مقاربات فنية وحضارية

شمس الدين العوني: حول تجربة الفنانة التشكيلية رباب الشعيبي

"ارسم بشغف وحب كبيرين وقد يظهر هذا الحب من خلال حرارة الألوان وكثافتها والبعد عن الشفافية".

بعد سلسلة معارضها الفردية والجماعية بتونس العاصمة تواصل الفنانة التشكيلية رباب الشعيبي تجربتها الفنية التشكيلية وذلك منذ فترة.. عدد من الأعمال الفنية اشتغلت عليها رباب وفق نظرة فنية جمالية تبرز وتشير الى حيز من شؤون وشجون المرأة الافريقية وذلك بعد مشاركات متعددة للفنانة رباب الشعيبي في فعاليات ومعارض فنية ومنها معرضها الفني التشكيلي الخاص برواق المعارض بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون.. المتجول في معارضها يلمس تعدد الوجوه في تلوينات دالة بشأن المرأة الافريقية وفق نظرة واشتغال للفنانة في سياق رؤية فنية وجمالية.. عناون مختلفة للوحات فنية فيهذا المعرض برواق القرماسي منها نجد "أمارا" و"أفيا" و"أيميني" و"ايزارا" و"نايلا" و"شاتي" و"تامالا" و"زورا".. وكلها بالأكريليك على القماش..344 رباب الشعيبي

ووفق تجربة الفنانة رباب الشعيبي يمكننا السفر الى عوالمها لنقول.. التلوين بماهو فسحة الدواخل ولعبة النظر تجاه العالم بما يحيل اليه من جمال مبثوث في الأمكنة.. كل الأمكنة بما هي عليه من أسرار وبهاء وزخرف حيث الذات في بعدها الجمالي تقول بالفن مجالا للتذوق وخطابا نحو السمو ولغة أخرى طافحة بالشعرية والسحر.. هكذا هو الفن في تجلياته ذلك الضرب من التوغل في الأشياء والتفاصيل لقراءتها بعناوين من الابداع والابتكار. الفن سفر بالنهاية للكشف والتجدد وذهاب الى الجوهر والكنه والعميق الذي يطلب تأملا وتأويلا بما ينطوي عليه من دهشة.. انه الشغف تجاه الجميل الكامن في الذات وما حولها.. هي فتنة التلوين ينحت هيئات الحال والأحوال نشدانا للحالة بعيدا عن الآلة.. من هنا نمضي مع عوالم فنانة تعاطت مع لعبة الرسم والتلوين بحيز كبير من النظر مثل أطفال جدد وبلا ذاكرة سوى ذاكرة النظر العميقة.. نظر الى حالات متعددة لجمال مبثوث في أرجاء القارة السمراء.. افريقيا الساحرة بهذا البهاء والزخرف والألوان وغيرها من تفاصيل المشهدية الاجتماعية والثقافية خصوصا..345 رباب الشعيبي

وهنا نعني الفنانة التشكيلية رباب الشعيبي التي دعتنا الى وجوه نساء افريقيات حيث معرضها المذكور.. وجوه بتلوينات فيها الكثير من الدقة التي تشي بالحلم والشجن والبهجة والسرور وغير ذلك.. تلوينات في غاية الجو الافريقي بما فيه من جمال وعنق وثقافة قديمة وعميقة.. هي الرسامة التي دعت جمهورها الى هذه المفردات التشكيلية المحتفية بجميلات من القارة السمراء في تخير جمالي سعت ضمنه للحلول في هذا العالم الافريقي الساحر.. تقول " ارسم بشغف وحب كبيرين وقد يظهر هذا الحب من خلال حرارة الألوان وكثافتها والبعد عن الشفافية.. أمزج الألوان بالحب والألوان الفاقعة التي تذكرني بالوان القماش الإفريقي الذي يلبسه معظم نساء وبنات جنوب افريقيا.. من هنا تطرقت لإنشاء معرض تحت عنوان "جميلات القارة السمراء َ" والمقصود هنا جميلات أفريقيا.. ". معرض رباب الشعيبي برواق الفنون علي القرماسي تضمن وجوها مختلفة لنساء مختلفات ميزاتهن انهن يحملن ألوان ملابسهم على وجوههم فكانت النتيجة لوحات لوجوه نساء مختلفات بثوب الوان افريقية خارجة عن المألوف متوهجة وبملامح ونظرات مختلفة بين فرحة وابتسامة.. بين الحياء والجرأة.. بين القَوة والانكسار.. اختلاف يجعل المشاهد يسال باحثا عن ماوراء هذه النظرات المختلفة..

رباب الشعيبي فنانة غاصت في أدغال الألوان.. في سحر افريقيا الجمال والدهشة.. تحاور الوجوه وتحاولها قولا بما فيها من عوالم الفن والرسم من سحر وابداع.

***

شمس الدين العوني

في المثقف اليوم