أقلام حرة

صادق السامرائي: طب وأطباء!!

في زماننا كانت ثلاث كليات طب، هي بغداد والموصل والبصرة، ويتخرج منها بضعة مئات من الأطباء كل عام، وكانت الخدمات الطبية ذات قيمة إقليمية وعالمية، وأطباء الكليات الثلاث من المتميزين في إبداعهم الطبي في بلدان مهجرهم العربية والأجنبية.

واليوم توجد العديد من كليات الطب وخريجوها يبحثون عن التعينات، ولا توجد مؤسسات معاصرة تستوعبهم، وتعدهم للتخصص والتعبير عن طاقاتهم المعرفية.

فما فائدة زيادة عدد كليات الطب والمتخريجين منها، والرعاية الصحية ليست كما في الدول المجاورة على أقل تقدير؟

العيب في غياب التخطيط، والفساد والمحسوبية، وإنعدام التفكير الواضح الصريح، فالمفردات المتداولة ليست ذات قدرة على البناء.

الجامعات تؤسس كلياتها وفقا للحاجة، ولتوفير القوة الإقتصادية القادرة على تطوير البلاد وتحقبق التفاعل الواعي لها مع عصرها.

إن إنتاج الأعداد الغفيرة من الأطباء يجب أن يكون وفقا لمخططات ستراتيجية، توفر الرعاية الصحية اللازمة للمواطنين، أو أن تكون معامل إنتاج للتصدير، أي أن يتخرج الطبيب ويسمح له بالذهاب إلى دول أخرى يخدم فيها.

إن تحويل الطب إلى وظيفة، والمتخرج يريد تعيينا في دولة لا تتوفر فيها المؤسسات الكافية لإستيعاب ما تضخه الكليات كل عام من الأطباء، الذين عليهم أن يمروا بمتطلبات تعليمية لازمة لإعداد خبراتهم الكفيلة بتقديم الخدمات بسلام وأمان، فالطب ليس دراسة وإمتحان، إنه خبرة تتوارثها الأجيال، وبحاجة إلى معايشة وتدريب وتوجيه ومراقبة، لضبط السلوك العلمي وتأمين الخدمات الصحيحة.

إن زيادة أعداد كليات الطب يجب أن يتواكب مع توفير المؤسسات الصحية القادرة على إستيعاب الخريجين، وإلا فالبطالة لذوي الخدمات الطبية ستسود، وستفقد مهنة الطب قيمتها ودورها في بناء المجتمع المعافى السليم!!

جعلوا الطبَ كسيحاً جاثماً

وأصابوا بخيابٍ حالما

حَسبوا الطبَ عديداً فائضاً

وطبيبٌ عاش فيها نادما

لا مكان لطبيبٍ جاهزٍ

كلّ خريجٍ توارى هائما

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم