مدارات حوارية
ياسمينة حسيبي تحاور: الشاعرة سمر محفوض في مدارات حوارية
تحاول جاهدة ومن خلال الكتابة التصالح مع خيبات الحاضر وأحلامه أيضا.
في هذه الحلقة من مدارات حوارية، تستضيف المثقف الشاعرة والناقدة سمر محفوض وحوار شامل وصريح أجرته معها الشاعرة ياسمينة حسيبي، فأهلا وسهلا بهما في المثقف.
اكتشاف دواخل الشاعر رحلة محفوفة بالخطر وبالمتعة في آن واحد.
فهو الكائن الذي يتعرف على ذاته حين يخرج منها، يرى الحياة دهشة قابلة للتمدد، يمسك باللحظة الشعورية كي يستخرج منها الضوء ويكثفها لتتجاوزه مستوعبة كل الفضاء.
والشاعرة سمر محفوض متورطة في الكتابة كهاجس ذاتي يستهلك نبضها وكينونتها، وكمرآة كاشفة تعكس ملامح روحها الابداعية في تجليات عدّة.
صوتها محتدم بالأسئلة لكن قلمها أكبر من كل الانتكاسات والهزائم، يختزل حركية الوجدان عبر الشعر الذي يتنسم الحرية وينتمي للنص الحر الذي يعتصر اللحظة الشعورية ليصنع منها القصيدة.
السيرة الذاتية
- شاعرة وناقدة
تعمل في الصحافة حاليا
- عملت في التعليم العالي جامعة البعث سابقا
- شاركت بالعديد من الندوات الشعرية والنقدية اضافة الى المهرجانات الادبية، على مستوى سورية وخارجها، منها:
- عام 2010: مهرجان قصيدة النثر بنادي الصحفيين بمصر، وملتقى قصيدة النثر في اتحاد الكتاب وزارة الثقافة بمصر.
- عام 2014: مهرجان بابل للفنون العالمية بالعراق مدينة بابل.
- عام 2016: مؤتمر قصيدة النثر في الاهواز – إيران، مشاركة في الشعر والنقد.
صدر لها
• زرقاء خصبة كمخيط
• نحو نسيان ممكن...
• مزاج...
• بناء على ماتهدم
- لديها مجموعة شعرية تحت الطباعة بعنوان في قبضة مكان...
- كتاب نقدي حول الهوية الشعرية وثقافة النص
- سينوغرافيا اللفظ عنوان قابل للتصديق
س1: ياسمينة حسيبي: بعض الكتابة قيد، وبعضها حرية وما بينهما مسافة بعُمر الشِّعر. كيف تمشي سمر محفوض تلك المسافة ما بين الهروب من قيد اللحظة الشعورية في واقع مأزوم/ محتقن وبين حرية شعرية ذاتية تفصّلها على مقاس الحقيقة مهما كلّف الأمر؟
ج1: سمر محفوض: الكتابة فعل وجود مؤسس على وعي معرفي يسعى إلى امتلاك الخصوصية الفردية ويواجه الأسئلة الملحة فكريا وفنيا. وهذا يعني الرقص على حواف الهامش الحر للعلامات الإبداعية، أي التقاط اللحظة ذات الدلالات المتوالدة باستمرار. اما بعد ذلك ليس مهما كيف يمضي الامر فنحن حين نكتب لذاتنا أولا ثم للأخر الجمعي الموجود من خلال هذه الذات يكتب الكائن استجابة لخطاب الروح داخلة وميراث القلق... زمنينا لا أعرف بالتحديد لكن هي كل العناصر التي مرت من عبث وشغب الطفولة والمخيلة والحب والبحر غنائية البهجة وحيوية الكلام المتبقي في ذاكرة منسية غير ملوثة انه القلق الوجودي الإنساني تحديداً وتعميماً، منذ الوعي الأول والمبتدئ نعيش حنيناً لوليمة كلام يتجهز في الحنجرة ،عموما تربيت ببيت كان المتنبي وابن الفارض والحلاج وابن عربي ومحمود درويش وغسان كنفاني والرحابنة، جزء من تكوينه منذ وعيت القراءة المفردة الأولى حركت وجداني. ربما بدأت الكتابة لدي نتيجة لإحساس عميق بالحرية المهدورة والبحث عن عالم جميل وعادل. لا يمكن لي أن أحدد بالمطلق لكنه سؤال مهم لصياغة الهوية الذاتية.
س2: ياسمينة حسيبي: تقولين في قصيدتك "زرقاء خصبة .. كمحيط"
أجنّ .. نعم أجنُّ،
أو أدافع غالبا عن الجنون
أخلع حشودي، وأخترع جموعا
هل هي " لحظة اللقاء الخاطف بين الجنون والكلام، بين جنون يتكلّم وكلام يُجنّ، لحظة التعبير، أو لحظة الشِّعر بامتياز" كما قال ادونيس؟
ج2: سمر محفوض: اعتقد جازمة أن الحب خارقتنا البشرية الأحلى والجنون اختراعنا الأنضج من كل الاختراعات من الهراوة إلى أدوات الموت الذكية والعشوائية انما عن تلك اللحظة العاقلة جدا والغير مشروحة على مستوى الوعي والتفكير الممنهج او ما نطلق عليه منطق فالكتابة هي خروج من منطق الأشياء إلى فتنتها والى صيرورتها بالضرورة عزيزتي وكما قال الشاعر المفكر أدونيس نعم هو الجنون العبقري ولحظة التجلي الذي يخرج الكائن من مألوف ومحدودية التراكيب إلى فضاء التشكيل والتخليق لابد من طفولة الجنون لرفد أحلامنا بثروات طائلة من الأمل والخيال المجنح الحقيقة الجنون نبع دائم العذوبة نرتقي إليه كلما اقتربنا من الروح بكل هذا الهاجس من الاغتراف من التلامس البكر مع الأشياء.
س3: ياسمينة حسيبي: وفي قصيدتك " أعتذر .. لم أستطع الموت مرتين " تقولين:
وروحي التي رقشت الغيم المنسول من رابعة
اشرب صيحتك ولا تلمس رملا انتمى لحريقك
اشرب ضوع الملح
واخلع روحك في انسدال الشعر
كوكبان نحن في حالة اصطدام
فنستشعر روحانية كبيرة ومحاولات جميلة لالتقاط الحقيقة من منظور صوفي طمعًا في تحقيق اللحظة النادرة.
أهو هروب مستتر بالشعر من واقع فج ومرير أم هو تأثير الشعر الصوفي على النص الشعري الحديث بشكل عام؟
ج3: سمر محفوض: وأقول أيضا بذات النص:
لفيني بثوبِك المبلولِ
رديني إلي، منتهكةٌ ذاكرَتي،
وثقيلةٌ هي الذكرياتُ
جمّعي بأصابعِك نزقي ففرطي حزني
ورشيني للحمامِ مع الخبزِ بشرفتِك
نقي عني النعناعَ والأمنياتِ
التي غدرَت بي، وقولي للحبِ
الذي متأخرا جاء
تألقْ وحيدا في العينين
كالدمعِ الوحيدِ
وهنا اريد القول: لا اعتقد أني مارست هروبا متعمدا أو غير متعمد من مواجهة في كل حياتي أما عن التقاط اللحظة النادرة كلنا نحلم بها وأما لو كنت تسالين عن لحظة محدد عن إجادة الالتقاط أتمنى أن أصل يوما إلى قريب من وهج اشتغالاتها تلك اللحظة قد يحدث وقد لا.
والشق الثاني عن وظيفة الشعر كجسر للهرب من الواقع الفج فاعتقد أن الشعر وليس وحدة بل باقي الفنون هو المنوط به وربما بشكل اعزل ووحيد مواجهة البشاعات جميعها وتأصيل الحقيقي والنقي والبياض والشق الأخير من سؤالك العذب الذي يختص بالإسناد على النبع الصوفي فاعتقد أيضا إننا كمهتمين بهاجس الشعر ومعنيين بمهمته الصعبة والمستحيلة كلنا بطريقة ما نتهادى بشكل أو أخر ضمن مدارات الآهلة الصوفية من منا لم يتأثر بمحمد عبد الجبار النفري و نسيمي والحلاج وجلال الدين الرومي وشمس التبريزي أو ابن عربي وآخرون يضيق الحيز عن غدق مناهلهم، لكن للأمانة لا أجدني أمارس أي نوع من هرب حقيقي او مبتكر ضمن ما اكتب إنما أحاول جاهدة ربما التأكيد على التصالح مع خيبات الحاضر وأحلامه أيضا.
س4: ياسمينة حسيبي: الإبداع في سوريا اليوم يعيش وضعا استثنائيا، وهذا يفرض تغييرا في العلاقة بين المبدع والمؤسسة من جهة وبين المبدع والمكان من جهة اخرى.
كيف تعيش سمر محفوض هذه الحالة الاستثنائية في كتاباتها وتسجل حضورها في المشهد الثقافي السوري الراهن بكل انعكاساته؟
ج4: سمر محفوض: المشهد السوري اليوم على علاته ومفرزات الوضع الأمني والإنساني المعقد والصعب بسبب ظروف الحرب وما يلحق بها من خرابات على مستوى الروح والبنية هو بالرغم من ذلك لا يختلف كثيرا عن المشهد الثقافي العربي عموما ،والذي يعاني تشوهات وإرهاصات متراتبة ، خاصة على مستوى علاقة المبدع بالمؤسسة وإشراف المؤسسات والشللية وما إليه من إمراض العمل المؤسساتي العربي والثقافة لا تخرج عن النمط وللأمانة بالرغم من كل الوضع الصعب بسورية وخروج عدد كبير من المبدعين إلى خارج حدود الوطن ما تزال الحركة الثقافية تجتهد من اجل الاستمرار ولم تنقطع يوما عن نشاطها تأكيدا على الحياة وانتصارا لمقوماتها ولو بالحد الأدنى ،بالرغم من تخافت نشاطها او تعافيه بين تصاعد الخطر الأمني وهدوء مفترض في وقت تالي وأنا كما كل الشعراء السورين أشارك ضمن المتاح بالنشاط المحلي والعربي والإقليمي الممكن ضمن الظروف.
س5: ياسمينة حسيبي: صلة المرأة العربية بالنقد الادبي وثيقة منذ القدم واقتناع الرجل بملَكتها في تذوق الشعر كان واضحا من خلال انتدابها قاضيا في لقاءات الشعراء التنافسية ومجالسهم الادبية والتاريخ حافل بأسماء عديدة منذ أم جندب وسكينة بنت الحسين مرورا بليلى الاخيلية حتى عائشة الباعونية إلا ان التاريخ الادبي لم ينصف المرأة العربية الناقدة.
هل نستطيع، في يومنا الحاضر، القول بأن نشاط المرأة النقدي ومستواها في هذا الميدان بات يفرض وجوده؟
ج5: سمر محفوض: عزيزتي ياسمينة دعيني أخبرك شيء عني وهو جزء من الإجابة على سؤالك ورثت عن جدتي شكلها الغجري ودمها الخافق بألف شراع، ومخيلة شاسعة عن براري ورحلات ونيران لا تنطفئ وشوق لا يخبو للسهر ولرحالات طويلة على دروب مشرعة بين الروح والروح.
جدتي والحكاية الأولى وذاكرة الشمس والملح. كانت جدتي مدرستي الأولى للمعرفة والشعر والصورة والحنين والتمرد والرفض والتبادلية الندية بين معادلة رجل وامرأة ،هو الكائن الممكن وهي بذرة الحب بالجسد ، غواية الضوء الرفيعة ، وهو المكتمل بالحب ، هو العشق وهي الخصب، هو الألفة وهي الحنان الإنساني، كما يليق لها أن تكون هكذا كان الدرس الأول ومن هنا بدأت علاقتي مع الأخر أدبيا وإنسانيا وبعيدا عن التصنيفات النسوية والذكورية التي لا أجدني طرفا بها إلا من خلال أن هناك رجال مبدعون يكتبون نقدا جيدا، وهناك نساء مبدعات يكتبن نقدا جيدا وعليه يجب أن نؤسس لتجربة نقدية منصفة، فانا اليوم لا اجد الأنثوية بحاجة إلى مساواة بل إلى توازي بمعنى أخر، وخروجا عن صراع ذكور مبني على التمكن من أدواته وصراع أنثوي يريد استرجاع ملكيته التي خسرها بانحسار الزمن الامومي الأول. علينا ربما بناءً على أهمية التحاور وخروجا من ثنائية القطب الجنسوي أن نشكل دفاعاتنا عن حرية الكتابة بتعدد أشكالها كأدب فعال مشارك لا متفرج، ومعزول لان باختلافنا وتنوعنا تكمن أهميتنا. كل أشكال الكتابة لها دورها في تكوين الذائقة العامة نقد شعر رسم ..الخ، وبالمحصلة حسب مرحلة إنتاجها هي مؤثرة بزمنها المباشرة تنتمي لزمنها بمرحلة ما كان اغلب ما يكتب الرائع محمود درويش يندرج ضمن الخطاب المباشر لكن أيضا الرفيع والحساس والمحرض كثورة على الاحتلال والاستلاب وتغييب الهوية والوطن
مهم جدا أن نتحاور، نختلف ونتفق. المهم الحوار بحد ذاته، أمام تحديات نغلق عليها أعيننا منذ دهور ما تبقى سيفرزه صاحب القلم الأصدق والأقرب إلى روح تجربته ومصداقية التعاطي الجدي العميق معها.
س6: ياسمينة حسيبي: ما الذي جعل الشاعرة سمر محفوض تتجه الى النقد رغم حالة الفوضى وانعدام أو نُدرة أساسيات الشفافية والحيادية التي استوطنت المشهد النقدي العربي الحديث والثقافي عامة؟
ج6: سمر محفوض: نحن لانختار غالبا نمط المنتج الذي يشعل شغفنا، عزيزتي هو من يختارنا وربما أيضا هي الحاجة العميقة للغوص ببنية الجملة والتركيب علني أصل يوما إلى جذر اللفظة كموصل سينوغرافي ما يزال يشغلني البحث في أطياف أشعته.
س7: ياسمينة حسيبي: يعتمد النقد العربي الحديث منجزات النقد الغربي على مستوى التنظير والتحليل مما يجعل من الصعوبة التقاط ملامح أصالة حقيقية لهذا النقد.
هل في اعتقادك، يكمن مأزق النقد العربي الحديث في تحول المرجع لديه من فرصة لممارسة نقدية منتجة وفاعلة إلى مصدر للتشويش وللاضطراب؟
ج7: سمر محفوض: ينبغي أن نتحدث هنا عن النقد واللانقد..عزيزتي النقد العربي بشقيه الأكاديمي والصحفي يعاني فترة حرجة، من مراهقة ثقافية تتسم بالتعجل والانفجار ضمن التباس البنية النقدية للعقل العربي. النقد في عالمنا هو استهلاك للمصطلحات بعيداً عن منهجيات النقد وأحياناً رغبة بتدمير النص أو تأديب الكاتب مازال النص أسير المعيارية وعلى يدي النقاد الطارئين تُنسى روح النص ..ويحتاج المتابع لحركة النقد الى امتلاك ثقافة خاصة منفتحة فينتج الحياة ضمن نقده.. إن أهمية النقد تنبع من خدمة قراءة النص للمجتمع الذي هو فضاء إنتاجه كي يتدرج المعطى النقدي العربي ولو نظرتي فأن أول ما يميزه هو المزاجية وتأويل النص حسب الناقد المتصدي للمشروع الإبداعي لكن: النقد من أجل خلق مناخ نقدي تنظري وأيضا حيوي نحتاج إلى إزالة القيود الفكرية بأوسع معانيها لأن النقد يعني أن تحيد باللغة عن طرقها العادية، في التعبير والدلالة، وتضيف إلى طاقتها خصائص التحليل والتفكيك والدهشة والتكوين الموسيقي أيضا. أي معنى اللغة بالذات ليس استجابة للإيقاعات العادية بل لتجاربنا الجديدة أيضا كذلك، بوصف النقد حركة الشخوص الفاعلة بالعملية الأدبية لتصير شخصية مستنطقة أو مؤنسة على خلفية ما احتواه النص من بورنوغرافيا ، بديهي أن الحرية تنفي الجمود والتشنج المضاد للحياة كخيار وفعل هادف وبالتالي تنتقل أزمة الخارج إلى الداخل بشكلٍ أو بآخر وهذه الفكرة جزء من مشروع النقد باعتبارها الإطار الفاعل الذي يتم فيه التعامل مع الأدوات والتكنيك الشعري، إن مفهوم المأزق هنا تحديداً غير دقيق لأن الحديث النقدي هو عن التطور الجدلي في بنية منظومة النقد ليس من جانب امتلاك الأدوات والمنهجية الخاصة بل بتحديد معالمها أيضا ،وما تتركه مفكرتنا الثقافية المعرفية النقدية مهملا ومسكوتاً عنه يشكل حيزاً هاماً من جملتنا الناقصة، وبالتالي لم نتمكن من مقاربة المنظومة النقدية العالمية ،كخصائص لمعالجة فعالة وإنتقال نوعي من الهامشي إلى الرئيسي، ومن ثم نحو المسكوت عنه في دواخلنا، لترقى مفاتيح الالتقاط بين الكلمة وإنزياحاتها، في معنى المتكون النصي وتلقيه، كمعمم ثقافي يتخطى مفهوم المثاقفة، بهوية ثقافية مبدعة وشخصية متميزة.
ربما علينا إعادة النظر في اللغة. طالما هي مقتبل الفواتح في أي عمل فني وهي أيضا الحامل الرمزي لإشكالات النص متجاهلين متنها النحوي الراكد، هو تحطيم لكل الجاهزيات، كمحاولة للاقتراب من ملامح نص مغاير ونقده، لغة تبتكر قدرتها على التأثير عند كل تماس حيوي، حتى لا يمسخ فيه النقد الى شكل للسيطرة أو الإلغاء. بمعنى كيف للناقد أن يقدم عملا يستحق القيمة في أي حقل معرفي كتحصيل أو إنتاج لها (للكلمة) وتقدير لمسؤوليتها أو كمعيار للنقاد ونقاد نقديون أيضا بجوهر للعمل الأدبي لدور تفاعلي حي مع الواقع الإبداعي الصعب الذي يسعى إلى تلمس الجوهر عبر المظهر والمستتر والمكشوف أو ما يدعى بجماليات التلقي ، حيث تمثل الفهم العربي لنوعية العلاقة بين القارئ الناقد والنص تكوين تحليل كلي للشعر أو خط الأدب بمنظور إجرائي نتيجة لتطور علوم اللغة وتحليل الخطاب بوصف القراءة عملية تفكيك وتكوين موضوع لفك وتتبع الغامض والملتبس بين الموضوع وبنائه. ببساطة هي العلاقة تتعقد أحيانا بين القارئ والناقد والنص الشاعر وتتداخل إحالاتها ومرجعياتها نتيجة لجماليات الفكرة بوصفها مسارا تناصيا يجمع سياقات إنتاجه داخليا كأدبية الأدب، وخارجيا كتأثير ثقافي وأيديولوجي مع ظرف التلقي والقراءة، وبالتالي التحليل أي النقد .والعصر الحالي عموما هو عصر تعدد المنهجيات وأجد أني لا أميل إلى مصطلح منهج في وصف وتحليل نص ما بل هو التجربة التحليلية كعلاقة مادية وفكرية ولغوية متعددة المعنى تتجاوز أحادية الدلالة التي يضبطها المنهج ،وهذا يضفي التنوع كما يضفي الخصوصية والإختلاف أيضا إنما أنا يعنيني الصيرورة الدلالية للنص المعني من حيث إنتاج الدلالات المتوازية فالقراءة النقدية الخلاقة تتجاوز المنصوص علية والمنطوق به في عملية الاتصال وتأويل النص فهو يتجاوز رؤيته كوحدة فكرية ولايمكن مطابقته أو مماهاته مع التفسيرات والتأويلات لنقاده ومتلقيه على الأقل. أجد أنه هكذا قرأ ابن عربي النص المقدس وتعامل معه وهكذا تلمس ميشال فوكو ديكارت على رأي الناقد (علي حرب) بالنهاية القراءة فعل جمالي لأفراد تربطهم علاقات تلقي ثقافي وإبداعي مشروط بظروفه الغير منعزلة عن مرحلتها تندرج في نسق قيمي ومعياري لمرحلة ما كونها تلبي الحاجة الروحية المتضمنة جوهرها-
وهنا الذهنية الثقافية العربية ليست بمعزل عن الإبداع الإنساني بل في خضمه كتواصل حساس وحامل لمشروع المغايرة والتقارب المعاصر.
س8: ياسمينة حسيبي: ألا تمس آلية التعريب للمصطلحات النقدية الغربية بهويتنا اللغوية وتسمح لمصطلحات أعجمية دخيلة بتوجيه النص الشعري ذو البيئة العربية؟
ج8: سمر محفوض: تكمن أزمة المصطلح على انه قام بتصفية القوى الداخلية فيه ضمن الفورة المنهجية والنظرية. في الوقت الذي أعاد فيها منطق تعميق فرديته مع ما قد يتكون من اختلاف المنظومات الثقافية التي تختلف عنه باختلاف الهوية وفي غياب المواكبة المجمعية اللغوية الموحدة والمقنعة ، للثقافة التي تم النقلإليها . مما دفع للتعويل على الجهود الفردية للنقل والترجمة، وعلى الفهم الشخصي للدال الأصلي. لترجمة المفردة وقد أوقعت النقول الفردية الاصطلاح في اخلالات إشكالية كان من نتائجها فقدان المعرفة المنقولة. وقد أفضى التشتت المصطلحي .. إلى فوضى ترجميه . مردها قصور في تدقيق معنى المفردة المنقولة وعدم السعي إلى إيجاد المرادف لها في اللغة والثقافة حيث المصطلح نتاج بيئة ثقافية وسياق حضاري لايمكن التعامل معه . بسطحية جراء الانبهار وتعجل النقل انطلاقاً من أن أي خراب في المصطلح لايعود بأصله إلى إثبات الفكرة بل إلى سقوطها ولا ينجم عن استلاب وحدة المفهوم بل يولد قالباً ووعياً جديداً ،عبر التردد والتموج بوظيفة المصطلح، الذي قد يفقد قيمته الإجرائية ويؤثر سلباً على دوره التواصلي، كناقل للمعرفة كما أن اشكاليته الأخرى تكمن في المدلول الذي يعطي تعاريف عديدة ومختلفة لنفس الدال .... مما يفقد المصطلح حمولته الدلالية الموضوعية إنما أخطر مظاهر الاضطراب في المصطلح، هي في إعطاء مداليل مختلفة للمصطلح أو المسمى في الثقافة المنقول إليها تتعارض مع مفهومه باللغة الأم بل تعاكسه أحياناً وتسهم في أن يصبح فسحة عائمة بلا استقرار ولا معالم..... كشعوراً صرفاً متكيفاً مع تسريع التعابير التراكمية اللفظية والتي تسعى إلى تقليص الغيرية والارتباط مع الذات محل الارتباط مع الأخر. ونهاية توافق الذات مع الذات المنطوية على إعادة إنتاج مجتمع ، بلا ظل كحالة ثقافية سلبية بوصفه عرضا مرضياً من أعراض الأزمة المعممة التي يعجز عن مواجهتها بغير اليأس والحقيقة أن أزمة المصطلح لاتخصنا فقط بل تشمل حتى منتجيها الذي يناشدون مثقفيهم بتوحيد المصطلح كي لا يبقى متاحاً فقط لتطبيقات منتجيه عصياً على الأخر.... لتبدو القضية كأنها ليست أزمة مصطلح بل أزمة واقعين ثقافيين وحضاريين وأزمة فكر بدرجة ممتازة من المفيد والضروري الاهتمام بالقراءة التطبيقية لآدابنا لخلق رؤى عربية لا رؤية واحدة وصولا لرؤية مفصلية متطورة كما التي للجرجاني في النظم مثلا والتي تصلح للآداب الأخرى كما تصلح للأدب العربي وهي أكثر إتساعا وشمولاً حيث أن الشعرية أو الشعر الحالي وإن كان يحتفي بالخاص والفردي والجواني فإنه وبشكل دال يعكس بعدا للوجود الإنساني يتجلى بواسطة الرمز ومصير الفرد ضمن تلك النصوص الأدبية. هي معادلة صعبة لدى الطرفين غربا وشرقا، هي بالغرب تختصر الإنفصام الكلي بين الخاص والعام إلى ظواهر ذاتية بينما تدفع التناقضات لدينا إلى الذاتية والفردي ضمن نسيج الصورة الشعرية التي لايمكن الفصل فيها بين الفردي والجمعي وضمن ذلك التشابك لا يمكن تحديد الفردي إلا من خلال دينامكية علاقته مع الجمعي ولايمكن مقاربة الذات كتعبير إلا من خلال تموضعها الاجتماعي وهنا الإبداع بالضرورة يتطلب اشتباكا بالواقع وتعبيرا عنه كل لحظة كإعادة إنتاج وتوزيع للعمل الفكري ... اليوم الغرب عامة يتطلع إلي معرفة العرب والعالم العربي وهنا الأدب قد يوفر وصفاً أكثر دقة وعمقا من كتب التاريخ والسياسة ولهذا السبب فأنت تجدين أن نسبة الكتب الصادرة عن العرب والإسلام تحديدا منتشرة حاليا في الغرب ونحن نلاحظ مؤخرا ازدياد نسبة ترجمة الأعمال الروائية الكثيرة ، لكن المشكلة تكمن في تحييد البعد الإبداعي العربي الخلاق والذي يساهم بشكل حقيقي في الأعمال التي أنتجتها البشرية.
س9: ياسمينة حسيبي: كما هو معروف، عالم الشاعر مزدحم بالأسئلة وبالقلق والشك وقراءته مهمة صعبة تستوجب ناقدا ملماّ بالتحليل وبالتأويل والتقييم لكن معظم الدراسات النقدية تظل تدور حول النص وليس فيه.
كيف يكون برأيك فتح مغاليق النص الشعري اعتمادا على الشك في تقصي اليقين؟
ج9: سمر محفوض: لم تعد نظريات التلقي كافية لرؤية حداثية من مبدع- متلقي- نص\، بل هي تتغير جذرياً لصالح المفردة الدلالة. هو تجاور المتناقضات، والذي هو نتيجة للمعنى الذي يشتكي دائماً حضوره المغّيب.
إلا في المفرد على حد تعبير الإمام عبد القاهر الجرجاني في مقولته الشهيرة (ليس أدل على المعنى من مفرده). والاسلوبيه كعلم لغوي تعتمد تحليلاتها بالظاهرة الأسلوبية، أي النمط من ناحية بنائية ووظيفية، أي عملية إيصال الفكرة للأخر مصحوبة بالمتعة.واليوم يتجه الأدب عموماً نحو التحليل والتصنيف. ليضمن الموضوعية، أو ليفند مشاكل الإبداع وتقنياته استناداً على النصوص ذاتها.فالمعنى لايستقر في صيغته النهائية إلا بالنظر إلى كافة التحولات النصية ودينامية تجربتها وديمومة تشكلها ولا تشكلها. بعد خروج النص من وظيفة الرسالة التي هيمنت عليه تفعيليا بالفترة السابقة من أوائل السبعينيات حتى مشارف التسعينيات من القرن المنصرم، ثمة صراع داخلي يُزاحُ جانبًا لصالح المنتج الإبداعي، عليه أن يكون واعياً لحركة أفكاره، يرى ويكتشف أن هذا الانقسام بين المُـفـكّـر والفِـكـر، بين الراصد والمرصود، بين المختبر والخبرة،ما هو إلا وهم، المتلقي لم يعد يمثل زمنا أو حدثا أو حالة، فالمتلقي ضمنياً والي اعتمده المبدع كجزء من بنية النص، غُيّـبَ تلقائياً لأن النص اعتمد المفردة /اللفظ دوراً للقيام نيابه عنه، مما منح النص حياةً بلا شيخوخة، أكثر انفتاحاً على الوسائل الجوهرية للإبداع المعاصر، بدلاً من همجية التطرف الذي لا يمت إلى اتجاهات الفكر الحديث عموما لكن لنحدد أولا مفهوم التفاعل أو ما يدعى بجماليات التلقي، ولعل الاختلاف الحاصل بين النظرية العربية وجمالية التلقي المعاصرة يكمن أصلا في مايدعى قصدية الفعل، وظيفة التبليغ، حيث تتداخل الكثير من العوامل في سيرورة التوصيل منها ما يتعلق بالشرط الزمان /المكان ومنها ما يختص بالمتلقي وتكوينه الثقافي والمعرفي بحيث تكون عملية الإبداع الأدبي هي بحث واكتشاف ذاتي ومن هنا ليس بالضرورة أن تكون رسالة التبليغ أو التلقي مرهونة بمعرفة المرسل بالتأكيد كنوع من الاتصالية مع الأنواع الأدبية ضمن سياقها النصي وهذا جزء من البنية الكلية للشاعر أو الشاعرة يحدد سماته بما ينسجم مع السياق وليس كعنصر يساهم في تجسيد دور الكاتب ..إن شاعرا كصقر عليشي أو سعدي يوسف أو اسعد الجبوري مثلا يخلق مجازات مختلفة للغته فيغامر بالتخلي عن العناصر التي شكلت جوهر شعرية الحداثة وهو شكل من أشكال توكيد القصيدة الحديثة لتوكيد حداثيتها..ليس كحالة خالصة وحسب، لكن أيضا كدلالة لسعي طويل لتلا قح الثقافات الإنسانية التي تتباين بمدلولاتها ومكوناتها وهذا بالذات إشكالية تسمية المصطلح شكل من خطاب كوني ثقافي حضاري يجعلنا نؤثر ونتأثر من خلال التفاعل والتكامل لتأصيل المفهوم حيث الاختلاف هو تمييز الفارق وإن الأسلوبية كعلم لغوي تعتمد تحليلاتها بالظاهرة الأسلوبية أي النمط من ناحية بنائية ووظيفية أي عملية إيصال وهنا النتيجة ليست رهينة الاختلاف بل هي فاعلية الاختلاف داخل طقس المتعة /القراءة/ وضمن شرط التصادم والتجاذب بوصفه المشروع المعّبر عنه ضمنياً في الآخر أي من يتلقى أو من نتوجه له بالكتابة حيث لكل رمز إبداعي دلالة سواء كان تشكيليا أولغويا أو بصريا تعبيريا مسرح فتوغراف ...الخ بالطبع له آلية تحريضي لدى المتلقي يتم ذلك على مستويين الأول فكري إذ يخاطب المنتج الإبداعي فكر ومخيلة المتلقي وجملة قناعاته ومعارفه، والثاني انفعالي والتفاعل بين المستويين هو الذي يخلق التوافق الاتصالي ويحدد التقييم والفئة أما فيما بعد لمن سيتوجه هذا المنتج تلك مسألة أخرى المتلقي هو من يحدد والمنتج قد يحقق ذلك أو لا يحقق
بالنهاية القراءة فعل جمالي لأفراد تربطهم علاقات تلقي ثقافي وإبداعي مشروط بظروفه الغير منعزلة عن مرحلتها.
س10: ياسمينة حسيبي: ظاهرة "ثقافة الأنترنيت" رغم انتشارها بشكل هوسي تبقى هشة وغير مؤطرة، يقابلها تدنّي رهيب في معدلات القراءة بالوطن العربي (ربع صفحة للفرد سنويا).
كيف ترين مستقبل الكتاب العربي في ظل شيوع مجانية النشر الكيفي والكمي واختلاط الحابل بالنابل؟
ج10: سمر محفوض: مما لاشك فيه إننا نعيش زمن الصورة بكل تقنياتها وطاقاتها التسجيلية والتخزينية وهذا أحدث تعديلا مهما في ذائقة التلقي وذهنية تلقي الإبداع الفني البصري عبر شاشة الشبكات العنكبوتية متيحا لأنواع جديدة الفرصة للولادة والتشكيل بوصفها إضافة ، لا بديل عنها ربما تكون مفردة التحول هي الأدق هنا فقد أدت ثورة الاتصالات إلى تغيرات عميقة في آليات الإنتاج الثقافي والاستهلاك كأنماط وأشكال تضمر الرؤية الافتراضية للواقع ثم تنتج صورا له تختلف نوعيا عن التعبيرات التي ينتجها الأدب المألوف أو المطبوع الذي اعتدناه لزمن مديد إن التراث الثوري الأدبي والفكري والنقدي وحتى السياسي الذي يشهد الان تحولات غريبة عن طبيعته التي تكرست عبر قرون بحيث يمكن القول أنه مهدد بالتلاشي وتتزامن هذه التحولات مع تحولات كونية كبرى في الثقافة والانتهاج الفكري. وعلاقة الأدب بالواقع كانت دائما من القضايا الجوهرية التي شغلت النقاد من خلال إبداعات عدد من كبار الروائيين والشعراء والمسرحيين أيضا أثرت بشكل حاسم على آليات وجماليات تلقي الفن والإبداع بهذا المعنى نعم أنا أتابع بجدية شديدة التجارب المتنوعة وأعجب بالكثير منها لأني مؤمنة أصلا أن أي استبعاد أو غياب سيشكل اهتزازا في جزء من التكوين الكلي للمشهد والتذوق الشعري العام..... - من هنا يمكن أن أقول لك بأن الأدب العربي ليس أقل إبداعاً منه في الوقت الحاضر من النصف الأول من القرن العشرين ورغم كثرة المقالات والدراسات والتحليلات التي تناولت الأزمة التي يمر بها الأدب العربي شعراً ورواية ونقداً أدبياً يتناقض مع ما يصدر من مجموعات شعرية وروايات وكتب نقدية وفكرية والذي يشير إلي أن الأدب العربي لم يتوقف عن الإنجاز والتطور والمغايرة ومن ثم يمكن القول إنني متفائلة بمستقبل هذا الأدب رغم الانهيارات السياسية والاجتماعية والشروخ العميقة التي أصابته. ببساطة يمكن أن نقول إن الموقع الذي طوروا العرب أنفسهم فيه للحاق بالحداثة وما بعد الحداثة هو الحيز المعني بالآداب والفنون التي نجد فيها ملامح حاثية وما بعد حداثية وأما عن القراءة الورقية أو الكتاب المطبوع فهذا شكل من التحول الكوني بنمط التعاطي مع القراءة، وتناول المعلومة واعتقد أننا لسنا بمعزل عن هذا المتغير العالمي.
س11: ياسمينة حسيبي: "لم أكتب بعد القصيدة التي أريدها" قالها الشاعر التركي الشهير ناظم حكمت.
ماذا عن سمر محفوض وقصيدتها/الحلم؟
ج11: سمر محفوض: ناظم حكمت ذاكرة جيل وذائقة تاريخ لاشك.. أولا أتمنى لأفكارنا أن تتحرر ضمن كل الدمار الذي يحيط بنا وخيبات الأمل التي تلاحقنا أتمنى أن لا نخاف الكلمة التي نقولها أو التي تقال ضدنا بعيداً عن الهراوات الثقافية ومخالبها علينا أن نجعل الخراب يتوقف بالجهة المقابلة مضطراً، ليكون النص محورا أساسيا وساحة الخصب ويبقى أن اتمنى كتابة النص الأكثر جنونا ..وحبا ، وطيبة. وقلقاً . وصبراً ،وغياباً عن خارطة التكريس المنخورة بأسماء فضفاضة.. هوالبحث عن النص الذي يفكك القارئ ويعيد تشكيله وفقا لما يقدمه مبدع خاص دون مجاملة أو محاباة المتلقي نحو نص يثير الأسئلة ويقلق. نص ليس مسكوناً بتابو الوثنية الفكرية والثوابت.النص غير المدبر ..النص الذي يفكك ذاته..النص الذي لايحاول أن يكتمل في وقت المحنطات والتماثيل المسبقة الصنع .الشكر للشاعرة ياسمينة حسيبي ولمؤسسة المثقف وللسيد الأديب والمفكر والروائي ماجد الغرباوي مدير الموقع.
تحياتي وشكري لك الشاعرة سمر محفوض على هذا الحوار القيم وعلى روحك الشاعرية. ونختم بقصيدتك الموسومة _ويحدث أن .._
ويحدث...أن
يضيق..
الوطن
ليصبح بحجم رغيف خبز
بطول ساعات تقنين
بسعة خز ان فارغ
ويحدث أنّ نظلّ نعشقه
يحدث...أن
في اللوحة المعلقة على جدار
غرفتي
صورة جماعية لشخص واحد .
ويحدث ..
أني بعد قليل سأقضم ما تبقى
من أصابعي
كي لا أعاود العد العكسي
لانتظارك
يحدث بعد قليل أن انثر
هدوئي لينهض بكامل غرائزه
إلى أغصان جوعك الغاوي
يحدث ..
أن يكون فنجان قهوتي الوحيد ،
معبد شاغر
يعلقني على أهوائه ...
كعطش لا يرويه شيء .
ويحدث ..
أن كل ماتبق من الحديقة
المقابلة لمنزلي .. الحديقة
الجرداء من كل شيء .. الحديقة
التي تحولت إلى مكب قمامة ..
كل ما تبق لافتة كتب عليها ..
ممنوع قطف الأزهار .
يحدث..
انه موعدك اليومي.. مشوارك
اليومي ..
قبلتك اليومية..غيابك اليومي ..
وبدقة أكثر هو نسيانك اليومي
..
واعني اليومي الدائم .
ويحدث
أن تشير للبحر فيغسل موجه
بك،
أن تشير للتاريخ يغادر دائرة
الطباشير..
أن تشير للضجر يتصوف شارعا
بكامله .....
ويحدث ..يحدث
أن القرصان
مازال يتابع المشهد
بشرود مفتعل
يحدث ..
أن أصغر الأشياء تترك إيقاعها
بفيء المكان ..
وأنك حقيقتي الأكثر انهماكا بعد
أوقاتها المهدورة في اللهاث .
وأنك زخة قصائد ...
تنشب برابعة القلب ..
بعد عمر طويل من الفناء ..
يحدث ..
أني اصدق الخرافة وجدتي
والله والنسيان ..
نسيان غائب لن يأتي
.. نسيان غائب أنتظر عودته
كغفران أخير لتوبة العاشق
.يحدث ...أن
ياسمينة حسيبي - مدارات حوارية
صحيفة المثقف