كتب واصدارات
مبحث الوعي في الفلسفة المعاصرة.. عرض لكتاب الباحث الفلسفي علي محمد اليوسف
مبحث الوعي في الفلسفة المعاصرة
اهداء
الى ابنتي الغالية بان اليوسف على جهدها المثابر
بمساعدتي تنضيد الكتاب
المحتويات
المقدمة
الفصل الاول: مصطلح الوعي القصدي الفلسفي
الفصل الثاني: اشكالية وعي الذات فلسفيا
الفصل الثالث: الصوفية وعي الذات والطبيعة
الفصل الرابع: الوعي واللغة في تخليق الوجود
الفصل الخامس: الوعي الادراكي والسلوك النفسي
الفصل السادس: الوعي (ديكارت، برينتانو، هوسرل)
الفصل السابع: الوعي القصدي في تداخل العقل واللغة
الفصل الثامن: تخارج اللغة والفكر في التعبير عن الاشياء
الفصل التاسع: التحول اللغوي ونظرية المعنى
الفصل العاشر: وعي الذات في الوجودية والفينامينالوجيا
الفصل الحادي عشر: لغة الصوت خاصية التعبير عن المعنى
الفصل الثاني عشر: الانسان مقياس كل شيء.. بروتاغوراس
الفصل الثالث عشر: الوعي وفلسفة العقل
الفصل الرابع عشر: غياب الزمن في وهم الدلالة
الفصل الخامس عشر: انحراف التحول اللغوي ونظرية المعنى في الفسفة المعاصرة
الفصل السادس عشر:حدس المكان والفراغ
الفصل السابع عشر: تمثل الادراك وتعبير اللغة عن الوجود
الفصل الثامن عشر: فائض المعنى في الوعي واللغة
الفصل التاسع عشر: الادراك الصوري وتعبير اللغة
الفصل العشرون: آلان تورين الذات والحرية المسؤولة
الفصل الحادي والعشرون: الوجود ادراك لغوي
الفصل الثاني والعشرون:اللغة التوليدية الفطرة والسيرورة المكتسبة
الفصل الثالث والعشرون: ماهية العقل بدلالة بيولوجيا الجسد
الفصل الرابع والعشرون:مصداقية تعبير اللغة وقصور الفكر
الفصل الخامس والعشرون: مداخلات فلسفية تحليلية نقدية
الفصل السادس والعشرون: وعي الذات الخالص ميتافيزيقا وهمية
الفصل السابع والعشرون: الوعي القصدي في فلسفة جون سيرن
الفصل الثامن والعشرون: ميتافيزيقا الوجود بدلالة الجوهر
الفصل التاسع والعشرون: حوار الفلاسفة (ارسطو، ديكارت،اسبينوزا، بيركلي)
الفصل الثلاثون: اشكالية الادراك الانطولوجي
الفصل الواحد والثلاثون: الادراك الصوري وتعبير اللغة
الفصل الثاني والثلاثون: الجوهر والطبيعة
المقدمة
مارست النشر في الصحف العراقية والعربية منذ سبعينيات القرن الماضي، وانتقالتي الثقافية النوعية نحو الفلسفة تحديدا كانت في عام 2004 حين اصدرت كتابي الاول سيسيولوجيا الاغتراب قراءة نقدية منهجية طبعة محدودة على نطاق مدينة الموصل ونشرالكتاب بعدها بطبعتين الاولى عام 2011، عن دار الشؤون الثقافية ببغداد والطبعة الثانية عن دار الموسوعات العربية في بيروت عام 2013، وصدر الكتاب طبعة ثالثة عن دار غيداء بالاردن وعرض مع مؤلفات اخرى لي في معرض بغداد الدولي للكتاب 2022 لاول مرة..
إنتقالاتي الثقافية هذه قادتني اخيرا نحو المنهج النقد الفلسفي في قراءة بعض تاريخ الفلسفة الغربية الحديثة، لم تأت الانتقالة نحو الفلسفة حصيلة دراسة اكاديمية، بل جاءت نتيجة تراكم خبرة ثقافية متنوعة مارستها كتابة ونشرت لما يزيد على على اربعين عاما في مختلف الاجناس الادبية التي لم اجد طاقتي تستوعبها بتفرد متميز بين سيول من الزبد الذي تسيد ويتسيد مرافق المسؤولية الثقافية والفكرية والادبية بممارسات غير نزيهة تطعن السمعة الثقافية عربيا وعالميا.،
كتبت مجموعة شعرية بعنوان (توهج العشق .. احتضار الكلمات) وكتبت في متنوعات الاجناس الادبية في القصة القصيرة والنقد وفي الثقافة عموما فكانت الحصيلة صدور كتابي (جهات اربع .. مقاربة في وحدة النص) صدر عن دار دجلة في عمان بالاردن عام 2010 وأعترف الآن بعد مضي 12 عاما على صدوره انه كان مجموعة خواطر اردت دمجها في نص اجناسي ادبي غير فلسفي فكانت تنويعات في الادب موزّعة بين القصة القصيرة والشعر والنقد الادبي والخاطرة.
استطيع اختصر لماذا تحوّلت حصيلة مجهوداتي في النشر والتاليف الادبي والثقافي عموما لتستقر في الفلسفة:
الاولى أصبح عندي ميلا ثقافيا شديدا نحو الفلسفة يؤمنه لي هاجسي المدفون في اعماق تجربتي الادبية والصحفية المتواضعة التي وجدتها لا تلبي ما يعتمل في دواخلي النفسية الفكرية من ميل كبير نحو الفلسفة. حيث نضجت تماما عندي في منشوراتي ومؤلفاتي الفلسفية بعد عام 2015 تحديدا.إذ كانت كتاباتي ومؤلفاتي قبلها مزيجا من الادب والفكر والنقد الثقافي تتخللها مطارحات فلسفية عابرة.
الثاني اني لم اكتب مقالا واحدا بالفلسفة متاثرا بالنمط التقليدي الاكاديمي المترجم في نسخ اجتزاءات من تاريخ الفلسفة تعنى بفيلسوف معيّن بشكل حرفي اكاديمي استعراضي يعتمد مرجعية ومصدر تاريخ الفلسفة في متراكمه الاستنساخي الثابت المعاد والمكرر، كما وردنا في قناعة خاطئة على أن تاريخ الفلسفة لا يحتمل النقد النوعي في التصحيح أو الاضافة بل إعتماد النسخ الاستعراضي التكراري المشبع بالتمجيد المجاني بلا اضافة تجديدية ولا حتى استيعاب جامعي.
حدثني طالب جامعي انه حين اراد التحضير لنيل شهادة الماجستير في موضوع فلسفي واخذ عدة كتب تهم موضوعه واذا به يجد في اربعة كتب نفس الاستنساخات الحرفية حول موضوعه بالنص الحرفي المنقول.
وكان السائد قبل ظهور فلسفة اللغة والعقل ونظرية المعنى بداية القرن العشرين أن تاريخ الفلسفة عند اليونانيين والهنود والصينيين وفي بلاد العالم هو من القدسية التي مرتكزها الثابت مرتكز إعادات وتكرارات لسير ذاتية تخص حياة ومنجزات فلاسفة قدامى ومحدثين منسوخة اعمالهم في الترجمة الحرفية العربية اشبعت تناولا فلسفيا عند عشرات من الاكاديمين العرب العاملين على ترجمة قضايا الفلسفة الغربية في غياب منهج النقد من جهة والشعور بعدم الندّية المتكافئة مع آراء اولئك الفلاسفة بالحوار الموضوعي فلسفيا. وغالبا ما تخون الترجمة الى العربية اصالة النص الاجنبي الفلسفي المترجم وتلقى مسؤولية تهمة الخيانة على اللغة وليس على ترجمة المؤلف غير المؤهلة ولا الامينة..
بخلاف هذا المعنى والتوجه مارست الكتابة الفلسفية (نقدا) منهجيا عن يقين ثابت لافكار كبار فلاسفة غربيين وجدت في ثنايا مقالاتهم وكتبهم الفلسفية المترجمة الى العربية ثغرات فلسفية خاطئة لا يمكن التسليم والاخذ بها وتمريرها كمسلمات دون مراجعة نقدية صارمة لعيوبها المستترة خلف اسم وفخامة و سمعة الفيلسوف الاجنبي فقط في غض النظر عن مناقشة افكاره بل الانبهار بمنزلته في الاوساط الاعلامية كنجم فلسفي هوليودي. واترك مسالة التوفيق والنجاح في مسعاي النقدي الفلسفي في مجمل كتاباتي ومؤلفاتي للقراء والمتخصصين في الفلسفة.
من الجدير الذي اود التنويه عنه اني كنت في مسعى المنهج النقدي الفلسفي وهو مشروع عربي متواضع صائب في تقديري سبقني به غيري بنهايات مفتوحة تتقبل النقد الاضافي منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أن تاريخ الفلسفة الغربية قديمها وحديثها مليء بالمغالطات والاخطاء القاتلة وميتافيزيقا الافكار ومقولات فلسفية وهمية سفسطائية لا قيمة حقيقية لها تقوم على مرتكز مخادعة التفكير الفلسفي ذاته وليس مغالطة معنى اللغة في التعبير عنه كما هو الحال حين اصبحت فلسفة اللغة هي الفلسفة الاولى منذ النصف الثاني من القرن العشرين ولا زالت الى اليوم مزيحة عن طريقها فلسفة الابستمولوجيا ومباحث علم الاجتماع والاخلاق التي وصلت عصرها الذي تسيّد الفلسفة قرونا طويلة على يد ديكارت ومن جاء بعده..
اذ كانت البداية الحقيقية في نظرية التحول اللغوي ومتابعة فائض المعنى اللغوي علي يد فيلسوف البنيوية دي سوسير عام 1905 ليعقبها بعد ذلك فينجشتين وفلاسفة البنيوية وعلماء اللغة تلتها الوضعية المنطقية حلقة فينا اعقبتها تاويلية بول ريكور وتفكيكية جاك دريدا ليستقر مقام فلسفة اللغة التي اصبحت الفلسفة الاولى في تاريخ الفلسفة الحديث منتصف القرن العشرين بعد تنحية ابستمولوجية فلسفة ديكارت كفلسفة اولى جانبا والتي استمرت قرونا طويلة الى فلسفات جميعها تدور حول نظرية المعنى وفلسفة اللغة كانت الغلبة الريادية فيها لفلاسفة فرنسا بلا منازع.. وبعد استلام فلاسفة وعلماء اللغة الاميركان راية فلسفة اللغة من الفرنسيين والالمان والانكليز حلقة اكسفورد في فلسسفة اللغة التحليلية الوضعية بزعامة براتراند رسل ، جورج مور ، كارناب. فينجشتين، وايتهيد وغيرهم.
خلاصة كل هذا التطور في تاريخ الفلسفة كان هاجسه تاكيد حقيقة أن تاريخ الفلسفة معظمه كان افكارا وهمية ومطارحات فلسفية تجريدية سببها المباشر الاول عدم دقة فهم تعبير اللغة الدقيق في تناول قضايا فلسفية مفتعلة لا قيمة حقيقية واقعية لها، ولم يتم التنبيه الى معالجة اخطائها الفادحة الا في وقت متاخر مع ظهور فلسفة اللغة والتحول اللغوي في نظرية المعنى.
ولي عدة مقالات منشورة وموزعة في ثنايا مؤلفاتي ومواقع عربية الكترونية رأيا توضيحيا في معنى التحول اللغوي وفلسفة اللغة والى ماذا اوصلت تاريخ الفلسفة في نهايات سائبة ربما يتاح لي عرض بعضها لاحقا بهذا الكتاب.
فلسفة العقل واللغة لدى الفرنسيين والاميريكان جعلت منذ نهايات القرن العشرين فلسفة اللغة هي النسق البنيوي الكلي الذي يوازي الواقع الحياتي ولا يقاطع مسيرة الحياة وخير من توّج هذا الانحراف الاهوج كلا من جاك دريدا ليقتفي اثره بول ريكور وعدد من فلاسفة الانجليز بزعامة بيرتراند راسل في التحليلية. مثل رورتي، وايتهيد ، جورج مور، كارناب، فينجشتين قبل انشقاقه عنهم، وسيلارز ، وسيريل، واخرين. وكذلك كلا من فوكو والتوسير وشتراوس وعديدين غيرهم.
أقولها بأمانة وصراحة أني في كل كتاباتي المنشورة ومؤلفاتي لم اكن سوى طالب معرفة فلسفية لا زلت امارس رغبتي هذه من منطلق استزادة الاطلاع على مباحث فلسفية اجنبية غربية تحديدا، ولم أبلغ مستوى التبحركما يمازحني به بعض المثقفين من الاصدقاء وبعضهم ينعتني بلقب الفيلسوف والمفكر. في أغوار التراث الفلسفي الذي لا يسعني استيعاب النزر اليسير منه بما يحتويه من متراكم خبراتي فلسفي تاريخي لا يمتلك رغم ضخامته تزكية الصواب المليء بالحشو الزائد. من جهة اخرى اهتمامي المتأخر بقضايا الفلسفة اي منذ عام 2011 في صدور اول كتاب لي بالفلسفة عن دار الشؤون الثقافية ببغداد حول فلسفة الاغتراب كنت وقتها صرفت اكثر من 25 عاما في كتابة الشعر والنقد الادبي وخواطر متنوعة.
كما ان الغبن الزمني لازمني حيث اتجهت نحو الفلسفة عام 2004 ما جعلني متاخرا كباحث فلسفي وسط امواج متلاطمة من تمجيد اعلامي كاذب وشراء شهادات وغيرها من الاعيب خبيثة جعلت من الفارغين فلسفيا هم رواد الفلسفة العربية المعاصرة ولحد الآن بما حملوه من امجاد اعلامية زائفة وليست فلسفية حقيقية هيمنت على وظائف التدريس الجامعي وحصد اساتذتها وبعض الهامشيين الطارئين على الفلسفة التلميعات ونيل التكريمات وترقية الشهادات المزيفة التي يفاخرون بها حتى تبعهم في هذه المهزلة الكارثة الكثيرين من السياسيين وخاصة العراقيين في شراء وتزوير شهادات في مختلف الاختصاصات في العلوم الانسانية وحتى في بعض قضايا العلوم الطبيعية... استطيع القول باختصار:
* أن انتقالاتي في الكتابة الفلسفية التي لا تتمحور في غالبية مؤلفاتي في منحى فلسفي واحد تعطي إنطباعا لا أنكره على نفسي وبعض الاساتذة الباحثين في المجال الفلسفي اني استطعت تجاوز حاجز الكتابة التخصصية في موضوع فلسفي معين واحد يتمركز حول اجترار معاد ممل لا يفتح آفاقا فلسفيا جديدة يمكنها التطور الى فلسفات مجددة ناضجة..
* منهجي الفلسفي الذي إعتمدته بكتاباتي تحكمه الضوابط المنهجية التالية التي لم أحد أو أتراجع عنها:
عدم التزامي المنهج الاكاديمي الجامعي الذي يعتوره إستنزاف مجهود الباحث في تغطية سطحية التناول الإستعراضي (مرجعية ثبت هوامش المصادر والمراجع ) باللغات الاجنبية في التناول الفلسفي الذي يعتمد الترجمة الحرفية بتقديس مسرف لما يقوله الفلاسفة الغربيون على أنه يمّثل حقائق الامور. الفلسفة أكاديميا في التدريس والتلقي عند الطلبة في الجامعات العربية من أسوأ أخطائها أنها غيّبت الحس النقدي الممنهج على حساب ترسيخ إعتياد الحفظ والاستظهاراليقيني الساذج بعيدا عن الرؤية المنهجية النقدية في ممارسة نقد الفلسفة.
عمدت الابتعاد التام الكامل عن كتابة العروض الهامشية لافكار فلسفية وردتنا بهالة من المكابرة الفارغة التي أسبغناها عليها، في إهمالنا أهمية ممارسة النقد الفلسفي وبذر نواته لدى طلبة الفلسفة واساتذتها اننا لا يجب ان نتهيب اسم الفيلسوف في اعدام حقنا المكتسب ضرورة ممارسة منهجية النقد في دراساتنا الفلسفية. واستطيع القول بكل ثقة وامانة اني لم اكتب مقالة فلسفية واحدة لم امارس فيها منهج النقد الفلسفي في مقارعة الحجة بالحجة من منطلق التكافؤ الفكري لا من منطلق مشاعرالاحساس بالدونية الفلسفية التراتيبية كما يروج له البعض ويمارسه من عتبة الادنى بالنسبة لفلاسفة غربيين. ولم أقرأ لفيلسوف غربي أجنبي لم يلازمني هاجس النقد في افكاره في بعضها رغم كل إعجابي به كفيلسوف صاحب نظرية فلسفية خاصة به فيها جوانب ليست نتيجة بهرجة وتسويق وتلميع اعلامي وصل حد التسليع..
***
علي محمد اليوسف /الموصل / حزيران 2022