أقلام حرة

صادق السامرائي: طوابير النقمة!!

ناقم: ساخط، غاضب، مستاء

ما أن يبرز شخص له علاقة بنا كأمة، حتى تنهض الأقلام الناقمة من بيننا لتنهال عليه بالقدح والتراشق بما يؤكد بأننا لا يمكننا أن نكون، وعلينا أن ننغمس في مستنقعات الدونية والأنين.

أبناء أمتنا يفرضون وجودهم ونبوغهم وقدراتهم الحضارية النادرة في دول الدنيا، ونحن نتنكر لهم ونتبرأ منهم ونتهمهم بما يسيئ إلينا وإليهم، وكأننا مسخرون للعمل ضد أمتنا.

يفوزون بجوائز نوبل وبمناصب سياسية ولا نقف معهم بل نطاردهم بالكلمات، التي تحط من قدرهم وتبحث عن مثالبهم وسيئاتهم البعيدة والقريبة.

أصحاب المواقف المناوئة لأي نجاح، لا يستطيعون الخروج من خنادق الهوان والإمعان بالدونية وتقنيط وجود الأمة وتحنيط الأجيال في قمقم كان.

من الواضح أن الأجيال السابقة قد قهرت رموزها وأنوارها الذين نفتخر بهم ونعلي من شأنهم، علماء وأعلام بأنواعهم كانت نهايات معظمهم مأساوية، حتى فقهاء الدين أصابهم القهر والعدوان المروع.

ويبدو أن ما يحصل في واقعنا المتشائم لا يختلف عما حصل في العهود الماضيات، وكأننا نعادي أنفسنا وننكر عقولنا، ونميل للتبعية للقوي الشديد، وما أن يتهاوى حتى تظهر حقيقة نوايانا تجاهه، وهذا ما أصاب العديد من قادتنا في القرن العشرين، نخضع لهم في حياتهم ونعاديهم ولا نعارضهم مثل باقي شعوب المجتمعات المتحضرة، وننال منهم في مماتهم، فتفاعلاتنا إقتلاعية إجتثاثية وإمحاقية، لا بد من إبادة مَن لا نستطيع موازاته لكي نبقى ونتمكن.

إن هذا السلوك يرتد على أصحابه بأشد مما فعلوه، وتلك الموازين الفاعلة في دنيا الأكوان، ومنها الأرض التي دبت على ظهرها الخلائق.

و"يرتكب المنتقم نفس الخطيئة التي ينتقم لأجلها"

علينا أن نفتخر بأعلامنا ونتخذهم قدوة لأجيالنا، بدلا من هذا التفاعل السلبي مع منجزاتنا الحضارية، وإيهام الأجيال بأن البطولة ليست عقلية وإبداعية، وإنما عضلية تفوح منها روائح الدم والعدوان والفتك بروح الإنسان.

أعلامُنا عقولهمْ أنوارنا

فلنهتدي بعطائهم في يومنا

إبداعهم توهّجت آفاقه

وتواكبت بمرابعٍ ليست لنا

آهٍ على حضارةٍ بمسيرةٍ

تآفلت بديارنا من جهلنا

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم