أقلام حرة
صادق السامرائي: كليات الزراعة!!
أية جامعة بلا كلية زراعة في بلادنا ناقصة ولا تخدم المجتمع وتفتقد دورها المعرفي البنّاء.
ليس هذيانا وتوهما ونقصا في الوعي والإدراك، وليس كلاما على عواهنه، إنها الحقيقة المريرة التي نتجاهلها، ونستهين بها، لنبقى جياعا نتوسل الآخرين لإطعامنا.
فالعقول بلا طعام تعني الحطام والعبث والخصام!!
فما هو دور الجامعات في المجتمعات التي تكون فيها؟
أي مدينة زراعية فيها جامعة يجب أن تكون فيها كلية زراعة، تساهم بتطوير أساليب الزراعة وتحسين نوعية الإنتاج، ويكون لها حقولها التعليمية وبرامجها الخاصة لتنشر الثقافة الزراعية وإجراء البحوث، والحفاظ على الأمن الغذائي.
لا يزال مجتمعنا ينظر بعين الريبة لكليات الزراعة والبيطرة، ولا يرى قيمتها وأهميتها في الحفاظ على الإقتصاد الوطني القوي.
الثروة الزراعية والحيوانية أعمدة إقتصادية راسخة في الوعي البشري منذ الأزل، وأي نكران لقيمتها الحياتية يتسبب بنكبات مريرة، ومجاعات مروعة، والمسيرات المعاصرة تشهد على ما أصاب البشرية من تداعيات آفات الجوع الشديد، وكم يموت من الأطفال جوعا كل يوم.
المجتمعات التي لا تطعم نفسها ناقصة السيادة، وتهرول وراء الذين يمدونها بالطعام.
ثقافة الطعام من ضرورات السعادة الوطنية لأنها تعلم المواطن مسؤولية إنتاج الطعام والحفاظ على الأمن الغذائي المجتمعي.
شعوب الدنيا لا تترك أي مساحة من أرضها جرداء مهما كانت صغيرة والعديد منها تزرع على سطوح المنازل وفي الشرفات لتأمين ما تحتاجه من الطعام.
ففي اليابان مثلا معظم المزروع للأكل، ويستغل الياباني القدم المربع من الأرض لإنبات ما يأكله، أما الشاي الأخضر والرز فهما المهيمنان على الساحات في البيوت والمزارع الخضراء.
فلماذا في بلداننا نعادي الشجر ونجتث النخيل، ونجرّف البساتين، بحجة الأمن السياسي على حساب الأمن الغذائي؟
السائد في مجتمعاتنا وخصوصا النفطية أن الإستهلاكية لا الإنتاجية منهج فاعل في أيامنا، ويدمر قدراتنا الإبداعية، ويناهض إرادة التفاعل الإيجابي مع الأرض، فيصيبها الجدب وتستحيل إلى رمضاء ينكرها الماء.
زراعتُنا بها نَسعى لمَجدِ
سيادتُنا بلا زرعٍ كندِّ
هي الأوطانُ في أرضٍ تنامتْ
وإنْ غفلتْ تواصَتْ بالتردّي
فهلْ غَنِمَتْ شعوبٌ مُرتقاها
إذا عَجِزتْ وعاشتْ دونَ مَدِّ
***
د. صادق السامرائي







