أقلام حرة
صادق السامرائي: اللا مفهوم مذموم!!
كل مكتوب يجب أن يكون واضحا وسهلا على الفهم، هذا ما سار عليه الأوائل من أعلام الأمة، وحاولوا أن يبسّطوا أفكارهم وييسرونها للعامة، ومَن يقرأ كتاباتهم يستشف في مقدمات كتبهم مراميهم ومجاهدتهم في التبسيط والتوضيح، ولهذا كان لكتاباتهم أثر وبقيت متداولة عبر العصور.
وعالمنا المعرفي المعاصر يزدحم بالكتابات العسيرة والمفردات المعقدة ويميل للترميز والإبهام والغموض، مما تسبب بتنافر بين القارئ والمكتوب، وخصوصا ما يُسمى بأدب الحداثة، التي توهمت التجديد، وما هي إلا نسخ وتقليد، وإضطراب أفكار وإستعارات غريبة عن واقع لا يهضمها ويعجز عن تمثلها.
وبما أنها كتابات لا مفهومة، فأصبحت مذمومة ومنكرة لا علاقة لها بواقع تكتب عنه، فالبعض يرى أنها كتابات صومعية نخبوية ومن هذيانات الخيال وتداعيات التصورات المأمولة في فضاءات التحليق الأقصى البعيد عن ملامسة التراب.
وآخرون يرون أنها ذات صدى وتأثير وتحفيز للوعي وإغناء للإدراك، والواقع على مدى أكثر من عقدين يشير إلى أنها هذيانات حول صحون الويلات، فما أطعمت من جوع ولا آمنت من ظلام وإنكلام.
وبين العديد من الرؤى والتصورات والتحليلات والمعارضات، تبقى الحاجة إلى الكلمة المباشرة الواضحة اليسيرة الفهم مما يستوجبه الإبداع بأنواعه.
فهل أن الحداثة زوبعة في فنجان التنائي عن منابع الأحزان؟
وهل ستموت في تابوت أكثر من نصف قرن من التجاهل والإهمال؟
فالمتداول أشعار عرفها العرب منذ عصور، وما وجدنا للحديث حضور!!
معالمُ شعرنا نغمٌ طروبٌ
يهزُ الروحَ تعشقهُ القلوبُ
تجدّدتْ بنا نغماتُ لفظٍ
بأبْحُرها مَعانيها تذوبُ
فهلْ وَصفتْ مشاعرَنا بسلبٍ
ونَبضُ وجودِنا فينا يدوبُ
***
د. صادق السامرائي







