أقلام حرة

صادق السامرائي: هل توجد شخصية عراقية؟!!

نقرأ العديد من المقالات عن توصيف الشخصية ببلدها، فيقولون شخصية مصرية، سورية، لبنانية، يمنية وهكذا دواليك، والتصنيفات العلمية للشخصية البشرية معروفة في موسوعات التصانيف العالمية الإنكليزية والأمريكية.

وكأن القائلين بذلك لا يقرون بتأثير البيئة السياسية على البشر، فكل منا إبنها، ومولود من رحم أنظمة الحكم المتحكمة بمصيره، ومن صنع دول الكراسي بأنواعها، وبمختلف توجهاتها وتطلعاتها نحو تعزيز مفاهيم النفس الأمارة بكل شيئ، والتي تفعل فيهم وتسخرهم لمآربها.

البشر هو البشر، وجهازه النفسي بقوانينه متشابه بين الأجناس، والفرق أن البشر ينضح بما فيه، وما فيه مسكوب من أباريق الكراسي وأنظمة الحكم، التي تصنع من الناس ما تريد وترغب، فالناس كالعجينة التي يتم وضعها في أي قالب سلوكي لتتخذ شكله وتعبر عن مراميه.

الخوف من قول الحقيقة وفقدان جرأة إعمال العقل، تدفع بالكثيرين إلى إنحرافات تحليلية وتوصيفات وقائية تحافظ على سلامتهم من سطوة القابضين على مصائر شعوبهم.

المواطن كغيره من المواطنين في أرض الله الواسعة، والعلة ليست فيه بل في الوعاء الذي يوضع فيه، ومسيرات الأمم والشعوب تخبرنا بما يبرهن ذلك ويقدم ألف دليل ودليل على أن البيئة السياسية بمعطياتها المتنوعة تساهم في صناعة السلوك البشري، الذي يحافظ على البقاء ويبتعد عن السقوط في حبائل العذاب المرير، فالآليات الدفاعية ذاتها عند كافة البشر.

الصين كانت وتكونت بفعل نظامها السياسي، والصيني تم تصنيعه في ميادين نظام الحكم الذي أعاد ترتيب وتصميم آليات التفكير، فتحقق وفقا لإرادة قادته وتطلعات نظامه السياسي.

ومن الأمثلة الواضحة الشعب الكوري الذي إنشطر إلى شمالي وجنوبي، وكل منهما يتماهى مع نظام الحكم الفاعل في المجتمع، والفرق كبير بين السلوكين.

ولهذا فتوصيف الشخصية بإسم البلد الذي تنشأ فيه لا يتسم بالموضوعية والعلمية، وفيه الكثير من التبريرية والهروب من مواجهة الحقائق الدامغة، والجور على المواطن المقهور.

تطبّع أيها الإنسانُ فيها

طباعُ الناسِ من جزعٍ تخابتْ

وكلّ عجينةٍ لبستْ رداها

كخلقٍ في مرابعها تآوتْ

إذا حادتْ سراةُ القومِ عنها

أصابتها النوازلُ فاسْتكانتْ

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم