قلب جميع المذاهب الصوفية على إختلاف طرائقها وأنواعها.
س4: حمودي الكناني: كأني أراك تجيدين العزف على آلة البيانو فماذا يتشكل في رؤاك عندما تغرقين في توتر موسيقي مزدحم الضرب على الاحساس؟
ج4: د. نيفين ضياء الدين: نعم أجيدُ العزفَ على ألة البيانو وأميل لعزف الأغاني القديمة وأنسجمُ مع أصابع العزفِ لأرتحلَ بعيداً فى أبواق اللحنِ الذي تأسرني طوابقه بين الصعودِ والهبوطِ وتداخُل النغمات الرفيعة والغليظة . والعزف بصفة عامة يُغذي الروح ويعكس ملامح شخصية العازف من ثبات ودقة أو حماس أو حتى إنطواء وتقُوقُع ذاتي أو تسرُع وتشنّج نفسي. كما يرسمُ اللحن ما يشعر به العازف لاسيما الحبيب من حُزن لغياب المحبوب أو شوق ربما للقاء حبيب أو من يُحب ومن هنا يتميز العازف الفنان عن العازف التقليدي المحترف فالعزف هو روح الإنسان والروح تعكسُ الصحة والمرض والحُب والبُعد والوفاء والخيانة. وتتداخل الروح مع نغمات الموسيقى والموسيقى هي حروف عوالم التجربة الشعرية والإنسانية.
س5: حمودي الكناني: ماذا تقول لنا الدكتورة نيفين ضياء الدين عن المسميات التالية؟
أ - مصر
حبيبتي الضاحكة الباكية وحلاوة عِناق الروحِ وحرارة دمعة الفراقِ فى أنٍ واحدٍ.
ب - ام الدنيا
القاهرة التي تأسرك بجمال عيونها وتُبهرك بسحر حُبها وتجذبك عميقاً لعوالم عِشقها دون أن تُدركَ ذلك . تُحبها وتشتكي منها فى ذات اللحظة، تهواها وتتمنى هجرها إذا قست عليك وعندما تغيبُ عنها لا تنسى حنان قلبها وحُبها الأوليّ ولا تعرفُ مذاق وحرارة الحُب والشد والجذب إلا عندما تعود إليها من جديد ! . وهذه الرحلة السحرية التي تأسرك بإرادتك وتخطف قلبك فى دائرة متكررة هي قوة قلب الحبيبة القاهرة أم الدنيا.
ج – المحروسة
عُرفت مصر بهذا الإسم الرمزي الذي يعكسُ عراقة تربتها وقوة تأثيرها فى النفوس . فهي الأم التي لا مثيل لها الخاطفة لأبصار من يراها والحبيبة التي تسرقُ عيون المحبين .ولذلك فقد لُقبت بالمحروسة من عين الحاسدين لها والمحروسة بقوة العناية الإلهية التي تحفظها وتحرسها لأهلها وتحميها من طمع من يُغير عليها أو يُحاول مسها بسوء ولذلك هزمت مصر كل جيوش الإحتلال التي خطت على تراب أرضها فهي المحروسة.
د - ابو الهول
كبرياء فى جسد القوة . وشموخ يشتعلُ بحرارة الشمس ويضوي فى ليل القمرِ. ومن وجهة نظري فأبو الهول هو قلب الحبيب الذي يذوبُ قوةً فى حضرة محبوبته وهي القاهرة قلباً ورمزاً لحبيبها بقوتها وحبها.
هـ - سيد درويش
أصالة التاريخ وملحمة حماس فى حب الوطن وأغنية تذوبُ بساطة حروفها ولهجتها فى نخاع ضحكة وألام وحياة الأسرة المصرية .
و – الناي على الشط غنى
الناي هوالنيل حبيبي الأوليّ الذي لا أملُ رؤيته . مرات أراهُ عازفاً لبسمة الطفولة وفرحتها ومراتٍ أخرى أراهُ باكياً حزيناً يُعانقُ دموع المطر الذي أعشقهُ . إنه الناي، ناي النيل . والنيل وتر القلب وبسمة الروح وصندوق النفس على تنوع حالتها ومواويل حكاياتها.
س6: حمودي الكناني: آخر ما كنت اتوقعه كمواطن عربي عاش ويعيش في خضم احداث كبيرة غيرت الكثير في حياة امة العرب هو ما حصل في مصر من تغيير وهنا اريد أن أعرف من الدكتورة نيفين ضياء الدين كمواطنة مصرية ماذا حققت الثورة الشعبية العارمة التي مازالت تفور وتغلي؟
ج6: د. نيفين ضياء الدين: ما حدث فى مصر وبالتحديد فى تاريخ الثلاثين من يونيو، حُزيران الماضي كان مفاجأة كبيرة. وقد حدث إنقسام شعبي بين مؤيد لما حدث بوصفه كثورة شعبية وبين مُعارض يرى أن ما حدث هو إنقلاب عسكري. وفى كل الأحوال لم تتحق حتى هذه اللحظة الأهداف التي قامت من أجلها ثورة الخامس والعشرين من يناير، كانون الثاني. فعلى سبيل المثال وليس الحصر لم يتحقق مبدأ العدالة الإجتماعية بمعناه المكتمل ومازال الشباب يعانون من عدم توافر الوظائف المناسبة لهم بالجامعات المصرية هذا إلى جانب الركود الإقتصادي وإرتفاع الأسعار وقضية النسبة والتناسب بين الأجور وأسعار السلع المختلفة وفى كل الأحوال نأمل الخير لمصر والتقدم والرخاء.
س7: حمودي الكناني: الذي حصل في مصر هو حلمٌ شعبي كبير لتأسيس عقل جديد يهمه رفاهية وسعادة الانسان وهذا الحلم ساهم به الفقير والمتعلم وغير المتعلم وأنا هنا اتساءل هل كان لشريحة المثقفين الكبار دور في تحقيق هذا الحلم أم أنهم ركنوا جانبا وانتظروا لمن تكون الغلبة؟
ج7: د. نيفين ضياء الدين: هذا السؤال له طابع نسبي وقد يتفق معي القارئ الكريم فيما أراه وقد يختلف. ولكني أرى أن دور المثقفين كان مُتجلّياً فى ثورة الخامس والعشرين من يناير حيث تجلت الحماسة الأدبية فى مجالي النثر والشعر وتم توظيف القلم الفكري لتصوير آمال الديموقراطية والعدالة الإجتماعية والحرية. ونذكر جميعاً الكتابات التي أفرزتها الثورة الأم للعديد من الكتاب كعلاء الأسواني وهو روائي مصري وللعديد من الشعراء ولاسيما شعراء العامية المصرية كعبد الرحمن الأبنودي وهشام الجخ. أما عن الدور الأدبي والثقافي فى الوقت الحالي فلا يمكن أن يتم مُقارنته بالدور الحماسي الذي شاهدناه أيام الثورة الأولى ولا أعرفُ لذلك تفسيراً ربما لأن طبيعة الأجواء السياسية فى مصر حالياً مُركبة ودائماً يحتاج الدور الثقافي والتنويري إلى وقت كافي كي يتشكل ويُوصّف الأحداث بصورة سليمة.
س8: حمودي الكناني: هل انت من بين الذين يرون أن المثقف العربي يمر بأزمة بسبب ما يطغى على الساحة الاجتماعية والسياسية من تقلبات كبيرة غير محسوبة؟
ج8: د. نيفين ضياء الدين: لهذا السؤال جانبان الأول سلبي والثاني إيجابي. يتأثر دور المثقف وهنا أنا أقصد فقط الباحث الجامعي والدارس بكثرة ما يحدث على الساحة العربية والمحلية من التقلبات السياسية وعدم إستقرار الأوضاع الأمنية مما يتسبب فى إغلاق مستمر للجامعات وبالتالي تعطيل عملية البحث العلمي. أما عن الكاتب والأديب فلا أعتقد أن التقلبات السياسية قد تتسبب له فى أزمة تمنعهُ أو تحولُ دون أن يستمرَ فى رحلته الأدبية أو السياسية بل على العكس تماماً دائماً نجد أن الثورات الشعبية تتزامن معها فترة من الإزدهار الأدبي والنشاط السياسي التنويري المؤيد والمُعارض لأجواء الساحة السياسية. ولو نتذكر سنجد أن الأدب المصري والنشاط السياسي الثقافي كان مزدهراً فى عصر الإحتلال البريطاني لمصر.وكانت الساحة المصرية تعجُ بالمئات من الأقلام الأدبية الراقية للعديد من الكتاب كطه حُسين وعباس محمود العقاد وتوفيق الحكيم وغيرهم.هذا غير النشاط السياسي الملحوظ الذي تزامن فى عهد الملكية المصرية وقد شهد العديد من الإضطرابات السياسية. وهنا نذكر الدور السياسي الذي قام به العديد من الرموز الفكرية والسياسية فى هذه الفترة كمصطفى النحاس ومكرم عبيد وغيرهم. بل ولم يتوقف البحث العلمي فى مصر فى تلك الفترات بل على العكس شهدت مصر العديد من الإنجازات العلمية الباهرة على أيدي علمائها كعلي مُشرفة وسميرة موسى وكذلك كان الأمر بالنسبة للمجال الفني الموسيقي والسينمائي حيث شهدت مصر فى تلك الفترات أزهى عصورها فى مجال الأغنية العربية ونذكر جميعاً أغاني محمد عبدالوهاب وسيد رويش وغيرهم.
س9: حمودي الكناني: هل نالت المرأة العربية المثقفة نصيبها المستحق في سفر الثقافة العربية وما هي المقترحات التي ترينها مطلوبة للأخذ بيدها الى افاق أرحب وأوسع؟
ج9: د. نيفين ضياء الدين: لا أعتقد أن المرأة العربية قد نالت حتى هذة اللحظة نفس المكانة التي نالها الكاتب الرجل ولذلك أسباب عديدة منها فى نظري ما يعود إلى طبيعة بعض الكتابات النسوية المتطرفة المنحى والتي تُركز على إتجاه واحد فقط وهو المساواة مع الرجل من حيث التركيز على نواحي الحريات الجنسية وتعدد العلاقات مع الجنس الآخر . وهذه النوعية من الكتابات لا يميلُ لها الرجل الشرقي المتدين الذي يراها تُخالف الفطرة السوية وخارجة على مبادئ الأديان. وهي نمطية الفكر بالنسبة للرجل الغربي الذي ينظر لهذه الأمور على أنها قضايا مُسلم بها ومُتعارف عليها فى المجتمع الغربي الذي يُبيح الحرية الجنسية لأقصى الحدود.ومن هنا تبدأ المشكلة التي لا تتداركها بعض الكاتبات العربيات من حيث التعمُق فى مجال الكتابات الآيروسية وعدم التطرق للمشاكل التي تُعاني منها المرأة العربية وهي كثيرة جداً كمشكلة مفهوم العنوسة الذي يُطوّق المرأة ونظرة المجتمع السلبية لها دونما ذنب على عكس النظرة التي لا تُهاجم الرجل غير المتزوج أو المُطلق والأرمل هذا غير عدم السماح للمرأة بالعمل فى بعض الوظائف كقيادة سيارات الأجرة بل والأخطر من ذلك تهميش فاعليّة دور المرأة كطبيبة أو محامية وتفضيل الرجل عليها وكأن المرأة هي مخلوق قاصر وغير قادر على النجاح وللأسف لا نجد التركيز الكافي فى العديد من الكتابات النسوية على هذه القضايا الشائكة.أما السبب الثاني الذي يؤدي إلى ضعف إنتشار الكتابات النسوية العربية بصورة عالمية وهو الفكر النمطي الذكوري المُتعصب فى بعض المجتمعات العربية كما هو الحال فى اليمن وغيرها من المجتمعات المغُلقة التي لا تُتيح الفرصة للمرأة العربية كي تُمارس كافة حقوقها من التعبير عن رأيها أو الكتابة الأدبية وتنظر لها بصورة سلبية وتعتبر أن المرأة لا يُمكن أن تُمارس دوراً فى الحياة غير الأمومة والحياة الزوجية .ويجبُ علينا أن نقضي على هذة الإتجاهات المتطرفة كي تنتشر الأعمال النسوية العربية عالمياً وتنال نصيباً متميزاً ككتابات الرجل.
س10: حمودي الكناني: للشعر تعاريف كثيرة جاءت على لسان كبار الشعراء والكتاب والنقاد ولو سألني احدهم ما تعريفك للشعر لقلت هو كلام جميل لحروفه اجراس ذات نغم، يهزني ويطربني عندما اترنم به ويثير المشاعر والاحاسيس وما عدا ذلك ليس بشعر، فما ردك على هذا القول؟
ج10: د. نيفين ضياء الدين: هناك أنواع مختلفة من قصيدة الشعر كشعر التفعيّلة والشعر النثري وتتولد الموسيقى فى قصيدة الشعر إما عن طريق المُحسنات البديعية كالطباق والإستعارة على إختلاف أنواعها والكناية وإما عن طريق الوزن والقافية وبحر الشعر وهو ما تتميز به القصيدة التقليدية ويجعلها تختلف عن قصيدة الشعر المنثور . ولكن تبقى الموسيقى هي إحدى أركان القصيدة الناجحة وليست محوراً أساسياً والدليل على ذلك هو نجاح الكثير من نماذج القصيدة النثرية كما أنه فى بعض الأحيان قد تكون القافية مُفتعلة مما يؤثر سلباً على جودة القصيدة ويجعل المعنى مُصطنعاً.لذلك أرى أن قصيدة الشعر الناجحة هي التي تضربُ كلماتها فى القلب وتُركز على التجربة الإنسانية وإثارة المشاعر والأحاسيس وترتحلُ بك بعيداً للغوص فى أعماق الشاعر ومشاركته فى بحور التجربة التي تصورها القصيدة لدرجة الألتحام التام معها والقصيدة التي تُحقق ذلك سواءً كانت نثرية أو من قصائد الوزن أو التفعيّلة تكون ناجحة ومكتملة الأركان. فالشعر يضربُ فى شعور الروح والروح هي قالب سفينة الشعر ومكنونه الأساسي.
س11: حمودي الكناني: احتلت قصيدة النثر مساحة كبيرة في ادبنا العربي وخاصة في السنوات الاخيرة وكثر كتاب هذا الجنس الادبي ولقد ساهمت الشبكة العنكبوتية في اتاحة الفرصة للكثيرين والكثيرات في نشر نتاجاتهم من هذا اللون فما هي سمات قصيدة النثر المستوفية للشروط من وجهة نظر الشاعرة الدكتورة نيفين ضياء الدين وهل هي البديل عن العمود كما يدعي البعض؟
ج11: د. نيفين ضياء الدين: لا يُمكن أن نقومَ كأمة عربية تزخر بتاريخ أدبي عريق يعجُ بأشكال متنوعة من القصائد الشعرية كالغزل والهجاء والرثاء وعصور أدبية مختلفة مروراً بالعصر الجاهلي والفاطمي وصدر الإسلام وحتى عهود الشعر الحديث والمُعاصر بتقويض الأنماط الأدبية وذلك بتفضيل جنس أدبي معين على جنسٍ أخرٍ أو بالإنصراف كُليةً نحو نمط أدبي معين كقصيدة النثر لتحلَ محل أنماط قصائد الشعر المختلفة. ولذلك لا يُمكن أن تحلَ قصيدة النثر كبديل أدبي عن العمود بل يجبُ أن نعمل على إثراء جميع أشكال القصيدة العربية إلى جانب إحياء أنماط القصيدة العربية المختلفة والتي أندثر بعضها أو شحَ وندُرَ فى عصرنا الحديث لأن هذا هو جزء هام من هويتنا العربية.وهناك مقومات كثيرة تؤدي إلى نجاح وبناء قصيدة نثر فعّالة من وجهة نظري وأذكرُ منها:
1- قوة التجربة الشعرية التي تنعكس على كلمات القصيدة لتبدو وكأنها حروفاً نُسجت بقلب ودم ونبض الشاعر.
2- تقسيم قصيدة النثر إلى أجزاء مختلفة وربما مُعنونة مما يُساعد على دقة بناء القصيدة وتطوير الأفكار .
3- أن يجد القارئ نفسه داخل القصيدة بمعنى أن تمسَ التجربة الشعرية ألام وجراح القُراء وتجارب الحياة الإنسانية فيتفاعلون معها ومع موضوعها أو قضاياها وما يُعرف باسم ثيماتها الأدبية وكأنهم يعيشون فى أحداثها ويُرافقون الشاعر فى تأملاته الفكرية وإرتحاله النفسي والروحي وربما الجسدي.
4- ترابط أجزاء القصيدة على إختلاف موضوعاتها وتدرجها بين الألوان السلبية والإيجابية وربما تعدد أماكن وقوع الحدث فيها. فمثلاً قد نجد الشاعر يسترجع فى إحدى أجزاء القصيدة رواية حُب لم تكن ناجحة أو فراق لحبيبة ثم يتحدث حول جمال إمرأة أخرى أحبها وتعرف عليها أو حول السفر والرحيل . والناقد المُتأمل يجد أن الرابط بين هذة الموضوعات على إختلاف نسيجها الظاهري هو فكرة الصدمة الأوليّة أو فشل قصة حب فى حياة الشاعر الذي حاولَ أن يتناسها فكرياً وروحياً من خلال الرحيل الجسدي مرة ربما لبلاد وأماكن أخرى لا تُذكره بفقد حبيبته وعبر الرحيل الفكري والروحي فى مراتٍ أخرى وذلك بإندماجه فى قصة حُب جديدة يُحاول عن طريقها أن يتناسى جراح الحُب القديم.
5- وجود جرس موسيقي داخلي بين كلمات أو سطور القصيدة لا يكونُ مُفتعلاً ويخرجُ من رحم وقلب الفكرة الجزئية الواحدة مما يُصيب القارئ بجرح أدبي ونفسي فيكون حزيناً أو سعيداً أو حتى غاضباً نتيجة قضية إستفذاذية مُعينة لا يتفقُ معها مما يدلُ على نجاح تجربة الشاعر وقوة أجواء القصيدة.
س12: حمودي الكناني: ما ردك على من يقول ان السرد عندنا نحن العرب ليس مبتكرا وانما جاء كتحصيل حاصل وكتقليد لما كتبه الروس والأوربيون والأمريكيون في القص القصير والرواية وأن هذا الجنس طارئ على واقع العرب الثقافي لأنهم أمة شعر اساسا؟
ج12: د. نيفين ضياء الدين: تأصلَ فن الرواية والسرد الأدبي والنثر فى نخاع المجتمع العربي منذ قديم الزمان. وجميعنا يعرفُ روايات ألف ليلة وليلة لشهرزاد وهي ذات نمطية عربية وصبغة شرقية الأصل. هذا غير فن المقامة العربية كمقامات بديع الزمان الهمداني والحريري وبعض كتابات المنفلوطي المُعاصرة ذات الصبغة الإجتماعية المصرية وتطوير فن النثر لمزاوجة الشعر والمسرح ومثال ذلك مسرحية مأساة الحلاّج الشعرية لصلاح عبد الصبور. ولا ننسى الكتابات المصرية والعربية التي تُعالج قضايا إجتماعية شديدة الخصوصية ومرتبطة بعالمنا العربي كالفقر والجهل وختان الأناث . وتتجلى خصوصية الكتابة العربية من حيث ذاتية العادات والتقاليد ولاسيما المصرية فى كتاب الأيام لطه حسين ونزعة بعض الكتاب لتصوير الريف لاسيما المصري على خصوصيته كما فى بعض كتابات يوسف أدريس هذا غير تصوير الحارة المصرية كما فى روايات نجيب محفوظ كزقاق المدق وبين القصرين وغيرها.ولا يجبُ أن ننسى فن الرواية السياسية العربية والمصرية المُعاصرة والتي تُناقش قضايا محلية وإقتصادية ترتبط بالمجتمع العربي والمصري كروايات صُنع الله إبراهيم وعلاء الأسواني وبهاء طاهر وغيرهم وهذا أكبر دليل على إرتباط فن الرواية بالنكهة العربية الأصيلة ولا سيما المحلية التي تتشكل بقضايا وأحوال الشعوب. ولا يجبُ أن ننسى الحديث حول فن الرواية الدينية كقصص الأنبياء وروايات أولياء الله الصالحين ورواية الفوازير والأحاجي وكلها دلائل كافية على إختلاف الرواية العربية من حيث القالب والشكل والمضمون عن غيرها من النماذج الغربية كالرواية الروسية والأوروبية.
س13: حمودي الكناني: متى يزدهر الادب ويربو، في ظل الفاقة والعوز والقهر أم في ظل الرخاء والانتعاش ولماذا؟
ج13: د. نيفين ضياء الدين: الجنس الأدبي شأنه كشأن الكائن الحي يحتاجُ إلى بيئة مناسبة وتُربة خصبة كي ينمو بطريقة صحيحة وسليمة وينضج جسدياً وفكرياً ولا يكونُ عليل البنيه ربما لضعف الأمة وتخلفها نتيجة إنتشار الفقر والجهل والمرض أو لعجز تلك الأمة الفقيرة على تسويق ونشر أدابها وألامها الفكرية والمادية نتيجة عدم توافر الأمكانيات الكافية والأدوت والوسائل أو ربما نتيجة العامل المادي.و الدليل على ذلك أن الشعوب الأفريقية الفقيرة والتي تُعاني من المجاعات والأمراض والأوبئة لا تزدهر فكرياً أو أدبياً إلا بهجرة بعض ابنائها للبلاد الأوروبية الغربية وإندماجهم فى ثقافة مجتمعية مُغايرة توفر لهم فرصة التعليم حتى وإن كان ذلك على حساب ما يتعرضون له من تهميش عِرقي أو ديني أو من إضطهاد نتيجة لإختلاف اللغة والبيئة فى تلك البلاد.وقد كان التمييز العُنصري عاملاً هاماً لإبداع الكتاب والشعراء السود فى بلاد المهجر هذا إلى جانب ولادة أنماط أدبية وشعرية جديدة نتجت من رحم الغربة وفراق الوطن وتزاوج الأجناس الأدبية والرغبة فى إعادة توصيف صورة الوطن الأم وإسترجاع الذكرى وتهجير التاريخ العِرقي.وقد أبدع شعراء المهجر والكثير من العقليات الفكرية العربية بعيداً عن البيئة المجتمعية الأولى والتي قد تكون أصابتهم بالضيق أو واجهوا فيها شُحاً فى العطاء.كما أن آداب الأقليات العِرقية المضطهدة التي عانت من الحروب الأهلية أو العرقية كالبوسنة والهرسك أو من الفتن الطائفية لم يعرف الإزدهار الحقيقي أو الإنتشار إلا فى ظل هجرة عقوله الفكرية لبيئات مختلفة.ومن أمثلة ذلك على الساحة المُعاصرة إبداع بعض عقول أبناء الشعب السوري فى ظل الهجرة لبيئة مُغايرة توفر لهم حُرية الفكر والتعبير وتنحى بهم بعيداً عن ويلات الدمار والحروب.
س14: حمودي الكناني: عدنان الظاهر شاعر باهر وكاتب ضاحك يجعل من الحكاية أي حكاية مشهدا دراميا مثيرا فمتى تعرفت على ابي القراطب وماذا يمثل لك وما تقييمك لكتاباته؟
ج14: د. نيفين ضياء الدين: لعبت الصدفة دوراً هاماً فى معرفتي بالأديب والناقد الدكتور عدنان الظاهر وكان ذلك فى صيف عام 2010 وبالتحديد فى الثامن من شهر آب، أغسطس لذلك العام. وقد كان لمعرفتي بالدكتور الظاهر أثر هام إدى إلى تغيير فى مجرى حياتي من حيث دخول عالم الكتابة الأدبية بشكل إحترافي وذلك لأن أديبنا هو من إنتبه لوجود موهبة أدبية يتميزُ بها أسلوبي فى فن الكتابة كما قال لي ذات مرة بل ونصحني بضرورة تذليل قلمي فى مجال الكتابة الأدبية من شعر ونثر وساعدني كي أخطو خطواتي الأولى نحو نشر أولى قصائدي الشعرية وقد كانت بعنوان " الفصول الأربعة".و يُمثل لي الدكتور الظاهر شخصية الوالد والأستاذ الذي ساهمت توجياهته الأوليّه فى تطوير النمطية البنائية لقصائدي الشعرية ولأعمالي النثرية هذا غير بعض توجيهاته من الناحية اللغوية وكلها كانت تنصب فى عملية تمحوّر وتطوير لبنة الكتابة الأدبية وركيزتها فى عمودي الفقري. ساهمت أعمال وكتابات الدكتور الظاهر فى تغذية مُخيلتي الشعرية والنثرية من حيث فتح أفاق فكرية جديد أرحب وأوسع أمام عقيدتي الأدبية على الرغم من قيامي بإعادة تشكيل وقولبة وصبغة تلك الأنماط والأفكار بما يُناسب ويتحد مع شخصيتي الفكرية والإنسانية على كافة مستوياتها وأمتدت عملية التأثر والتأثير إلى مخيلة كاتبنا الذي ساهمت بعض أنماطي الفكرية بدورها فى إضفاء نزعة فكرية جديدة على مُخيلة أديبنا.قرأتُ الكثير من أعمال الشعر والقص والنقد لأديبنا الظاهر وهو ملحمة أدبية تتنوعُ مذاهبها وفى مُعظها عُمق فكري وتجربة ذاتية صادقة وحتى ما يجنح منها جنوح الخيال فأن لكاتبنا المقدرة على تطويع الحواريات الخيالية كما فى حورايات المتنبي وجعلها وقائع ملموسة نتفاعل معها لدرجة تصديق واقعيتها. وعندما أقرأُ قصيدة للظاهر فإن شأني يكون كشأن القارئ الذي يجدُ نفسه فى بعض أبيات القصيدة الواحدة ويتفاعل معها حسياً ووجدانياً ولا يجدُ نفسه فى أبياتٍ أخرى.وهناك تنوع فكري وإختلاف أيديولوجي ومنهجي بين قصائد الدكتور الظاهر وأسلوبه فى القص والسرد والرؤية وبين قلمي الأدبي من حيث مُعالجة القضية الواحدة والإختلاف لا يؤدي إلى تنافر الأعمال الأدبية وإنما هو تذكرتها نحو النمو والثراء.وقد تابعت بعض كتابات ابنة الدكتور الظاهر، الأستاذة قرطبة التي أكن لها كل إحترام وتقدير كوالدها رغم عدم المعرفة الشخصية ولمست فيها نزعات فلسفية وقلم سياسي وتاريخي ومنحى ديني نابض بالتطور والنُضج والقراءة الواعية. وفى الختام أوجهُ الشكر والتقدير أيضاً لأديبنا الراحل المرحوم خزعل المفرجي الذي أمن هو الأخر بموهبتي الأدبية وعرضَ عليّ نشر بعض قصائدي الشعرية فى إحدى الجرائد العراقية.
س15: حمودي الكناني: كيف تقرأ الدكتورة نيفين ضياء الدين الاسماء التالية وهل تتكرر؟
1. شوقي
أصالة اللغة العربية والعبارة الجذلة وموسوعة تاريخية وملحمة أدبية من التراث العربي والمصري الحديث والإسلامي .
2. طه حسين
فكر فلسفي له منهجية ورؤية ورحلة كفاح مع الإعاقة البصرية وبيئة ريفية أدت إلى الإبداع الذاتي والفكري والإنساني.
3. نجيب محفوظ
الحارة المصرية وتصوير خصوصيات الحياة فيها وفى محيط تلك البيئة مع وجود جنوح أدبي نحو التركيز على فكرة الإنحراف الإنساني وتعدد العلاقات الجنسية وضياع الذات بصورة لا تُطابق بالضرورة الواقع هذا غير وجود جنوح أخر قد يصل إلى حد التطرُف فى مهاجمة الدين بصورة رمزية.
4. صلاح جاهين
الحكمة المصرية والمثل الشعبي وقولبة الأفكار العميقة التي تخص الشأن المصري فى إطار نقدي ساخر أحياناً ونابع من البيئة أحياناً أخرى ويُلامس الذات بقافية متلازمة لا تضر المعنى.
5. ام كلثوم
رصانة الكلمة المرتبطة بغناء القصيدة الشعرية والغناء الديني وقوة الصوت وجزالة العبارة الغنائية فى إنسجام تام مع الطبقات الموسيقية المختلفة والمُعقدة وملحمة تنسجُ العديد من خبايا الحُب وروايات البشر على تعدد التجارب الإنسانية .
6. سيد مكاوي
نغم خفيف على الروح، رنان المعنى وتلقائي النبرة يدفعُكَ لترديد الكلمة المصبوغة بروح الدُعابة المصرية فى قالب خفيف قد يصلُ إلى حد الفُكاهة.
7. محمد عبد الوهاب
ملحمة لإرتباط الروح بالحب والموسيقى نبتت فى جوف النيل المُمتد على مرمى البصر رمزاً للصبر وسكون أجراس الليل وأوبرا مصرية عريقة.
8. حافظ ابراهيم
شاعر النيل والحداثة.
9. العقاد
رحلة من الكفاح والتثقيف الذاتي والفكري وفلسفة القلم.
والمـتأمل يجدُ عواملاً مشتركة بين هذة الأسماء من حيث التجربة الإنسانية.
حمودي الكناني: كل الشكر والتقدير للدكتورة نيفين ضياء الدين ونتمنى لها دوام الصحة والعافية والتألق
خاص بالمثقف
حمودي الكناني
صحيفة المثقف – مدارات حوارية