أقلام حرة

منى الصالح: الأسئلة الحائرة في العصر الرقمي

 

كثيرا ماكنت أقف حائرة، أشعر باغتراب موحش، تتضارب في أعماقي أسئلة حيرى، قد أكون أنا المخطئة فانكفأ على نفسي، أحاول البحث عن إجابات تنقذني من هذا التيه..

عالم متسارع، التغيرات التي عاصرناها تتجاوز حدود إدراكنا أحيانا، كل ما حولنا يتغير بسرعة مفرطة، لا أنكر دهشتي وإعجابي كثيرا أمام هذه التطورات العلمية، والتحولات التكنولوجية، فنحن أمام نتائج الذكاء الصناعي بما فيها من إيجابيات وسلبيات نبهر مذعنين كمعاجز موسى وعيسى..

هذه العالم الذي أخذنا معه فبتنا أبناء الصورة رضينا أم أبينا ثقافتنا تشكلها الصورة أكثر من الكلمة، وسائل التواصل والعالم الافتراضي بات يتحكم برؤانا وعلاقاتنا وأسرنا والأهم قيمنا وأخلاقنا، فما عدنا نعرف هل نحن حقيقة ذات وجود ومعنى، أم دمى في عالم تاهت فيه المعالم.

لا شيء ثابت، وكل ما في هذه الحياة ينمو ويتغير، حقيقة إن لم ندركها ونستوعب معطياتها، قد نقذف خارج التاريخ.

هل هذا يعني أن القيم والأخلاق تتغير، قد تتغير مصاديقها، ما كان جرأة قد يكون شجاعة، وما كان حياء قد يبدو ضعفا، لست ضد تغير المصاديق من حيث الزمان والمكان، ولكن السؤال الذي أقف أمامه حائرة :

حين أكون بمجلس وتدخل كبيرة بالسن فاجدني أتقزم وأنا بنت الخمسين، لعدم أفساحي لها المكان، وأنظر حولي لأجد بنات العشرين والثلاثين يتوسطن الأماكن المريحة دون أن يهتز لها جفن؟!

وفي الشارع والسوق كثيرا يستوقفني المنظر الأم تحمل شنطة أغراضها سواء كانت ثقيلة أم خفيفة وابنتها بجانبها تمشي بكامل أناقتها تأبى حمل ما يعكر برستيجها؟؟!!

كيف كنا نخجل من النوم في فراش وثير وهناك من تكبرنا سنا تنام على الأقل؟!

نسارع لحمل ما يثقل كاهل الكبير حتى وأن لم نعرفه، والآن المساعدة تحسب بالميزان، وما خلف الشاشة لا يعبر أبدا عما تظهره؟!

قد نكون نحن جيل التضحيات على خطأ حين تنازلنا عن كل ما يسعدنا، راحتنا لأجل الآخرين تحت مسميات عدة، ولكن أنا ومن ورائي الطوفان لغة الحاضر إلى أين ستأخدنا؟!!

قد نكون على خطأ حين أعطينا الآخرين أولوية على حساب أنفسنا، وتحملنا عقد الأهل وأمراضهم، والعادات والتقاليد فحملنا أمراضهم معنا ونسينا أنفسنا، دون أن نتشفى؟!

هل تضخمت الأنا بتضخم الآلة أم أم أنها فتحت أعينهم مالم نكن نبصر؟!

ولكن ما أراه الآن أقف عاجزة عن تحليله؟!

هل تقييمنا للآخر بما يلبس من ماركات وأنا لست ضدها، ولأنفسنا بمقدار تناسق مظهرنا وجمالها، ولست ممن يقلل أهمية ذلك، ولكن؟

حين أقف أمام المرأة كيف أجد نفسي؟

هل هناك معنى أعمق من المظهر؟!

هل توقير الكبار وأحترام الآخر، ومد يد المساعدة لمن يحتاج، ودفع الأذى عن الآخر و حق الطريق وووو.. كيف نوزنها الآن وبأي ميزان؟؟!!

لست بصدد مدح جيل وذم آخر، ولا بتسليط الضوء على سلبيات نعاني منها بل تساؤلات حيرى تبحث عمن يتعمق فيها.

***

منى الصالح

في المثقف اليوم